الروح العسكرية الأمريكية ( 7-9 )

10-06-2006

الروح العسكرية الأمريكية ( 7-9 )

آلة الحرب ـ الأحلاف ـ القواعد وأعمال العدوان


نقله إلى العربية: محمود شفيق شعبان
الكسييف ـ كروتسكيخ ـ سفيتلوف


الحلقة السابعة
الوسائط "الغريبة" لابادة كل ما هو حي


لا وجود لأي ميدان من ميادين التقدم العلمي ـ التقني الذي لم يدرسه البنتاغون للكشف عن مادة انتاج الاسلحة وتحقيق التفوق العسكري في العالم. ويعتبر المخبر الاشعاعي في ليفرمورسك في ولاية كاليفورنيا والمخبر النووي في لوس ـ ألاموسك في ولاية نيو مكسيكو من أكبر المراكز المعترف بها لا عداد أنواع وأنظمة جديدة للاسلحة.
فالسلاح الاشعاعي الذي يدمر الكائنات الحية بنتيجة الاشعاعات التي يحدثها التفت اللاإنفجاري للمواد ذات الفاعلية الاشعاعية المستخدمة في المفاعلات التي يمكن أن يقود استخدامها عن طريق الرش على الاراضي الواسعة إلى الموت الجماعي للبشر ولكل شئ حي؛ والوسائط التقنية للهزيمة الاشعاعية المبنية على استخدام الذرات المحايدة عن طريق تصميم مسرعات خاصة للذرات ذات الطاقة العالية؛ والوسائط ما دون الصوتية التي تستخدم الذبذبات الصوتية في قطاعات محددة والتي تحدث الاهتزاز القوي الذي يؤدي إلى الموت الجماعي للبشر وتدمير الابنية؛ والانظمة الرادارية التقنية التي تشكل اشعاعات مغناطيسية كهربائية ذات مستويات منخفضة جداً والتي تؤثر بصورة قاتلة على الدماغ وعلى النظام العصبي والقلبي ـ الوعائي للانسان؛ وما يسمى بـ "السلاح السلالي" أي، السلاح الذي يقضي على مجموعات سلالية مختلفة وعلى أجناس البشر بصورة انتقائية هو الاتجاهات المستقبلية لسباق التسلح من وجهة نظر السيمياويين الامريكيين العسكريين هدف أبحاثهم المكثفة.
تجري الدراسات لاختراع القنبلة "المغناطيسية الكهربائية" التي مكن أن يُخرب أو يُعطل انفجارها فوق أراضي العدو جميع وسائل اتصالاته واداراته جمع ومعالجة المعلومات وبالتالي يسهل توجيه الضربة النووية إليه.
سباق التسلح ـ "عملية مألوفة"
وبشكل متوازٍ مع زيادة المقدرة الصاروخية ـ النووية وتكديس أصناف أخرى من الاسلحة ذات الابادة الجماعية ركزت الولايات المتحدة الامريكية القدرة القتالية لقواتها ذات التوظيف العام.
فتطور المعدات العسكرية وصل إلى ذلك المستوى الذي اقتربت فيه أنواع الاسلحة الاعتيادية من حيث مواصفاتها المدمرة من وسائط الابادة الجماعية.
يوجد في القوات البرية الامريكية حوالي 200 قاعدة لاطلاق الصواريخ البالستية و14 ألف دبابة وحوالي 19 ألف مصفحة و 16.5 ألف مدفع ميداني ومدفع هاون بما في ذلك 4.1 آلاف مدفع مائل ذري عيار 155 مم و 203.2 مم و17 ألف قاعدة لاطلاق الصواريخ المضادة للدبابات وأكثر من 5 آلاف قاعدة مضادة للطائرات، وحوالي 9.4 آلاف طائرة وحوامة.
بلغ عدد الطائرات المختلفة الأنواع ذات التوظيف العام في القوات الجوية الامريكية أكثر من 9.1 آلاف طائرة.
وبشكل مستمر تجري عملية اعادة تزويد القوات المسلحة الامريكية بالمعدات العسكرية القوية والحديثة.
