الحقائق تفضح المعتدين على سورية و تكذب اوهامهم

18-12-2012

الحقائق تفضح المعتدين على سورية و تكذب اوهامهم

اندفعت جبهة العدوان على سورية في الاسبوع الاخير من الازمة و بشك هستيري مدعية السيطرة على معظم البلاد و مروجة لمقولة " الايام المعدودة للنظام "في تصرفات شملت الميدان و السياسة و الاعلام و لم تترك بابا يمكن طرقه الا و فعلت ،
و كاد المتابع ( خاصة اذا كان لا يملك القدرات المناسبة للوصول الى حقيقة الوضع السوري و قدرات الاطراف المتواجهة فيه) كاد يصدق الادعاءات تلك المتضمنة للقول بان " المعارضة انتصرت " و قد قضي الامر و ان المسألة باتت مسألة ساعات او ايام و يتولى فيها من عينتهم اميركا لحكم سورية ، يتولون زمام السلطة من اجل الوفاء بالتزامتهم بدءا بالاعتراف باسرائيل و ضمان امنها كما فعل " اخوان مصر " .

لقد استند مدعو الانتصار و لتأكيد انتصارهم على امرين : الاول ادعاءهم السيطرة على معظم الارض السورية و حصارهم للقوات الحكومية في ما تبقى خارج يدهم ، و الثاني تكييف المواقف الدولية و خاصة الروسية بما يخدم استنتاجهم .و لان هذين الامرين هما الاساس الذي يستند اليه هؤلاء لترويج مقولة حسم المواجهة لصالحهم ، فاننا نرى ان دراسة الميدان و النقاش العلمي الموضوعي حولهما قادر على اظهار الحقيقة و كشف زيف الادعاء . .

أ‌. ففي مجال السيطرة : يدعي ارهابيو اميركا انهم وضعوا اليد و في الحد الادنى على 65% من الارض السورية ، و ان 20% مما تبقى لا يسيطر عليها احد و لا توجد الحكومة الشرعية الا في النسبة المتبقية و هي محاصرة فيها .

و لكن و قبل اظهار الحقيقة التي ينبئ بها واقع الحال لا بد من ان نذكر بمعنى السيطرة وفقا للمصطلح عليه امنيا و عسكريا حيث ان صاحب السيطرة على منطقة ما هو الشخص القادر على اخضاعها لقراره ، ثم وضع النظام الذي يسيرها به ، و القادر على منع اي جهة اخرى من مشاركته في القرار و بشكل دائم ، و اخيرا المتمكن من حماية المنطقة و تحقيق انتظام العمل فيها بشكل يستجيب لمقتضايات الهدوء الى حد معتبر .

و اذا طبقنا هذا المفهوم على الميدان ، فاننا نصل الى حقيقة ساطعة بان الجماعات الارهابية تتواجد في مناطق متعددة في سورية من الجنوب الى الشمال مرورا بالوسط مع تمدد نحو الشرق و انها قادرة على القيام باعمال ارهابية و تدميرية و اجرامية و هي تفعل ذلك بدون تردد ، و لكنها لا تملك السيطرة على المناطق التي دخلتها ، و في المقابل نجد و بكل تأكيد ان قوى الحكومة تقوم وفقا لظروف الميدان بمعالجة الوضع في هذه المنطقة او تلك و تتمكن من تطهيرها من المسلحين ، و لكن و لاعتبارات عسكرية تتعلق باستراتيجية الجيش المبنية على ظروف الميدان و حجم القوى المعتدية و زخم الامداد فان الجيش لم يتبع نمط الدفاع الثابت و التمركز الدائم ، ما يعني انه ينسحب من المناطق التي يطهرها بعد ان يكون قد اوقع بالارهابيين افدح الخسائر البشرية ، و بعد هذا الانسحاب يتسلل الارهابيون مجددا الى المناطق ذاتها و يكرر الجيش عملياته .

هذا الواقع يقود الى توصيف مناطق القتال و بالمصطلح العسكري " مناطق اشتباك و و اختلال امن " و لا يمكن مطلقا توصيفها بانها مناطق سيطرة للارهابيين .انها و بكل تاكيد ليست مناطق سيطرة لانها لا تستجيب لمعايير ثلاثة لا بد منها حتى تصنف كذلك و هي ، معيار الاستقرار الهادئ ، معيار التنظيم المستمر ، معيار الحماية و دفع التعرض . و اني اعتقد بان الغرب يدرك جيدا هذا الامر ، لانه لو كان واثقا من تحقق السيطرة لكان اقام حكومة الارهابيين على الارض المسيطر عليها و نفذ عبرها من الاجراءات ما يمكنه من الاعتراف بها كسلطة على دولة ، اعتراف يكون له عند ذلك مدلولات قانيونية تتعدى الاعتراف الانشائي ب " الائتلاف المعارض " و هو اعتراف سياسي فلوكلوري لا يسمن و لا يغني من جوع حيث لا تترتب عليه اي مفاعيل قانونية ، و لو كان له قيمة قانونية كما ذكرنا لكانت الجامعة المنقلبة الى عبرية بعد تعليق عضوية سورية فيها ، لكانت قدمت مقعد الدولة السورية الى هذا المولود غير الشرعي ، لكنها لم تفعل لانها لا تستطيع .

