هولندي تفشي له العصافير «أسرار» الشرق الأوسط

28-08-2007

هولندي تفشي له العصافير «أسرار» الشرق الأوسط

«أعرف أزمة الشرق الأوسط وألتقي سكان هذه المنطقة وجهاً لوجه، لكنني لا أسجل إلا أصوات العصافيرساكر، الى اليسار، في البقاع والضفادع، الهواء والمياه»، يقول سيمون ساكر الباحث الهولندي الذي يدرس العلوم البيولوجية في آمستردام.

بدأت قصة سيمون (26 سنة) في العاصمة الهولندية قبل بضع سنوات. وكانت الأخبار عن منطقة الشرق الأوسط، بكل ما فيها من صراعات، تثير فيه الكثير من التساؤلات. في هولندا، كما في البلدان الأوروبية الأخرى، تكون الأخبار عن الشرق الأوسط متخمة بالأرقام وعدد الضحايا جراء التفجيرات أو الاضطرابات المحلية... فتكون الصورة المنقولة حالكة السواد. وتزداد أهمية الأخبار حين يسقط عدد أكبر من القتلى. «وعلى رغم ذلك، فكرتُ في الذهاب إلى أماكن التوتر... لأعرف الأمر بنفسي»، يضيف البيولوجي الآتي إلى «ميدان المعركة» والمختبئ وراء المعلومات. إنه يشعر بالعاصفة من حوله ويتلمس الخوف على وجوه الناس، ويعرف أن الكثير من الضحايا يقعون على مقربة من أماكن تجواله.

كان سيمون يهوى مشاهدة الطيور. وكثيراً ما تنقل بين البلدان الأوروبية حاملاً منظاره ليكتب عن أنواع الطيور المختلفة. وبحكم دراسته، قرر تسجيل غناء الطيور وكائنات حية أخرى تقطن في مستنقعات متفرقة، ولكن في مناطق متوترة في الشرق الأوسط. فبدأ رحلته من مستنقعات شادجان في إيران، القريبة من إقليم خوزستان، والتي تبعد 60 كيلومتراً من مدينة البصرة العراقية حيث تتواتر التفجيرات الانتحارية.

ومن إيران، انتقل هذا الباحث المهتم بالطيور إلى منطقة البقاع في لبنان حيث اختار مستنقعات عمّيق، ليس بعيداً من المنطقة التي شهدت حرباً ضروساً بين إسرائيل و «حزب الله» في الصيف الماضي. وتنتهي الرحلة في مستنقعات الحولة جنوب القدس العربية المحتلة.

يختار البيولوجي الهولندي المزروعات الكثيفة، ليسير بينها مسجلاً صوت الطبيعة. «أنا بين المزروعات»، يقول سيمون: «كل شيء يحدث في الأفق، لكنني مختبئ عن المعلومات أو المعلومات مختفية عني (...) هنا في إيران أو لبنان أو فلسطين، لكنني لا أرى غير نبات الخيزران». «أنا هنا مختبئ من الأخبار التي في العادة تكون كثيفة كالزرع الذي يغطيني».

في هولندا، كان سيمون يسمع الأخبار عبر وسائل الإعلام، من دون أن يستوعب تماماً ما يحدث. ولكن حين يسجل صوت الطيور، فإنه لا يفهم ما تقوله، وإنما يستوعب ما يدور حوله في كل مكان قام بزيارته.

في الخلفية أحداث مؤسفة ومؤلمة، ولكن لا يخلو الأفق من الطبيعة البريئة التي تتجسد في صوت الطيور. «هنالك الكثير من صور الطيور، ولذلك ركزت عملي على جمع أصوات الطيور... إضافة إلى تسجيلات تفاصيل غير متوقعة كأزيز النحل والذباب والتقاط صور النباتات الكثيفة، وبخاصة نبات الخيزران».

المعروف أن الطيور تصدر أصواتها عادة للتنبيه بوجود كائن غريب في المكان، تحذيراً. وهذا النداء تحديداً هو ما يعمل سيمون على تسجيله. وغالباً ما يستغرب أهالي المناطق التي يزورها وجود أجنبي في وقت غير مناسب، وكثيراً ما يتساءل هؤلاء: «ما الذي يراه هذا الغريب ولا نراه نحن؟».

20 ألف كيلومتر قطعها سيمون هرباً من الإعلام وأخباره عن الشرق الأوسط، راغباً في أن يعيش بنفسه مع ما هو كائن.

وكان أهالي البلاد التي زارها يرحبون به كثيراً ويهتمون بما يقوم به. فالإيرانيون، كما اللبنانيون بشر يحبون الحياة وغالباً لا علاقة لهم بالصراعات السياسية والعسكرية التي تدور على مقربة منهم. والإيرانيون الذين نسمع عنهم في الأخبار هم غير الذين تعامل معهم سيمون في رحلته، على رغم الكثير من الاحتياطات التي اتخذتها السلطات الإيرانية إزاء زيارته للمحمية الطبيعية جنوب غربي إيران. كما خضع سيمون للتحقيق من قبل «حزب الله» لساعات بعد تجوله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وعلى رغم التوتر الذي شعر به إلا أنه أكد «بساطة» جميع الذين تعاملوا معه.

جون إيهاب

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...