فمن أجل رفع الامكانيات القتالية للقوات البرية حتّى عام 1988 تم التخطيط لتجهيز أكثر من 7 آلاف دبابة ثقيلة م ـ 1 "أبرامس" التي تفقو من حيث مواصفاتها القتالية الدبابة الامريكية الحالية الاساسية م ـ 60 بمعدل ضعفين تقريباً.
فتنفيذ هذا البرنامج يسمح برفع كمية الدبابات الامريكية إلى أكثر من 40%.
والبرنامج الذي بوشر فيه في عام 1981 لرفع الامكانات القتالية لوحدات المشاة الآلية في القوات البرية الامريكية يقتضي شراء ستة آلاف سيارة عسكرية من طراز M _ 2 لها.
ومن أجل زيادة سهولة الحركة الاستراتيجية للقوات الامريكية لا بد من تسلحي 220 طائرة نقل جديدة من طراز س ـ 17 ذات حمولة عالية وتطوير كل طيران النقل العسكري في الولايات المتحدة الامريكية.
وفي عام 1983 بدأت تنخرط في قوات الولايات المتحدة حوامات جديدة للمؤازرة في شن الحرب.
وخططت الولايات المتحدة الامريكية لوضع حوالي 3 آلف طائرة مقاتلة ف ـ 15 وطائرات قاذفة مقاتلة ف ـ 16 وطائرات هجومية أ ـ 10 في القوات الجوية التكتيكية الامريكية.
وفي نفس الوقت وسعت الولايات المتحدة نشاطاتها فيما يتعلق بالتكديس الواسع النطاق للسلاح الامريكي في مناطق الاعمال العسكرية المحتملة. فعلى سبيل المثال، ركزت أمريكا في أوروبا الغربية احتياطاتها من المعدات العسكرية ومخازن الاسلحة وجهزت لنشر 4 فرق آلية ومدرعة؛ ويفترض تخزين أسلحة لفرقتين مع الاخذ بعين الاعتبار أن هذه الاسلحة يمكن أن تكفي لتسليح قوات تعدادها العام حتّى 200 ألف إنسان، وقد نشرت مستودعات السلاح الامريكي المشابهة في كوريا الجنوبية وفي بعض البلدان الاخرى.
يوجد 17 سفينة حربية مرابطة باستمرار في منطقة المحيط الهندي وتحمل على متنها كل ما هو ضروري لتأمين الاعمال القتالية للملاك العسكري المكون من 12 ألف إنسان ولمدة 15 يوم في أية نقطة من هذه المنطقة.
وبواسطة تركيز مثل هذه المستودعات على الحدود الرئيسية للتوسع الامريكي سعى الاستراتيجيون الامريكيون العسكريون لرفع الامكانات الهجومية لقواتهم وتسريع عملية اعادة نقلها إلى مناطق الصدامات.
وفي الدورة التاسعة والثالثين للجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة في 27/ 9/1984 قال أ. أ. غروميكو: "لو استطعنا اليوم التقاط الصورة الفوتوغرافية التي كانت ستصور مدى الاستعدادات العسكرية للولايات المتحدة الامريكية وحلفائها على نطاق كوكبنا لظهرت أمامنا البانوراما القادرة على ادهاش كل إنسان عاقل.
سياج من الصواريخ. طائرات قاذفة استراتيجية. أساطيل سفن حربية جبارة في البحار والمحيطات. ومئات القواعد العسكرية الموزعة في جميع انحاء العالم.
وتكديس هائل لجميع صنوف الاسلحة. بمقدورهم القول، لديكم، لدى الاتحاد السوفييتي، أسلحة على الأرض وفي الجو وفي الماء وتحت المياه، ونحن نجيب ـ أجل إننا نملك ولكن هذا ليس اختيارنا. والحقائق الموضوعية لتاريخ ما بعد الحرب يشهد بشكل لا يمكن دحضه على: أنه لا الاتحاد السوفييتي ولا الاشتراكية بل الطرف الآخر هو الذي كان صاحب المبادرة إلى سباق التسلح وإلى كل قنبلة جديدة في هذا السباق.
وبواسطة إكراه بلدنا على اتخاذ التدابير الجوابية فقد قام بذلك تماماً فقط كرد ماثل للحجم الذي تطلبته مصالح تحديد الامن الشخصي وأمن أصدقائه وحلفائه.
