عجلة «الاتحاد من أجل المتوسط» تنطلق

14-07-2008

عجلة «الاتحاد من أجل المتوسط» تنطلق

أطلق قادة ٤٣ دولة، أمس، رسمياً في باريس »الاتحاد من اجل المتوسط«، وذلك في قمة سعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى جعلها محطة جديدة لتعزيز التعاون الأورو ـ متوسطي، بعد التعثر الذي أصاب »عملية برشلونة«، ومناسبة لتأكيد حضوره السياسي، خصوصاً في أزمات الشرق الأوسط، مع تسلمه الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
وتبنى رؤساء الدول والحكومات المشاركين في قمة باريس إعلانا من عشر صفحات يشكل وثيقة ولادة الاتحاد، بعد اجتماع استمر أكثر من أربع ساعات في القصر الكبير في باريس، المبنى الأثري الذي أنشئ في العام ١٩٠٠ لاستقبال المعرض العالمي.
وشدّد الإعلان على أنّ »الاتحاد من أجل المتوسط«، يستند إلى عملية برشلونة للشراكة الأورو ـ متوسطية، ويهدف إلى إحلال السلام والاستقرار والأمن في حوض المتوسط، مذكراً بالمكانة المركزية لهذه المنطقة في الاهتمامات السياسية لكل الدول المشاركة في الاتحاد، حيث أكد على ضرورة تقاسم المسؤولية بين كافة المشاركين، وجعل هذه العملية أكثر واقعية وتأثيرا في عيون المواطنين.
وأعرب رؤساء الدول والحكومات عن قناعتهم المشتركة بأن مبادرة »الاتحاد من اجل المتوسط« يمكن أن تقوم بدور مهم في مواجهة التحديات المشتركة التي تفرض نفسها على المنطقة كالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأزمة الغذاء العالمية، وتدهور البيئة، ومواجهة التغيرات المناخية والتصحر، وتعزيز التنمية المستدامة، بالإضافة إلى قضايا الطاقة والهجرة والإرهاب والتطرف وتعزيز الحوار بين الثقافات.
وكان ساركوزي قد بذل جهودا شاقة لفرض مشروعه في مواجهة التحفظات التي عبر عنها الأوروبيون وبعض الدول العربية، والتباينات التي ظهرت قبيل ساعات انعقاد القمة، حيث أخفق وزراء خارجية الدول المشاركة في التوصل إلى اتفاق حول صيغة مشروع البيان الختامي، خصوصاً في ما يتعلق بالوضع الشرق الأوسط ومبادرة السلام العربية وعلاقة جامعة الدول العربية بالاتحاد، وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.
وأعرب ساركوزي، في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري حسني مبارك بعد اختتام أعمال القمة، عن ارتياحه لإطلاق الاتحاد، مشيراً إلى أنّ »حلمنا بالاتحاد من اجل المتوسط وقد أصبح حقيقة«.
ولفت ساركوزي إلى أنّ المشاركين في القمة اتفقوا على عقد اجتماعات دورية كل عامين، بحضور الجامعة العربية كعضو دائم، مضيفاً أن وزراء خارجية الدول الأعضاء يجتمعون في تشرين الثاني المقبل للإعلان عن تشكيل الأمانة العامة للاتحاد واختيار مقر لها.
وكان وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس قد تقدّم رسميا بطلب ترشيح مدينة برشلونة لتكون مقرا للأمانة العامة للاتحاد.
وأوضح ساركوزي أنّ القمة تبنت ستة مشاريع، يتعلق الأول بإزالة التلوث في مياه البحر المتوسط، والثاني ببرامج خاصة لإنشاء طرق بحرية سريعة في البحر المتوسط أمّا الثالث فيقضي بالعمل من أجل تحديد برنامج مشترك للدفاع المدني في مجال الكوارث الطبيعية، فيما يتعلق المشروع الرابع بإنشاء هيكل يضم كافة دول البحر المتوسط حول الكهرباء.
أمّا المشروع الخامس فيقضي بإقامة جامعة متوسطية للموافقة على قبول الطلاب من جميع دوله، فيما يتعلق السادس بتنمية المشروعات بين الدول.
من جهته أشاد مبارك، الذي سيرأس الاتحاد إلى جانب ساركوزي، بـ»النجاح الذي حققته القمة«، مشيراً إلى أنها شكلت »خطوة كبيرة على طريق التعاون الأورو ـ متوسطي«.
وأكد مبارك أنّ القمة »ستفتح أبوابا وآفاقا جديدة أمام هذا التعاون، وستحقق تطلعنا لأن يكون حوض المتوسط منطقة سلام وأمن وازدهار«، لافتاً إلى أنّ »الحرص على المشاركة في أعمال القمة يعكس اقتناع الشركاء من كلا الجانبين بأهميتها، واقتناعهم بأن (الاتحاد من أجل المتوسط) يمثل قيمة مضافة ومهمة للتعاون«.
وكانت القمة قد بدأت بجلسة علنية عامة ألقى خلالها ساركوزي ومبارك كلمتين افتتاحيتين، قبل أن تتحول أعمالها إلى جلسة مغلقة تفرعت بدورها إلى أربع جلسات عمل مغلقة، تمت خلالها مناقشة قضايا الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والطاقة والمياه والتعليم وتنقل الأفراد.
وقال ساركوزي، في كلمته الافتتاحية، إنّ »التضامن الذي تمليه الجغرافيا والتاريخ والثقافة يلزم جميع شعوب أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط بتقاسم المسؤوليات، واتخاذ القرار على قاعدة الوفاق المشترك، والاعتراف للكل بحقوق وواجبات متساوية«، مشدداً على أنّ »بناء مستقبل أفضل لن يتم إلا من خلال تقاسم السلطة في الاتحاد«.
وأضاف ساركوزي أن الرئاسة المشتركة للاتحاد ستشكل رمزا للطريقة الجديدة في تخطيط العلاقات بين شعوب أوروبا والمتوسط، معرباً عن أمله في إمكان أنّ »نعقد حول البحر المتوسط تحالفا كبيرا بين أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا، وأن نجعل منه البحر الأكثر نقاوة فى العالم، وأكبر مختبر للتنمية المشتركة«.
وأكد ساركوزي أنّ »الحلم الأوروبي والحلم المتوسطي متلازمان وغير قابلين للانفصال، هما سيتحققان معا، أو يتحطمان معا«، مشدداً على ضرورة »إحياء التنوع الذي كثيرا ما أتاح في الماضي للشعوب والمعتقدات، كما في قرطبة وطنجة وقسطنطينة وتونس والإسكندرية وبيروت وفي مدن كثيرة أخرى، أن تعيش بسلام، وفي ظل الاحترام«.
من جهته، دعا مبارك القمة إلى بلورة رؤية واضحة تحقق الإسراع بجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول جنوبي المتوسط، مشيراً إلى أنّ هذه الرؤية يجب أن تكون ذات توجّه عملي، وذلك عبر تضييق الفجوة بين جنوب المتوسط وشماله، بنسبة تصل إلى ٥٠ في المئة خلال ثلاثين عاماً، و٨٠ في المئة بحلول العام .٢٠٥٠
وحث مبارك الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت على المضي قدماً في المفاوضات »من دون إبطاء«، والتوصل لاتفاق سلام يقيم الدولة الفلسطينية المستقلة ويمهّد الطريق لسلام شامل وفق المبادرة العربية.

المصدر: وكالات


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...