محصول الشوندر السكري: الخسائر بالملايين..والمواصفات رديئة

08-04-2009

محصول الشوندر السكري: الخسائر بالملايين..والمواصفات رديئة

اختلفت حسابات البيدر عن حسابات الحقل في زراعة الشوندر السكري للعروة الصيفية.. فتدني إنتاجية المحصول في وحدة المساحة وتردي مواصفاته الفنية خيبت آمال المعنيين سواء في وزارة الزراعة التي كانت تعول كثيراً على نجاح زراعة هذه العروة في دير الزور والرقة بعد النتائج المبشرة لتجارب البحوث عليها،

أو في شركة سكر دير الزور التي تكبدت خسائر مالية كبيرة لم تكن في حساباتها جراء زيادة تكاليف التصنيع الناجمة عن انخفاض الطاقة التسويقية، أو الفلاحين الذين كانوا أكثر المتضررين.‏
وقد تعددت وتنوعت أسباب تدني الإنتاجية بين سوء نوعية البذار والتأخر في موعد زراعة المحصول وعدم تنفيذ الخطة الزراعية وانعدام تحقيق الجدوى الاقتصادية في زراعة مثل هذه العروة، وراحت كل جهة من الجهات المعنية تقذف بالكرة في ملعب الأخرى لإبعاد المسؤولية عنها وذلك قبل أن تتم دراسة مسببات المشكلة وتحديد طبيعة العوائق التي حالت دون نجاح زراعة المحصول إنتاجياً وفنياً..‏ 
 لماذا تمت زراعة هذه العروة في محافظتي دير الزور والرقة، وكيف؟‏

هذه العروة لأول مرة تتم زراعتها في القطر واعتمدت بمحافظتي دير الزور والرقة في الموسم الزراعي 2008 لتكون بديلاً عن العروة الخريفية التي كانت تزرع في مواسم سابقة بالمحافظتين وينتج عنها مشكلات انتاجية وتصنيعية بسبب ارتفاع درجات حرارة الصيف خلال مراحل نضج المحصول وأثناء الدورة التشغيلية لمعمل سكر دير الزور، كونها- أي العروة الصيفية تعد عروة ناجحة قياساً للدول المجاورة التي ظروفها المناخية مشابهة أو قريبة من مناخ تلك المحافظتين وتعتمد على زراعة هذه العروة بشكل أساسي، وقياساً لتجارب البحوث التي أجريت عليها وأعطت نتائج مبشرة فهي إلى جانب أنها تضيف محصولاً إلى الدورة الزراعية يصب في مصلحة الفلاح كون فترة بقائها في الأرض قليلة لا تتعدى الستة أشهر تتميز بمردوديتها الإنتاجية العالية وارتفاع درجات الحلاوة وعدم تعرضها للتلف وتقليص تكاليف التصنيع إلى أقل ما يمكن خلافاً للعروة الخريفية..‏

واعتمدت زراعة العروة الصيفية وفقاً لنتائج تجارب البحوث التي أجريت عليها خلال السنوات الماضية، وفي هذا الصدد تشير إدارة مركز البحوث العلمية الزراعية في دير الزور إلى أن المركز يقوم بالتجارب على زراعة هذه العروة منذ عام 2000 ضمن حقول بحثية، وفي موسم 2005 انتقلنا بالتجارب في حقول موسعة حيث قمنا بزراعة حقلين لدى أحد الفلاحين خلال ذلك الموسم ،وكل حقل مساحته 10 دونمات وبموعدي زراعة في 1 و15/8 وببذار وحيد جنين ومن نوعين مختلفين هما ديتا وغزير بلجيكية المنشأ وكانا حقلين ناجحين حيث بلغ متوسط درجة الحلاوة فيهما 18٪، وفي موسم 2006 زرعنا 14 حقلاً مساحة كل حقل 10 دونمات أيضاً وبصنف بذار وحيد جنين وكانت النتائج جيدة إنتاجياً وفنياً، وفي موسم ٢0٠7 تم تنفيذ 20 حقلاً في دير الزور منها 14 حقلاً تمت زراعتها بصنف بذار متعدد الأجنة من نوع كاوسير 199 ألماني المنشأ و6 حقول بصنف وحيد الجنين وكانت النتائج فيهم جيدة أيضاً، إضافة إلى تنفيذ 3 حقول في محافظة الحسكة لم تكتمل، وعلى ضوء هذه النتائج ودرجة الإيجابية والمبشرة لتجارب البحوث التي بلغ فيها وسطي الانتاجية 5 أطنان للدونم الواحد حلاوة بوسطي 18٪ تم اعتماد زراعة هذه العروة من قبل اللجنة الدائمة للشوندر السكري بموعد زراعة من 1-15/8 في كل موسم، حيث يعتبر هذا الموعد مثالياً للزراعة.‏