وبلدنا لم تسع أبداً ولن تسعى لتحقيق التفوق، إنها مع المحافظة على التوازن العسكري وبأقل مستوى ممكن.
وأكثر من مائة مبادرة بناءة قمنا بتقديمها فقط من منبر هيئة الامم المتحدة. والعالم يعرف أن الاقتراح الاساسي ـ حول نزع السلاح الشامل والكامل مقترنا بالرقابة الشاملة والكاملة يعود إلى الاتحاد السوفييتي، وكم من المقترحات السوفييتية قدمت للجم سباق التسلح في بعض نزعاته.
كما لم يدخر الاتحاد السوفييتي جهداً بهدف تقليص الاسلحة الاعتيادية والقوات المسلحة حيث اقترح حل المسألة على أساس عالمي واقليمي".
قوات التدخل الامريكي
استطاعت الولايات المتحدة الامريكية تشكيل أكبر جيش مسلح في العالم الرأسمالي.
يزيد تعداد هذه القوات عن 3 ملايين عسكري وعن أكثر من 1 مليون موظفي مدني. فآلة الحرب الامريكية كجزء من جهاز التنكيل الامريكي مصوبة نحو تحقيق التوسع الخارجي. وبهدف جعل القوات المسلحة أكثر قدرة على التدخل كان لابد من اعادة تنظيمها خاصة في السنوات الاخيرة بصورة مكثفة.
وقد كان تشكيل ما يسمى بقوات الانتشار السريع خطوة هامة في هذا الاتجاه. ففكرة الانتشار السريع للقوة العسكرية الامريكية حصلت على دفعة نشيطة نحو التنفيذ العملي منذ عام 1973 للقيام العسكرية الامريكية حصلت على دفعة نشيطة نحو التنفيذ العملي منذ عام 1973 للقيام بأعمال التأديب أو الاحتلال في الخارج.
وبعدما أدخلت الدول العربية الحظر على بيع النفط للولايات المتحدة الامريكية بصفة عقوبات ضد واشنطن بسبب دعمها الفعال لاسرائيل في الصراع العربي ـ الاسرائيلي صرحت حتّى بعض الشخصيات الرسمية في الولايات المتحدة بضرورة البحث في امكانية الاحتلال العسكري لاهم آبار النفط في مناطق الشرق الأوسط والخليج الفارسي لتأمين التوريدات المستمرة من النفط لامريكا وحلفائها.
وفي بداية عام 1977 وافق الرئيس كارتر على المذكرة التي اعدتها وزارة الدفاع والتي رسمت استراتيجية استخدام القوات الامريكية ذات التوظيف العام في المواقف خارج حدود منطقة نفوذ الناتو وبصورة رئيسية في الشرق الأوسط وفي منقطة الخليج الفارسي.
وقد صادق البيت الابيض على تشكيل قوات الانتشار السريع في آب 1977 (في الامر الرئاسي رقم 18) أي، قبل الازمة في العلاقات الامريكية ـ الإيرانية والثورة الافغانية التي كانت، حسب تأكيد الدعاية الامريكية الرسمية، تلك الظروف "الحاسمة" التي اجبرت واشنطن على تغيير مسألة قوات الانتشار السريع إلى مجال عملي.
وطبقاً لامر وزير الدفاع الامريكي فقد بدأت قوات الانتشار السريع تمارس أعمالها منذ 1/3/ 1980.
إن تشكيل قوات الانتشار السريع في أمريكا أملت رغبة واشنطن في القيام برد فعل عسكري امريكي على الاحداث الثورية في العالم وخاطف بقدر ما تسمح وسائط النقل العسكري المعاصرة على تحقيق ذلك.
فالمختصون في أمريكا بالمسائل المرتبطة باستخدام القوات الامريكية في الخارج م. بينكين وج. ريكورد كتبوا في احدى مطبوعاتهم" "يجب على قوات الانتشار السريع أن تتمتع بالقدرة على تحقيق التدخل السريع في كل منطقة باستثناء أوروبا وكوريا والمشاركة في الطيف الواسع للاعمال العسكرية من الصدامات المسلحة الصغيرة إلى التدخلات الواسعة النطاق".
