الخطوط العامة للاستراتيجية الأمريكية لإضعاف الاقتصاد الروسي

04-04-2009

الخطوط العامة للاستراتيجية الأمريكية لإضعاف الاقتصاد الروسي

الجمل: برغم انتهاء الحرب الباردة فإن الصراع السوفيتي – الأمريكي لم ينته، وما كادت الحرب الباردة تنتهي حتى تحول الصراع السوفيتي – الأمريكي إلى صراع روسي – أمريكي بدأ النظام الدولي يفعل تأثيره وكأنما دخل إلى بوابة الحرب الباردة الجديدة على خط موسكو – واشنطن وما هو واضح الآن يتمثل في حرب باردة جديدة تشبه الحرب الباردة القديمة وإن كانت لا تشبهها.
* ماذا تقول المعلومات:
اعتبرت واشنطن وحلفائها أن المعسكر الغربي الرأسمالي قد خرج منتصراً على المعسكر الشرقي الاشتراكي – الشيوعي، ولكن برغم ذلك فقد انطوت آليات النظام الدولي الجديد على آليات أضافت المزيد من زخم الاندفاع لجهة إشعال حرب باردة جديدة بفعل سعي واشنطن إلى الانفراد بزعامة النظام الدولي عن طريق جملة من الوسائل التي من أبرزها إعاقة الدول والبلدان الأخرى من النمو والتطور، بما يمنع أي قوة عظمى جديدة في الساحة الدولية.
سعت الولايات المتحدة الأمريكية حثيثاً من أجل تنفيذ مخطط تطويق روسيا وبرغم فشل الثورات الملونة في السيطرة على دول الجوار الروسي الإقليمي وفشل مخططات نشر القدرات العسكرية الأمريكية في مناطق الجوار الروسي، فقد برزت بعض الدراسات الاستراتيجية الجديدة التي تحاول رسم الخطوط العامة لمخطط استهداف جديد سيركز هذه المرة على بعض الوسائل النوعية الجديدة التي تتيح لواشنطن وحلفائها تقويض القدرات الروسية المتنامية بما يمنع روسيا من التحول إلى قوة عظمى ويبقيها في الوقت نفسه ترزح ضمن تبعية لا فكاك منها لاقتصاديات الولايات المتحدة وبلدن الاتحاد الأوروبي الحليفة لها.
أعد اليهودي الأمريكي ليون أهارون خبير الدراسات والشؤون الروسية بمراكز دراسات اللوبي الإسرائيلي ورقة بحثية أكدت على ضرورة قيام واشنطن بالتفاهم مع دول الاتحاد الأوروبي لجهة التأثير في تطبيق استراتيجية موحدة للتعامل مع روسيا خلال الفترة القادمة.
* الخطوط العامة لاستراتيجية التعامل مع روسيا:
تركز استراتيجية التعامل مع روسيا على تطبيق مذهبية تقوم على الآتي:
• السعي المستمر من أجل الإبقاء على أسعار النفط والغاز ضمن معدلات منخفضة.
• التشديد على تطبيق مبدأ النفط مقابل الغذاء في المعاملات التجارية  مع روسيا.
• تطبيق نظام سلة غير معلنة لأسعار صرف العملات بهدف إضعاف الروبل الروسي أمام اليورو الأوروبي والدولار الأمريكي وغيرها من عملات البلدان الغربية كالجنيه الإسترليني والدولار الكندي.
• إغراق الاقتصاد الروسي بالقروض القصيرة الأجل المرتفعة الفائدة.
• فرض السيطرة التجارية على الموارد التي يحتاج إليها الاقتصاد الروسي.
• بناء الروابط التجارية والاقتصادية مع البلدان ذات العلاقات والروابط مع روسيا ضمن شروط تجارية واقتصادية توفر مزايا أفضل لهذه البلدان بما يغريها ويدفعها إلى التخلي وفك الارتباط مع الاقتصاد الروسي.
وتأسيساً على هذه المبادئ يمكن عند تحليل تداعيات تطبيقها على الاقتصاد الروسي أن نلاحظ الآتي:
• إن إبقاء أسعار النفط والغاز ضمن معدلات منخفضة هو أمر يترتب عليه بالضرورة انخفاض إيرادات الاقتصاد الروسي من العملات الصعبة، وبالتالي سوف لن يكون أمام موسكو سوى السعي للاستدانة من الخارج لتغطية العجز في أرصدتها من القطع الأجنبي ولكي تحصل روسيا على القطع الأجنبي فإن عليها بالضرورة الاستجابة لشروط ومواصفات برنامج التكييف الهيكلي الخاص بالبنك الدولي وشروط ومواصفات برنامج التثبيت الاقتصادي الخاص بصندوق النقد الدولي.
