التجربة الصاروخية الكورية الشمالية: أبرز المعطيات والدلالات

07-04-2009

التجربة الصاروخية الكورية الشمالية: أبرز المعطيات والدلالات

الجمل: أدى قيام كوريا الشمالية بإطلاق تجربتها الصاروخية الأخيرة إلى إشعال الساحة الدبلوماسية الدولية والإقليمية بالخلافات وامتدت الخلافات إلى داخل العديد من المنظمات الدولية والإقليمية ما بين طرف يطالب بتشديد الإجراءات ضد بيونغ يانغ وآخر يطالب بضبط النفس وإعطاء الدبلوماسية المزيد من الفرص.
* التجربة الصاروخية الكورية الشمالية: أبرز المعطيات والدلالات:
أطلقت بيونغ يانغ في الساعات الأولى من صباح 5 نيسان 2009 صاروخاً يحمل قمراً صناعياً لوضعه في مداره الخارجي، وإزاء التجربة الصاروخية تضاربت المعلومات الاستخبارية:
• على الجانب الكوري: تقول المعلومات أن بيونغ يانغ أعلنت أن الصاروخ قد تم إطلاقه بنجاح وحمل القمر الصناعي الذي تم وضعه في مداره بحسب ما هو مخطط له.
• على الجانب الأمريكي: تقول المعلومات الصادرة عن القيادة الأمريكية الشمالية أن صاروخ تايبودونغ-2 الكوري الشمالي الذي انطلق صبيحة 5 نيسان تحطم خلال مرحلة انطلاقه الأولي وسقط في منطقة بحر اليابان، بينما سقط القمر الصناعي الذي كان يحمله في إحدى مناطق المحيط الباسفيكي وبالتالي فإن بيونغ يانغ لم تنجح في وضع القمر في مداره الخارجي.
حتى الآن لم يتم حسم المغالطات بين المزاعم الكورية الشمالية والمزاعم الأمريكية وما هو جدير بالملاحظة أن الحقيقية معروفة للطرفين وبرغم ذلك لم تنشر واشنطن صور أقمار التجسس الأمريكية لوقائع تحطم الصاروخ علماً أن بيونغ يانغ صرحت بشكل علني أنها ستطلق صاروخاً وبالتالي فإن واشنطن وبلا شك ستكون قد أعدت العدة ورتبت الكاميرات لالتقاط المشاهد.
* أبرز معطيات أزمة الملف الكوري الشمالي:
تقول التقارير والمعلومات، بأن بيونغ يانغ تسعى بشكل حثيث من أجل بناء قدراتها العسكرية وذلك عن طريق الانهماك في تطوير قدرات الدمار الشامل وفقاً للآتي:
• البرنامج النووي.
• برنامج الأسلحة الكيميائية.
• برنامج الأسلحة البيولوجية.
• برنامج القدرات الصاروخية.
• البرنامج الفضائي.
تشير التقارير إلى أن واشنطن وحلفائها من خصوم كوريا الشمالية لم يعودوا ينظرون إلى البرنامج النووي الكوري الشمالي باعتباره يمثل الخطر الوحيد وإنما إلى كل هذه البرامج الخمسة باعتبارها تتكامل مع بعضها وتتقاطع لجهة تقديم المساندة في عملية بناء قدرات الدمار الشامل الكورية الشمالية، وبالتالي يرى الخبراء أن واشنطن برغم تشددها في ضرورة تخلي بيونغ يانغ عن البرنامج النووي فإنها ترى أن هذه الضرورة تنطوي على تخليها عن مجموعة برامجها الأخرى طالما أنها تصب في مجرى بناء قدرات الدمار الشامل.
* أبرز ردود الأفعال إزاء التجربة الصاروخية الكورية الشمالية:
أولى ردود الأفعال جاءت بواسطة أطراف مثلث واشنطن – طوكيو – سيول، التي رأت في التجربة الكورية الشمالية الصاروخية انتهاكاً سافراً للقرار الدولي 1718 وبرغم ذلك فهناك بعض الخلافات الداخلية الأمريكية – الأمريكية، اليابانية – اليابانية، الكورية الجنوبية – الكورية الجنوبية، لجهة هل قيام بيونغ يانغ بإطلاق الصاروخ يمثل في حد ذاته انتهاكاً للقرار الدولي 1718 الذي أكد على منع قيامها بتطوير الأسلحة النووية المحرمة دولياً؟ وقد اختلفت الإجابات بين طرف متشدد يقول أن التجربة تشكل بحد ذاتها انتهاكاً وإن كانت للأغراض السلمية، فإنها من الجهة الأخرى تهدف لتعزيز قدرات كوريا الشمالية في نقل الرؤوس النووية إلى مسافات بعيدة عبر الفضاء، أما الطرف المعتدل فيقول أن من حق كوريا الشمالية استخدام التكنولوجيا الصاروخية الفضائية للأغراض السلمية وهو ما أعلنت عنه بيونغ يانغ وبالتالي فأنها لم تنتهك القرار 1718 الذي أكد حصراً على منع تطوير الأسلحة النووية.
إضافة إلى ذلك، فقد سارعت إسرائيل إلى التأكيد أن التجربة الكورية الشمالية تشكل تهديداً للأمن والاستقرار الدولي، وتهديداً محتملاً لأمن إسرائيل طالما أن كوريا الشمالية تقدم الدعم لسوريا وإيران في مجالات التكنولوجيا الصاروخية.
سوف لن تتوقف تداعيات التجربة الصاروخية الكورية الشمالية على مجرد تبادل التصريحات وإطلاق الانتقادات والمزاعم، وإنما سيتردد صدى تداعياتها باتجاه الآتي:
• دفع واشنطن إلى استغلال الفرصة والدفع باتجاه بناء تحالف عسكري ثلاثي يضم واشنطن – طوكيو – سيول، لإنفاذ الترتيبات العسكرية – الأمنية التي تهدف من الناحية المعلنة إلى ردع الخطر الكوري الشمالي، ولكنها من الجانب غير المعلن تهدف إلى تعبئة القدرات العسكرية ضد الصين، في مناطق غرب الباسفيكي وقد سبق أن سعت واشنطن إلى الدفع من أجل هذا الحشد الإقليمي وعلى وجه الخصوص في الفترة التي أعقبت حادثة قيام الزوارق الحربية الصينية باعتراض سفينة أمريكية كانت تبحر على مقربة من المياه الإقليمية الصينية في منطقة بحر الصين، وتقول المعلومات أن السفينة الأمريكية كانت تقوم ببعض المهام التجسسية ضد الصين.
• دفع مثلث واشنطن – باريس – لندن إلى الضغط داخل مجلس الأمن الدولي للقيام بإصدار قرار دولي جديد يحظر بيونغ يانغ من بناء أي قدرات كيميائية أو بيولوجية أو جرثومية أو صاروخية أو فضائية، لسد النقص في القرار 1718 الذي أكد على القدرات النووية فقط.
وتقول التسريبات أن محور موسكو  - بكين قد أعد العدة لمطالبة واشنطن بعدم التسرع في إصدار المزيد القرارات الدولية لأن صدور أي قرارات إضافية سوف لن يعقد مهام اللجنة السداسية فقط وإنما سيقوض مهامها ودورها الوظيفي طالما أن كوريا سوف لن تتردد في التخلي عن التزاماتها إذا ما تم تشديد الضغوط.
قيام واشنطن باستغلال الفرصة وبناء حلف عسكري جديد في المنطقة سيترتب عليه بالمقابل سعي محور بكين – موسكو إلى بناء حلف عسكري في المنطقة، بسبب الاعتبارات المتعلقة بالحفاظ على توازن القوى في منطقة شمال غرب الباسفيكي وبالتالي فإن الباب سيكون مفتوحاً أمام منظمة تعاون شنغهاي التي تضم محور بكين – موسكو إلى بناء ونشر قدراتها العسكرية في الباسفيكي وبالتالي إلى عسكرة المحيط الباسفيكي وتحويله إلى ساحة حرب باردة جديدة بين مثلث واشنطن – طوكيو – سيول من جهة ومحور موسكو – بكين من الجهة الأخرى، وهو المحور الذي سيضم بلا شك كوريا الشمالية نفسها وبالتالي إذا نجحت بيونغ يانغ في الانضمام إلى منظمة تعاون شنغهاي فإنها ستكون قد حصلت على الغطاء الدبلوماسي – السياسي – الأمني – العسكري لتطوير قدراتها النووية والجرثومية والفضائية والصاروخية دون إيلاء أي اعتبارات لتهديدات واشنطن أو لقرارات مجلس الأمن الدولي.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...