خرطومي الذي أتبعه

13-08-2008

خرطومي الذي أتبعه

منذ أسبوع يلاحقني المنام ذاته: أرى نفسي في شوارع المدينة، أمسك خرطوم سيارة الشطف خاصة البلدية، أسدد فوهة الخرطوم نحو العابرين: موظفين متملقين ومدراء فاسدين، مثقفين وبياعين غشاشين، شرطة مرور وشوفيرية، رجال دين ودجالين.. أسدد بفرح نحوهم وأصرخ على مساعدي: افتح المي على آخرها يا شفيق.. فلا يستجيب أحد. أكرر بصوت أعلى والمياه لا تأتيني.. أنظر خلفي فأرى أطياف العابرين الملوثين ذاتها تجلس مكان السائق وهم يمدون لي إصبعهم الوسطى شامتين.. وأنا مازلت أصرخ وأصرخ والمياه لا تأتيني...
 سألت أختي عن تفسير المنام فقالت: أنت مجرد أحمق آخر يظن أنه سيغسل العالم من أدرانه.. زوجتي قالت ساخرة: الخرطوم هو إحساسك بأنفك الكبير الذي يتقدمك وتتبعه.. سألت والدي فقال: إن روحك عطشى للصلاة يا بني.. أولادي قالوا لي: أنت خجلان منا لأنك لا تستطيع أن تشتري لنا مزرعة مع مسبح نلعب فيه.. أم محمد الشغالة قالت: أنت غضبان من تقنين مياه الفيجة.. جارتنا المطلقة قالت: إنها رغبات جنسية مكبوتة بسبب خوفك من امرأتك.. إمام الجامع نصحني: عليك أن تقدم كفارة وتشطف أرض الجامع.. أبونا زكريا قال: هذه رغبتك بالعمادة والتطهر واتباع سيدنا المسيح.. وبالأمس عندما زرت والدتي شرحت لي الأمر: كنت في السادسة عشرة من عمرك عندما اشتعل الحرش المتاخم لبيتنا واستمر الحريق حتى الليل حيث رفض رجال الإطفاء التوغل في الغابة أكثر، فحملت أنت خرطوم الإطفائية يساعدك صاحبك شفيق ورحتما تطفئان الحريق حتى منتصف الليل  بينما رجال الإطفاء يدخنون ويشربون الشاي.. قلت: الحمد لله أن القضية ليس فيها كبت جنسي ولا إصلاح العالم وكل هذا الغباء الذي تتهمني به أختي.. ولكن لماذا تركتني أمي أدخل الغابة ليلاً ؟! آه يا لقساوة تلك الجبال التي أتيت منها، ويالقذارة شوارع المدينة التي جئت إليها..


نبيل صالح

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...