الشيعة في عُمان

24-03-2007

الشيعة في عُمان

استطاع الشيعة الإماميون الاندماج في المجتمع الُعماني، وهم يمثلون أقلية ناجحة؛ ولديهم نفوذ سياسي واقتصادي واسع.

تتميز سلطنة عُمان بأنها الدولة العربية الوحيدة التي تعد فيها الإباضية المذهب الرسمي للدولة، وكذلك للعائلة الحاكمة، البوسعيد.

والإباضية انتشرت في سلطنة عُمان منذ القرن الثامن الميلادي، وسميت على اسم مؤسسها، عبدالله بن إباض.

وتعد الإباضية كبرى فرق الخوارج، وأكثرها اعتدالاً.

وإن كانت عُمان تمثل مركز الإباضية، فإنه توجد تجمعات إباضية في حضرموت باليمن، وفي زنجبار، وفي شمال أفريقيا، ولاسيما في الجزائر وتونس وليبيا.

أما الوجود الشيعي الإمامي (الإثنا عشري) في عُمان، فهو قديم أيضاً ويعود إلى قرون، ويتركز أتباعه في شمال البلاد، واستطاعوا أن يندمجوا في المجتمع العُماني.

ورغم أنهم يؤلفون أقلية صغيرة، فإن أهميتهم كبيرة، ونفوذهم السياسي والاقتصادي واسع، فهم بحق أقلية ناجحة. وهم على أي حال، موالون لنظام الحكم في عُمان، ولأسرة البوسعيد.

يعد المجتمع العُماني من أكثر المجتمعات العربية تنوعاً لغوياً وإثنياً ودينياً/ مذهبياً، ولا يوجد إجماع على نسبة أتباع كل إثنية أو مذهب في عُمان؛ فبينما يعتقد على نحو واسع أن الإباظيين يشكلون أكثر من نصف السكان، يشير جون بيترسون، أحد أبرز الباحثين الغربيين في الشؤون العُمانية، في بحثه الذي نشره في دورية "ميدل إيست جورنال" (شتاء 2004)، بعنوان "المجتمع المتنوع في عُمان"، إلى أن الإباضيين يشكلون نحو 45 في المائة من إجمالي السكان، بينما يشكل السنة 50 في المائة من السكان، أما الخمسة في المائة المتبقية، فهي مؤلفة من الشيعة والهندوس.

وبعض المصادر تقدر عدد أتباع الشيعة الإمامية بنحو 100 ألف، من إجمالي عدد السكان، الذي يبلغ مليونين و330 ألف نسمة، منهم مليون و800 مواطن عُماني (حسب إحصاء عام 2003).

ويميل المجتمع العُماني إلى التسامح عامة، والتسامح الديني والمذهبي خاصة، والدولة بشكل عام تحترم مبدأ حرية ممارسة الشعائر الدينية، ويتمتع المجتمع الشيعي بُعمان بحرية كاملة للحفاظ على تمايزه الديني.

وللشيعة مساجدهم ومؤسساتهم الخيرية وإدارة خاصة بالأوقاف الجعفرية.

ومسجد الرسول الأعظم، الذي يوجد داخل سور اللواتية في مطرح، والمطل على الساحل، يعد المسجد الرئيسي للشيعة في عُمان، وتستخدمه كل الجماعات الشيعة، ويستقطب الخطباء والعلماء الشيعة من إيران والعراق والبحرين.

ينقسم الشيعة الإثنى عشرية في سلطنة عُمان إلى ثلاث جماعات: الأولى، هي اللواتية (ويطلق عليهم أيضاً الخوجية، وأحياناً بالحيدرآبادية)، وهي أكبر المجموعات الشيعية في البلاد.
وبحسب "الموسوعة البريطانية لعام 2004" وفد هؤلاء قبل قرون من إقليم السند في الهند (أصبح فيما بعد تابعاً لباكستان)، واستوطنوا حياً خاصاً بهم في مطرح، معروف بسور اللواتية، ومازال هذا الحي موجوداً حتى الآن، وانتقل كثير منهم إلى العيش في مسقط وضواحيها الجديدة، ويسكن بعضهم في مدن الباطنة، مثل بركاء والمصنعة والخابورة وصحم. ويشتغل اللواتية بالتجارة، وكبار تجار البلد منهم، وأبرزها عائلة سلطان.

