هل تدخل سوريا مدار الحلول السلمية أم أنها تتحضّر لجولة عنف جديدة؟

16-04-2012

هل تدخل سوريا مدار الحلول السلمية أم أنها تتحضّر لجولة عنف جديدة؟

سلسلة من المواقف المتصلة بالازمة السورية ترافقت مع زيارة المبعوث العربي الدولي كوفي انان إلى طهران استهلها بإعلانه عن تلقيه تأكيدات من الحكومة السورية بالتزامها وقف اطلاق النار، تزامناً مع إعلان مصدر مسؤول في وزارة الدفاع السورية قرار وقف مهام قواتها المسلحة اعتبارا من التاريخ المقرر، فيما برز موقف صيني محذر من وصول مبادرة انان إلى مرحلة حرجة، في وقت أصرّت المعارضة السورية على موقفه المشكّك بالتزام النظام بوقف النار، متحدّثة عن تكتيك ينتهجه النظام لتحميل المسلحين مسؤولية أيّ خرق وتوظيفه في بازار التسويات التي حطت رحالها هذه المرة في طهران.
في الموازاة، تشكّك الدبلوماسية الشرقية بنتائج الحراك المتمادي في المنطقة المشتعلة برمتها، وتدعو إلى اعادة قراءة المواقف والمستجدات لفهم مجريات الامور، وتاليا تكوين قناعة حقيقية بان روسيا تسعى من خلال تحالفها الوثيق مع ايران من جهة والصين من جهة ثانية لاستعادة دورها على مستوى قيادة العالم، واعادة انتاج الكرامة الروسية التي وعد بها الرئيس فلاديمير بوتين من خلال تعويض ما خسرته موسكو منذ تسعينات القرن الماضي حيث انفردت واشنطن بقيادة العالم انطلاقا من عملية عاصفة الصحراء. فالسودان التي شهدت انطلاق شرارة الربيع العربي اذا ما جاز التعبير وانتهت إلى انفصال الجنوب، عاد إلى مربع ازمته الاول بعد دعوة الحكومة السودانية لاستعادة المدن النفطية، قابلتها حكومة جنوب السودان بدعوات مماثلة للدفاع عن الارض والمكتسبات. كذلك الامر فالمشهد الليبي لم يتغير كثيرا، بل ازداد سوءا في ظل صراعات قبلية مرشحة للتدرج صعودا تمهيدا لانتاج نظام جديد يسمح بدخول موسكو على خطوط توتراته العالية. كذلك الامر بالنسبة إلى مصر التي لم تحقق شيئا من ثورتها، ولم تحصد حتى الان سوى المزيد من التطرف الذي يفيد موسكو وطهران وبكين على السواء، ما دفع بالادارة الاميركية إلى محاولة استنساخ نظام حسني مبارك عبر تزكية رئيس المخابرات السابق عمر سليمان لرئاسة البلاد في مواجهة نجم الاخوان المتصاعد، والذي ينذر بعودة العنف.
هذا المشهد بحسب الدبلوماسية الشرقية يوحي بان عملية خلط الاوراق جارية على قدم وساق، في ظل حرب باردة تظهر معالمها باضطراد على غرار القرار الايراني الاخير القاضي بوقف صادرات النفط عن  كل من المانيا وفرنسا وبريطانيا واسبانيا واليونان، وذلك عشية بدء مفاوضاتها النووية مع دول الخمسة زائد واحد في اسطنبول، وذلك في اشارة واضحة إلى عزم طهران على الاستمرار في المواجهة انطلاقا من الملف السوري خلافا لما يعتقده البعض. فايران تفاوض على ازمة المنطقة برمتها وهي تسخر ملفها النووي وتضعه على طاولة البازارات لتحسين دورها على مستوى قيادة الخليج، وكل ذلك بعد حديث الكواليس الاسلامية عن امتعاض سعودي من تنامي الدور التركي الذي يخشى ان يكون على حساب المملكة وقطر بالتساوي.
كل هذه المعطيات بحسب الدبلوماسية دخلت على خط الازمة السورية، وباتت جزءا لا يتجزأ من الحل الصفقة التي يعمل عليها انان الذي كشف وللمرة الاولى ان بعض الدول العربية تسعى لاسقاط نظام الاسد، وهذا لا يندرج في اطار المهمة التي يعمل من اجلها، وهذا ما يمكن تفسيره تحذيرا غير مباشر للدول التي تستمر بالعمل على الخط السوري بمعزل عن الارادة الدولية التي اقرت على ما يبدو بضرورة تحقيق تسوية ما، ولو كانت على حساب بعض الدول الحليفة لواشنطن وللغرب.

أنطوان الحايك

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...