الجعفري في مجلس الأمن: حماية المدنيين في النزاعات المسلحة يجب أن تحترم سيادة الدول

11-11-2011

الجعفري في مجلس الأمن: حماية المدنيين في النزاعات المسلحة يجب أن تحترم سيادة الدول

قال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في بيان أمام مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدها أمس الأول حول حماية المدنيين في النزاعات المسلحة أن المنظومة الدولية ترى أن موضوع حماية المدنيين في النزاعات المسلحة لا يمكن أن يكون انتقائياً أو استنسابياً, وأنه يختص بالنزاعات المسلحة حصراً ولذلك فإننا نرى أن حماية المدنيين الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين الرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي هو جزء رئيسي من هذا الجهد الدولي في سياق التطبيق الموضوعي والدقيق للولاية المنوطة بالبند المعنون (حماية المدنيين في النزاعات المسلحة), ولاسيما أن المجلس قد دأب على مناقشة هذه المسألة المهمة لفترة طويلة في ظل استمرار إسرائيل في انتهاكاتها الجسيمة ضد السكان المدنيين في الأراضي العربية المحتلة.

وقال الدكتور الجعفري: إن ما يدعو إلى القلق هو أن بعض الدول الأعضاء التي نستمع إلى بياناتها ذات الصلة بحماية المدنيين في الصراعات المسلحة خلال مداولات مجلس الأمن تنفرد أحياناً بمفهوم انتقائي خاص بها للمدنيين وللصراعات المسلحة يخالف ما أورده القانون الإنساني الدولي واستقر عليه الاجتهاد القانوني الدولي كما يقلقنا سعي البعض إلى تحويل معاناة المدنيين في بعض مناطق الصراعات المسلحة التي يذكي هذا البعض أوارها وينفخ في جمرها إلى نقاش أكاديمي خلافي لا يخدم المعاناة في صفوف المدنيين. ‏

وأضاف الجعفري: لقد استقر الفقه القانوني على أن الجهود الدولية الرامية إلى حماية المدنيين في حالات النزاعات المسلحة يجب أن تتم في إطار الاحترام الصارم للمبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة والقاضية بضرورة احترام سيادة الدول واستقلالها السياسي وسلامة أراضيها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبضرورة أن تتماشى هذه الجهود مع أحكام اتفاقيات جنيف والقانون الإنساني الدولي. ‏

وشدّد الدكتور الجعفري على عدم الخلط بين موضوع حماية المدنيين من جهة والتهديدات التي يتعرض لها الأمن والسلم الدوليان من جهة ثانية, كما يجب تفادي استعمال تفسيرات فضفاضة لموضوع حماية المدنيين وإقحام مصطلحات من خارج أدبيات الأمم المتحدة ومختلف عليها مثل مسؤولية الحماية والتدخل الإنساني, الأمر الذي سيؤدي حكماً إلى المس بمصداقية وحيادية منظمة الأمم المتحدة بما يؤدي إلى تقويض الجهود المبذولة لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة. ‏

وأوضح أن من المفارقات العجيبة التي تعيشها المنظومة الدولية أنه مع تطور مفاهيم القانون الدولي ازدادت معاناة المدنيين خلال النزاعات وزاد عدد هذه النزاعات نفسها لا بل تفاقمت ظاهرة إعفاء سلطات الغزو العسكري والاحتلال الأجنبي من تبعات وعواقب انتهاكها القانون الدولي وضربها عرض الحائط بكل مبادئ وموجبات القانون الإنساني الدولي سائلاً المجلس عمّا إذا كان القيام باحتلال دول أعضاء في الأمم المتحدة وغزوها عسكرياً خارج إطار الشرعية الدولية وقتل الملايين من أبنائها المدنيين كان بهدف حماية هؤلاء المدنيين؟ وإذا كانت دعوة البعض تحت قبة هذا المجلس اليوم وفي عدة مناسبات سابقة إلى تغيير الحكم في دول أعضاء بعينها بذريعة حماية مدنيي هذه الدول يندرج تحت إطار الهدف النبيل المسمى حماية المدنيين في النزاعات المسلحة؟ وهل هذه الذرائع تنسجم مع أحكام الميثاق؟ وكذلك هل معاناة الملايين من المدنيين جراء العقوبات الأحادية تخدم العيش الرغيد لهؤلاء وتحمي المدنيين أم تضعفهم وتستهدف كرامتهم وحقهم في العيش والتنمية؟. ‏