إن القيمة الاجمالية لتنفيذ جميع البرامج والاجراءات المرتبطة بايجاد وسيلة جديدة للتدخل الامريكي، حسب تقدير صحيفة "نيويورك تايمز" ستكلف الخزينة الامريكية في نهاية المطاف 75 مليار دولار.
كان من المقرر أن يكون التعداد الاجمالي الاولي لقوات الانتشار السريع 50 ـ 100 ألف إنسان ولكن هذا التعداد وصل إلى 200 ألف إنسان مع الاخذ بعين الاعتبار تشكيلات التأمين ودعم جيمي كارتر.
وقال القائد الأول لقوات الانتشار السريع ـ الجنرال ب. كيلي أن تعداد القوات التي يستطيع أن تشكل منها وحدة قوات الانتشار السريع الفعالة والصادمة، هو في الحقيقة أكثر من ذلك: إنه يقارب 30 ألف إنسان ـ وأن هذا العدد يمكن أن يزيد 100 ألف أخرى إذا دعت الحاجة إلى احتياطي القوات المسلحة الامريكية.
وقد اعلن ب. كيلي في تصريحه في 18/4/1980 أنه غير ملتزم بأية قيود في حال تزويد قوات الانتشار السريع بالافراد.
ولم يستبعد الاستراتيجيون الامريكيون العسكريون، عندما أدركوا معنى مقاومة الشعب القوية لقيادة الشرطة الامريكية الحديثة العهد، احتمال استخدام السلاح التكتيكي النووي في الحالة "الحرجة" من قبل جيوش قوات الانتشار السريع.
ومن هذه الزاوية اهتم البنتاغون بفعالية بوضع التصميمات القاعدية وسيناريوهات استخدام قوات الانتشار السريع.
ففي تقرير وزارة الدفاع الامريكي "الاحتمالات العسكرية في الخليج الفارسي"، على سبيل المثال، جاء أنه: "من أجل التغلب في "السيناريو" الايراني، من المحتمل أن يكون لا بد من التهديد باستعمال السلاح التكتيكي النووي أو استخدامه بالفعل".
ولهذه الاغراض كانت صواريخ "لانس" التي زودت برؤوس نووية مدمرة أحد الاصناف الاولى للسلاح الذي جربه البنتاغون لمعرفة الصلاحية من أجل القذف السريع في الجو.
والقاعدة الاستراتيجية التي تقع في أساس تشكيل قوات الانتشار السريع، تشترط في الحقيقة مجالاً واسعاً لاستخدامها، وعندما أخذت أمريكا خصائص الوضع الدولي الحالي بعين الاعتبار ركزت جهودها الاساسية واهتماماتها أثناء إعداد هذه القوات للعمل في جنوب ـ غربي آسيا وحوض المحيط الهندي، أي، في المنطقة التي تعتبرها واشنطن كقطاع هام للغاية لتزويد أمريكا بالنفط والغرب عموماً، حيث تفاقمت الامزجة المعادية لامريكا في الآونة الاخيرة وتوسع النضال المعادي للامبريالية.
في 25/4/1981 أعلن وزير الدفاع الامريكي ك. واينبرغر عن خطط التشكيل التدريجي لقيادة قوات الانتشار السريع المستقلة والقتالية الموحدة المدعوة لممارسة الادارة الفعالة بواسطة جميع القوات الامريكية التي أمرت بتأمين المصالح القومية الامريكية في منطقة الخليج الفارسي، أي، قيادة جديدة لمسرح الاحداث العسكرية.
وفي كانون الأول 1982 أعلن في المؤتمر الصحفي في البنتاغون تشكيل "قيادة مركزية جديدة" أمريكية لـ "حماية المصالح الامريكية من أية تهديدات عسكرية" في المنطقة الضخمة التي تمتد من الشرق الأوسط عبر الخليج الفارسي إلى المحيط الهندي.
يدخل في منطقة نفوذ هذه القيادة رسمياً اراضي 19 دولة ، لكن هذا لا يعني أبداً أن القوات المسلحة الامريكية لن تستخدم ضم البلدان الاخرى الباقية شكلياً خارج الحدود "محيط الدفاع" الامريكي المعلن عنه في حوض المحيط الهندي.
