المساعدات الأميركية: "سلاح فعال" بوجه مصر وليبيا

19-09-2012

المساعدات الأميركية: "سلاح فعال" بوجه مصر وليبيا

ردّ الأميركيون، أمس، على الاعتداءات التي قامت ضدّهم منذ انتشر الفيلم المسيء للرسول على طريقتهم، إذ خرج مسؤولون أميركيون ليعلنوا، في حديث لصحيفة "واشنطن بوست"، أن الاعتداءات على السفارات الأميركية أدت إلى وقف مفاوضات تزويد مصر بمساعدات اقتصادية أميركية مهمة.
وأوضح المسؤولون أن المحادثات بشأن خفض مليار دولار من الدين وتسريع مساعدات أخرى بالملايين لمصر أوقفت مؤقتاً، رابطين إمكانية عودتها بحصول الانتخابات الرئاسية الأميركية. ليبية تترك زهوراً أمام مبنى القنصلية الأميركية في بنغازي، أمس الأول (أ ب)
وفيما ستنتظر الإدارة الأميركية تبلور الأمور بخصوص الاحتجاجات من جهة، وفي الداخل الأميركي من جهة أخرى، لفت مسؤول رفيع المستوى مرتبط بالكونغرس إلى أن مسار الأحداث في الأسبوعين المقبلين سيحدد مصير المساعدات الأميركية على المدى البعيد.
في المقابل، كان لوزارة الخارجية الأميركية موقف مغاير، فقد أعلنت أن الوزيرة هيلاري كلينتون تعتزم الاجتماع بالكونغرس هذا الأسبوع لحثه على الاستمرار في تدفق المساعدات على مصر ودول أخرى وشرح مدى أهميتها، مشيرة إلى أن وزيرة الخارجية ستكون مستعدة للرد على أسئلة النواب سواء حول الهجمات أو حول مستقبل السياسة الأميركية في مناطق التوتر.
وفي ظلّ هذا التلويح الأميركي لدول المنطقة، والإسراع في اللجوء إلى ضغط المساعدات، تبدو الأخيرة "سلاحاً فعالاً" في وجه الحركات المعادية، وعنصراً أساسياً في رسم السياسة الخارجية لأميركا تجاه دول "الربيع العربي".
وفي هذا السياق، يعتبر تقرير لمعهد "هريتاج" الأميركي المساعدات الخارجية الأميركية لدول منطقة الشرق الأوسط "أداة للنهوض بالمصالح القومية الأميركية لا برنامجاً عالمياً للمساعدات الاجتماعية".. من هنا لا بدّ من مراجعة فعالية هذا السلاح، وتحديداً مع مصر وليبيا.
ويشير التقرير، لصاحبه المتخصص في شؤون الشرق الأوسط جيمس فيليبس، إلى ضرورة إعادة مراجعة هذه المساعدات على ضوء الأحداث التي حصلت مؤخراً في كلا البلدين ردا على فيلم "براءة المسلمين" المسيء للنبي محمد، والأهم على ضوء ردة الفعل الرسمية عليها.
ويتطرق التقرير إلى الخلاف الحاصل في الداخل الأميركي حول كيفية التعاطي مع مسألة المساعدات. أما جوابه فيأتي بأن التضييق في هذا المجال مطلوب. هذه هي الخطوة الأولى التي ينبغي على الإدارة الأميركية أخذها بالاعتبار، في وقت لا يمكنها تجاهل "الاختلاف" في موقفي كل من النظام المصري والنظام الليبي رداً على استهداف الأميركيين في البلدين.
يذكر التقرير أن الإدارة الأميركية تنهي العمل على مساعدة لمصر تتضمن إسقاط مليار دولار من ديونها، إضافة إلى 1.5 مليار دولار مساعدة سنوية ومساعدتها في الحصول على قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار من "بنك النقد الدولي". في المقابل، طرح رد فعل القاهرة "المتراخي" على مستهدفي السفارة الأميركية لديها أسئلة حول سياسة القادة الإسلاميين الجدد. من هنا يدعو فيليبس إلى مراقبة المساعدات الأميركية لمصر كي تضمن أي مساعدة مقبلة مصالح أميركا لا العكس.
أما في ليبيا فالمساعدات الأميركية تعتبر أقل مما هي في مصر، حيث وصلت إلى حوالي 200 مليون دولار منذ بداية الانتفاضة في العام الماضي، منها 89 مليون دولار في المساعدات الإنسانية، و40 مليوناً من أجل الحد من الأسلحة، و25 مليوناً في المساعدات غير القاتلة، و13 مليوناً في المساعدات الخارجية خلال السنة المالية 2012. وعلى العكس، كانت ردة الفعل الليبية أكثر تعاوناً من المصرية. ولذلك يمكن، بحسب الكاتب، أن تكمل أميركا مساعداتها لليبيا للضغط على النظام من أجل الاستمرار في التعاون مع واشنطن كما أن تضغط على مصر عبر المساعدات والتهديد بعودتها إلى المرحلة المثقلة بالديون.
ويربط التقرير الاستمرار في مساعدة مصر بضرورة اشتراط الكونغرس على القاهرة الالتزام بما يلي: تأمين الحماية الكاملة لمواطني أميركا وممتلكاتهم، لا سيما من هم في السفارة ويشغلون المناصب الديبلوماسية، الاحترام الكامل لمعاهدة السلام مع إسرائيل ووقف نشر القوات في سيناء من دون الحصول على موافقة إسرائيلية مسبقة، التعاون في محاربة "القاعدة" والمنظمات الإرهابية، البدء بتطبيق سياسات تحمي حقوق مواطنيها بما في ذلك حرية المعتقد والتعبير وتكوين الجمعيات.
وفيما يستند التقرير المنشور في "هريتاج" الى ما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه من غير المعروف ما إذا كانت القاهرة ما زالت تعتبر حليفاً أم لا، يشير إلى أن لواشنطن أسباباً كثيرة وقوية تدفعها لمساعدة مصر التي تمرّ في مرحلة انتقالية صعبة للوصول إلى الديموقراطية، فبإمكانها أن تكون الشريك الأكبر في تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط.
وفي النهاية يشترط التقرير على الرئيس مرسي التصرف كحليف للحصول على المال الأميركي، فعليه أولاً أن يضمن حماية الزوار والديبلوماسيين الأجانب وضمان الاستقرار في الشرق الأوسط. وهكذا لا يمكن أن يحصل على المساعدة سوى من يستحقها، حسب التقرير الذي يؤكد أنها سلاح أميركي لا بدّ أن تعرف واشنطن استغلاله لضمان مصالحها.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...