مؤتمر "أصدقاء سوريا" يستهدف موسكو ويضغط على الوقت الضائع

07-07-2012

مؤتمر "أصدقاء سوريا" يستهدف موسكو ويضغط على الوقت الضائع

خرج مؤتمر "أصدقاء سوريا"، الذي انعقد في العاصمة الفرنسية بحضور اكثر من مئة دولة وغياب روسيا والصين، بمواقف تصعيدية جديدة وصفها مصدر دبلوماسي غربي بالرسائل الموجهة إلى التحالف الصيني الروسي، ولكنه لفت إلى أنّها غير قابلة للصرف لا على المستوى الاقليمي ولا على الصعيد الدولي. فقد جاء البيان الختامي اعلاميًا وفضفاضًا لا يعتمد على آليات محددة، ولا يستند إلى توافقات دولية، كما يفتقر إلى الموضوعية، وذلك باعتبار أنّ واشنطن ومعها باريس وسائر الدول المشاركة لن تنجح في الضغط على موسكو لانتزاع توقيعها في مجلس الامن، وبالتالي فان صدور اي قرار تحت الفصل السابع يبقى من المستحيلات اذا لم يكن من المحرمات لعدة اعتبارات تتفهمها الادارة الاميركية التي ستوقف نشاطاتها الخارجية في غضون اقل من شهر واحد للانصراف إلى ترتيب ادارتها الداخلية، تمهيدا لخوض الرئيس باراك اوباما انتخابات صعبة غير مضمونة النتائج. كما تدركها فرنسا الخارجة من انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة لم تفسح في المجال بعد امام الرئيس الجديد وحكومته لوضع الامور على السكة ودراسة الملفات الخارجية والبناء على المصالح الفرنسية الاستراتيجية.
وانطلاقًا من هذه القراءة، يعرب الدبلوماسي عن اعتقاده بأنّ الكباش الاميركي الروسي لن يتوقف في المدى المنظور، نظرا لحقيقة راسخة لا يمكن تجاهلها. فموسكو تبدو مرتاحة إلى وضعها بالرغم من الاقاويل المتداولة، فهي خارجة حديثا من انتخابات عامة أعادت الرئيس فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة، وبالتالي فإنّها لا تنتظر أيّ نوع من الاستحقاقات التي تقيد الادارة او الاداء الخارجي، كما انها لا تعاني من الديون والازمات المالية على خلاف الدول التي تضغط عليها، فضلا عن انها تخوض حربها الباردة بالواسطة، اي من خلال ايران وسوريا، وذلك خلافا لواشنطن التي تخوض المواجهة مباشرة بالرغم من وضعها الدقيق والمتهاوي في العراق وافغانستان، وكل ذلك وسط موازين قوى استراتيجية تميل باتجاه موسكو اقله في الوقت الراهن.
ويلفت الديلوماسي إلى أنّ لجوء واشنطن لتشديد الضغط المعنوي على موسكو يعود باساسه إلى رفض الاخيرة البحث مع الادارة الاميركية الحالية باي تسوية لموضوع الشرق الاوسط والعالمين العربي والاسلامي، فسياسة بوتين تعتمد على مبدأ كسب الوقت والاستفادة منه، وبالتالي فهو يعرف جيدا ان الاشهرالقليلة المقبلة كفيلة بتغيير المشهد الدولي خصوصا ان واشنطن ستعمد إلى تعليق مبادراتها في المناطق الحساسة والساخنة، بما يفسح في المجال امام موسكو لاحراز المزيد من التقدم، مع الاشارة إلى ان الدبلوماسية الاوروبية تنقل عن زوار بوتين ثلاث لاءات، اولها لا لاسقاط النظام في سوريا تحت الضغط الخارجي، ثانيها لا لتراجع موسكو عن ساحل المتوسط طالما ان الصراع الحقيقي يدور حول السيطرة على المياه الدافئة، وثالثها لا مفاوضات جدية او تسويات مع واشنطن قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية، الا اذا كانت التسوية تصب في خانة روسيا بشكل كامل لا لبس فيه.
واستنادا إلى جملة المعطيات هذه، تعمل الدبلوماسية الغربية على خطين متوازيين، مراقبة تطور العلاقات بين موسكو وبكين وايران من جهة، ومجموعة الدول الغربية الفاعلة اي اميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا من جهة ثانية، وبالتالي التشديد على تمرير الوقت الفاصل عن الانتخابات الاميركية بالامعان في محاصرة النظام السوري والضغط عليه عل الايام المقبلة تحمل مفاجآت غير متوقعة. اما الثاني فهو عامل الوقت الكفيل بتظهير تسوية ما، من شأنها اعادة موسكو ومعها مجموعة البريكس إلى المنطقة من خلال الاستفادة إلى اقصى الحدود من الملفين الايراني والسوري.

أنطوان الحايك

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...