من سيحكم مصر؟

04-09-2010

من سيحكم مصر؟

الجمل: شهدت العاصمة المصرية القاهرة يوم أمس الجمعة 3 أيلول (سبتمبر) 2010م قيام أنصار وزير المخابرات المصري اللواء عمر سليمان بتعليق المزيد من الملصقات التي تحث الرأي العام المصري لجهة دعم ومساندة المرشح الرئاسي عمر سليمان: ما هي خلفيات ترشيح اللواء عمر سليمان لمنصب الرئيس المصري؟ وما هي حسابات الفرص والمخاطر المتعلقة بصعود اللواء عمر سليمان إلى المنصب الرئاسي؟ وما هو سيناريو الصراع الرئاسي الذي سوف يواجهه المرشح الرئاسي اللواء عمر سليمان الذي أصبح محتمَلاً؟
* التوازنات الجديدة في حلبة السباق السياسي: اللواء عمر سليمان لاعباً جديداً
تحدثت التقارير السياسية المصرية خلال الفترة الماضية على أساس اعتبارات أن الصراع الرئاسي القادم سوف ينحصر بين أطراف مثلث تنافسي يضم:جمال مبارك نجل الرئيس المصري حسني مبارك
• جمال حسني مبارك: ويجد الدعم بواسطة كبار رجال الأعمال المصريين، إضافةً إلى تأييد الحزب الوطني الحاكم لترشيحه وفقاً لاعتبارات الأمر الواقع المصري.
• الدكتور محمد البرادعي: ويجد الدعم بواسطة حركة الأخوان المسلمين وبعض الجماعات المصرية المحافظة الأخرى المعارضة لنظام الرئيس حسني مبارك.
• الدكتور أيمن نور: ويجد الدعم بواسطة حركة كفاية المدعومة بواسطة قطاعات المثقفين الليبراليين إضافةً إلى العديد من منظمات المجتمع المدني المعارضة لنظام الرئيس حسني مبارك.
لاحظت التقارير والتحليلات، ظاهرة عدم وجود مرشح رئاسي محتمل يتمتع بتأييد ومساندة المؤسسة العسكرية-الأمنية المصرية، وفي هذا الخصوص تحدثت التسريبات عن احتمالات ظهور وزير المخابرات المصري اللواء عمر سليمان أو الفريق سيد طنطاوي وزير الدفاع المصري الحالي، وخاصة أن المؤسسة العسكرية-الأمنية  المصرية منذ لحظة ثورة 23 يوليو 1952 وهي تمارس حضوراً قوياً وفاعلاً في عملية صنع واتخاذ القرار السياسي المصري، إضافةً إلى أن جميع الرؤساء المصريين خلال الفترة الممتدة من 23 يوليو 1952 وحتى الآن، جاء من صفوف هذه المؤسسة، وإضافةً إلى المنصب الرئاسي، فقد ظلت المؤسسة العسكرية-الأمنية المصرية تفرض حضورها القوي الفاعل في مختلف مستويات هياكل السلطة السياسية العليا والوسطى والدنيا.
برزت الملصقات والنشرات الدعائية الداعمة لترشيح اللواء عمر سليمان لمنصب الرئيس المصري، خلال فترة غياب الرئيس حسني مبارك وابنه المرشح المرتقب جمال مبارك، بسبب تواجدهما في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، وذلك من أجل حضور انطلاق جولة المفاوضات المباشرة الفلسطينية-الإسرائيلية.
* ماذا تقول المعلومات الجديدة؟اللواء عمر سليمان وزير الاستخبارات المصرية
جاءت المعلومات مساء أمس الجمعة وبشكل مفاجئ لتقول بأن العديد من الشوارع في العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت قيام بعض الناشطين بتعليق ملصقات وصور اللواء عمر سليمان وهي تحمل المزيد من الشعارات التي تدعو المصريين لدعم ومساندة انتخابه لتولي منصب الرئاسة المصرية. ولكن، لاحقاً وفي الساعات المبكرة من صبيحة اليوم السبت، جاءت المعلومات لتؤكد بأن صور وملصقات اللواء عمر سليمان قد تمت إزالتها من الشوارع المصرية، إضافةً لذلك، أصدرت السلطات المصرية المزيد من القرارات التي سعت لمنع وتحريم إدارة الحملات الانتخابية الرئاسية عبر الإنترنت والمواقع الالكترونية.
