شركة بيرة بردى: 72% من الإنتاج للغير يخالف القانون

11-11-2010

شركة بيرة بردى: 72% من الإنتاج للغير يخالف القانون

«شركات القطاع العام مخسّرة وليست خاسرة» هذه المقولة كثيراً ما نسمعها على ألسنة المسؤولين، لكن وبدون مقدمات، فقد استطاعت شركة «بردى» لصناعة البيرة التابعة للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية أن تكون مثالاً في سوء التصرّف والإدارة من خلال عقد أبرمته بأن يستجر أحد التجار كمية 3 ملايين ليتر من البيرة خلال عام بتأمينات نهائية بسيطة وبربح ضئيل جداً يكاد يساوي التكلفة!.

تفاصيل العقد ‏
بتاريخ 7/7/2009 أبرمت شركة بردى عقداً بالتراضي مع السيد هـ.ز (عراقي الجنسية) من أجل بيعه سائل بيرة كحولية بعد موافقة اللجنة الإدارية عليه والتعبئة بعبوات معدنية سعة 50.33 س.ل مقدمة من قبله إضافة لباقي مواد التعبئة والتغليف من لصاقات وزجاج وسدادات وغراء على أن يقوم بتصريف المنتج داخل وخارج القطر ويضع علامة تجارية له على أن يكتب إنتاج وتعبئة بردى!. ‏

والعقد المتفق عليه مدته سنة ميلادية تبدأ من توقيع العقد وتجدد تلقائياً وذلك بسعر 25.5 ليرة سورية لليتر من السائل ويحق للفريق الأول تعديل هذا السعر زيادة أو نقصاناً طبقاً للمتغيرات الحاصلة وأسعار المواد الداخلة في التكلفة. ‏

وتضمن العقد المفترض أن يلتزم المتعاقد باستجرار كمية من السائل المعبأ لا تقل عن 200 ألف ليتر شهرياً من الكمية المتعاقد عليها والبالغة 3 ملايين ليتر سنوياً على أنه يمكن زيادتها بإرادة الطرفين الخطية، ويتم تسديد قيمة الكمية المطلوبة شهرياً بتاريخ الطلب وقبل استلام المنتج وفي حال عدم قيامه باستجرار الكمية الشهرية بالكامل خلال 15 يوماً من الشهر التالي للصنع تصبح ملك الفريق الأول على أن يحضر المتعهد أو من يفوضه عملية التعبئة والنقل من قبل الشركة إلى مستودعاته في جرمانا. وفور توقيع العقد يبدأ المتعهد وبغاية 45 يوماً من تاريخه بتقديم المادة الأولية ليتم البدء بالعمل وقدم المتعهد تأمينات نهائية بقيمة خمسين ألف ليرة سورية فقط!. ‏

العقد يختلف عن الدراسة ‏
وحسب المديرة المالية السابقة للشركة – التي تم إقالتها من منصبها ونقلها إلى قسم آخر لتعاونها مع المفتشين الماليين – فإنه حسب محضر اللجنة الإدارية رقم 8 تم تفويض المدير العام بالتفاوض مع المتعهد بعد دراسة الطلب المقدم من قبله وذلك لكمية مليوني ليتر ولمدة ستة أشهر وذلك بموجب مذكرة لهذه المديرة التي قامت باحتساب التكلفة على هذا الأساس.. حيث قامت بأخذ نصف التكاليف الثابتة، وإضافة المتغيرة، وقامت بتقسيمها على مليوني ليتر وبالتالي فإن تكلفة الليتر تكون 22.5 ليرة سورية يضاف ربح لها 2.25 ليرة فتصبح 24.75 ليرة سورية. ‏

لكن من خلال دراسة المذكرة وجّهت المديرة المالية بإعادة احتساب التكلفة على أساس ثلاثة ملايين ليتر ولمدة سنة ميلادية حسبما تم التعاقد عليه وفقاً للتكلفة المعيارية المخططة. ‏

وأفادت المديرة المالية أنها لم تعلم عن المعطيات الجديدة ولا حتى بنسخة عن العقد فقامت على الفور بإعداد مذكرة للمدير العام تطلب فيها إعادة احتساب التكلفة نظراً للمتغيرات الحاصلة من ناحية اختلاف الاهتلاكات بين السائل المعبأ بعبوات معدنية أو زجاجية من ناحية الاهتلاكات لكل خط، ومن ناحية أخرى أن التعاقد تم بثلاثة ملايين ليتر ولمدة سنة بينما الطلب قدّم من قبله وتم على أساسه احتساب تكلفة خاصة لمليوني ليتر ولمدة ستة أشهر. ‏

وأضافت: إنه تم احتساب التكلفة الجديدة بشكل معياري وحسب خطة الشركة وبما يتناسب مع المعطيات الجديدة التي تم التعاقد على أساسها فتبين أن التكلفة هي 24.71 ليرة سورية لليتر وبعد إضافة 10% كحد أدنى أرباح بمبلغ 2.47 ليرة سورية يصبح الليتر بـ27.18 ليرة سورية وبالتالي بعد أن كان الربح في الليتر حسب العقد 3 ليرات سورية انخفض إلى 79% قرشاً سورياً وهو ضئيل جداً يكاد يساوي التكلفة!.. ‏