بعد نضج المحصول وظهور التفاوت في تقديرات الإنتاج بشكل متدن خلافاً لما هو مخطط له جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، فالنتائج الإيجابية لتجارب البحوث في زراعة العروة الصيفية لم تتكرس في الزراعة الموسعة لدى الفلاحين حيث تدنى متوسط الإنتاج في الدونم الواحد من (5،6) أطنان حسب التجارب إلى 2،5 طن حسب تقديرات الإنتاج، كما تدنت نسب درجات الحلاوة من 17٪ إلى 13٪ ولهذا بدأت الأسئلة تتكاثر وتغص بها الأذهان حول مسببات خيبة الأمل في نجاح المحصول والتي بدورها وضعت الفلاح في مقدمة المتضررين وزادت من حدة تبادل الاتهامات بين الجهات المعنية إزاء تدني الإنتاجية، وقد كرس ذلك في اجتماع اللجنة الدائمة للشوندر السكري الذي عقد في 5/2/200٩ بعد قيام اللجنة بجولة ميدانية على حقول الإخوة الفلاحين في محافظتي دير الزور والرقة، حيث أشار محضر الاجتماع إلى أن متوسط تقديرات الإنتاج في محافظة دير الزور (3،7) أطنان وفي محافظة الرقة (3) أطنان في الدونم الواحد وعزا مدير عام هيئة البحوث هذه الإنتاجية المتواضعة إلى حدوث موجة الصقيع المبكر التي تأثرت بها البلاد قبل نهاية العام المنصرم وأثرت على المحصول، ولكن بعض أعضاء اللجنة رأوا أن الصقيع ليس هو السبب الرئيسي في تدني الإنتاجية، وإنما هناك مشكلة تتعلق بالبذور التي تم توزيعها على الفلاحين وهي بذور غير مجربة وبخاصة صنف متعدد الأجنة وهذا ما أكدته الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية التي أشارت إلى أن الأصناف المجربة في مراكز البحوث هي وحيدة الجنين ومتعددة الأجنة فتمت زراعة نفس الصنف الأول في موسم 20٠٨ فيما استبدل الصنف الثاني من منشأ بلجيكي وتمت زراعته في نفس الموسم وهو لم يجرب سابقاً، علماً أن الصنف المجرب لمتعدد الأجنة من منشأ ألماني وأعطى نتائج مبشرة في تجارب الأبحاث لثلاث سنوات متتالية في دير الزور والرقة ولم تعتمده لجنة مؤسسة إكثار البذار، كما أن البذور الموزعة كانت غير نقية بدليل وجود شوندر أحمر أو ما يسمى بشوندر المائدة في الحقول المزروعة من قبل الفلاحين، ونفى مندوب مؤسسة إكثار البذار هذه المزاعم مؤكداً أن استيراد البذار يتم وفق المواصفات الفنية المعتمدة للاستيراد ومن الأصناف المقررة بلجنة القرار 53 ،ومع ذلك لم يخرج الاجتماع بقرار قطعي للاستمرار بزراعة هذه العروة وفق المساحة المخطط لها في الموسم القادم أو تخفيضها أو إلغائها كلياً بل اكتفى أعضاء اللجنة بالاتفاق على تقييم زراعة العروة الصيفية في نهاية موسم التسويق وإٍقرار ما يمكن اتخاذه في هذا الشأن، على الرغم من أن هناك بعض الجهات أصًبحت تنادي وتطالب بصوت عال بإلغاء زراعة هذه العروة والعودة إلى زراعة العروة الخريفية كون الأولى غير مجدية اقتصادياً.‏