و بالخلاصة هنا نقول ان الجماعات المسلحة ، تتحرك في مناطق سورية و ترتكب فيها الجرائم من قتل و تدمير و لكنها لم تصل الى مستوى السيطرة وفقا للمدلول السياسي او العسكري او الامني للعبارة. و المؤسف جدا ان نجد بعض قدامى العسكريين و بخلفية افقدتهم القدرة على استعمال علمهم العسكري ، نجدهم يروجون للارهابيين في مجال السيطرة متجاوزين المفاهيم المسلم بها في القواعد الثابتة . و نقول ان السيطرة الحقيقية في سورية هي للحكومة الشرعية على معظم اراضيها من الساحل الى الوسط فالعاصمة و تمددا الى الاتجاهات الاخرى ، و ما اختل الامن فيه من مناطق يبقى مناطق اشتباك تعمل الدولة على استعادتها .

ب‌. اما في مجال المواقف الدولية فاننا نجد الفضيحة الاكبر في تحميل لفظ صدر عن مسؤول روسي بشأن الازمة السورية تحميله اكثر بكثير مما يحتمل ، وصولا الى تفسيره تفسيرا مناقضاً تماما لطبيعة الموقف المبدئي الروسي بذاته ، وصولا الى البناء عليه للانقلاب على اتفاقات وقعت و لم يجف حبرها . و مرة اخرى و وضعا للامور في نصابها فاننا نذكر بثوابت و بحقائق تتعلق بالازمة السورية و علاقة الدول بها ،مواقف لا بد من اخذها بعين الاعتبار اذا اراد المعني بالشأن ان يتقدم لمواجهة المعضلة ، و نذكر من هذه الثوابت النقاط التالية :

1) النقطة الاولى : ان الشعب السوري هو الجهة الوحيدة المخولة باختيار حكامه ، و انه لم و لن يتقبل فكرة تعيين المفوضين السامين ، او فرض المشايخ و الامراء عليه ، و بالتالي ليس الخارج هو من يحدد من سيحكم سورية و ان اتفاقات تعقد بعيدا عن الارادة السورية تبقى حبرا على ورق و لن تسلك طريق التنفيذ ، و روسيا التي تعرف هذه الحقيقة تمسكت منذ البدء بها و اصرت على الحل السلمي للازمة الذي يتبلور عبر حوار بين مكونات الشعب السوري ، و هي لا زالت تؤكد عليها صباح مساء لاقتناعها بذلك و معرفتها بالمزاج السوري في عمقه .

2) النقطة الثانية : ان الجيش العربي السوري لازال يملك من القدرات المتعددة التي تمكنه من متابعة معركته الدفاعية بنجاح ، و ان هذا الجيش الذي لم تؤثر فيه و في قدراته العسكرية الفعلية ، كل الازمة و المواحهات منذ 21 شهرا ، قادر على الاستمرار في الدفاع و باللياقة و القدرة ذاتها ، خاصة و ان التطويع و التجنيد مستمر لتعويض ما لحق بالجيش من خسائر بشرية ، كما ان تعويض العتاد امر لا زالت طرقه سالكه من الداخل و الخارج .

3) النقطة الثالثة : ان من تبقى من محور المقاومة ، ثابت و صلب في مواقفه الدفاعية عن الذات و عن سورية و انه لن يسمح لاميركا و عملائها و باي صيغة او شكل باسقاط الحكومة الشرعية السورية بالقوة و هذا ما اعلنه صراحة المسؤولون الايرانيون في اليومين الماضين .

4) النقطة الرابعة : ان روسيا التي احتلت خلال البيئة الدولية التي تشكلت بعد اندلاع الاحداث في سورية احتلت المرتبة المتقدمة دوليا و استعادت امجاد ما قبل انتهاء الحرب الباردة ، تدرك ان نجاح اميركا في سورية و انتصار ادواتها التكفيرية و الارهابية ، سيكون له تداعيات سريعة و مباشرة على الامن القومي الروسي ،و ان روسية التي تعرف كل ذلك لن تغامر و لو بحرف واحد يمكن ان يساعد اميركا على الانتصار الذي يرتد عليها كارثة بكل العناوين و المعاني .

على ضوء هذه الثوابت نستطيع القول بان مسار الازمة في سورية لا يحدده هذا الطرف الدولي او ذاك منفردا و مستقلا عن ارادة الشعب السوري و قدرات الجيش العربي السوري ، و رغم ان للمواقف الدولية اهمية لا ننكرها ، فان اساس الصورة يرسم في سورية ، و بالعودة الى الميدان و اخذا بالاعتبار لما ذكرنا من ثوابت نستطيع القول بان ادعاءات جبهة العدوان على سورية و بكل مكوناتها هي تخرصات باطلة و ان النصر الذي تحلم به هو امر لن تناله ، لان الحل في سورية لن يكون الا سياسيا ينخرط فيه عبر الحوار من يؤمن بسيادة سورية و استقلالها و يعترف بالاخر وحقوقه دونما تكفير او ترهيب ، و يرى ان السبيل الى ذلك هو الحوار مع الشريك في الوطن .

و حتى الوصول الى هذا الحل سيتابع الجيش العربي السوري معركته الدفاعية مطمئنا للانتصار ، و لن يتوقف او يضيع وقته عند تأويل او دس تمارسه وسائل الاعلام المعادية في تشويه هذا الموقف او ذاك او اختراع هذا الحديث و تفسيره او تحويره ، و ستترك سورية المعتدين يتخبطون في احلامهم التي تنهار و تتكسر على صخور الحقيقة ، و ينفعلون عند الخسارة كما فعلت اميركا عندما اثنت على موقف روسي تتمناه فزورته حتى تستدرج روسيا اليه ، و لكنها عادت و رفعت لائحة عقوبات بوجه روسيا عندما ردت عليها الاخيرة بقولها : " مع الاسف اني لم و لن اتغير " فالثبات في الموقف من سورية هو قرار لا رجعة فيه و لا مراجعة .
                                                                                                                
                                                                                                                                 العميد أمين حطيط
    SyriaNow

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...