والسنتكوم (القيادة الجديدة) التي تخضع مباشرة لهيئة رؤساء أركان الولايات المتحدة الامريكية في الزمن السلمي ستعد خطط العمليات القتالية المحتملة وتقوم بوظائف التعاون العسكري مع قادة بلدان المنطقة وممارسة على كل حالة عسكرية في هذه المنطقة.
وعلى أساس هذه القيادة شكل البنتاغون الرقابة على سير تنفيذ برامج المساعدة الامريكية العسكرية هناك. ووضعت تحت تصرفها جيوش قوات الانتشار السريع بما في ذلك 11 سرب من الطيران التكتيكي والوحدة 189 من فيلق الانزال الجوي، باشتمال الوحدة 82 للانزال الجوي وفرقة الانقضاض الجوي 19 وثلاث تشكيلات بحرية فعالة بقيادة حاملات الطائرات، وفرقة من المشاة البحرية ووحدات وتشكيلات بحرية فعالة بقيادة حاملات الطائرات، وفرقة من المشاة البحرية ووحدات وتشكيلات أخرى.
واستندت القيادة الجديدة على القواعد العسكرية الامريكية والمشاريع في المنطقة. تقع أركان القيادة الجديدة في قاعدة ما كديل في فلوريدا؛ ويفترض تشكيل مقر عام متقدم للقيادة في منطقة نفوذها بصورة مباشرة.
وبناءاً على بلاغ الصحافة الامريكية، تحتاج القيادة المركزية لتنفيذ خططها إلى 1.6 مليار دولار؛ ورُصد لها في السنة المالية 1982/ 1983 800 مليون دولار.
بدأت "القيادة المركزية" ممارسة أعمالها منذ 1/1/ 1983.
وهي تعتبر المرحلة التالية للتدخل الامريكي بعد تشكيل قوات الانتشار السريع القبيحة الصيت.
وفي الحقيقة فقد شكلت القيادة العسكرية الامريكية خصيصاً لمنطقة البلدان النامية. وهذه القيادة الاقليمية الجديدة المماثلة للقيادات الامريكية في أوروبا وفي مناطق المحيطين الهادي والاطلسي تملك منطقة جغرافية عملية محددة، وملاكات خاصة من الجيش المفروزة من ملاك جميع انواع القوات المسلحة؛ وستعطى كذلك جزءاً من الموارد التي تقع حالياً تحت تصرف قيادة قوات الاستعداد والقيادات الاقليمية للقوات الملحة الامريكية في أوروبا ومنطقة المحيط الهادي.
مهمتها الرئيسية هي كما كانت في السابق، وكما حددوها في البنتاغون، "حماية" مواطن البترول الواردة إلى الولايات المتحدة وإلى أوروبا الغربية واليابان، من "التهديدات الداخلية والاقليمية أو العالمية".
ففي فترة رئاسة كارتر وكاجراء من الاجراءات الموجهة لرفع فاعلية ادارة وتنسيق أفعال قوات الانتشار السريع الامريكية، التي خصصها البنتاغون للمشاركة في "الحالات الحرجة" في أمريكا الوسطى والجنوبية، صادقت واشنطن على تشكيل قيادة عسكرية اقليمية في الحوض الكاريبي مع الاركان في كي ـ ويست (ولاية فلوريدا) التي يمكن أن تصبح تحت تصرفها وحدات مستقلة من جميع أنواع القوات المسلحة.
وباعتراف قيادة الولايات المتحدة الامريكية فإن تشكيل قيادة سيحسن بصورة ملموسة قدرات القوات المسلحة الامريكية للرد بشكل فعال تماماً في البحر الكاريبي قوات حراسة بحرية موحدة بين القوميات بمشاركة بلدان الحوض الكاريبي الموالية لامريكا للقيام بوظائف الشرطة في منطقة نفوذها.
وطبقاً لحسابات واشنطن فإن فاعلية قوات الانتشار السريع مضمونة بواسطة نقلها المسبق والسريع إلى منطقة "الازمة المندلعة".
ويجري تخطيط الاستخدام القتالي لقوات الانتشار السريع طبقاً لاستراتيجية "الضربة المفاجئة" التي تشترط تنفيذ الولايات المتحدة الامريكية لتدخل مسلح في اقليم ما محدد تنبؤا لـ "الافعال المعادية".