ولكن ماذا حصل على ضوء تنفيذ زراعة هذه العروة وفقاً للخطة الزراعية المقررة ووفقاً للنتائج التي حققتها بعد جني المحصول؟!!‏

ما حصل أن الإنتاجية كانت ضعيفة جداً والمواصفات الفنية للمحصول رديئة خلافاً لنتائج تجارب البحوث ما أدى إلى هدر مزيد من الأموال وهدر جهود موسم زراعي كامل، على الرغم من أن عمليات التقديم في فترة الإنبات ومرحلة ما قبل تشكل الجذور كانت تشير إلى أن المحصول يعد ناجحاً ويبشر بإنتاجية جيدة سواء في دير الزور التي بلغت فيها مساحة الشوندر المزروع 4750 هكتارا من أصل الخطة الزراعية المقررة البالغة 5200 هكتاراً أو في محافظة الرقة التي لم تنفذ سوى 50٪ من خطتها البالغة 3600 هكتار، وهذه التباشير التي لم تكن منسجمة مع واقع المحصول وضعت لجان تقديرات الإنتاج في موقف حرج، حيث انحرف الانتاج الفعلي بشكل كبير عن عمليات التقدير، ففي البداية كانت تقديرات الإنتاج (170) ألف طن، منها (1١0) آلاف طن في دير الزور و(60) ألف طن في الرقة، وعلى ضوء ضعف الطاقة التسويقية للمحصول بادرت على الفور مديريتا زراعة دير الزور وزراعة الرقة بإعطاء تقديرات إنتاج جديدة منخفضة جداً عن سابقتها ولم تتجاوز (70) ألف طن بشكل إجمالي، منها (45) ألف طن في دير الزور و(25) ألف طن في الرقة، وقد أدت الخلخلة في إعطاء التقديرات وكذلك تدني الطاقة التسويقية اليومية إلى حدوث إرباكات في عمل شركة سكر دير الزور حيث اضطرت الشركة إلى التوقف عن عمليات التصنيع لمدة تسعة أيام لعدم وجود كميات كافية من الشوندر قادرة على تشغيل المعمل، وتكبدت خسائر مالية إضافية نتيجة الاستهلاك الزائد للمواد أثناء عمليات التشغيل حسب ما أكدته إدارة الشركة.‏

وعزت مديرية زراعة دير الزور انحراف تقديرات الإنتاج عن الإنتاج الفعلي إلى تفاوت حجم الجذور وعزوف بعض الفلاحين عن تسويق قسم من إنتاجهم بسبب صغر حجم الدرنات كونها غير مجدية اقتصادياً وتكاليف قلعها ومن ثم نقلها وتسويقها يفوق قيمتها المالية، كما كان لكتاب شركة السكر المتضمن طلبها بعدم تسويق الشوندر ذي الحجوم الصغيرة نتيجة الإشكالات التي يتسبب بها في عمليات التصنيع إضافة إلى إعطائها نسباً متدنية في درجات الحلاوة و دوراً في إحجام الفلاحين عن توريد محصولهم الذي تركوه في الأرض دون قلعه واستخدامه كمراع للأغنام..‏

