حصاد زيارة نجاد إلى أنقرة

16-08-2008

حصاد زيارة نجاد إلى أنقرة

الجمل: أنجز الرئيس الإيراني أحمدي نجاد جدول أعمال زيارته التي استغرقت يومين في تركيا حيث التقى بالرئيس عبد الله غول وبقية المسؤولين الأتراك.
* ماذا تقول التسريبات الدبلوماسية:
تشير المعلومات والتسريبات الواردة إلى حدوث بعض التعارض في النوايا على النحو الذي عكس قدراً من التعارض في الإدراك المتبادل فالرئيس الإيراني كان يسعى إلى الدفع باتجاه جعل تركيا أكثر اهتماماً بالشأن الإيراني وعلى الجانب المقابل كان الرئيس التركي يسعى إلى الدفع باتجاه جعل إيران أكثر اهتماماً بالشأن القوقازي. وتأثرت الزيارة بالأوضاع الميدانية الجارية فتركيا تسعى جاهدة إلى دعم الموقف الأمريكي إزاء القوقاز خاصة بالنسبة لأذربيجان حليفة تركيا وأمريكا وذلك لضمان وتأمين استمرار تدفقات النفط الأذربيجاني الذي يمر إلى تركيا عبر خط أنابيب باكو – تبليسي – جيهان والذي توقفت عمليات الضخ فيه بسبب التطورات العسكرية الجارية حالياً في جورجيا، أما إيران فهي تنظر لأذربيجان باعتبارها خصماً لإيران وذلك لعدة أسباب أبرزها:
• العداء بين إيران وأذربيجان وذلك بسبب وقوف إيران إلى جانب أرمينيا في حربها السابقة ضد أذربيجان.
• التحالف الوثيق بين أذربيجان والولايات المتحدة.
• الروابط الوثيقة بين أذربيجان وإسرائيل.
• وجود القوات الأمريكية في أذربيجان.
• دعم أذربيجان للحركات الانفصالية الإيرانية ذات الطابع الإثنو-ثقافي الأذربيجاني والناشطة حالياً وسط سكان شمال إيران ذوي الأصول الأذربيجانية.
وتقول التسريبات بأن الموضوع الخلافي الثاني في الموقف إزاء روسيا فبينما ينظر الإيرانيون إلى روسيا كصديق وحليف يتوجب الوقوف إلى جانبه في الصراع القوقازي، فإن الأتراك ينظرون إلى روسيا كمصدر للخطر المحتمل يتوجب العمل من أجل إخراجه من جورجيا والتصدي لدرء مخاطر سيطرته ونفوذه.
الموضوع الخلافي الثاني تمثل في الموقف من إرمينيا، وعلى وجه الخصوص الخلافات التركية – الأرمنية حول ملف المذبحة الأرمنية ومساندة وجهة النظر التركية المتعلقة بالمذبحة بسبب حرص إيران على روابطها الوثيقة مع إرمينيا الأمر الذي يتناقض مع توجهات تركيا الرافضة للموقف الأرمني إزاء المذبحة.
* خلفيات ردود الأفعال التركية إزاء دبلوماسية إيران:
تشير التحليلات إلى أن تركيا برغم توجهات حكومة حزب العدالة والتنمية فإنها ما تزال أكثر ارتباطاً بمناطق القوقاز وآسيا الوسطى والبلقان وشرق المتوسط لعدة أسباب:
• معطيات خبرة الماضي التاريخي العثماني الذي ما زال يشكل محفزاً فاعلاً في توجيه الإدراك السياسي والاجتماعي والثقافي التركي.
• شبكة المصالح الكبيرة التي تربط تركيا بمناطق القوقاز وبحر قزوين وآسيا الوسطى والبلقان وشرق المتوسط.
• المنظور القومي الاجتماعي التركي التقليدي إزاء القومية الفارسية.
• الحساسيات التقليدية بين المجتمع التركي الذي يتميز بالتوجهات الإسلامية السنية إضافةً إلى العلمانية إزاء المجتمع الإيراني الشيعي.
وتشير التحليلات أيضاً إلى أن تركيا برغم تعاونها مع إيران إلا أن الأتراك ينظرون إلى إيران على أساس اعتبارات:
• أن إيران تسعى للقيام بدور القوة الإقليمية في منطقة الخليج العربي وشرق المتوسط وآسيا الوسطى، وهو أمر يرفضه الأتراك الذين يسعون لاستعادة دور تركيا كقوة إقليمية تمارس النفوذ في هذه المناطق التي يعتبرونها تمثل جزءاً هاماً من المجال الحيوي التركي منذ أيام الإمبراطورية العثمانية وحتى الآن.
• إن حصول إيران على القدرات النووية سيترتب عليه اختلال في توازن القوى على خط إيران – تركيا وهو أمر سيجبر تركيا على القيام بتنفيذ برنامج نووي لجهة معادلة التوازن في القوى مع إيران.
