مصر: فيديو الجنود «المتوسلين» يهزّ هيبة دولة «الإخوان»

20-05-2013

مصر: فيديو الجنود «المتوسلين» يهزّ هيبة دولة «الإخوان»

بدت مصر، يوم أمس، جسداً فاقداً للمناعة، بعدما شلَّ «وباءُ» شريط فيديو للجنود السبعة المخطوفين في سيناء مراكز الشعور والتفكير في مؤسسات الدولة بالشلل. وبينما كان الرئيس محمد مرسي يجتمع بعدد من قادة الأحزاب والشخصيات العامة التي قبلت دعوته للبحث في كيفية الخروج من تلك الحالة المتأزمة في شبه الجزيرة المصرية، بثَّ «مجهولون» شريطاً مصوّراً مدته دقيقتان وعشر ثوان للجنود المخطوفين، وسرعان ما تداوله ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي، سارقاً الأضواء من الاجتماع الرئاسي. افراد من الشرطة المصرية يعتصمون امام معبر رفح احتجاجاً على خطف الجنود السبعة (أ ف ب)
كان الفيديو صادما فالجنود السبعة أظهرهم خاطفوهم معصوبي الأعين ومقيدي الأيادي، في وضع» ذليل»، وقد تلى كل منهم اسمه ورتبته العسكرية والموقع الذي يخدم فيه وسنّه، قبل أن يتحدث أكبرهم - من حيث السن (21 عاماً) والرتبة العسكرية (عريف متطوع) ـ عن مطالب الخاطفين «بالإفراج عن «المعتقلين السياسيين من أبناء سيناء وعلى رأسهم الشيخ حمادة أبو شيتا»، ويناشد الرئيس محمد مرسي ووزير الدفاع بالتدخل قائلاً «لو إحنا غاليين عندك زي الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت، افرج عن أبناء سيناء يا ريّس، عشان إحنا مش مستحملين». إثر ذلك، وجّه المختطفون رسالة إلى وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي قائلين «يا وزير الدفاع رجالتك بتموت وإنت قاعد على كرسيك». وصاح المختطفون: «الحقونا»، وهم يستنجدون بالرئيس والوزير والأب والأم والناس.
فقدان المناعة كان في قمة تأثيره حين شبّه الجندي نفسه وزملاءه بجندي إسرائيلي، وهي حالة تبدّت ملامحها بوضوح خلال الأيام الأربعة الماضية، حتى اجتاح «الوباء» الجميع.
الملمح الأبرز لفقدان المناعة كان حين لم يستغرق اللقاء الذي جمع بين مرسي والسيسي ومدير المخابرات العامة اللواء رأفت شحاته، مساء امس الاول، سوى 27 دقيقة، خرج بعدها السيسي وشحاتة من باب خلفي لقصر الاتحادية.
وقف الصحافيون المعتمدون في قصر الرئاسة للاستفسار عما تم الاتفاق عليه بين الرئيس وقادة الأجهزة الأمنية، لكن أحداً من متحدثي الرئاسة. لم يجب.
مصادر داخل قصر الاتحادية أكدت رفض مرسي طلب السيسي تنفيذ عملية عسكرية «خاطفة» ضد خاطفي الجنود في سيناء، وذلك حرصاً من الرئيس على أرواح المخطوفين. وانتهى الاجتماع من دون التوصل إلى اتفاق محدد.
ولم يتأكد أحد من دقة المعلومات فلا المخابرات تعرف أين الجنود، ولا الرئاسة تريد تدخلا حاسما، والجيش غاضب.
ولكن ماذا بعد؟
مصدر عسكري في الجيش الثاني أكد انه «لم يتم حتى الآن تحديد أي موعد لبدء العملية العسكرية المتوقعة لتحرير الجنود السبعة المختطفين منذ صباح الخميس الماضي»، مضيفا أن الدفع بتعزيزات جديدة أمس، إلى سيناء يأتي في إطار دعم القوات المتواجدة هناك حال الدخول في مواجهة تستغرق بعض الوقت، خصوصاً بعد المعلومات التي أشارت إلى امتلاك الخاطفين أسلحة رشاشة ثقيلة وقذائف صاروخية «آر . بي .جي».
وأشار المصدر الى أن القوات المتواجدة حالياً كافية للدخول في أي عملية عسكرية «محتملة»، لافتا الى أن عملية تحرير الجنود إذا تم استخدام القوة فيها، ستكون «سريعة وخاطفة» ولا تحتاج إلى أعداد كبيرة، كما أنها لن تكون في حاجة إلى غطاء جوي.