في شركة سكر دير الزور وعلى إثر الهبوط المفاجىء لكميات الشوندر الموردة للمعمل بدأت إدارة الشركة تستجدي وتطلب من مديريتي الزراعة في دير الزور والرقة بزيادة الطاقة التسويقية اليومية لتغطية احتياجات تشغيل المعمل بطاقة 4000 طن من الشوندر يومياً، ولكن دون جدوى كونه لا يوجد شوندر كاف في حقول الفلاحين يمكن توريده وفقاً للطاقة التصنيعية اليومية للمعمل، وفي هذا الصدد يقول سعيد جنيد مدير عام شركة السكر كان المخطط أن يتم تصنيع (360) ألف طن من الشوندر للعروة الصيفية من المساحات المخطط زراعتها في محافظتي دير الزور والرقة وتم اعتماد هذه الكمية بالاتفاق مع وزارة الزراعة، ولكن تقديرات الإنتاج انخفضت عن المخطط تصنيعه بواقع 55٪ فبلغت 170 ألف طن فقط، وعلى هذا الأساس تم تحديد موعد بدء التسويق وإقلاع المعمل بعمليات التصنيع إلا أن الكميات الموردة منذ بداية التسويق وحتى نهاياته كانت ضعيفة جداً ولا تغطي احتياجات المعمل حيث كان وسطي التوريد لا يتجاوز 2000 طن يومياً، وأحياناً أقٍل من ذلك بكثير، وقد طلبنا مراراً من مديريتي الزراعة في دير الزور والرقة رفع وتيرة التوريد وكان يأتينا الجواب بأن تواصل هطول الأمطار يحول دون ذلك، وتبين فيما بعد بأنه لا يوجد شوندر كاف لتوريده فطلبنا مجدداً أن توافينا المديريتان بكميات الشوندر الحقيقية التي يمكن إنتاجها من حقول الفلاحين فأعلمتنا زراعة الرقة بأن الكميات المنتجة قد تصل إلى 25 ألف طن أما توقعات زراعة دير الزور تشير إلى 45 ألف طن.‏

وعن مواصفات الشوندر المسوق للشركة قال المدير العام: المواصفات الفنية كانت رديئة جداً فهناك تفاوت في حجم الجذور وغالبية الكميات الموردة حجم جذورها صغير أو ما يشبه الجزر، وهي دون المواصفات العالمية للشوندر وهذه الكميات تشكل نسبة 40-60٪ من إجمالي الكميات المسوقة، كما ورد أن كميات حجم جذورها كبير تحتوي على نسب عالية من الأملاح والآزوت الضار بالعصير ما أدى إلى تقليل درجات الحلاوة، إضافة إلى ورود كميات أخرى عبارة عن شوندر أخضر غير ناضج وشوندر أحمر.‏

وأوضح المدير العام أن تدني الطاقة التصنيعية ألحقت بالشركة خسائر مالية كبيرة سيتم حصرها لاحقاً وذلك نتيجة الاستهلاك الزائد للفيول والمواد الكيميائية والطاقة الكهربائية وانخفاض مردود السكر وزيادة الفواقد العامة حيث لم يتم تصنيع أكثر من 60 ألف طن من الشوندر وهي الكميات الموردة من المحافظتين وبإنتاجية سكر أبيض بواقع 4000 طن، وبهذه المردودية المتدنية من المتوقع أن تصل كلفة تصنيع السكر إلى أكثر من 100 ليرة سورية للكغ الواحد، وهذه الخسائر التي لحقت بالشركة من الممكن أن نطالب بها الزراعة مستقبلاً كونها المتسببة بها.‏

وسألنا مدير عام شركة السكر عن مبرر تصديركم كتاباً موجهاً لرئيس لجنة تسويق الشوندر الفرعية بالمحافظة تطلبون فيه إبلاغ لجان القلع والتوريد عدم تسويق الشوندر صغير الحجم ومن ثم إلحاقه بكتب أخرى ترجون فيها توجيه المصالح الزراعية بحث الفلاحين على توريد محصولهم مهما كانت مواصفاته؟ فأجاب: نحن كشركة لم نرفض أي كميات من الشوندر مهما كانت مواصفاته وكان مبرر تصديرنا هذه الكتب حتى لا يفهم الآخرون أننا ضد مصلحة الفلاح من خلال كتابنا الأول الذي لم نعتد به..‏