وتابع الجعفري تساؤلاته بالقول: كيف يمكن أن نفسر قتل 130 ألف مدني ليبي بحجة حماية المدنيين في ليبيا؟ وكيف يمكن تفسير الدعوة الصريحة التي وجهتها الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى الجماعات المسلحة في سورية بعدم تسليم أسلحتها أو تسليم نفسها إلى السلطات السورية تماشياً مع قرار الحكومة السورية بالعفو العام عن كل من يسلم نفسه وسلاحه إلى السلطات الحكومية؟ وقال: ألا يعني ذلك انخراطاً أمريكياً مباشراً في تأجيج أحداث الفتنة والعنف في سورية؟.. أو ليس هذا التحريض للمجموعات المسلحة كي تستمر في عملياتها الإجرامية ضد الدولة والمدنيين جديرا بالمساءلة في إطار حماية المدنيين على الأقل؟. ‏

وأضاف: ألا تعطل السياسة الأمريكية المدعومة من بعض الدول الأوروبية عمل جامعة الدول العربية ومبادرتها الرامية إلى وضع حد للأزمة في سورية واستعادة الأمن والاستقرار للمواطنين؟. ‏

وقال: أليس السكوت عن الاستيطان الإسرائيلي الأرعن الذي يهدد مبدأ السلام أساساً يتناقض مع أهم حق من حقوق المدنيين الفلسطينيين والسوريين الرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي للعيش في أوطانهم بحرية وسيادة؟. ‏

وتابع الجعفري: لا نعلم إلى متى يمكن التغاضي عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان السوري المحتل والقدس ومزارع شبعا وقرية الغجر وعن الأعمال اللا إنسانية التي تقوم بها إسرائيل, ولماذا لا نرى الحماسة نفسها في التعامل مع الحالة العدوانية الإسرائيلية لدى بعض الدول التي ذهب مندوبوها بعيداً اليوم في التعبير عن حرصهم على حماية المدنيين في أجزاء معينة من العالم فاستخدموا منبر مجلس الأمن المختص بحماية الأمن والسلم الدوليين لتمرير قراءة وتفسير منقوصين لمسألة حماية المدنيين في النزاعات المسلحة بما يخدم تدخلهم الفظ في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء بعيداً عن أي مساءلة؟. ‏

وقال الجعفري: إننا لم نسمع أي ملاحظة من مسؤولي الأمم المتحدة المشاركين في هذا النقاش المهم المعنيين بهذا الملف للرد على عدم قانونية وعدم شرعية هذا التدخل المرفوض في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء وذلك إعمالاً لأحكام المادة الثانية من الميثاق. ‏

وأضاف المندوب السوري: يخطئ ممثلو الدول الاستعمارية وأخص بالذكر فرنسا وبريطانيا الذين تحدثوا اليوم بتعابير غير لائقة بحق بلادي عندما يظنون أن ذاكرة البشرية قاصرة عن استحضار الجرائم ضد الإنسانية التي اقترفتها أنظمتهم خلال فترتي العبودية والاستعمار على مدى عقود من الزمن, متسائلاً: ألا ينسجم الاعتذار عن ارتكاب هذه الجرائم مع مفهوم حماية المدنيين؟ أم إن للمدنيين مراتب وفئات تمييزية فبعضهم من الشمال وبعضهم من الجنوب وقيمتهم في الإنسانية ليست سواء؟!. ‏

إلى ذلك أكدت الصين أن جهود حماية المدنيين لابد أن تحترم مبادئ السيادة الوطنية ووحدة أراضي الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان. ‏