• إن الوقوف إلى جانب إيران أكثر فأكثر سيعرض أنقرة لمخاطر التوتر مع واشنطن وهو أمر ليس في مصلحة حب العدالة والتنمية الحاكم الذي استطاع بعد جهد جهيد أن يخلص نفسه من أزمة المحكمة الدستورية العليا والمؤسسة العسكرية التركية المتربصتان بالحزب وحكومته وزعماءه.
* دبلوماسية اللعبة الخلفية على خط أنقرة – طهران:
من المتوقع أن تؤدي نتائج فشل دبلوماسية القمة التركية – الإيرانية إلى دفع أنقرة وإيران إلى ترتيب أولويات أجندتهما في المنطقة ويمكن الإشارة لذلك على النحو الآتي:
• تأمين إمدادات النفط القادمة عبر خط أنابيب باكور – تبليسي – جيهان.
• تعزيز الروابط مع أذربيجان.
• إعادة الاستقرار لجورجيا.
• الحفاظ على توازن العلاقات والروابط مع أمريكا.
• القضاء على خط حزب العمال الكردستاني.
• القيام بدور بارز في العراق بما يضعه ضمن دائرة النفوذ الحيوي التركي.
• الاهتمام بحل مشكلة الشرق الأوسط والعمل لجهة دفع المحادثات السورية – الإسرائيلية غير المباشرة بما يؤدي إلى تعزيز الروابط مع سوريا والحفاظ على علاقة تركيا مع إسرائيل.
• ترتيب جدول أعمال طهران:
- تفكيك التحالف الأمريكي – الإسرائيلي الدولي ضد طهران.
- استخدام العراق كساحة لردع العدوان الأمريكي.
- القيام باختراقات تؤدي إلى اصطفاف الأطراف الدولية والإقليمية الحليفة لأمريكا إلى جانب إيران.
- الحفاظ على الروابط مع القوى الشرق أوسطية الرئيسية.
- استخدام حزب الله في تهديد إسرائيل لجهة ردع أي عدوان إسرائيلي أو أمريكي ضد إيران.
- تعزيز الروابط مع روسيا والصين.
وعند المقارنة بين ترتيب جدول الأعمال التركي وجدول الأعمال الإيراني نلاحظ وجود الكثير من المفارقات ونقاط عدم التوافق خاصةً وأن الفرق الاستراتيجي على خط دبلوماسية طهران – أنقرة يتمثل في الآتي:
• تواجه طهران أزمة متزايدة الضغوط إضافةً إلى احتمالات الدخول في مواجهة عسكرية مع محور تل أبيب – واشنطن وحلفاءه.
• تواجه أنقرة مرحلة انتهاء الأزمة الداخلية بما أدى إلى انخفاض ضغوط التوتر بسبب أزمة المحكمة الدستورية العليا.
وعلى هذه الخلفية فإن الأداء السلوكي الدبلوماسي الإيراني يحاول إحراز التقدم في مسار الدبلوماسية الوقائية لجهة تفادي الضربة العسكرية والحصار البحري والضغوط الدبلوماسية أما الأداء السلوكي التركي فهو يحاول إحراز التقدم في مسار الدبلوماسية الوقائية لجهة إعادة الاستقرار إلى منطقة القوقاز بما يؤمن المصالح التركية في مناطق القوقاز وبحر قزوين وآسيا الوسطى.
وعلى ما يبدو فإن الأداء السلوكي الدبلوماسي التركي المنخفض إزاء إيران سيترتب عليه بالضرورة قيام لعبة خلفية دبلوماسية بين إيران وتركيا ستتركز في موسكو لجهة الآتي:
• تسعى أنقرة إلى خلق تفاهم مشترك مع موسكو بما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار في منطقة القوقاز وحالياً يشهد خط أنقرة – موسكو العديد من الاتصالات المكثفة بين الرئيس التركي عبد الله غول والرئيس الروسي ميدفيديف وتقول المعلومات بأن تركيا تسعى لإقامة منظمة للتعاون الإقليمي تضم روسيا وتركيا إضافةً إلى دول القوقاز ومنطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى.
• ترتبط إيران حالياً بعلاقات وثيقة مع موسكو وستسعى طهران إلى التفاهم مع موسكو لجهة التنسيق المشترك على النحو الذي يدفع أنقرة إلى الاستجابة للتفاهم مع طهران باعتبارها حليف موسكو الحالي الرئيسي في منطقة الشرق الأدنى.
تداعيات اللعبة الدبلوماسي الخلفية قد تكون ذات نتائج سلبية على علاقات خط أنقرة – واشنطن وخط أنقرة – تل أبيب وذلك لأن احتمالات أن يؤدي تفاهم أنقرة – موسكو المشروط بتفاهم أنقرة – طهران إلى تراجع العلاقات الأمريكية – التركية وهي مغامرة يمكن أن يترتب عليها توتر العلاقات التركية – الأذربيجانية وعلى ما يبدو فأن سيناريو القوقاز الحالي ستؤدي نهايته إلى توضيح المعالم الرئيسية لتوازنات المصالح على خطوط مثلث طهران – موسكو – أنقرة.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...