كل الوقائع الإنتاجية تشير إلى وجود مشكلة تسببت في نسف موسم زراعي كامل وإلحاق ضرر بالاقتصاد الوطني ووضعت الجهات المعنية بمفترق طرق في كيفية التعامل مع هذه العروة بالمواسم الزراعية القادمة، ولكن أين تكمن المشكلة: هل هي في نوعية البذار؟ أم في تأخر مواعيد الزراعة؟ أم في تجارب الأبحاث؟ أم في الفلاح ذاته؟. وعلى ضوء هذه الوقائع ذهبنا إلى المعنيين واستطلعنا آراءهم فكانت البداية في مركز البحوث العلمية الزراعية حيث التقينا الدكتور ثامر حنيش مدير المركز وسألناه عن رأيه بما حصل في هذا الموسم وإمكانية تحديد مسببات المشكلة؟ فقال: ما حصل يثير جدلاً واسعاً ولكن بالمقابل فإن المشكلة لا تحتاج إلى براهين لإثبات مكامن تواجدها وهي بعيدة كل البعد عن مركز الأبحاث كون التجارب التي أجريت على زراعة العروة الصيفية أثبتت جدواها الفنية والاقتصادية، ويمكن تحديد المشكلة في اتجاهين الأول يتعلق بنوعية البذار الذي تم توزيعه على الفلاحين وبخاصة صنف متعدد الأجنة كونه غير مجرب وهنا تكمن مسؤولية المؤسسة العامة لإكثار البذار، أما الثاني فيتعلق بالزراعة وعدم تأمين المستلزمات الزراعية للفلاحين وبخاصة الأسمدة البوتاسية والبورون كون أراضي المحافظة فقيرة بهذه العناصر ويوصى أن تضاف هذه الأسمدة أثناء زراعة الشوندر السكري حيث أن التأخر في مواعيد الزراعة عن الموعد المحدد من قبل اللجنة الدائمة للشوندر تسبب تدهور المحصول وهناك حقول كثيرة في المحافظة لم تبدأ فيها الزراعة قبل الشهر التاسع كما أنها لم تعط الريات الكاملة من مياه السقاية وهذا ما جعل أيضاً صنف وحيد الجنين المجرب والذي تمت زراعته إلى جانب صنف متعدد الأجنة تنخفض إنتاجيته خلافاً لنتائج تجارب البحوث، إضافة إلى هذه المشكلات هناك غياب واضح لدور المصالح الزراعية والوحدات الإرشادية في عمليات توجيه وتوعية الاخوة الفلاحين حول أهمية الزراعة المبكرة لمحصول الشوندر من جهة وعدم التعاون مع المركز وتحديداً أثناء زراعة هذا المحصول خلافاً لمحصول القطن حيث لم يرد المركز من أي مصلحة زراعية تحليل للتربة خلال زراعة الشوندر ليصار على ضوئها تحديد المعادلة السمادية..‏

مديرية الزراعة وعلى لسان مديرها المهندس عايد الدرويش نفت كل ما قيل ويقال عن التأخر في مواعيد الزراعة مؤكداً أن موعد الزراعة بدأ في 6/8 ولغاية 30/8 دون أي تأخير ولكن ما حصل يعود تقديره إلى نوعية البذار حيث تمت زراعة صنفين على مساحة 4750 هكتاراً منها 4450 هكتارا بمتعدد الأجنة صنف نادر وصنف ريدا واستخدم بالزراعة لأول مرة في المحافظة دون أن تجرب زراعته و 300 هكتار بوحيد جنين صنف ديتا وهو مجرب سابقاً إضافة إلى عدم جدوى زراعة هذه العروة لظروف مناخية تنفرد بها المحافظة.‏

