الثعلب التركي وتركمان سورية

14-04-2012

الثعلب التركي وتركمان سورية

أصول التركمان وماضيهم في سورية
يعود التركمان في أصولهم إلى قبائل متحالفة مع قبيلة بني عثمان التي أسّست الدولة العثمانية، حيث تمّ إرسالهم لحماية المناطق الحدودية (الثغور) وهذا يفسّر مواقع توطنهم في الجبال التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً باستراتيجية الانتصارات في العُرف العسكري.
وفي حين أن تركمان سورية تميزوا بتحالفهم مع الدولة العثمانية آنذاك، اشتهر تركمان العراق (السلاجقة) بنزاعهم المزمن مع السلطة المركزية العثمانية. وقد قال شاعرهم ضاضال أوغلو رداً على السلطان العثماني، الذي أصدر فرماناً يقضي بنقلهم إلى أماكن أخرى: "إن كان الفرمان للسلطان فالجبال لنا" يعني ذلك أنهم مستعدون للتحصن في الجبال لمناهضة الفرمان السلطاني.
أما في عهد رئيسة الوزراء تانسو تشيلر استطاعت أحزاب معارضة أن تستخدم ثغرة قانونية لإجبار الحكومة على كشف حسابات النفقات المستورة، وعندها تم الكشف عن قيام تشيلر بتمويل تشكيل خلايا من التركمان لإحداث خلل أمني في سورية. وكانت باكورة منجزات هذا التمويل هو التفجير الذي حدث في اللاذقية منتصف التسعينيات على يد بعض التركمان المخترقين.
وتأتي هذه المحاولات منذ الثمانينات كمحاولة من تركيا لخلق منظمة شبيهة بحزب العمال الكردستاني يمكن استعمالها داخل سورية. غير أن عدم وجود أرضية ملائمة من جو القهر والتغييب حالا بشكل أساسي أمام نجاح مساعي أنقرة.
وفي تجربة شخصية نُقلت لـ"عربي برس" من أحد المعارضين اللوائيين اللاجئين في سورية أن الاستخبارات التركية تمكنت قبل سنوات من تصوير مكان عمله، لتتقاطع معطيات التحقيق حول قيام موظف تركماني في السفارة التركية بهذا العمل، ما يدلّ على إصرار الأتراك على أن تكون لهم أياديهم الطولى في الداخل السوري تحسّباً للحظة التدخل المناسبة.

المحاولات التركية مؤخراً:
بذلت وسائل الإعلام التركية الموالية لأردوغان جهوداً جبارةً لإقناع المواطن التركي أن بابا عمرو حي تركماني، وأن الدولة السورية تستهدفهم بشكل خاص، وكل هذه المزاعم بهدف تجييش الشعور القومي التركي ضد سوريا.
تم ذلك بالتوازي مع تأسيس الكتلة التركمانية الوطنية على عجل من قبل تركيا في 15/2/2012، كأداة للتدخل التركي في الشؤون السورية. ويأتي هذا بعد الفشل الاستخباراتي والعملاني الذي أصاب الأجهزة التركية في الأراضي السورية، وبعد سعي أردوغان الحثيث إلى استخدام كامل أوراقه خدمةً لأجندة إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
هذه الكتلة عضو في المجلس "الوطني" المعارض، وإن كانت على وشك الانشقاق، بحسب الخبر المعد من قبل الزميل أحمد غولير بعنوان "ثمانون شخصية على وشك إعلان انشقاقها من مجلس اسطنبول".
تم تأسيس الكتلة من خلال قيام الأجهزة التركية بتجميع عدد من التركمان المقيمين في تركيا للعمل، والذين ليس لهم مشاكل مسبقة مع الدولة السورية. وحتى أن عماد الحركة هم بضعة شبان من عائلة واحدة يقيمون في تركيا. وقد أتوا بابنة عم لهم إلى المجلس ليظهروا وجود تمثيل نسائي في منظمتهم.
ورغم أن الدولة التركية وقيادة حزب العدالة الحاكم حرصا على عدم ظهورهما رسمياً كداعمين للكتلة، إلا إن مؤتمر الكتلة التأسيسي حظي برعاية مؤسسة حقوق إنسان إسلامية، وهي "مظلوم دير" المدعومة من قبل دوائر حزب العدالة الحاكم، وهي التي أرسلت شبانها في اسطنبول لافتعال المشاكل مع السوريين الذين ذهبوا إلى اسطنبول من أجل إعلان تأييدهم لنظام الرئيس الأسد وتنديدهم بالمجلس "الوطني".
تركمان سورية في الأزمة:
ومن الواضح أن تأثير الكتلة التركمانية الوطنية شديد الضعف في سورية، إذ إنها فشلت في تنظيم مظاهرة وهمية لمدة خمسة دقائق في حي علي جمال باللاذقية ذي الغالبية التركمانية رغم كل الضغط المفروض عليها ويكاد يقتصر حجمها في الشارع على بضعة فتيان هنا أو هناك. وقد حدث سابقاً أن تصدى أهالي الحي لمتظاهرين قادمين من أماكن أخرى بهدف التظاهر بينهم، بحسب أحد المقربين غير الأعضاء في الكتلة.
بينما يذكر أحد سكان ربيعة السيد أبو عبدالله أن أهل القرية هم من أنصار الرئيس الأسد ورغم محبتهم للأتراك على اعتبارهم يشكلون معهم قومية حليفة إلا إنهم لا يساومون على سلامة البيت السوري.
وينفي أبو عبد الله أية محاولات من الكتلة الوطنية أو غيرها للتأثير على أهل قريته من أجل الخروج في مظاهرات أو القيام بأعمال تخريبية.

أما ابنه عبد الله المقيم في حارة علي جمّال فيلفت إلى قدوم عدة أشخاص من حي قنينص المجاور لحيّهم عدة مرات محاولين استنهاض حماس التركمان واللعب على الوتر الإسلامي وإثارة الفزعة الطائفية إلا إن أهل الحي قاموا بطردهم ورفضوا مجاراتهم في ما أرادوه.
ليتبين من كل ما سبق أنه ورغم الحالة الثقافية والتعليمية المتردية للتركمان إلا إنه لم تحدث أية مشكلة ذات طابع قومي تركماني منذ بداية الأحداث وحتى الآن، وأن كل المحاولات التركية لم تفلح في إظهار وجود معارضة تركمانية على الأرض السورية، كي يتم استغلالها. ولكن السؤال يبقى.. إلى متى يصمد التركمان البسطاء من الموالين عاطفياً وقومياً للأتراك أمام خبث الاستخبارات التركية الداعية إلى استعمالهم أدوات لها على الأرض السورية؟؟

مرح ماشي

المصدر: عربي برس

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...