العراق: تورط حكومي في الجريمة المنظمة و250 ضحية في يوم واحد

15-11-2006

العراق: تورط حكومي في الجريمة المنظمة و250 ضحية في يوم واحد

اهتزّ العراق بأكمله، أمس، لخبر وقوع أكبر عملية خطف جماعية منذ بدء الاحتلال، استهدفت نحو 150 شخصاً من مبنى وزارة التعليم العالي بهدف التصفية المذهبية، وفاحت رائحة تورط حكومي في الجريمة المنظّمة التي نفذها عشرات من المسلحين يرتدون زي مغاوير الشرطة في قلب العاصمة المكتظة وفي وضح النهار، وسرعان ما أعقبتها عمليات انتقامية مذهبية تزامناً مع غارات أميركية دكّت مناطق المقاومة السنية والشيعية، ما رفع حصيلة ضحايا العنف أمس، بين قتيل ومخطوف مؤهل للقتل، إلى أكثر من 250 قتيلاً.
وكانت العملية التي تمت في غضون ربع ساعة أشبه بمقطع من فيلم سينمائي أميركي مليء بالمبالغة واللامعقول: نحو 80 مسلحاً يرتدون زي مغاوير الشرطة العراقية يقتحمون صباحاً مبنى دائرة البعثات والعلاقات الثقافية في وزارة التعليم العالي في شارع النضال في حي الكرادة في بغداد، وفقاً لشهود، فيغلقون الشارع بنحو 40 آلية من التي تستخدمها قوات الامن العراقية، ثم يخطفون نحو 150 مراجعاً وموظفاً رسمياً سنياً، بعد فصلهم عن زملائهم الشيعة!
وسرعان ما أثار خبر الاختطاف عمليات انتقامية في أماكن أخرى شيعية من العاصمة. فقتل 21 عراقياً وجُرح 25 آخرون في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة استهدفت طريقاً مزدحمة في العاصمة يقود إلى مدينة الصدر شرقي العاصمة، بالاضافة إلى مقتل سبعة اشخاص على الاقل واصابة 27 آخرين بجروح، اثر انفجار سيارة أخرى داخل مدينة الصدر.
وبعيد منتصف الليل، نقلت قناة العراقية التلفزيونية الحكومية عن متحدث باسم وزارة الداخلية ان معظم الرهائن افرج عنهم في عمليات لقوات الأمن في بغداد.
من جهتها، افادت قناة الفرات التلفزيونية ان 25 رهينة ما زالوا مفقودين.
كما تتزامن العملية مع حوار مباشر أجراه رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، مباشرة عبر الأقمار الصناعية، مع مجموعة دراسة الأوضاع في العراق. وشدد بلير على ضرورة وضع خطة للعراق وأخرى للمنطقة برمتها تكون أولويتها تسوية النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومنح إيران وسوريا خياراً استراتيجياً في أن يكونا طرفاً في الحل أو أن يتعرضا لعزلة، وذلك فيما نفى المتحدث باسم البيت الأبيض، طوني سنو، وجود انقسام في السياسة مع بلير حول احتمالات فتح حوار مع إيران وسوريا بشأن العراق.
في المقابل، نقلت صحيفة لافوا دو نور الفرنسية عن رئيس الحكومة الفرنسية دومينيك دوفيلبان، دعوته الولايات المتحدة إلى الانفتاح على حوار أعمق مع دول الشرق الاوسط وخاصة إيران، إذا ما كانت ترغب بإيجاد حلول لأزمة العراق. 
قطع الخبر المفجع جلسة برلمانية عادية كانت منعقدة في بغداد، وطالب رئيس اللجنة التربوية النيابية النائب علاء مكي حكومة المالكي بالتحرك فوراً لتدارك هذه الكارثة الوطنية. أضاف أنه كانت بحوزة المسلحين لائحة بأسماء من يعتزمون اختطافهم، وزعموا أنهم في مهمة حكومية لمكافحة الارهاب.
