القوات الروسية تنسحب تدريجياً من جورجيا

20-08-2008

القوات الروسية تنسحب تدريجياً من جورجيا

اتهم حلف شمال الأطلسي، أمس، روسيا بعدم الوفاء بتعهداتها لجهة سحب قواتها من جورجيا، لكنه أحجم عن اتخاذ أية تدابير شديدة لإرغامها على القيام بذلك، في وقت رفضت موسكو هذه الاتهامات حيث وصفت موقف وزراء خارجية الناتو بـ»التحيّز«، مؤكدة البدء بانسحاب تدريجي لقواتها قد يستغرق أياماً تحسباً لحدوث فراغ أمني.
وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ياب دي هوب شيفر، بعد اجتماع طارئ لوزراء خارجية الحلف في بروكسل، أنه ليس هناك »أي مؤشر إلى انسحاب روسي من جورجيا«، خلافا للالتزامات الصادرة عن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف تطبيقا لخطة السلام التي اقترحتها الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي، متسائلاً عن »قيمة أي وعد على الورق، إذا لم ينفذ فعلاً«.
وحذرت الدول الـ٢٦ الأعضاء في الناتو في بيان مشترك موسكو من أن الحلف لا يمكنه أن يواصل علاقاته معها »كأن شيئا لم يكن«، مطالبة روسيا بأن »تبرهن قولا وفعلا التزامها المبادئ التي قامت عليها علاقتنا«.
ورغبة منها في إظهار دعمها لجورجيا، أعلنت الدول الأعضاء في الناتو تشكيل لجنة من الحلف وجورجيا مهمتها الإشراف على كل أنشطة التعاون بين الطرفين، كما أكدت التزامها انجاز موضوع انضمام الجمهورية السوفياتية السابقة إلى الناتو.
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس إنه »حان الوقت ليفي الرئيس الروسي بوعده ويسحب القوات الروسية من جورجيا، للعودة إلى ما كان عليه الوضع في السادس من آب« الحالي، لكنها شددت على أنّ »الولايات المتحدة لا تريد عزل روسيا«.
وأكدت رايس، التي ستوقع اليوم مع نظيرها البولندي رادوسلاف سيكورسكي اتفاقاً بشأن نشر عناصر من الدرع الصاروخي الأميركي في بولندا، أنّ واشنطن »حصلت من الحلف الأطلسي على ما كانت تريده«، متحدثة عن ثلاث نقاط ايجابية في البيان المشترك وهي: دعم الحلف لـ»الديموقراطية الجورجية«، وتوجيه »رسالة شديدة القوة إلى روسيا«، ورفض قيام روسيا »برسم خط جديد في أوروبا«.
أمّا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير فأعرب عن »خيبة أمل كبيرة« لعدم انجاز الانسحاب الروسي حتى الآن، مشيراً إلى احتمال الدعوة إلى قمة أوروبية طارئة حول جورجيا »خلال الأيام المقبلة«، فيما أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أنّ نظراءه في الحلف اتفقوا على أن روسيا »انتهكت القانون الدولي وقواعد اللعبة« بغزوها جورجيا.
- في المقابل، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنّ الموقف الذي تبناه الحلف الأطلسي في الأزمة الجورجية ستكون له »تداعيات«على العلاقات مع روسيا، مشيراً إلى أنّ بيان وزراء خارجية الناتو »غير موضوعي ويعكس انحيازا«.
ورأى لافروف أنّ الحلف »أخذ (الرئيس الجورجي ميخائيل) ساكاشفيلي تحت حمايته«، لافتاً إلى أنّ دعم ترشيح تبليسي للانضمام إلى »الناتو« يشكل خطوة ذات طبيعة »معادية لروسيا«.
وأشار لافروف إلى أنّ انسحاب القوات الروسية من جورجيا يبقى رهنا بعودة القوات الجورجية إلى مواقعها، متوقعاً أن يستغرق الأمر »ثلاثة أو أربعة أيام«. واتهم لافروف الحلف الأطلسي بالتوجه »نحو إعادة تسليح« جورجيا، ومحاولة »تحويل المعتدين إلى ضحايا«.
وفي نيويورك، رفضت روسيا مشروع قرار جديد حول جورجيا قدمته فرنسا في مجلس الامن الدولي، معتبرة انه لا يشير بالتحديد الى النقاط الست الواردة في خطة السلام التي وافقت عليها موسكو وتبيليسي بوساطة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقال المندوب الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين خلال اجتماع مجلس الامن ان »الاتحاد الروسي لن يكون بوسعه تأييد مشروع القرار الذي قدمته فرنسا« موضحا ان موسكو ترى ان الاشارة العلنية في النص للنقاط الست الواردة في اتفاق السلام، امر لا بد منه. ولا يشير مشروع القرار الفرنسي الا الى نقطتين، تتعلقان بانسحاب القوات الروسية من جهة والجورجية من جهة اخرى.
- ميدانياً، بدأت القوات الروسية انسحاباً تدريجياً من الأراضي الجورجية، حيث غادر رتل من العربات المدرعة مدينة غوري الإستراتيجية.
وفيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنّها لم تلاحظ حتى الآن انسحاباً فعلياً للقوات الروسية من جورجيا، أوضح الجيش الروسي أنه يعمل على تأخير انسحابه تجنباً لحدوث أي فراغ قد يؤدي إلى المزيد من أعمال العنف.
من جهته، أكد ميدفيديف لنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ان انسحاب القوات الروسية من جورجيا سينجز يوم غد أو بعده، باستثناء مجموعة من ٥٠٠ عنصر، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان.
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الجورجية شوتا اوتياشفيلي أن الجنود الروس اعتقلوا ٢١ جنديا جورجيا كانوا يتولون حراسة ميناء بوتي على البحر الأسود، مشيراً إلى أنهم »واصلوا تدمير المرفأ وأعمال التخريب«، لكن مساعد رئيس الأركان الروسي الجنرال اناتولي نوغوفيتسين أوضح أنّ قواته جردت عشرين رجلا من أسلحتهم قرب بوتي ثم سلمتهم للسلطات الجورجية، لافتاً إلى أنّ من بين هؤلاء ثلاثة عرب كانوا يرتدون الزي العسكري الجورجي.
وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ موسكو وتبليسي نفذتا عملية تبادل للأسرى، شملت ١٥ جورجياً وخمسة روس بينهم طياران.
من جهة ثانية، أكدت قيادة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أن إسرائيل زودت جورجيا بالسلاح والذخيرة والمعدات وثمانية أنواع من الطائرات من دون طيار، ونحو ٢٠٠ قذيفة محمولة، و٥٠٠ وحدة من شبكات التمويه.
وفي ما يبدو أنه رد على التصعيد الغربي تجاهها، أعلنت البحرية الروسية أنها ألغت زيارة لفرقاطة أميركية إلى ميناء في منطقة كامتشاتكا في أقصى شرقي روسيا في أيلول المقبل، مؤكدة أيضاً إلغاء مشاركتها في مناورات كانت مقررة في بحر البلطيق في إطار شراكتها مع الحلف الأطلسي.
وفي السياق، أعلنت روسيا أنها لن تعيد إلى جورجيا الأسلحة التي صادرها جيشها خلال النزاع في أوسيتيا الجنوبية، مشددة على أنها »لن تترك لها رصاصة واحدة«، في وقت طالب البيت الأبيض موسكو بإعادة معدات عسكرية أميركية صادرتها القوات الروسية في النزاع الأخير.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...