وقال مدير الزراعة أن المحصول قبل تشكل الجذور كان جيداً ومع اكتمال الجذر لوحظ صغر حجم الدرنات وتباينها في كافة الحقول المزروعة وتمت مشاهدتها والتأكيد عليها من قبل اللجنة الدائمة للشوندر أثناء زيارتها للمحافظة بتاريخ 3/1/2009 وقد تم اختيار حقل من قبل اللجنة الدائمة كأفضل حقل مزروع بالشوندر للعروة الصيفية من صنف وحيد الجنين نوع ديتا ومجرب في الأعوام السابقة وكانت تقديرات اللجنة لهذا الحقل تشير إلى إنتاج 6 أطنان للدونم الواحد ودرجة حلاوة تتراوح بين 19-22٪ إلا أن هذه التقديرات لم تأت في محلها للحقل المختار فالإنتاج الفعلي كان بحدود 3.4 أطنان للدونم الواحد ودرجة الحلاوة بين 12-15٪..‏

وأوضح مدير الزراعة أن خسائر الفلاحين كانت كبيرة جداً نتيجة تدني الإنتاجية التي لم يصل متوسطها إلى 2 طن في الدونم الواحد وبأحسن الأحوال فهناك حقول انتجت أقل بكثير من ذلك ولم تصل إلى الطن في الدونم الواحد ما يعني أن الفلاح لم يستطع بإنتاجيته هذه تحقيق رأسماله كمعادلة اقتصادية كون هامش الربح لديه يبدأ من إنتاج 3 أطنان وما فوق في الدونم الواحد. ولهذا فلابد من إعادة النظر بزراعة هذه العروة وإلغائها إن أمكن بالمواسم القادمة..‏

اتحاد الفلاحين بالمحافظة لم يتوان في اتهام المؤسسة العامة لإكثار البذار بالتسبب في الخسائر التي لحقت بالفلاحين والجمعيات التعاونية الفلاحية جراء استيرادها نوعية من البذار غير مجربة سابقاً، وقال محمد الركاض رئيس مكتب الشؤون الزراعية في اتحاد الفلاحين وعضو اللجنة الدائمة للشوندر، إن المشكلة لا تكمن في نوعية البذار فحسب وإنما تتحدد أيضاً بتأخر وصول البذار واستلامه من قبل الفلاحين وهذا بدوره أدى إلى التأخر في عمليات الزراعة، ما أثر ذلك سلباً على الإنبات ومن ثم قلة أجهزة الليزر لتسوية الحقول التي تمت زراعتها بصنف وحيد الجنين حيث لم تتم تسوية 50 هكتاراً فقط..‏

وأضاف: بأنه خلال جولاتنا على حقول الاخوة الفلاحين وجدنا جذور الشوندر بحجوم متفاوتة وبأنواع مختلفة عبارة عن جذر وشوندر أحمر وهذا يقطع الشك باليقين على أن البذار كان غير نقياً ولهذا رفضنا كاتحاد فلاحين خلال اجتماع اللجنة الدائمة للشوندر عمليات تقييم العروة التي طالب بها بعض أعضاء اللجنة إثر انتهاء موسم التسويق كون ذلك لا يخدم الفلاح بعد تعرضه لخسائر لم تكن في حسبانه، كما رفضنا الاستمرار بزراعة تلك العروة في المواسم القادمة حتى لا يتحول الفلاح إلى حقل لتجارب فاشلة.‏

وتساءل الركاض من سيرفع الضرر عن الفلاحين وهل سيؤخذ بيدهم لتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم جراء زراعتهم محصولا فاشلا انتاجياً ولا ذنب لهم فيه؟!!‏

كيف تعاملت المؤسسات العامة لإكثار البذار مع الاتهامات الموجهة إليها من قبل بعض الجهات المعنية؟ وماذا قالت حيال مشكلة تردي الإنتاجية؟‏