بدوره، سارع وزير التعليم العالي عبد ذياب العجيلي، وهو عضو في حزب سني مشارك في الحكومة، بتوجيه أصابع الاتهام إلى وزارة الداخلية، قائلاً إن ما حدث هو اختراق أمني كبير، خصوصاً أن المنطقة التي توجد فيها هذه المكاتب تعج بنقاط التفتيش سواء التابعة للشرطة أو تلك التابعة للجيش.
وتضاربت التقارير الرسمية حول عدد المخطوفين وأولئك المفرج عنهم، فيما سعى المسؤولون إلى نفي الطبيعة المذهبية عن العملية. فأكد المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ أن عدد المخطوفين لا يتعدى ال50، مضيفاً أن 20 من هؤلاء قد أفرج عنهم، فيما أكد رئيس الحكومة أنه تم إطلاق 13 من المخطوفين، معتبراً ان العدد المعلن في وسائل الاعلام عن أن عدد المخطوفين يتراوح بين 100 و150 هو مبالغ فيه. وأشار مع العجيلي إلى أن المخطوفين من الشيعة والسنة.
وأوضح الدباغ أن وزارة الداخلية شكلت مجموعة أزمات من كبار المسؤولين، وهم يحققون مع جميع عناصر الشرطة في هذا القطاع (حي الكرادة)، وامتنع الدباغ عن تأكيد ان بعض الرجال الذين أفرج عنهم، قالوا إنهم اقتيدوا إلى مدينة الصدر، معقل ميليشيا جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر. من جهته، أعلن المتحدث باسم الوزارة اللواء عبد الكريم أنه تم توقيف خمسة ضباط هم آمر اللواء وآمر الوحدات ومسؤول الشرطة في حي الكرادة واثنين آخرين.
ووصف الحزب الاسلامي العراقي، أكبر حزب سني في البلاد، العملية بأنها ليست جريمة وحسب، بل مهزلة سياسية كبرى. وأوضح في بيان: كيف يمكن ل50 آلية جديدة أن تتحرك في... المنطقة الاكثر سيطرة من قبل أجهزة الشرطة في وضح النهار؟.
في هذه الاثناء، قتلت قوات الاحتلال 31 مواطناً عراقياً وجرحت عشرات آخرين في اشتباكات في الرمادي في الانبار، معقل الميليشيات السنية، حيث يشن الاحتلال غارات تدعمها المروحيات العسكرية منذ أيام. كما قتلت ثلاثة مشتبه فيهم في جنوبي العاصمة، وستة أفراد من أسرة واحدة في ديالى. وذلك بعد ساعات من هجوم شنته القوات الاميركية على منطقة شولا الشيعية المجاورة لمدينة الصدر شمال شرقي العاصمة، ليل الاثنين الثلاثاء، وأسفرت عن مقتل 6 عراقيين وجرح 17 آخرين.
لكن ذلك لم يمنع حكومة المالكي من أن تقرر، في جلسة حكومية أمس، الطلب من مجلس الامن الدولي تمديد ولاية القوات الاجنبية في العراق لمدة سنة أخرى. وهي المرة الرابعة التي تقدم فيها الحكومة العراقية طلباً من هذا النوع. وقال وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري، إن هذا الطلب سيكون مقرونا هذه المرة بتنظيم العلاقة بين الحكومة والقوات المتعددة الجنسيات من خلال تولي القوات العراقية المزيد من الصلاحيات.
إلى ذلك، قُتل جندي بولندي وجرح آخر في انفجار عبوة ناسفة جنوبي بغداد. وقتل نحو 37 عراقياً وجُرح 18 آخرون في أعمال عنف متفرقة في بغداد وديالى والموصل. وعثر على نحو 40 جثة في العاصمة ومحيطها. وتم اعتقال 72 مشتبهاً فيهم في أرجاء العراق.
وفي سياق التراشق السياسي الداخلي، اتهم الرئيس العراقي جلال الطالباني رئيس هيئة علماء المسلمين حارث الضاري، بالعمل على إثارة الفتن الطائفية والقومية... وتشويه سمعة العرب الشيعة والأكراد في الخارج باتهامهم بأنهم يسعون لطمس عروبة العراق في البلاد بحجة مساعدة العرب السنة.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...