• إن التشديد على تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء في المعاملات مع روسيا معناه أن روسيا تقدم لبلدان الاتحاد الأوروبي احتياجاتها من النفط والغاز وبالمقابل لذلك تحصل روسيا على احتياجاتها من المواد الغذائية وبالتأكيد سوف لن يتم تطبيق هذا المبدأ بالقوة كما فعلت أمريكا وحلفائها مع العراق وإنما عن طريق البروتوكولات واتفاقيات الشراكة التجارية المفترض قيامها بين روسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي وهي الشراكات التي تمارس واشنطن ضغوطاً محمومة هذه الأيام على بلدان الاتحاد الأوروبي لجهة اعتماد موقف أوروبي موحد بواسطة مفوضيات الاتحاد الأوروبي يلزم الدول الأوروبية على التركيز حصراً لجهة التفاوض مع روسيا على أساس  اعتبارات أن إمدادات النفط والغاز الروسي لأوروبا يجب أن تتم حصراً ضمن ترتيبات تجارية تلزم روسيا بأخذ جزء كبير من قيمتها في شكل سلع زراعية وغذائية وبالتالي لما كانت أسعار المنتجات الغذائية في شكل سلع زراعية وغذائية وبالتالي لما كانت أسعار المنتجات الغذائية والزراعية الأوروبية تتميز بقيمتها المرتفعة فإن موسكو ستتكبد خسائر مالية أكبر من جراء تداعيات اتفاقيات النفط مقابل الغذاء في تعاملها مع الاتحاد الأوروبي.
• تطبيق نظام سلة عملات غير معلنة لأسعار صرف الدولار الأمريكي واليورو والين الياباني وغيرها من عملات الدول الحليفة لأمريكا وهو نظام يهدف بالضرورة لشن حرب نقدية غير معلنة ضد الروبل الروسي بما يتيح ضبط القدرة الشرائية الروسية من أن تصبح عملة سداد عالمي في البورصات والأسواق المالية.
• إغراق الاقتصاد الروسي بالقروض القصيرة الأجل المرتفعة الفائدة سيتيح إرهاق ميزان المدفوعات الروسي بسبب الاستنزاف المتواصل لإيرادات القطع الأجنبي إضافة إلى إدخال المعاملات المصرفية الروسية الخارجية ضمن شبكة عنكبوتية نقدية تقوم على أساس اعتبارات تسارع حجم الالتزامات الأجنبية المترتبة بما يجعل حجمها خلال ثلاثة أو أربعة سنوات يتجاوز حجم أصل المديونية الفعلي بما يؤدي في نهاية الأمر إما إلى لجوء موسكو إلى تخفيض قيمة الروبل أو مواجهة مسلسل انهيارات البنوك الروسية المصحوب بإفلاس الشركات المالية والتجارية.
• فرض السيطرة التجارية على الموارد التي يحتاج إليها الاقتصاد الروسي معناه خلق الندرة في المدخلات الصناعية والزراعية وغيرها من المواد التي يحصل عليها الاقتصاد الروسي من الخارج، ومن أمثلة ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن تسعى واشنطن وبلدان الاتحاد الأوروبي إلى عقد الاتفاقيات التجارية المجزية مع بلدان العالم بما يتيح احتكار السلع والخامات التي تحتاج إليها موسكو وذلك على النحو الذي يترتب عليه عدم حصول موسكو على احتياجاتها الضرورية من الخارج إلا وفق
أعلى الأسعار.
• بناء الروابط مع البلدان ذات العلاقات التجارية والاقتصادية مع موسكو معناه توقيع واشنطن وحلفائها للاتفاقيات والشراكات التجارية والاقتصادية مع البلدان التي تستورد منها موسكو احتياجاتها بما يتيح لهذه البلدان الحصول على احتياجاتها من البلدان الحليفة لأمريكا وفقاً لشروط تتضمن المزيد من الأفضليات والمزايا التجارية والاقتصادية بما يؤدي في نهاية الأمر إلى إضعاف قطاع الصادرات الروسية لبلدان العالم.
برغم أن إدارة بوش الجمهورية قد غادرت البيت الأبيض الأمريكي وجاءت بدلاً عنها إدارة أوباما الديمقراطية فمن الواضح أن السياسة الخارجية الأمريكية إزاء روسيا ستظل محتفظة بطابعها التدخلي ولكن بوسائل مختلفة طالما أن إدارة أوباما ستلجأ إلى الإسراف في استخدام الوسائل الاقتصادية التدخلية بدلاً عن الوسائل العسكرية – الأمنية – السياسية التي كانت تنتهجها إدارة بوش.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...