الجزائر عاصمة الثقافة العربية

07-05-2007

الجزائر عاصمة الثقافة العربية

لم يكن للتفجيرات الأخيرة التي تبنتها جماعة القاعدة في الجزائر تأثير مادي كبير في حجم ما كان عليه الأمر في المحنة التي عرفتها الجزائر. أما تأثيرها النفسي فكان قوياً وحاداً، لكنه لم يؤثر مع ذلك في مجريات الحياة العامة في الجزائر، على رغم ما أحدث من توتر وترقب، أو إحباط عميق شعر به كل الجزائريين تقريباً، وذكّرهم بالسنوات الملعونة التي لم يعد أحد اليوم يرغب في التحدث عنها أو حتى تذكرها. ولم تؤثر الحادثة سلباً على النشاطات الثقافية الكثيرة التي تحصل هذه الأيام لمناسبة اختيار الجزائر عاصمة للثقافة العربية للعام 2007 ، مع أن النية كانت تهدف ربما لزعزعة فكرة الاستقرار، والتأثير في الوفود التي تأتي الى العاصمة بغية التعرف والاحتكاك بشعبها الذي عاش عزلة طويلة المدى خلال تلك الفترة السيئة الذكر.

النشاطات الثقافية استمرت كما كان مبرمجاً لها وربما وقع اتفاق ضمني على أن الرد الثقافي مهم في حال كهذه، بل هو أفضل وسيلة للتعبير عن فشل الإرهاب في جر البلاد الى نكسات أخرى لم تعد بقادرة على تحملها من جديد. لكنّ هذا لا يمنع من القول أن بعد تلك الحوادث اختلف مذاق الأشياء، أو على الأقل فتحت نوافذ الأسئلة المسكوت عنها. وإن لم تخرج بعد من دائرة الكتمان إلى دائرة الكتابة والكلام، فهي تبدو كأنها تُطرح من جديد، بخاصة فكرة المصالحة الوطنية، والعفو عن الجهاديين الذين نزلوا من الجبل... ومع ذلك لم تكن الثقافة في الجزائر صمام أمان كما هي اليوم. فبعد نحو أسبوع من تلك الحوادث أقامت المكتبة الوطنية ندوة دولية مهمة بعنوان «الفلسفة وقضايا العصر» شارك فيها عدد من الباحثين المغاربة والعرب، وعلى مدار يومين امتلأت قاعة المكتبة بجمهور غفير وتناوبت على جلسة الندوات اسماء عربية مهمة مثل يوسف سلامة، أحمد برقاوي، صلاح قنصوة، فتحي التريكي، كمال عبداللطيف، عبدالرزاق الدواي لمناقشة القضايا والمسائل الفلسفية المرتبطة بالعصر من الأخلاق إلى الإرهاب والأمن إلى البيولوجيا والتقنيات الحديثة. وألقى الروائي أمين الزاوي كلمة الافتتاح بعنوان «يا أحفاد ابن رشد الفلسفة نائمة فأيقظوها». ومما جاء في كلمته: «إن تنظيم مثل هذا الملتقى الدولي هو سعي لربط السؤال الثقافي بالسؤال الفلسفي، ومواجهة كل المتحركات والمتغيرات على كل الجبهات. ولعل ظاهرة نوم الفلسفة هي التي تركت سؤال الاجتهاد الديني نائماً أيضاً..» وكانت ليلة السبت الماضي مميزة ب الشعر العربي وضمت هذه المرة شعراء من البحرين منهم: قاسم حداد، حمدة خميس، فوزية السندي، وشعراء شباب من ليبيا. واستمرت نشاطات وزارة الثقافة الجزائرية بما يعرف بندوات الثقافة العربية، وكانت ندوة الرواية التي شارك فيها الروائي نبيل سليمان من سورية، وسميحة خريس من الأردن. وإلى ذلك تتواصل الأسابيع الثقافية العربية، وكان هذا الأسبوع حافلاً بنشاطات قدمها فنانو سلطنة عمان. أما بالنسبة الى الحياة الأدبية الجزائرية فما زالت الروايات تصدر، ومن الجديد: رواية لجيلالي خلاص بعنوان «قرة العين» وهو من جيل السبعينات، وبعض أعمال عبد العزيز بوشقيرات «حكاية امرأة جميلة»، ورواية «هوس» لحميدة العياشي. ويبدو أن الدعم الكبير الذي قدم للكتاب هو وراء الكثير من الكتب التي تترجم وتصدر في طبعات فاخرة جداً، ولا تزال حركة النشر بالفرنسية متفوقة على ما ينشر بالعربية خصوصاً في المجال الأدبي، ويرجع ذلك الى ان أكبر الناشرين بالعربية متخصصون في الكتب شبه التعليمية والتاريخية والدينية، وهذا ما يؤثر على حجم الإصدارات باللغة العربية، التي تعرف على رغم الوضع السياسي المتأزم، دينامية خلاقة، يتعرف عليها كل من يزور الجزائر خلال هذه السنة.

بشير مفتي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...