تداعيات الأحداث والوقائع السياسية التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة بين مساء يوم الجمعة وصبيحة اليوم السبت تحمل أكثر من دلالة وتثير المزيد من التساؤلات والتي من أبرزها:
- لماذا تم نشر الملصقات والمنشورات الدعائية الداعمة لانتخاب اللواء عمر سليمان ثم تمت إزالتها؟
- من غير الممكن عملياً نشر هذه الصور والملصقات في شوارع القاهرة وهي تحمل اسم وصور اللواء عمر سليمان وفي نفس الوقت يكون اللواء سليمان لا يعلم شيئاً عن الأمر، وهو وزير المخابرات المصري!؟
اختلفت النظريات التفسيرية لإيضاح هذه العلمية:
• نظرية سعت إلى مقاربة العملية باعتبارها تحرّك استطلاعي مدروس لردود أفعال الرأي العام المصري، بحيث تتم عملية نشر الصور والملصقات، ثم إزالتها، ثم القيام بعد ذلك بدراسة توجهات الرأي العام المصري، ومدى قبوله لشخصية اللواء سليمان، والسؤال الحرج هنا: من الذي خطط ونفّذ وسوف يقوم بدراسة النتائج الاستطلاعية المترتبة على ذلك؟
• نظرية سعت إلى مقاربة العملية باعتبارها مؤامرة مدروسة لجهة الإيقاع بين اللواء عمر سليمان وجمال مبارك، بما يؤدي بدوره إلى الإيقاع بين نخبة رجال الأعمال المصريين الداعمين لجمال مبارك والمؤسسة العسكرية-الأمنية الداعمة بالضرورة للواء عمر سليمان، والسؤال الحرج هو: لماذا الوقيعة، وفي هذا الوقت بالذات، ومن الذي يسعى إلى هذه الوقيعة، وهل أجهزة المخابرات المصرية لا تعرف عنها شيئاً؟
• نظرية سعت إلى مقاربة العملية باعتبارها عملية "بريئة" قامت بها جهة مجهولة من المصريين المتحمسين لدعم اللواء عمر سليمان، مارسوا حقهم المشروع في إبداء الدعم والمساندة والتأييد لترشيح عمر سليمان، وهو حق نقله لهم القانون المدني، والسؤال الحرج هو: لماذا تمت إزالة الصور والملصقات وبهذه السرعة؟المرشح محمد البرادعي
يتواجد الرئيس المصري حسني مبارك وابنه جمال مبارك في العاصمة الأمريكية واشنطن، وما هو مثير للاهتمام، أن اللواء عمر سليمان وزير المخابرات المصري، وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري، متواجدان معهما أيضاً في العاصمة واشنطن. وإضافةً لذلك، فقد أشارت التقارير إلى أن إزالة الصور والملصقات الدعائية قد تمت بناء على طلب اللواء عمر سليمان نفسه، والذي أصدر توجيهاً عاجلاً للأجهزة المصرية بإزالة هذه الصور والملصقات، فهل يا تُرى قرر اللواء عمر سليمان ذلك تفادياً للحرج، أم لأن الأمر جاء متزامناً مع صفقة جانبية يجري بناء وإعداد ترتيباتها في العاصمة الأمريكية واشنطن، وبحضور وإشراف الأمريكيين والإسرائيليين؟ خاصة وأن هناك تسريبات سابقة سعت إلى التأكيد بأن الرئيس المصري القادم يجب أن يحصل أولاً وقبل كل شيء على موافقة الإسرائيليين والأمريكيين، قبل الحصول على موافقة المصريين!