واثبتت هذه الاستراتيجية في منشور البنتاغون المعنون بـ "توجيهات حول الدفاع" بواسطة الخطة الخمسية العامة للبناء العسكري التي انجزتها ادارة ريغان والتي تحدثت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" في 25/10/1982.
وجاء في هذا المنشور خاصة توجيه لقيادة قوات الانتشار السريع: "تنحصر أهدافنا في تأمين امكانية الدخول في المستقبل إلى البترول في منطقة الخليج الفارسي.
ويجب علينا رغم جميع الظروف أن نكون جاهزين لادخال القوات الامريكية في هذه المنطقة مباشرة إذا تبين أنه قد تشكل تهديد لامن امكانية الدخول إلى النفط في الخليج الفارسي".
والنزعة الامبريالية العدوانية لكل ما هو مرتبط بالاعداد والتخطيط للعمليات القتالية لقوات الانتشار السريع كانت واضحة بصورة بالغة.
ومن المميز أن عدد الحالات، التي يفترض استخدام هذه القوات فيها، طبقاً للتصريحات العلنية لشخصيات واشنطن الرسمية؛: فمن أجل الاستيلاء والاحتفاظ بمصادر المواد الخام الواقعة يف أراضي دول ذات سيادة؛ ومن أجل "مساعدة" الانظمة الحليفة الموالية لامريكا بهدف قمع الحركات الثورية من أجل التحويلات الاجتماعية؛ ومن أجل الضغط على تلك البلدان التي لا ترغب في السير في ركاب سياسة الولايات المتحدة الامريكية، أي، في نهاية المطاف من أجل الدفاع عن مصالح الاوساط الاحتكارية الامريكية في الخارج. وجاء في التقرير الخاص للادارة الاستقصائية لمكتبات كونغرس الولايات المتحدة الامريكية المكرس لتحليل التركيب القاعدي الداخلي في حوض المحيط الهندي المشكلة لدعم قوات الانتشار السريع جاء أن أغلبية البلدان العربية بما في ذلك المملكة العربية السعودية تعترف بأن "قوات الانتشار السريع ستستخدم على الاغلب ليس للدفاع بل لاحتلال مناطق استخراج النفط".
وبواسطة طرح القضية دعائياً بهذا الشكل، وان ما يقع خلف المدى المعاصر للنضال الوطني التحرري في العالم ليس القوانين الموضوعية للتطور التاريخي وسعي الشعوب نحو الاستقلال وتقرير المصير، بل أعمال "الجماعات المخربة" المحرضة من الخارج أو حسب مصطلح ادارة ريغان "قوات الارهاب الدولية" راهنت الاوساط الامريكية الحاكمة أكثر من مرة على ايقاف العمليات التقدمية التي تجري على الساحة الدولية بمساعدة الحراب. ومن أجل ذلك بالضبط شكلت قوات الانتشار السريع.
أما الوسيلة "الجديدة" الدقيقة جداً لتأمين المصالح القومية للولايات المتحدة الامريكية في العالم فقد وضعت من قبل أ. أ. غروميكو في الدورة الـ 36 للجمعية  العمومية لهيئة الامم المتحدة (أيلول 1981). قال غروميكو: "أو الاستيلاء على ماتسمى بقوات الانتشار السريع".
وعلى ما يبدو أن تشكيلها قد اعتبر في واشنطن اختراعاً عظيماً.
ولكن لا عظمة في هذا الاختراع. وهذا ـ ليس إلاّ عصا رجل بوليسي مدعوة لضمان التدخل الامريكي الوقح في شؤون الدول المستقلة وخنق حرية الشعوب".
وأثناء تشكيل البنية القيادية الفعالة لقوات الانتشار السريع وتطوير برامج تأمين مؤخرتها وتنقلاتها المحددة سهل البنتاغون وسرع في اعداد واتخاذ القرارات بخصوص استخدام القوات الامريكية في الخارج ورفع بمقتضى الظروف الحالية فاعلية رد الفعل الامريكي العسكري على التطور غير الملائم للعمليات الداخلية الجارية في الدول الاخرى بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية.

 

 

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...