وفي كلمة له خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك أمس الأول لبحث مسألة حماية المدنيين، أكد لي باو دونغ مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة أن ممارسات مجلس الأمن الأخيرة أثارت موجة جديدة من الجدل وجذبت اهتمام المجتمع الدولي لهذه القضية، مشدداً على أن الأعمال التي تهدف إلى حماية المدنيين لابد أن تلتزم تماماً بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ولاسيما سيادة ووحدة أراضي الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وأن تلك الأعمال لابد أن تتم عبر تفويض من مجلس الأمن الدولي وتنفذ بطريقة منضبطة بموجب إطار عمل أممي. ‏

وأوضح السفير الصيني أن حماية المدنيين لا تعني استخدام القوة على نطاق واسع وقصف البنية التحتية والمناطق السكنية والتغاضي عن سقوط قتلى في صفوف النساء والأطفال، مضيفاً: إن هذه مخاوف مشروعة للمجتمع الدولي وإن حماية المدنيين تندرج تحت بند الشؤون الإنسانية ويجب ألا يكون هناك أي دافع أو غرض سياسي وراء ذلك. ‏

وأشار لي إلى أن الأعمال المعنية يجب أن تركز على الدفع من أجل وقف إطلاق النار وتسوية النزاعات والخلافات عن طريق السبل السلمية مثل الحوار والمفاوضات ودعم الوساطات من أطراف معينة من بينها المنظمات الإقليمية والأمين العام للأمم المتحدة بدلاً من الطرق الالتفافية الأخرى. ‏

وأكد السفير الصيني أن بكين تدعم دائماً تسوية النزاعات عبر الطرق السلمية وترى أنه من الضروري التخلي عن ممارسة النشاطات الانتقائية والمعايير المزدوجة التي قد تقوض دور وسلطة مجلس الأمن الدولي، داعياً المجلس إلى عدم القيام بتصرفات متعجلة عندما تكون هناك تساؤلات كثيرة بحاجة إلى توضيح وإجابة. ‏

وشدّد لي على أن قرارات مجلس الأمن الدولي يتعين أن تطبق تماماً ولا يجب على أي طرف إساءة تفسير القرارات ولا القيام بأعمال تتجاوز التفويض الصادر عن المجلس، مشيراً إلى أن الصين وأعضاء كثيرين بالأمم المتحدة دعوا مجلس الأمن الدولي إلى الالتزام بمبدأ الإنصاف والمساواة وإيلاء اهتمام متكافئ لجميع القضايا على أجندته التي تتعلق بحماية المدنيين بما فيها الوضع في قطاع غزة والصومال وأفغانستان والعراق. ‏

وفي سياق متصل أكدت إيران ضرورة العمل على إيجاد تغييرات أساسية في هيكلية وأسلوب عمل مجلس الأمن الدولي ولاسيما بعد أن تحول فيه حق النقض الفيتو إلى عنصر قلق وانتقاد من أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ‏

واعتبر مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة محمد خزاعي في كلمة له خلال اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة وأوردت وكالة (آرنا) الإيرانية مقتطفات منها أمس أن (الفيتو) الذي تملكه خمس دول دائمة العضوية بات أداة غير بناءة وغير ديمقراطية تسلب مجلس الأمن إمكانية التنفيذ في العديد من المواضيع، مشيراً إلى أن حذف حق النقض هو مطلب أغلبية الدول الأعضاء بالمنظمة. ‏

ولفت خزاعي إلى أن مجلس الأمن الذي تشكل على أساس حقائق العقد الرابع من القرن الماضي لا يلبي حاجات وهواجس وحقائق عالم اليوم الأمر الذي يحتم إجراء إصلاحات شاملة وسريعة بهدف مطابقتها لحاجات اليوم. ‏

وشدد المندوب الإيراني على ضرورة تحقيق الحيادية والشفافية والاستجابة للمطالب العادلة في المجلس، داعياً إلى إدراج أولويات ميثاق الأمم المتحدة والقرارات التي تحدد علاقات مجلس الأمن بالجمعية العامة وباقي منظمات الأمم المتحدة على جدول الأعمال وذلك بهدف تعزيز الشفافية وتحسين أداء مجلس الأمن. ‏



المصدر: سانا ‏

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...