اتصلنا بالدكتور عبد المطلب باكير رئيس قسم إنتاج المحاصيل الصناعية بالمؤسسة في حلب وسألناه عن ملابسات نوعية البذار الموزع على الفلاحين؟ فأجاب بأن البذار الذي تمت زراعته مطابق للمواصفات الفنية والعقدية وهو من الأصناف المعتمدة للجنة القرار 53 ونحن كمؤسسة اجراءاتنا صحيحة في استيراده وفق هذه المعطيات وصحيح أن صنف متعدد الأجنة غير مجرب ولكنه فنياً موازٍ للمجرب سابقاً..‏

كما سألناه عن مبررات المؤسسة باستبدال البذار المجرب ببذار غير مجرب فقال: إن البذار المجرب ألماني المنشأ، وتقدمت الشركة الألمانية بعرضها إلا أن لجنة فض العروض رفضت العرض الألماني لمخالفته شروط الإعلان ولهذا اضطرت اللجنة الدارسة للعروض قبول العرض البلجيكي وفقاً للمرسوم 51 لعام 2005 الناظم لتأمين احتياجات القطاع العام بطلب استدراج عروض، وتأمين بذار متعدد الأجنة من منشأ بلجيكي لا يختلف فنياً عن الألماني..‏

وقال الدكتور عبد المطلب إذا كان هناك خلط في البذار وعلى أنه غير نقي كما يدعي البعض فأين الخلط؟ هل هو خلط وراثي أم خلط إضافي؟ فهذا الأمر يحتاج إلى براهين ووثائق لإثبات الحجة، ومع ذلك إذا كان هناك عيب خفي في البذار المستورد وظهر لاحقاً ستتم مناقشة هذا الأمر مباشرة مع الفنيين المعنيين بإثارة هذه القضية وفي حال وجود إثبات حق بهذا المجال ستقوم المؤسسة بمطالبة الشركة الموردة دفع تعويض عن الضرر الحاصل..‏

وأوضح باكير أن هناك أسباباً أخرى أدت إلى تفاوت حجوم درنات الشوندر السكري بعيداً عن البذر وهذه الأسباب مرتبطة بعوامل زراعية، كما أن الانتقال من التجربة إلى حيز التطبيق في زراعة هذه العروة ولأول مرة في القطر يؤدي إلى ظهور بعض الثغرات التي يمكن تلافيها في المواسم القادمة، وعلى العموم فإن العروة الصيفية ايجابياتها كثيرة فهي تخدم الدورة الزراعية بإدخال محصول زراعي آخر خلال الدورة بحيث يستفاد من الأرض في الإمكانات القصوى إلى جانب الاستفادة من توفر المياه، وباعتقادي إن هذه العروة هي الحل الوحيد لتجاوز مشكلات زراعة الشوندر السكري في المنطقة الشرقية شريطة التقيد بمواعيد الزراعة باعتبار أن محصولها نظيف من الأمراض والآفات وعمره التخزيني طويل ومخزون السكر فيه عال...‏

مما تقدم يتضح بأن هناك مشكلة أو ربما جملة من المشكلات أدت إلى نسف موسم زراعي كامل وهذه المشكلات لم يتم تحديدها بعد بشكل منهجي وإنما ظهرت محاولات من البعض في اطلاق الاتهامات وفتح النار باتجاه جهات معنية محددة دون وجود دلائل أو قرائن وهذا يجب ألا يكون قبل أن نتمعن المشكلة ونلم بها من جميع جوانبها ثم نحدد مسبباتها والجهات المسؤولة عنها، لذلك لابد من تشكيل لجان فنية متخصصة تقوم على تقييم زراعة هذه العروة ودراسة تردي إنتاجيتها التي جاءت أقل بكثير من إنتاجية تجارب البحوث دون أن يتم اتخاذ قرارات ارتجالية بالاستمرارية أو التوقف في زراعتها خلال المواسم القادمة.‏

عبد اللطيف الصالح

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...