مخترع نال ثانويته الصناعية وحاز براءتين

01-02-2012

مخترع نال ثانويته الصناعية وحاز براءتين

هل يمكن القول بأن الاختراع سمة أصيلة تفصح عن نفسها شغفا بتصنيع أدوات وتجهيزات قد يقضي آخرون حياتهم في استعمالها دون أن يراودهم السؤال يوماً حول طريقة عملها، أو يشغلهم قدر ما تختزنه من معرفة.
 
إن كان الجواب إيجابا، فلربما المخترع سليمان محمود يجسد الفكرة إلى حد بعيد، ففي حياته كطفل وشاب ورجل ثمة محطات كثيرة تثير الاهتمام بالفعل، وعلى الرغم من مرور ما يزيد على 20 عاماً على آخر براءة اختراع حصل عليها، إلا أن قصة حياته كـ«مخترع بالفطرة» تستحق أن تروى.
في صفوفه الدراسية الأولى، وسط أسرة فقدت معيلها مبكرا، بدأ الفتى الصغير علاقة مختلفة مع الأشياء والأدوات التي يستخدمها أو حتى تلك التي لم يتسن له التعرف إليها إلا من خلال الكتب المدرسية أو حتى الأحاديث في بعض الأحيان.
في سنيه الأولى، منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، صنع ألعابا سمع عنها وصفا من بعض زوار قريته إلى مدينة صافيتا في محافظة طرطوس، كالمراوح والطائرات الورقية، ليتمكن في الصف الثالث من تطوير ساعة حائط قديمة إلى آلة تعمل عمل مدفع السحور الذي يطلق طلقاته في أوقات منتظمة إيذانا ببدء السحور وانتهائه، بينما تمكن في الصف الرابع من تطوير بارودة صيد بنوابض وطلقات حجرية.
في الصف الخامس طور المخترع الطفل سليمان محمود نولا نسيجيا وفق معلومات استقاها من وصف لأحد مواطني قريته عن زيارته لورشة في مدينة حمص، ولا يزال يحتفظ إلى اليوم بقطعة قماش نسجها على ذلك النول.
حاول الفتى المخترع دخول الثانوية الصناعية بحلب، ولم يفلح، فأكمل تعليمه الإعدادي ليطور خلاله أدوات كثيرة كجرس كهربائي ومبرقة «مورس» وساعة يد تسجل عدد ساعات العمل، إضافة إلى طريقة لمعالجة لسع العقارب ولف محركات ومولدات للتيار المستمر والمتناوب بعضها ثلاثي الطور..
وبعد المرحلة الإعدادية حاول مجدداً الانتساب إلى الثانوية الصناعية بدمشق، ولم يفلح، فما كان إلا أن صنع ماكينة خياطة بمواصفات جديدة ونفذها عملياًبأدوات غاية في البساطة وعرضها ضمن معرض فني في صافيتا حضره مدير تربية طرطوس ومدير الثانوية الفنية باللاذقية، فكان أن قدم له مدير التربية الذي لا يزال يحتفظ له بهذه البادرة في قلبه، منحة مجانية إلى دمشق في العام 1959، ليواظب على شغفه الابداعي وطور هاتفا بلا بطارية يعمل على توليد المجال المغناطيسي.

براءتا اختراع
وحيث لا يمكن للإنسان أن يبتعد كثيرا، عاد سليمان الشاب متسلحا بعلومه الميكانيكية التي أطلقت قدرته على تحويل الأحلام التي راودته طفلا يعيش في بيئة زراعية فقيرة تنقصها المكننة إلى أقصى ما للمرء أن يتخيل.
بدأ سليمان محمود في تلك الأثناء حياته كمخترع محترف، فقام بتصميم آلة «دراسة» للحبوب وزودها بمواصفات وطريقة جديدتين للتذرية تعمل على فصل الأتربة الناعمة عن التبن، وأدخل إليها طريقة «التلقيم» عن الأرض، ولمن لا يعرف بطرائق الحصاد و«الدرس» فقد كان التلقيم يتم عن ظهر آلة «الدراسة» بارتفاع مترين عن الأرض ما أسهم في توفير جهد عاملين إضافيين كانت تتطلبهما العملية التقليدية.
وضمن المخترع محمود آلته المبتكرة طريقة جديدة للغربلة لا تحتاج معها العملية إلى تغيير الغرابيل لدى استخدام الآلة لـ«درس» صنف مختلف من الحبوب، بما يكرس تحسين الإنتاج وجودته ووفرته.
وعن آلته المبتكرة هذه، حصل المخترع سليمان محمود على براءة اختراعه الأولى في العام 1964 تحت رقم «1780».
واظب المخترع محمود على تحسين كل ما شأنه خدمة بيئته المحيطة، فعمل في منصف الستينيات من القرن الماضي على توليد الطاقة الكهربائية من الرياح باستطاعة «10 ك/ واط ساعي»، وظلت مروحته هذه تستخدم في توفير بعض الطاقة لبعض المهام في قريته إلى أن وصلت إليها الكهرباء في 1984 عبر الشبكة العامة.
وقام محمود في عام 1967 بصنع جهاز لتفجير الألغام لاسلكيا تم تجريبه في سلاح الإشارة بدمشق، ليقوم في 1969 بصنع جهاز إرسال يبث على الموجة المتوسطة على مساحة نصف قطرها 30 كم.
وفي العام 1972 طور المخترع محمود مضخم ترددات صوتية منخفضة بحساسية تفوق 12 مرة أذن الإنسان، ليتبعه في عام 1973 بصنع سيارة كهربائية صغيرة تزن 250 كغ بقوة 3 أحصنة يتم التحكم بها لا سلكيا في كافة الاتجاهات، ليعمل عليها مجدداً في عام 1983 ويطورها للعمل بقوة 8 أحصنة تسير بسرعة 65 كم في الساعة، ولمسافة 150 كم قبل أن يعاد شحنها بالكهرباء مرة أخرى، وكانت سيارته تلك، القديمة والجديدة، بمثابة فرجة حقيقية في مناطق ريفية لا تكاد تمر على طرقاتها الترابية سيارة في كل عام.
أكمل المخترع محمود أعماله ليطور جرارا زراعيا صغير الحجم يتناسب مع المناطق الجبلية حيث يعيش.
وفي عام 1987 اخترع محمود مكبسا أوتوماتيكيا لصناعة جميع أنواع الغرابيل المعدنية مع تحكم ومراقبة آليين لجميع مراحل العمل، وبأنواع وأطوال مختلفة للتثقيب..
وعن اختراعه الأخير حصل محمود على براءة اختراع تحت رقم «4119».

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...