ثـلاثـة بينهم طفلة ضحايا مواجهة الجمـارك مع المهربين

20-10-2009

ثـلاثـة بينهم طفلة ضحايا مواجهة الجمـارك مع المهربين

معركة حامية الوطيس أشعل المهربون شرارتها دون أدنى رادع من أخلاق أو وازع من ضمير حتى ولو كان المال المجني على حساب ليس فقط الاقتصاد الوطني بل هذه المرة على حساب أرواح المواطنين وحياتهم، والقصة بدأت هذه المرة نحو الساعة السابعة والنصف من ليل الجمعة بالقرب من قرية دير قانون على طريق لبنان حيث لاحظت سيارة الدورية التابعة لضابطة الزبداني أن إحدى السيارات الشاحنة المشبوهة ( من نوع كيا 4000) المحملة بالبضائع المغطاة بشادر تسير بسرعة عالية على الرغم من ازدحام الطريق فكانت متابعتها إلى نقطة خالية الحل الوحيد واستمرت المطاردة والإشارات الضوئية للشاحنة بالتوقف دون امتثال لذلك حتى التقاطع الطرقي الذي تصب فيه الطرق القادمة من قدسيا البلد وجسر الهامة وضاحية قدسيا والديماس ( نادي الرماية ) حيث قامت الشاحنة بتجاوز الإشارة الحمراء منعطفة نحو اليسار بسرعة كبيرة فتبعتها سيارة الدورية الجمركية وصدمتها في جانبها الأيسر مخرجة إياها عن الطريق لشل قدرتها على السير والمناورة ولاسيما أن الطريق مزدحم بالسيارات المدنية
 وعند ذلك خرجت من بين صفوف السيارات المدنية بضع سيارات برز منها مجموعة من المسلحين تبين لحظتها أنها ترفيق حراسة للسيارة الشاحنة التي تحمل البضائع وهي من الأنواع الفخمة ( مرسيدس 300 لون اسود وبي أم دبليو لون سماوي وهيونداي سوناتا لون اسود وسوبربان أميركية ذات لون خمري وميتسوبيشي لانسر) وبدأت السيارات بإطلاق النار على سيارة الدورية لإبعادها عن السيارة الشاحنة الأمر الذي أدى إلى إصابة الخفير الجمركي إبراهيم البني والطفلة سارا الرفاعي وأحد المارة بمقذوفات نارية ناجمة عن رصاص المهربين على اعتبار أن سيارة الجمارك وذوي الطفلة كانتا في جانب واحد وفي مرمى واحد للرصاص ما اضطر عناصر الجمارك لمباشرة إطلاق النار على المهربين لإسكاتهم وإبعادهم لأن النقطة كانت تعج بالسيارات المدنية خوفاً من وقوع المحظور وإصابة أحد الأبرياء وهو ما لم يراعه المهربون ولا أقاموا له وزنا بعكس الجمارك. الوطن تابعت الموضوع بحذافيره ولاسيما أن إشاعات كثيرة انتشرت وأقاويل جامحة الخيال قيلت وأكدت فحواها أن الجمارك - على الرغم من كونها جهة حكومية - لم تراع المدنيين الموجودين عند تبادل إطلاق النار وحقيقة الأمر أن سيارة ذوي الطفلة كانت قادمة من جهة قدسيا البلد وتوقفت على الإشارة بالقرب من نقطة شرطة الطرق العامة وعند فتح الإشارة انعطفت السيارة يمينا باتجاه طريق الهامة وعند ذاك انفجر الأمر حيث اصطدمت سيارة الجمارك بالشاحنة وبدأ إطلاق النار من يسار الطريق أي إن سيارة الدورية الجمركية وسيارة ذوي الطفلة كانتا في اتجاه واحد مستقيم أمام مرمى نيران المهربين الذين أطلقوا النار من خمس بنادق حربية حيث أصيب الخفير الجمركي في أحشائه التي اقتطع منها نحو المترين وأصيبت الطفلة سارا بشار الرفاعي بمقذوف ناري أسفل الأذن اليسرى ولكن عناية اللـه أنقذت المصابين واستقر وضعهما الصحي.

