مسلسل خالد ين الوليد: أخطاء قاتلة

11-10-2006

مسلسل خالد ين الوليد: أخطاء قاتلة

عندما ظهرت اعلانات الدراما التلفزيونية «خالد بن الوليد» للمرة الاولى، توقع الجميع ان يكون المسلسل ضخماً ومميزاً ومخرجاً بطريقة إبداعية تليق بشخصية خالد بن الوليد. ولكن مع مرور حلقات عدة، أتت النتائج محبطة ومخيبة، وتخلى كثر من الذين نعرفهم على الأقل، عن مشاهدة هذا العمل، بعدما كانوا رتبوا مواعيدهم لئلا تتضارب مع وقت عرضه. ذلك انه لم يخف على المشاهد، قبل الناقد المحترف، الاخطاء التي وقع فيها المخرج محمد عزيزية مراراً وتكراراً ... وهي فادحة، تاريخياً وفنياً حتى الآن. 
إذاً الأخطاء هنا ليست فنية فحسب، فهناك أحداث ومواقف في المسلسل لم تأت في موقعها او متناسبة مع التاريخ المعروف، ولا يفوت احداً مثلاً تكرار عبارات الثأر على لسان المسلمين، ومن المعلوم ان الرسول (صلى الله عليه وسلم) نهى عن ذلك.

وقد تكون ملاحظة المشاهد هنا أدق من ملاحظة المخرج، حينما يرى مظهر حمزة – رضي الله عنه – في المسلسل قبل الاسلام هو نفسه بعده، من دون ان يحف شاربه او يرخي لحيته المشذبة على ما كان مألوفاً في ذلك الوقت. كما نشاهد المخرج يتغاضى عن تفاصيل اخرى كثيرة، منها مثلاً ان المسلمين يواجهون يهود بني قريظة ويهود بني المصطلق في الحصن نفسه الذي كان مرسوماً - وأركز على مرسوم - على نمط قلعة الحصن وقلعة حلب، فظهر بمظهر متقدم جداً على عصره، بدلاً من ان يكون متأخراً جداً عن تلك الحصون.

ولعل من اكثر السلبيات بروزاً في المسلسل المؤثرات الصوتية، التي لا تتناسب بتاتاً مع الحركة، فصوت السيف يأتي قبل الضرب به، والمقاتل يصرخ قبل ان يخدشه الرمح، والسيف يدخل غمده «صوتاً» قبل ان يدخله «حركة».

ولا يفوق ذلك سلبية سوى الخدع البصرية التي لا ينخدع بها طفل، كالحصن المرسوم، او مشاهد الجلد، او الرمح الذي قتل حمزة - رضي الله عنه - والذي كان واضحاً للعيان انه موضوع تحت عمامة الممثل لا مغروزاً في عنقه. وزاد الطين بلة ان المخرج نسي ان الذي يصاب في وتده ينزف دماً!

اما الموسيقى التصويرية، فلا يخفى على احد ان جزءاً منها مأخوذ من اغنية وردة الجزائرية «ليلي السهر»، علماً ان ما أخذ مقطع صغير يتكرر حتى الملل.

اما الطامة الكبرى فهي التمثيل الضعيف، وكان الأجدر بمسلسل مملوء بالصحابة والمشاعر المتضاربة، ان يكون التمثيل فيه اكثر صدقاً، كالتمثيل الصادق الذي رأيناه في «التغريبة الفلسطينية» للمخرج حاتم علي، ناهيـك طبـعاً عن قلة الممثليـن بـالنـسبة إلى كثرة الشخصيات الموجودة في القصة، حتى ان المرء يلاحظ ان كل كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قاله ممثلان اثنان فقط!

ولا ريب في ان الجميع لاحظ الشبه الشديد بين ما قدم من حلقات حتى الآن وفيلم «الرسالة» للمخرج الراحل مصطفى العقاد، ما يدفعنا الى التيقن من ان المؤلف لم يوثق او يبحث في ما كتبه، بل اعتمد على ما هو متداول فقط. وفي اعتقادنا ان هذا لا يكفي.

الملاحظة الأخيرة والأهم، هي ان خيبة الأمل الكبرى نتجت لدى المشاهد، لأنه كان يتوقع ان يشاهد مسلسلاً يحكي قصة خالد بن الوليد، ولكن خلال الحلقات الاولى لم يظهر خالد بن الوليد الا قليلاً، كأي شخصية اخرى في المسلسل، وبدا المسلسل وكأنه يدور حول بعثة محمد (صلى الله عليه وسلم) بدلاً من التركيز على محيط خالد (رضي الله عنه) وحياته قبل الاسلام، وطريقة عيشه.

اخيراً، قد يقول بعضهم انه لا تصح المقارنة بين هذه المسلسلات ذات الكلفة الانتاجية المحدودة وأفلام هوليوود الضخمة، لكن يتوجب علينا هنا التذكير بمسلسل «الزير سالم» - للمخرج حاتم علي وتأليف وليد فارس - إذ سبق ذلك المسلسل زمنه، ولا يزال الى يومنا هذا مميزاً، وكذلك «صلاح الدين» و«التغريبة الفلسطينية» واخيراً «ملوك الطوائف».

ولئلا نذهب بعيداً، نذكر المسلسل الذي عرضته «أم بي سي» قبل فترة، ويعاد عرضه حالياً على «شام»، هذا المسلسل هو «الظاهر بيبرس» لمخرج «خالد بن الوليد» محمد عزيزية، الذي نذكر انه كان مسلسلاً لا بأس به، ما يثير استغرابنا، وكأن المخرج ضعفت همته عندما اراد ان يخرج لبطل «عالي الهمة»!.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...