انفتح على الآخرين بعمق واجنِ سعادة

20-01-2011

انفتح على الآخرين بعمق واجنِ سعادة

هل السعادة حالة أم ظرف؟ لا يهم، ما دمنا سعداء. عوامل عديدة، قادرة على أن تزرع بريقاً في داخلنا، منها المهمة ومنها الأقل أهمية، الكبيرة والصغيرة، الأفضل عدم تقييمها لأنها تختلف حسب معايير كل شخص. لكن هناك عامل مشترك، يسري على كل المعايير، وهو عمق الأحاديث التي يمكن أن نتناولها.
ترتبط السعادة بشكل مباشر بالأحاديث العميقة التي قد يتناولها شخصان، وليس بالأحاديث السطحية. ففي حقبة مليئة بالضغوط والاضطرابات، يطغى فيها التحادث الالكتروني، نحتاج إلى الأمور القيمة في حياتنا، نحتاج إلى الآخر. «لهذا السبب أتحدث إلى الغرباء»، هذا ما قاله ميشــال سيــروتا المتخرج حديثا من جامعة الحقـوق في بيركلــي الاميركية.
عندما أستقل المترو في رحلتي اليومية إلى العمل، أرى مئات الوجوه، بنظراتها المتأملة، والمتجهمة، والمنزعجة تجــاه بعضها البعض، ومن الغريب كيف تتحاشى العيــون أن تلتقي، أو أن تبادر بأي حديث. إنه لأمــر مؤســف كيف يتحاشى الركاب الاحتــكاك بالآخــرين، علماً بأن ذلك يتسبب بتقليص المخزون العاطفي لديهم.
ففي عالم تطغى عليه الهواتف الذكية والرسائل الفورية، نرى الحوارات في تقلص مستمر، والسعادة أيضاً حسب علماء النفس، الذين اكتشفوا أن السعادة متصلة بشكل إيجابي بالعلاقات الاجتماعيــة الجوهــرية غير السطحية. فلمَ نفرض معاناة الانعزال على أنفسنا؟
هناك الكثير لنقلق بشأنه في خضم هذه الحقبة الصعبة، حيث البطالة منتشرة، وحيث لا يملك العاملون أي ضمانات بشأن أعمالهم، وحيث الديون تغرق أصحابها، وكلفة تعليم الأطفال في ارتفاع متواصل. يشعر معظمنا بالضياع والغضب والخوف، لكننا نترك تلك الأعباء تثقل كاهلنا، رغماً عنا، لأننا نفتقر إلى المكان الذي ننفس فيه عما يرهقنا.
إذا نظرنا إلى الركاب، نقرأ الهموم نفسها في كل سطر من تجاعيد وجههم، والمخاوف نفسها في عيونهم. فهم يجلسون على بعد سنتمرات من بعضهم، يجعلها السكوت أمتاراً، وقواعد المجتمع السلوكية تجعلها كيلومترات. لا يتقبل المجتمع قيام الفرد بحوارات عميقة مع أغراب، لكن ذلك خطأ، لأن الغريب يمكن أن يكون أرضاً خصبة لحوار مهم ومفيد، يمكن أن يكون بمثابة مهرب من هموم الحياة، لأنه يستطيع أن يشاركنا أفكارنا، ومخاوفنا، ويمكن أن يجد لنا حلولا للمسائل الأكثر تعقيدا. لكن مجتمعاتنا الـ«تكنولوجية»، توسع الشرخ بين الناس.
سيروتا، هو أحد الأشخاص الذين مروا بمرحلة التعويل على التواصل إلكترونيا مع أصدقائه، ورغم أنه كان يخاطبهم من خلال الرسائل الالكترونية والرسائل الفورية، لكن ذلك لم يكن يشعره بالرضى أو بالسعادة، فالأحاديث كانت غالبا سطحية ولم تعد كما في السابق، أيام كانوا يستمتعون بها.
حتى قرر سيروتا يوما، أن يتخطى التقاليد، ويخاطب الأغراب أينما كانوا، فكان يبدأ حديثه بثلاثة أسئلة تقليدية لديه، ماذا يدور في ذهنك، ما هي أكبر التحديات التي تواجهها في حياتك، وماذا تود أن تغير في حياتك، أو في العالم؟ كان معظم الذين قابلهم مترددين في الدخول في حوار معه، لكن ما إن كسروا ذلك الحاجز بينهم، حتى رحبوا واستمتعوا به.
واستنتج سيروتا، من معظم من تحاور معهم، أنهم كانوا يتوقون إلى التفريج عن همومهم، وكانوا سعداء جداً بذلك، رغم أنهم لم يتحمسوا كثيرا في البداية. وتعلم الكثير من خبرات الآخرين، ومن نصائحم وإرشاداتهم.

السفير نقلاً عن «كريستيان ساينس مونيتور»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...