انفردنا بحقائق القضية كنا الجهة الوحيدة التي زارت الخفير الجمركي إبراهيم البني في مشفى الشامي حيث خضع للعلاج بعد اقتطاع مترين من أمعائه وإصابة يده اليسرى بعطل دائم وعجز شبه كامل لاستقرار طلق ناري في العضلة الرئيسية ونفاذها إلى العصب الرئيسي لليد، حيث قال الخفير للوطن: حاولنا إيقاف السيارة الشاحنة ولكن الازدحام حال دون ذلك بل إنها اتجهت إلى الأماكن المزدحمة فاضطررنا والحال كذلك إلى صدمها حتى لا تتوغل في الطريق الأكثر ازدحاما ويبدو أن المهربات أغلى من أرواح المواطنين لدى المهربين الذين بادروا بإطلاق النار باتجاهنا ولم نرد عليهم بداية خوفاً من تبادل يؤدي لإصابة أحد المدنيين ولكن كثافة النار أقلقتنا فاضطررنا إلى فتح النار على إطارات سياراتهم مباشرة حتى نردعهم خوفا على المارة وعابري السبيل ولم نباشر إطلاق النار إلا بعد أن أصبحت سيارة ذوي الطفلة تحت مرمى نيران المهربين ولكن اللـه لطف، ولا نستطيع إلا أن نتساءل: الم يخطر ببال المهرب أن المصاب قد يكون ابنته أو أخاه أو حتى والده؟ وهل تستحق حفنة من النقود كل هذه النيران؟
والد الخفير إبراهيم قال باقتضاب: ما نقل عن إصابة الطفلة برأ ساحة المهربين واتهم الجمارك على الرغم من أن ابني هو أول من أصيب وبذل دمه في سبيل حماية المواطنين وحفاظاً على صحتهم وغذائهم من الأصناف الفاسدة التي يدسها المهربون بغرض الربح، وهل حقا لم ينتبه الإعلام إلى أن ابني مصاب كذلك إن ما يهم فقط هو التشهير بالمتفانين وغض البصر عن المهرب وكأنه ملاك منزل، بل إن أكثر ما يستفز في المسألة هو الإشارة إلى ضحايا المعركة بين الجمارك والمهربين على حين أن الضحية الأولى كانت من الجمارك التي وقفت موقف الدفاع عن المدنيين..!!

شادي يوسف رئيس المفرزة الجمركية التي طاردت المهربين قال: حاولنا جاهدين كما هي توجيهات الأمر العام للضابطة الجمركية العميد الركن تامر الدخيل ألا نشتبك مع المهربين في مكان مزدحم أو مأهول أو ضمن التجمعات السكنية وهو ما نفذناه حرفيا وحتى اشتباكنا معهم فالتسديد على إطارات سياراتهم كان لإسكاتهم وردعهم عن إطلاق النار في التقاطع الذي يعج بالسيارات وأكرمنا اللـه بذلك ولولا اشتباكنا معهم لكان الضحايا بالعشرات فخمس بنادق حربية من نوع الرشاش تطلق باتجاه سيارة الجمارك وكل من يمر سيصاب وقد وصل عدد الدخان المصادر إلى 3250 كروزاً لا كما قيل في بعض الوسائل الإعلامية إنه فقط 150 كروزاً.

بشار الرفاعي والد الطفلة المصابة سارا قال: عند انعطافي باتجاه طريق الهامة بدأ إطلاق النار من ناحية المهربين وحدث الاصطدام حين أخرجت سيارة الجمارك سيارة المهربين عن الطريق وعرفنا سيارة الجمارك لأنها واضحة ومعنونة على يسارنا وواصلنا السير مسافة خمسين متراً وعندها أصبنا من الجهة الخلفية واليمنى للسيارة وهو إطلاق نار متعمد ومقصود لأن الرصاص كان متعدداً وقد وصل عدده إلى أربع طلقات غير الطلقة التي أصابت ابنتي مع الإشارة إلى أن سيارة الجمارك كانت بيننا وبين سيارة المهربين ونحن وهي في مرمى نار المهربين لأن الاشتباك بين الجمارك والمهربين كان على يسارنا والطلقات بدأت من يميننا، والسؤال الأهم هنا أما من حل لمسألة إطلاق النار في الأحياء المأهولة وبين السكان وهل نتكاتف جميعنا لإيجاد حل لموضوع التهريب والاستهتار بأرواح الناس ولاسيما أن المدني العادي من المواطنين غير مضطر لتحمل تبعات التهريب وما يستتبعه من إطلاق نار.

و بالعودة إلى مصادر الضابطة الجمركية فقد أكد مصدر مسؤول في الضابطة أن الخفراء قاموا بواجبهم على اعتبار أن السيارة المحملة بالبضائع كانت مغطاة ولا يمكن للعين المجردة أن تحدد إذا ما كان حملها من الدخان أم الورق أم المواد الممنوعة كالسلاح مثلا وسواها من المواد المخالفة والمؤذية للوطن والمجتمع وقد بلغ عدد كروزات الدخان المضبوطة 3250 كروزاً من نوع مالبورو تقليد وصلت قيمتها إلى 3 ملايين ليرة سورية ورسومها إلى 1.7 مليون ليرة سورية على حين بلغت غراماتها 19.4 مليون ليرة سورية.

تبقى مسألة التهريب ملفاً تعنى به جهات عدة ذات صلة بالجمارك وعملها يستدعي رفد الضابطة الجمركية بكل المستلزمات من الكوادر إلى المرونة في الحركة مع الضوابط التي تضمن حسن العمل والالتزام باللوائح والقوانين مع الأخذ بالحسبان ضرورة تضافر جهود الجهات المعنية لوضع حد للمهربين وليس حماية للاقتصاد الوطني فحسب بل لأن الأمر تجاوزه إلى حماية أرواح الأبرياء.

مازن خير بك

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...