التهريب إلى الواجهة مجدداً..!
يعود التهريب مجدداً بعد انحسار نسبي اقتصر على أشهر عدة، ليشكل ضغطاً كبيراً على سوق القطع، علماً أن الحكومة أعلنت أكثر من مرة عن حملات لقطع دابر المهربين، بغية الوصول إلى هدف طموح “سورية خالية من التهريب”..!.
لعل أشدّ هذه الحملات كانت ضمن مساعي الدولة لتحقيق استقرار سعر صرف الليرة إثر انخفاضه إلى مستويات غير مسبوقة خلال الفترة الماضية، إذ تم وقتها ضرب أو ربما محاصرة رموز التهريب ورواده ونجحت بالفعل في ذلك، وكان لهذا الأمر انعكاس إيجابي ملحوظ على تحسين سعر الصرف.
لكن وعلى ما يبدو لم تستمر تلك الجهود وفق المسار المرسوم لها، لتعود الأمور تدريجياً إلى ما كانت عليه من فوضى، فالدخان المهرب، والبالغة فاتورته حوالى 15 مليون دولار يومياً -وفقاً لبعض التقديرات يتم استنزافها من السوق المحلية بطرق ملتوية- لم ينقطع يوماً طوال فترة الأزمة، كما أن الكثير من المواد الغذائية والفواكه الاستوائية المهربة يتربع على واجهات ورفوف المولات والمحال التجارية، ناهيكم عن تواجد للألبسة التركية والقائمة تطول..!.
سبق أن أشرنا في مقالات سابقة إلى أن إجمالي فاتورة التهريب الشهرية يصل إلى 250 مليون دولار، أي بمعدل 3 مليارات دولار سنوياً، وهو رقم يضاهي فاتورة الاستيراد النظامية التي تناهز الـ5 مليارات دولار، وهذا مؤشر خطير على تفشي ظاهرة التهريب، وما تخفيه من فساد في الجهاز الجمركي..!.
ولنا أن نتصوّر انعكاس ضبط التهريب وبذلك سدّ ثغرة تهرّب الـ3 مليارات دولار، سواء على صعيد ضبط سعر الصرف واستقراره وخصوصاً من خلال الحد من الطلب على الدولار في السوق السوداء لتوظيفه في مسار التهريب، أم على صعيد الاقتصاد الوطني عموماً من خلال إيجاد بدائل محلية للمواد المهربة، أو تعزيز الطلب على المنتج المحلي النظير، وبالتالي تفعيل البنية الإنتاجية ولو نسبياً..!.
نعتقد أن الحكومة على دراية أكثر من غيرها بأن آفة التهريب هي من أخطر الآفات الاقتصادية، ومكافحتها مرتبطة بالضرورة بمكافحة الفساد الجمركي، وهنا مربط الفرس، فبمقدار انحسار الثانية يكون انحسار الأولى… فإلى أي حدّ ستنجح في ذلك..؟.
حسن نابلسي - البعث
إضافة تعليق جديد