هزّة أمنيّة في إسطنبول: هجوم على القنصليّة الأميركيّة

10-07-2008

هزّة أمنيّة في إسطنبول: هجوم على القنصليّة الأميركيّة

تعرّضت تركيا، أمس، لضربتين أمنيّتين قاسيتين، أولاهما في إسطنبول، حيث نفّذت مجموعة مسلّحة هجوماً على القنصليّة الأميركية في المدينة، وثانيتهما في جبل أرارات في شرق البلاد حيث اختطُف 3 سيّاح ألمان. هزّتان تتزامنان مع توقيت سيّء للغاية بالنسبة إلى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم المعرَّض للحظر، وخصوصاً أن الحكومة ورئاسة البلاد تحتاجان في هذا الوقت، إلى استقرار يعيد إلى الحكم شيئاً من الثقة الشعبية، بعد الجوّ الانقلابي الذي سيطر على البلاد في الأسبوع الماضي، مع موجة الاعتقالات التي طالت قادةً التنظيمات السرية الذين كانوا يُحضّرون للانقلاب على الحكومة في السادس من الشهر الجاري.
وقدّمت السلطات التركيّة رواية مفصّلة عن هجوم القنصليّة؛ فعند الساعة 11 من قبل ظهر أمس، وصلت سيّارة تضمّ 4 مسلّحين إلى آخر نقطة حراسة للقنصليّة الأميركية في إسطنبول، وقفز منها 3 أشخاص واشتبكوا لثماني دقائق مع عناصر الشرطة والحرس الأتراك، ما أدّى إلى مقتل المسلّحين الثلاثة و3 من الشرطة. ثمّ فرّ السائق بسيّارته إلى مكان مجهول.
الحادث بتفاصيله غير مسبوق في تركيا، من ناحية الشكل، ما يحيط الجهة الفاعلة بالكثير من الغموض. غموض حاولت بعض وسائل الإعلام التركيّة أن تفكّ رموزه عندما لمّح بعضها إلى أنّ المنفّذين أكراد، وبعضها الآخر أشار إلى أنهم تدرّبوا على أيدي «القاعدة».
يشار إلى أنه يوجد عدد من المجموعات في تركيا نفّذت في السنوات القليلة الماضية، سلسلة عمليات أدّت الى وقوع عدد كبير من القتلى. فهناك خلايا تدور في فلك «القاعدة»، وتنظيمات يساريّة جذريّة فوضوية وماويّة وتروتسكيّة، كما أنّ عناصر تنظيم «العمّال الكردستاني» متّهمون دائماً بالتورّط بعمليات راح ضحيّتها مدنيّون وعسكريون.
غير أنّ معظم العمليات السابقة، كانت تتمّ عن طريق إما عبوات ناسفة أو انتحاريّين (أبرزها هجمات عامي 2003 و2004 التي استهدفت كنيسين يهوديّين والقنصلية البريطانية في إسطنبول والمصرف البريطاني HSBC). لكنّ أياً من هجمات الأعوام الماضية لم تتمّ على شكل فدائي كما حصل أمس.
والغموض حول الجهة، التي قد تكون خلف العمليّة أصاب السلطات التركيّة أيضاً. فالأخيرة لم تتّهم أي جهة، واكتفت بوصف الهجوم بأنه «إرهابي». صفة كرّرتها السلطات الأميركية على لسان السفير الأميركي لدى أنقرة، روس ولسن، والمتحدث باسم البيت الأبيض توني فراتو. وقد طالبت واشنطن أنقرة بزيادة حجم الحماية الأمنيّة لمصالحها في تركيا، التي استجابت فوراً للطلب.
التلميح الأوّل الذي صدر بشأن هويّة الجهة المنفّذة للهجوم، أوردته قناة «سي أن أن تورك» التي كشفت أنّ المهاجمين سبق أن سافروا إلى أفغانستان، حيث تلقّوا تدريبات في معسكرات «القاعدة». كما أنّ وسائل إعلام أخرى قالت إنّ أحد القتلى من المهاجمين يُدعى إركان كيرغيز، وهو من مدينة بتليس، الواقعة في جنوب شرق تركيا المعروف أن غالبية كرديّة تقطنه.
إلا أنّ السلطات الأمنيّة لم تعلّق على الخبر. وجلّ ما اعترفت به، أنّ اثنين من منفّذي الهجوم هما تركيّان، نافية على لسان حاكم إسطنبول، معمّر غولر، أن يكونا حاملين الجنسيّة السوريّة.
غير أنّ الخرق الأمني واضح في الهجوم. فمعروف أن مبنى القنصلية الأميركية في إسطنبول، الذي بُنيَ بعد اعتداءات عام 2003، يُعَدّ حصناً أمنياً مشيّداً على تلّة معزولة بجدار هائل قرب مضيق البوسفور، وتخضع الطرقات المؤدّية إليها لحراسة مشدّدة للغاية.
أمّا حادثة اختطاف الألمان الثلاثة، فتبدو أقل غموضاً، إذ وجّهت السلطات التركيّة على الفور التهمة إلى عناصر «العمال الكردستاني». ونقلت وكالة الأناضول للأنباء عن حاكم إقليم أجري محمد جيتين قوله إنّ «متمرّدين أكراداً خطفوا ثلاثة سيّاح ألمان في رحلة تسلق للجبال في شرق تركيا». غير أنّ خطف السياح نادراً ما يستخدمه مقاتلو «الكردستاني» الذي تتركّز أنشطته أساساً على مهاجمة أهداف عسكرية في جنوب شرق البلاد، وخصوصاً في المناطق الحدودية مع إيران والعراق وسوريا.
كما نقلت الوكالة نفسها عن جيتين قوله «الإرهابيون قاموا بهذا العمل بسبب خطوات الحكومة الألمانية في الآونة الأخيرة ضد اتحادات حزب العمال الكردستاني والمتعاطفين معه».

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...