السوريات يعدن صياغة علاقتهن بالذهب إثر ارتفاع أسعاره

23-05-2010

السوريات يعدن صياغة علاقتهن بالذهب إثر ارتفاع أسعاره

لم تتخل بعض السوريات عن علاقتهن التقليدية مع الذهب رغم تخلي المعدن الاصفر عن عرشه لباقي القنوات الاستثمارية الجديدة التي اقتحمت السوق السورية في السنوات الاخيرة مثل المصارف ومؤسسات التأمين والبورصة وما زلن يفضلنه عن أي وسيلة أخرى للإدخار بل بدأ بعضهن يستثمرن فيه مستفيدات من طفرة الارتفاعات المتواصلة في الأسعار فيما تحول الذهب لدى الغالبية العظمى منهن إلى شيء من الماضي يتم اللجوء اليه في المناسبات وعند الحاجة فقط.

وساهمت التقلبات الشديدة في اسعار النفط والدولار والارتفاع غير المسبوق في أسعار الذهب في السنوات الأخيرة إلى فرز أساليب جديدة في تعاطي السوريات مع المعدن النفيس أولها لجوء بعض الميسورات منهن إلى اعتباره الأكثر أمانا للادخار من باقي الوسائل الادخارية الأخرى خصوصا مع الارتفاع الجنوني للأسعار عالميا حيث دفعت الازمة بعض السيدات الى البدء في الاستثمار فيه عن طريق شراء كميات من الذهب غير المشغول غالباً ومن ثم بيعه عند ارتفاع الاسعار وهو أمر لحظه بعض الصياغ في السوق السورية.

وقال الصائغ فادي سلطان إنه رغم الكساد الذي تشهده الاسواق لكن هناك مجموعة من الزبائن اللواتي يشترين الذهب في اوقات محددة ومن ثم يقمن ببيعه وتحقيق ارباح كبيرة مشيرا إلى أن الارتفاعات المتلاحقة في أسعار الذهب عالميا ومحليا ساعدت على هذا التحول مع وجود توقعات قوية بمواصلة الأسعار لارتفاعاتها في حال استمرار تراجع سعر الدولار أمام العملات الرئيسة وزيادة أسعار النفط ومواصلة المصارف المركزية حول العالم تخفيض سعر الفائدة.

وقدر رئيس جمعية الصياغة والمجوهرات جورجي صارجي مخزون السوريات من المصاغ بأكثر من 300 طن فيما رأى اقتصاديون انه سيكون من الأفضل ضخ الأموال التي يتم تجميدها كحلي ذهبية في الاقتصاد الوطني على المدى الطويل وخصوصا أنه اقتصاد واعد وينمو بمعدلات سريعة.

ويرى الباحث الاقتصادي عادل سمير أن مايشجع على تحويل الذهب المخزون الى سيولة نقدية يمكن استثمارها حقيقة أن قيمة هذا المخزون تشكل نسبة مهمة من إجمالي حجم هذا الاقتصاد مشيراً إلى إن الاقتصاد الوطني يمكن أن ينمو بمعدلات أسرع إذا ما تم استثمار الأموال المدخرة كذهب في أشكال استثمارية أكثر إنتاجية موءكدا ان البعض يحرمون أنفسهم من مكاسب تقدر بملايين الليرات سنويا اذا ما استثمروها في الموءسسات والشركات المالية الجديدة.

ومع رسوخ العمل المصرفي والمالي يتوقع اقتصاديون ان يفقد الذهب بريقه كحافظة لنقود السوريات لكنهم يتوقعون ان يستغرق الأمر وقتاً أطول ولن يكون في السنوات الخمس أو العشر القادمة على الأقل.

وعلى الضفة الاخرى تعاني سوق الصاغة من ركود كبير ولم يتحقق حتى الان الاقبال المتوقع على شراء الذهب مع بداية فصل الصيف وموسم الحصاد عند المزارعين وموسم الاعراس بالتزامن مع عودة المغتربين وقدوم السياح بل سجل ادنى مستوياته هذا الموسم بتراجع وصل إلى أكثر من 90 بالمئة نتيجة الارتفاع في اسعاره العالمية حيث سجل في الأسواق السورية مستوى قياسيا وصل إلى 1605 ليرات للغرام من عيار 21 مقابل 1371 ليرة للغرام من عيار 18.

وأصبحت السوق مقصدا للمضطرين فقط لشراء ما خف حجمه وقل ثمنه من الذهب كما يقول الصايغ سلطان مشيراً الى أن ارتفاع الاسعار أثر على الاذواق ايضا حيث باتت الغالبية العظمى تميل الى القطع الصغيرة والخفيفة الوزن لافتا الى ان سعر الطقم المقدم للعروسات بمئة ألف ليرة أصبح سعره الآن أكثر من 500 ألف ليرة ما أثر على طرق واسلوب الاختيار حيث بات من الملاحظ عدم اصطحاب العروس او والدتها عند شراء الذهب منعا للاحراج.

وككل المهن التي تعرضت الى شبح الازمة المالية العالمية فإن المئات من ورش صياغة المشغولات الذهبية توقفت وترك عمالها المهنة إلى مهن أخرى كما يقول الصايغ وديع الذي يشير الى أن الصياغ الان يرفضون شراء الذهب لضعف السيولة وغياب التوقعات الدقيقة لمصيره.

ويشرح صاحب أحد محال الذهب في دمشق ألبير منصور التطورات التي شهدتها أسعار الذهب عالميا مشيرا الى أن هذا المعدن شهد تقلبات شديدة في السعر بعد حدوث أزمة الرهن العقاري التي تعرضت لها البنوك الأمريكية وتزامنت مع قيام مجلس الاتحاد الفيدرالي المركزي الأمريكي بخفض الفائدة على الدولار عدة مرات وتبع ذلك تراجع الدولار أمام العملات الرئيسة وبالعدوى حدث ارتفاع في أسعار الذهب في البورصات العالمية.

وأكد منصور أن الأسعار القياسية التي وصل اليها الذهب أدت إلى إحداث بلبلة وقلق في الأسواق وحالة ذهول لدى التجار والمستهلكين مشيرا إلى أن الأسعار لم تتحرك بفعل إقبال على الشراء أو الاستهلاك الحقيقي إنما بسبب المضاربات في البورصات العالمية حيث تقوم صناديق الاستثمار في هذه البورصات بشراء أسهم وسلع وذهب ولذلك تقوم أحيانا بضخ مليارات الدولارات للشراء ومن ثم البيع لتحقيق مكاسب بعد ذلك.

ورأى منصور أن التكهن بمستقبل أسعار الذهب أمر بالغ الصعوبة في ظل التذبذب الواضح في الأسعار والارتفاعات غير المسبوقة التي شهدتها مؤخرا والتي تجاوزت أعلى سعر في التاريخ عندما بلغ سعر الأوقية عام 1981-850 دولارا لكنه أكد في الوقت نفسه أنه لا عودة لاسعار الذهب الى سابق عهدها.

يذكر أن أسعار الذهب في الأسواق المحلية شهدت ارتفاعات خلال السنوات الثلاث الماضية وبنسب كبيرة حيث كان سعر الغرام عيار 21 في أيار 2005 قرابة 440 ليرة وفي عام 2009 قارب سعر الغرام 1300 ليرة سورية وصولاً إلى مستوى قياسي مع بداية العام 2010 حيث ارتفع إلى 1400 ليرة سورية وما زال يواصل منحاه الصعودي حتى الأن.

سمر ازمشلي

المصدر: سانا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...