الرقابة المالية: المتعهد لم يلتزم ‏
في كتاب وجهه الجهاز المركزي للرقابة المالية إلى الشركة وإلى المؤسسة الغذائية أشار إلى أنه لم يتم تعديل السعر في العقد رغم أن المادة 6 منه تسمح بذلك ورغم أن المديرة المالية وجهت مذكرة من قبلها للمدير العام حول هذا الموضوع فأجاب أنه سيتم تعديل السعر اعتباراً من مطلع عام 2010 بعد أخذ الزيادة الدورية للعاملين بعين الاعتبار وعفى الله عما مضى. ‏

ومن خلال تتبع تنفيذ العقد، نصّت المادة 12 منه أن يبدأ المتعهد خلال 45 يوماً من توقيعه بتقديم المادة الأولية ويبدأ بعدها بالاستجرار مباشرة إلا أنه لم يبدأ بإنتاج هذه العلب إلا لتاريخ 4/10/2009 نتيجة تأخره بتقديم العلب لمدة 44 يوماً. ‏

وكان استجراره حتى نهاية 2009 كالتالي: في الشهر العاشر 67158 ليتراً والشهر 11 حوالى 55134 ليتراً وفي الشهر 12 حوالى 121140 ليتراً. ‏

أي أنه لم يتقيد بالعقد الذي نص على استجراره 200 ألف ليتر شهرياً كحد أدنى ودون اتخاذ أي إجراء بحقه!. ‏

ورغم أن العقد نص على أن يتم التسديد بتاريخ الطلب إلا أنه لم يتم التسديد إلا عند استجرار البضاعة وقطع الفاتورة. ‏

وأشار الجهاز المركزي إلى تحفظه على العقد لكونه أبرم خلافاً لأحكام القانون 51 وذلك بموجب طلب مقدم من قبله ودون إعلان عن طلب وكلاء ودون القيام بأبسط الإجراءات وهي التأكد من ملاءته المالية وسمعته التجارية وقدرته على التسويق من حيث توافر المستودعات ووسائل النقل اللازمة خلافاً لأحكام تعليمات السيد رئيس مجلس الوزراء وتحميل اللجنة الإدارية مسؤولية وتبعات ذلك!. ولفتت إلى التناقض الحاصل بين الكمية والمدة المحددة بطلبه وما كان لذلك من أثر على التكلفة ورفض المدير العام واللجنة الإدارية تعديل هذا السعر وبالتالي تحميلهم بفرق السعر البالغ 1.68 ليرة سورية لكل ليتر كحد أدنى وذلك بالتكافل والتضامن للكميات المستجرة لحين تعديل السعر. كما أضافت أن التأمينات النهائية زهيدة (50 ألف ليرة) فقط رغم أن قيمة العقد 76.5 مليون ليرة أي لا تتعدى 0.065% من العقد وتحميل اللجنة الإدارية والمدير العام مسؤولية ذلك. ‏

وتساءلت عن عدم تغريم المتعهد عن مدة التأخير بتقديم العبوات المعدنية وبالتالي تحميل المتعهد والمدير العام هذه الغرامات بالتكافل والتضامن. ‏

بالإضافة إلى عدم التزام المتعهد باستجرار الحد الأدنى البالغ 200 ألف ليتر شهرياً وعدم قيام الشركة باتخاذ أي إجراء ضده ورفض المدير العام تغريمه، حيث أفاد أنه ملتزم بالاستجرار وبالتالي تحميل المتعهد والمدير العام الغرامات والعطل والضرر الذي تسبب به ذلك للشركة. ‏

وإن عدم التزام المتعهد بالدفع المسبق بتوجيه من المدير العام يستدعي تحميله فوائد هذه الدفعات وعن المدة بين البدء بالتصنيع والاستجرار أصولاً. ‏

وتساءلت عن قيام الشركة باعتماد التصنيع للغير بهذا الشكل ولكمية ثلاثة ملايين ليتر تمثل 72% من الخطة الإنتاجية والتسويقية، فإن الحل لمشكلة التسويق لا يكون بهذه الطريقة (كالمستجير من الرمضاء بالنار) خاصة أن المنتج لا يحمل العلامة التجارية للشركة وإنما ذكر صنع في بردى، وهذا يشكل خطورة بخروج الشركة من الأسواق وحلول منتجات أخرى بديلة وبالتالي تحميل إدارة الشركة ولجنتها الإدارية مسؤولية تبعات هذه التصرفات التي تدفع بوضع الشركة من سيئ إلى أسوأ ومحاسبتهم أصولاً. ‏

تقييم الأداء ‏
وحسب مراجعة مؤشرات تقييم الأداء فإن معدل تطوّر المبيعات انخفض من 96% عام 2006 إلى 77% عام 2008 وانخفض معدل تطور الإنتاج الإجمالي من 97% عام 2006 إلى 76% عام 2008. ‏

ولاحظ الجهاز المركزي للرقابة المالية من خلال المؤشرات تردّي وضع الشركة من سيئ إلى أسوأ وتحميل إدارة الشركة ولجنتها الإدارية مسؤولية هذا التدهور. لكن مصادر في الشركة أفادت أن الجهاز المركزي طلب إحالة المدير العام إلى القضاء نتيجة مخالفات سابقة بقيمة 143 مليون ليرة سورية لكن القضاء لم يبت حتى الآن بالقضية!. ‏

والسؤال الذي يطرح ذاته: ما الذي يجعل مثل هؤلاء المديرين يمرحون ويسرحون في شركاتهم دون أن تطولهم يد المحاسبة؟! وما الذي يجعلهم يفرطون بمنتجات شركاتهم، وهذه المنتجات مطلوبة في الأسواق من قبل المستهلكين بشكل كبير؟! ‏

رنا حج إبراهيم

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...