وقد شغل اللواتية مناصب عليا في الحكومة، إلا أنهم لم يحصلوا على حقائب وزارية إلا في التسعينيات، حينما عين مقبول بن علي بن سلطان وزيراً للتجارة والصناعة عام 1993، ومحمد بن موسى اليوسف وزير دولة لشؤون التنمية عام 1994.

ويعلل جون بيترسون تأخر تسلمهم المناصب الوزارية، مع أنهم أكثر الفئات العُمانية تعلماً وانفتاحاً على العالم، بسبب نظرة قسم من العُمانيين إليهم "كغرباء"، نتيجة لأصلهم الهندي، وانعزالهم التقليدي في مناطق خاصة بهم داخل منطقة مطرح.

ومن هذه المجموعة عينت أول امرأة عُمانية في منصب وكيل وزارة لشؤون التخطيط في مجلس التنمية، وهي راجحة بنت عبد الأمير، التي تشغل حالياً منصب وزير السياحة؛ ومنها أيضاً شغلت أول امرأة منصب سفير، وهي خديجة بنت حسن اللواتي، السفير لدى هولندا.

والجماعة الإمامية الثانية، هم البحارنة، أي العرب الشيعة، الذين هاجروا إلى عُمان في القرون القليلة الماضية، ويغلب عليهم أيضاً الاشتغال في التجارة، وتعد عائلة درويش (التي تملك شركة محسن حيدر درويش) من العائلات الثرية في السلطنة.

ورغم أن البحرانيين أقل عدداً من اللواتيين، بل إن مصادر ترجح أنهم أقل الجماعات الشيعية عدداً، فلهم نفوذ سياسي واسع، ولاسيما أنهم يشغلون مواقع مهمة في الديوان السلطاني، ومنهم الدكتور عاصم الجمالي، أول وزير للصحة عام 1970، والذي تولى لفترة وجيزة رئاسة الوزراء بالوكالة.

أما الجماعة الثالثة والأخيرة، فهم الفرس أو العجم، والذين ترجع جذورهم إلى أصول إيرانية، وخصوصاً من جزيرة قشم ومناطق الساحل الإيراني، وهؤلاء يعيشون منذ قرون في مسقط (ولهم حي كامل باسمهم)، ومنطقة مطرح، وفي منطقة الباطنة أيضاً، وقليل منهم يعيش في مسندم ومدينة صور الساحلية. ويشتغل العجم بالتجارة أيضاً، ومنهم مسؤولون يتولون المناصب الحكومية.

ومثلما أن الشيعة يتولون حقائب في مجلس الوزراء، فهم أيضاً يشغلون مقاعد في مجلس الشورى (المجلس التشريعي).

يحتل الشيعة رأس الهرم الاقتصادي في سلطنة عُمان، فلهم مكانتهم المهمة في التجارة والصناعة، ويعد اختيار وزير الصناعة والتجارة من بين الشيعة دليلاً على أهمية دورهم في اقتصاد البلاد.

من الشخصيات الشيعية في عمان أحمد بن عبد النبي مكي، وهو من الشيعة البحارنة، وكان أول سفير ُعماني لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وعمل أيضاً سفيراً لدى فرنسا، ووزيراً للخدمة المدنية، ووزيراً للمالية، ويشغل حالياً منصب وزير الاقتصاد الوطني.

ومقبول بن علي بن سلطان، من اللواتية، الذي يشغل منصب وزير التجارة والصناعة الحالي.

ولجينة بنت محسن حيدر درويش العضو في مجلس الشورى عن ولاية مسقط، والتي اختارتها مجلة "فوربس" عام 2006 ضمن قائمة أكثر 100 امرأة تأثيراً في العالم.

المصدر: CNN

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...