اجتماع شرم الشيخ يعمق الشرخ الفلسطيني

تشهد شرم الشيخ اليوم اجتماعاً رباعياً يضم الرئيس المصري حسني مبارك والملك الاردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، ويستهدف دعم عباس في صراعه مع حركة حماس، مما يساهم في تعميق الشرخ بين الفلسطينيين، فيما فتحت اسرائيل خزائنها للرئيس الفلسطيني، معلنة انها ستطرح خلال اللقاء «مسائل الامن والحرب على الإرهاب».
وفي باريس، قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس بعد لقائها نظيرها الفرنسي برنار كوشنير، إن اجتماع شرم الشيخ «فرصة طيبة من أجل السلام... وخاصة أنه يأتي بمبادرة من قلب العالم العربي، مصر»، مضيفة أن عقد المؤتمر «يأتي لمساندة الرئاسة الفلسطينية المنتخبة ديموقراطيا، ويمثلها
رئيس واحد هو محمود عباس في وقت هو في أمس الحاجة فيه للمساندة».
وتباين موقفا رايس وكوشنير حيال الوضع الفلسطيني، فقالت وزيرة الخارجية الاميركية «البعض يقول إن هناك قيادتين فلسطينيتين»، مضيفة «هناك رئيس فلسطيني واحد هو محمود عباس. هناك حكومة فلسطينية واحدة هي حكومة الطوارئ التي شكلها الرئيس عباس»، فيما قال كوشنير «هناك رئيس فلسطيني هو محمود عباس، لكن حماس فازت في الانتخابات ويجب التساؤل قليلا عما يمكن القيام به حالياً».
وفي اشارة الى الحصار الدولي المفروض على الفلسطينيين، كررت رايس تصميمها «على عدم دعم حماس»، فيما قال كوشنير «ايدنا دعمهم مباشرة لكننا لم نتلق متابعة».
من جهته، رأى رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية إن مواطنيه والعرب «واهمون» اذا اعتقدوا ان الفلسطينيين سينالون حقوقهم خلال لقاء شرم الشيخ، نافيا اتهام مدير الاستخبارات الفلسطينية توفيق الطيراوي ايران بأداء «دور كبير» في سيطرة حماس على غزة.
وللمرة الاولى منذ سيطرة حماس على القطاع، شن الطيران الاسرائيلي غارة استهدفت سيارة شمالي غزة، ما ادى الى استشهاد المسؤول في «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي حسام حرب (32 عاما) وإصابة اربعة آخرين.
إسرائيل
وقال اولمرت لدى بدء اجتماع الحكومة «سنحاول الاستفادة على نحو متعقل وحذر من الفرص التي أتاحتها الأحداث الأخيرة في قطاع غزة كي نبني عملية دبلوماسية مع الفلسطينيين»، مضيفاً ان لدى اسرائيل «ما يكفي من القوة لأن تأخذ مخاطر محسوبة» في مسألة رفع عدد من الحواجز في الضفة الغربية.
وإوضح اولمرت «سنعرض هناك توقعاتنا ومطالبنا أيضا من رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، حول مسائل الامن والحرب على الإرهاب، ولكن ايضا استعدادنا للتعاون مع الحكومة الجديدة»، مضيفاً «لدينا مصلحة في حصول هذا الاجتماع، ولكنني لا اريد ان يعتقد احد اننا على وشك ان نحقق اختراقا دراماتيكيا».
من جهته، قال مساعد اولمرت ديفيد بيكر ان اسرائيل «غير مستعدة بعد للدخول في مفاوضات الحل النهائي»، مشيراً الى استعدادها لمناقشة «افق سياسي» مع عباس. اضاف «هذه المحادثات لا تشمل مسائل الحل النهائي، وإنما رؤية رئيس الوزراء ورئيس السلطة الفلسطينية لدولة فلسطينية مستقبلية».
وقالت المتحدثة باسم اولمرت، ميري ايسين، ان قرار الافراج عن عائدات الضرائب الفلسطينية المجمدة منذ كانون الثاني 2006 الذي اتخذته الحكومة امس هو «مبدئي» مضيفة ان «المبلغ المحدد» الذي سيفرج عنه سيناقش خلال اجتماع اليوم، فيما نقلت «رويترز» عن مسؤول في الحكومة الإسرائيلية إنها ستحول حوالى 350 مليون دولار من اصل 700 مليون دولار تحتجزها.
ونقلت «اسوشييتد برس» عن وزير اسرائيلي شارك في اجتماع الحكومة امس انه يتوقع وضع «آلية» لنقل الاموال خلال ايام، مشيراً الى ان الاموال لن تبدأ بالوصول الى ان تقبل حكومة الطوارئ رسميا بشرطي اللجنة الرباعية: نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل، وهو إجراء اعتبره «شكلياً». وأوضح ان المبالغ سيفرج عنها تدريجيا لضمان ألا تصل الى حماس.
