السرية المصرفية إلى أين؟

01-09-2010

السرية المصرفية إلى أين؟

صدر مرسوم السرية المصرفية رقم 30 لعام 2010 متضمناً التعديلات اللازمة على المرسوم رقم 34 لعام 2005 لمواكبة التطور الحاصل في القطاع المصرفي السوري غير أنه وبخلاف الحال في التشريعات لدى الدول الأخرى جاء المرسوم رقم 30 لعام 2010 متضمناً نصاً لم تلحظه مبادئ السرية المصرفية التي تضمنتها هذه التشريعات، حيث نص البند /هـ/ من الفقرة الأولى من المادة الخامسة على حق وزارة المالية بكشف السرية المصرفية لملاحقة حالات التهرب الضريبي. وإزاء تعالي صيحات المتعاملين المصرفيين لتخوفهم من التعسف في استعمال هذا الحق وتصريحاتهم المتكررة بعزمهم على نقل أموالهم خارج الجمهورية العربية السورية وحصر تعاملهم المصرفي اللازم لاستثماراتهم بمصارف خارجية أقر مجلس الوزراء تعليمات تنفيذية لتقييد حق وزارة المالية بعدم كشف السرية المصرفية إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من مجلس الوزراء ولأسباب معللة وفق أحكام البند المذكور أعلاه حصراً ولمعالجة حالات التهرب الضريبي. غير أن ذلك لم يقلل من مخاوف المتعاملين المصرفيين ولم يثنهم عن عزمهم بنقل أموالهم للخارج لكون التعليمات التنفيذية التي قيدت حق وزارة المالية بموافقة مجلس الوزراء ما زالت تمنح حق كشف السرية المصرفية بقرار من السلطات الإدارية بما يخالف التوجه العالمي الذي يحصر حق كشف السرية المصرفية لأغراض تحصيل حقوق الخزينة العامة للدولة بالقضاء المختص الذي يعتبر سلطة مستقلة عن الخصوم بخلاف الحال في مرسومنا الحالي الذي يجعل وزارة المالية خصماً وحكماً بذات الوقت وهذا ما يسميه الفقه «إنكار العدالة».
لا أحد يرغب في ضياع حقوق الخزينة العامة للدولة ففي حال الاشتباه في وجود إضرار بهذه الحقوق يحق للجهات ذات العلاقة أن تطلب من القضاء المختص كشف السرية المصرفية وفق البند /هـ/ من الفقرة ثانياً من المادة 5 من مرسوم السرية المصرفية الذي منح القضاء حق كشف السرية المصرفية في معرض دعوى قضائية زد على ذلك أن مرسوم السرية المصرفية قدم ضمانة مهمة للحفاظ على الأموال العامة تجلت في المادة 7 من مرسوم السرية المصرفية التي نصت على ما يلي:
(لا يجوز بأي حال من الأحول إلقاء الحجز الاحتياطي على حسابات وموجودات المودعين لدى المؤسسات المالية باستثناء قرارات الحجز الاحتياطي الصادرة وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة حمايةً للمال العام، أو القوانين والأنظمة النافذة المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب) استناداً لهذا النص يمكن لوزارة المالية في حال الشك بتهريب أموال المودعين التي ترتبت عليها التزامات لمصلحة الوزارة المذكورة أن تلقي الحجز الاحتياطي على هذه الأموال ضماناً للوفاء بحقوقها.
إن التعديل المعمول به الذي ينص على إعطاء وزير المالية حق كشف السرية المصرفية لملاحقة حالات التهرب الضريبي إنما يشكل خطوة إلى الوراء في مجال الإصلاح المالي والمصرفي وسيؤدي إلى زعزعة الثقة في القطاع المصرفي السوري وليد النشأة، إذ إن المستثمرين الأجانب والمغتربين السوريين الذين يستطلعون البيئة التشريعية الملائمة لاستثماراتهم يستندون في تقييمهم لهذه البيئة على القوانين الصادرة عن المشرع السوري أما القرارات الإدارية، كالقرار الصادر عن مجلس الوزراء مؤخراً، فهي قابلة للتعديل والإلغاء في أي لحظة، وقلما يطلع المستثمرون عليها بخلاف الحال بالنسبة للقوانين التي تتصف بالثبات.

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...