حديث المصدر، بالإضافة لما يتم تداوله داخل قطاعات القوات المسلحة، يشي بأن ثمة استياءً واضحاً وغضباً مكتوماً في صفوف جنود الجيش، ومن المرجح أن يتعاظم بعد انتشار الفيديو.
وبدا واضحا أن الرئاسة «عاجزة» تماماً عن التعامل مع أزمة تضرب هيبة الدولة في مقتل، وتعلن بوضوح فشل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في سيناء.
وأعلنت رئاسة الجمهورية عن دعوة بعض رؤساء الأحزاب ورموز القوى السياسية وعدد من الشخصيات العامة للقاء الرئيس محمد مرسي، في قصر الاتحادية لمُناقشة تداعيات حادث اختطاف الجنود السبعة في سيناء، والحديث عن الجهود المبذولة من أجل سرعة الإفراج عنهم.
وأكد بيان لرئاسة الجمهورية أن «هذا اللقاء يهدف إلى بحث سبل التعامل مع هذه القضية في الوقت الراهن، والنقاش في وضع خطة عمل شاملة لتنمية سيناء والخطوات التنفيذية ذات الصلة».
وأكدت قيادات في «جبهة الإنقاذ» (رئيس «حزب مصر الحرية» النائب السابق عمرو حمزاوي، ورئيس «حزب المصريين الأحرار» أحمد سعيد، ورئيس «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» محمد أبو الغار) أنهم تلقوا بالفعل دعوة للمشاركة في الاجتماع لكنهم اعتذروا عن عدم المشاركة، وردَّ قياديو «الإنقاذ» على الدعوة برسالة جاء فيها «يعتذر ممثلو جبهة الإنقاذ من رؤساء الأحزاب عن عدم حضور الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الجمهورية لمناقشة الأوضاع في سيناء، وفي حين تؤكد الجبهة على أهمية هذه القطعة الغالية من أرض مصر التي تتعرض خلال الفترة الأخيرة لأزمات أمنية واجتماعية متتالية في ظل غياب تام للشفافية فإنها تعرب عن دهشتها في السلوك الانتقائي غير المفهوم في التواصل مع المعارضة التي تم استبعادها وإقصاءها عن مناقشة قضايا وقوانين مصيرية ذات آثار بعيدة المدى برغم محاولاتنا المستمرة لإيجاد أرضية للمشاركة الوطنية».
وذكرت «مصادر مطلعة» أن رئاسة الجمهورية اتصلت بالشخصيات المدعوة للمشاركة في «الحوار الوطني» قبل نحو ساعة من إعلان المبادرة بشكل رسمي.
وبدا الارتباك أكثر وضوحا في طريقة توجيه الدعوة، ففي حين أكد «التيار الشعبي» عدم توجيه أي دعوة لزعيمه حمدين صباحي، قالت مصادر مقرَّبة من رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي انه اعتذر عن تلبيه الدعوة.
في المقابل، أكدت الأحزاب الاسلامية («الوسط»، «النور»، «الأصالة»، «البناء والتنمية») أنها ستحضر اللقاء للوصل الى اتفاق بشأن التعامل مع الأزمة.
وندَّد القيادي في «حزب البناء والتنمية» (الذراع السياسي لـ«الجماعة الإسلامية») صفوت عبد الغني موقف المعارضة من الدعوة إلى الحوار، قائلاً لـ«السفير» إن المعارضين «لا يريدون التعاون مع الرئاسة ويقفون ضد الرئيس أيا كان توجهه».
وعندما سألته «السفير» عن سبب لجوء الرئاسة إلى المعارضة، وما دخل المعارضة بقضية أمنية،، ردَّ عبد الغني: «التشاور حفاظا على أرواح جنودنا، وحتى لا ندخل في دوامة الفعل وردّ الفعل مع الخاطفين في حال استخدام القوة في تحرير الجنود».
الخبير العسكري اللواء حسام سويلم علّق على الدعوة قائلاً إنها تعكس ضياع هيبة الدولة، وعجز مرسي وحكومة «الاخوان» عن إدارة الأزمة.
وقال سويلم: «الوقت ليس في صالح أحد، وكلما طالت مدة بقاء الجنود في قبضة الخاطفين، كلما زادت مطالبهم، وهو ابتزاز يجب أن تواجهه الدولة بقوة وحسم».

محمد فوزي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...