العلاقات الأمريكية - الروسية بعد تجميد الاتفاق النووي بينهما

09-09-2008

العلاقات الأمريكية - الروسية بعد تجميد الاتفاق النووي بينهما

الجمل: بدأت تظهر على الجانب الأمريكي المزيد من ردود أفعال الإدارة الأمريكية على الصراع البارد الجاري حالياً على خط موسكو – واشنطن وتقول آخر المعلومات بأن إدارة بوش أعلنت عن تجميد اتفاقها النووي مع روسيا.
* إلى أين يتجه خط موسكو – واشنطن: التهدئة الساخنة أم التصعيد البارد؟
يتطابق نموذج الفعل ورد الفعل مع نموذج العدوان والانتقام، هذا، وبغض النظر عن من اعتدى على من أو من انتقم من من، فإن من الواضح أن ظاهرتين تسيطران على مسرح خط موسكو – واشنطن:
• لجأت واشنطن إلى شن حملة الهجوم الدبلوماسية المعتادة عن طريق التصريحات وتحريك الخارجية الأمريكية والضغط على دول الاتحاد الأوروبي.
• لجأت موسكو إلى تطبيق المعايير المزدوجة فهي وإن كانت تتحدث عن انسحاب القوات الروسية من جورجيا فإن ما قامت بتنفيذه هو عملية إعادة انتشار للقوات الروسية في جورجيا.
لم تفلح الجهود الأمريكية في دفع الاتحاد الأوروبي في تبني العقوبات ضد روسيا، ولم تفلح الجهود الأوروبية في إقناع روسيا بالخروج دفعة واحدة من جورجيا وبالمقابل ما تزال موسكو تواصل مسلسل استخدام المعاير المزدوجة فهي:
• وإن اعترفت باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا فإنها مستعدة لسحب الاعتراف إذا سحبت واشنطن دول الاتحاد الأوروبي اعترافاتها باستقلال كوسوفو.
• وإن أقرت بمبدأ الانسحاب العسكري من جورجيا فإنها مستعدة لسحب قواتها دفعة واحدة إذا سحبت أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي قوات الناتو من كوسوفو.
حتى الآن، لا يمكن القول بأن التصعيد على خط موسكو – واشنطن قد انتهى، ولا يمكن القول أيضاً بأن التهدئة قد بدأت وعلى الأغلب أن تحدد التطورات القادمة المسار النهائي لصراع خط واشنطن – موسكو.
* دبلوماسية واشنطن ومذهبية العمل من طرف واحد:
العلاقات الدولية هي إما علاقات تعاون أو علاقات صراع، وعادة ما يأخذ العمل الدولي ثلاثة أشكال هي:
• العمل من طرف واحد.
• العمل الثنائي.
• العمل المتعدد الأطراف.
خلال السنوات الماضية ظلت واشنطن تؤكد على قدرتها في توجيه الوقائع والأحداث عن طريق العمل المتعدد الأطراف، لذلك، ظلت الإدارة الأمريكية خلال الأعوام الخمسة الماضية أكثر ولعاً باستخدام مصطلحات الدبلوماسية التي تنطوي على مفاهيم جماعية مثل: بناء الشراكة، التحالف الدولي، حلفاء أمريكا، وما شابه ذلك.
ولكن تداعيات الأزمة على خط موسكو – تبليسي أسفر عن إرغام واشنطن على اللجوء إلى أسلوب العمل من طرف واحد.
• أرسلت الإدارة الأمريكية البوارج العسكرية الأمريكية من طرف واحد إلى البحر الأسود دعماً لجورجيا.
• قررت الإدارة الأمريكية من طرف واحد تقديم المساعدات العسكرية والمالية لجورجيا.
• قررت الإدارة الأمريكية من طرف واحد تجميد اتفاقية التعاون النووي مع موسكو.
التحول الجديد في أسلوب عمل الدبلوماسية الأمريكية كان بسبب:
• عدم موافقة دول الاتحاد الأوروبي على تبني العقوبات ضد روسيا.
• عدم موافقة تركيا وأذربيجان وأرمينيا على دعم جدول الأعمال العدائي لأمريكا.
• عدم قبول معظم دول القوقاز ودول البلقان لمنطق التصعيد العسكري في المنطقة.
تشير التحليلات إلى أن أسلوب عمل الدبلوماسية الأمريكية على خلفية أزمة القوقاز أصبح عرضة لـ:
• تغير كمي سلبي لجهة عدم قدرة الردع العسكري – الدبلوماسي الأمريكي على توجيه وإدارة الصراع في القوقاز.
• تغير نوعي سلبي لجهة عدم مشاركة حلفاء أمريكا في توجيه وإدارة الصراع بما يخدم التوجهات الأمريكية.
تتطرق التحليلات الإخبارية الجارية إلى توقع المزيد من عمليات التصعيد بواسطة واشنطن ولكن معظم هذه التحليلات تشير إلى أن تصعيدات واشنطن لن تؤثر شيئاً على موقف موسكو، وفي كثير من الأحيان فإن المتضرر الأول هو واشنطن نفسها وعلى سبيل المثال لا الحصر:
• تجميد اتفاقية التعاون النووي مع موسكو سيؤدي إلى الإضرار بموقف واشنطن لأن هذه الاتفاقية تنص على أن تقوم موسكو ببيع فائض إنتاجها من الوقود النووي لواشنطن بما يؤدي إلى:
- عدم حصول إيران على الوقود النووي إلا من واشنطن.
- عدم حصول إيران على وقود نووي روسي.
- عدم حصول الأوروبيين على الوقود النووي إلا من واشنطن بما يؤدي لتبعية الاتحاد الأوروبي لواشنطن نووياً.
والآن بعد تجميد الاتفاقية النووية فإن إيران ستستطيع بكل سهولة الحصول على إنتاجها ودول الاتحاد الأوروبي ستستطيع كذلك الحصول على حاجتها والخروج من التبعية الأمريكية.
• إرسال المساعدات الأمريكية العسكرية لجورجيا سيؤدي إلى إدخال القوقاز في دائرة سباق التسلح وستجد أمريكا نفسها مضطرة إلى تسليح أذربيجان وتركيا وبالتأكيد سيؤدي ذلك إلى تحفيز أرمينيا لجهة الحصول على المزيد من القدرات العسكرية الروسية.
الأداء السلوكي للسياسة الخارجية الأمريكية الجاري حالياً في منطقة القوقاز سيؤدي إلى إشعال الحرب الأرمنية – الأذربيجانية، وهي الحرب التي تشكل سيناريو الكابوس الأذربيجاني هذا، وبغض النظر عن التداعيات الميدانية فهناك رأي يقول بأن التصعيدات الأمريكية تتجاوز مجرد القيام بالتحركات الدبلوماسية الشكلية والتي يتم الترويج لها إعلامياً داخل أمريكا بما يؤدي لإضعاف موقف الديمقراطيين وتقوية مركز الجمهوريين الذين يتوقف نجاحهم في الانتخابات على مدى صعود أهمية أجندة الأمن القومي الأمريكي والسياسة التدخلية الأمريكية بشكل يؤثر على تفضيلات الناخب الأمريكي.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...