ورداً على سؤال حول امكانات احياء مفاوضات السلام خلال اجتماع شرم الشيخ، قالت ايسين «لننتظر ان تثبت الحكومة الفلسطينية الجديدة قدميها... لنأخذ الامور الواحد تلو الآخر، ولننتظر رؤية حكومة جديدة ثابتة».
أضافت ان اولمرت سيتخذ «موقفاً قوياً وحازماً» حول «الحاجة الى ان يزيد المصريون اجراءاتهم ضد تهريب» السلاح من مصر الى القطاع.
وكان عباس قد قال بعد لقائه الملك الاردني في عمان امس، ردا على سؤال عما اذا كانت اسرائيل مستعدة لتقديم شيء خلال اجتماع شرم الشيخ، انه «تلقى وعوداً من اطراف اميركية وإسرائيلية لكن الاهم ان يتم تطبيق هذه الوعود على ارض الواقع»، مشدداً على ضرورة «البحث عن افق سياسي خلال المرحلة المقبلة على اساس الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام ورؤية الرئيس الاميركي جورج بوش».
وجدد عباس رفضه اي حديث عن اجراء حوار مع حماس، قائلا «لا مجال للحوار مع الانقلابيين». اضاف ان «حماس تقوم بأكثر مما هو معروف لدى وسائل الاعلام في الخفاء، فهي تقتل وتدمر وتنكل بالناس ومستعدة ان تقوم بكل الاعمال ومنها التفجيرات».
من جهته، شدد الملك الاردني على «اهمية اغتنام الفرصة التي ستوفرها القمة الرباعية للخروج بتصورات واضحة المعالم ضمن اطار زمني محدد للبدء بعملية تفاوضية تحظى بدعم جميع الاطراف المعنية بعملية السلام».
في المقابل، قال المتحدث باسم حماس سامي ابو زهري متوجها الى المجتمعين في شرم الشيخ «يجب ان يتعلموا من تجربة العام ونصف العام الماضي، التي اثبتت ان كل المحاولات لإسقاط حماس غير فعالة»، معتبراً ان «لا قيمة للشرعية الممنوحة لأبي مازن من الخارج».
اما المتحدث الآخر باسم حماس فوزي برهوم، فرأى ان الافراج عن الاموال هو «في مقابل قيام عباس بتدمير حماس والمقاومة».
وفي القاهرة، قال وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط إن اللقاء الرباعي «يستهدف تحقيق العودة الى بناء الثقة بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني بإجراءات يتفق عليها ويتم تنفيذها حرفياً حتى يفتح الطريق مرة اخرى لبدء المفاوضات بين الطرفين بمساعدة القوى الاقليمية الرئيسية ومن خلال تأييد الرباعية الدولية».
وكانت وزارة الخارجية المصرية قد اعلنت في وقت سابق أن أبو الغيط طالب، في اتصال هاتفي مع وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني، بتوفير «المناخ المناسب لاستئناف عملية السلام»، موضحا ان «هذا يتطلب وقف عمليات الاستيطان ووقف بناء الجدار العازل ووقف اقتحام المدن ورفع الحواجز». وبحث ابو الغيط التطورات الفلسطينية ايضا في اتصال بنظيرته الاميركية كوندليسا رايس.
وكان الرئيس المصري حسني مبارك قد اعلن امس الاول «دعم مصر لشرعية السلطة الوطنية الفلسطينية» وعباس، واصفاً سيطرة حماس على غزة بأنها «انقلاب على الشرعية».
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف السعودية في فرنسا إن «المملكة قامت بدورها عندما كان هناك اقتتال وأسفر هذا التدخل عن إيقاف الاقتتال بعدما اقسم قادة الفصائل أمام الكعبة المشرفة وتم التوصل إلى اتفاق مكة ولكنهم لم يلتزموا بذلك، وعليه فإن المملكة لن تعود إلى المحاولة مرة أخرى، وعملها سيكون عن طريق الجامعة العربية وبالشراكة مع الدول العربية»، مضيفاً إن «الأمر هو مسؤولية الفلسطينيين أنفسهم، وفي تقديري انهم وصلوا الى حافة الهاوية وإذا لم يراجعوا أنفسهم فسوف يسقط الجميع في الهاوية».
واعتبر الفيصل «إقصاء حماس مسألة فلسطينية داخلية يجب أن يحتكم فيها إلى المؤسسات الدستورية الفلسطينية، كالبرلمان ومنظمة التحرير، ومن دون شك ستكون هناك انتخابات قادمة لاستخلاص الشرعية بشكل ديموقراطي».

المصدر: وكالات