* الرمال المتحركة داخل الحزب الوطني: لعبة الرئاسة المصرية
تقول التسريبات السياسية المصرية بوجود خلافات كبيرة داخل الحزب الوطني المصري حول من يتوجب تسمية الحزب له كمرشح رئاسي في ا لانتخابات الرئاسية العامة القادمة، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
- تجمع كبار جنرالات المؤسسة العسكرية-الأمنية داخل الحزب، وعلى وجه الخصوص الضبّاط المتقاعدين الذين تحولوا إلى العمل السياسي يدعمون بشكل واضح ضرورة أن يكون مرشح الحزب الرئاسي من صفوف المؤسسة العسكرية-الأمنية، وذلك لأن الجلوس على كرسي قصر القبة المصري يتطلب المزيد من المعرفة بالأمور الإستراتيجية والحسابات الأمنية الدولية والإقليمية المعقدة، إضافة إلى القدرة على التعامل مع البيئة الأمنية المصرية الداخلية ذات الطبيعة غير المستقرة والحافلة بالمزيد من المخاطر والتي في مقدمتها: صعود حركات الإسلام السياسي، صعود الصراع الداخلي الأصولي الإسلامي في مواجهة الأصولي المسيحي القبطي، إضافة إلى تزايد الملفات ذات الطبيعة الأمنية-الجنائية الخالصة، وفي مقدمتها رواج انتشار المخدرات والجرائم الأخرى المتعلقة بالأموال وعمليات العنف المختلفة.المرشح أيمن نور
- تجمع كبار رجال الأعمال المصريين، وعلى وجه الخصوص الفئات الرأسمالية الجديدة الحديثة النشأة لدعم وتأييد ترشيح جمال حسني مبارك، وتقول المعلومات والتسريبات بأن ثروة رموز هذا التجمّع المالي قد تجاوزت حد الوصف. وفي هذا الخصوص، تقول التسريبات بأن خمسة عشر من رجال الأعمال الناشطين في المجال العقاري قد حصلوا وحدهم على ما قيمته 800 مليار جنيه مصري من المضاربات في الأسواق العقارية، وهو مبلغ يتجاوز 100 مليون دولار أمريكي. وفي هذا الخصوص، تقول المعلومات والتسريبات بأن حملة ترشيح جمال مبارك سوف تنطوي على عمليات استخدام واسعة النطاق للمال السياسي، وبما يمكن أن يفوق حجم المال السياسي الذي أُنفق في بعض حملات انتخابات الدول الكبرى.
- تجمع كبار رموز التكنوقراط، وعلى وجه الخصوص كبار المسئولين في الأجهزة الحكومية ذات الطابع المدني الصرف، وفي هذا الجانب تشير التسريبات إلى أن هذا التجمّع مازال متأرجحاً بين أطراف تدعم ترشيح جمال مبارك، وأطراف أخرى تدعم اختيار مرشح من بين صفوف المؤسسة العسكرية-الأمنية، مع وجود طرف ثالث مازال أكثر تحفظاً وإصرارًا لجهة عدم السماح بتصعيد الخلاف والتي سوف يؤدي إلى الإضرار بوحدة الحزب الوطني الحاكم في مواجهة خصومه التقليديين: حركة الإخوان المسلمين، حزب الوفد، الناصريين والشيوعيين.
هذا، وتقول التحليلات بأن الصراع داخل الحزب الوطني المصري الحاكم سوف يتفاقم خلال الأيام القادمة، وذلك بسبب الخلفيات التي سوف يخوض بها الحزب جولة الانتخابات البرلمانية العامة التي سوف تجري بعد حوالي ثلاثة أشهر. وفي هذا الخصوص، يوجد تنافس كبير بين رجال الأعمال وكتلة كبار المسئولين العسكريين المتنافسين داخل الحزب لجهة اختيار تسمية مرشحي الحزب الوطني لخوض  الانتخابات البرلمانية. وحالياً، يسعى كل طرف إلى زيادة عدد المرشحين التابعين له، خاصة وأن ذلك سوف يؤدي إلى تعزيز موقف التكتل داخل البرلمان المصري الجديد، وهو البرلمان الذي سوف تكون بيده عملية الموافقة النهائية على مرشح الحزب النهائي لتولي منصب الرئيس المصري.
برغم كل هذه التفسيرات  والخلفيات، تشير التوقعات إلى احتمالات أن يقوم جهاز الموساد الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية بعملية سرية هدفت إلى الآتي:
• اختبار ردود الأفعال المتبادلة بين الرئيس المصري حسني مبارك ووزير المخابرات عمر سليمان المتواجدان حالياً في أمريكا، إضافة إلى استطلاع مدى قابلية الرئيس حسني مبارك وابنه جمال على تقبّل ترشيح عمر سليمان، وهو أمر يمكن للأجهزة الأمريكية رصده ومعرفته بكل دقة، خاصة وأن "المجموعة" موجودة بالكامل في واشنطن دي سي هذه الأيام.
• اختبار وفحص مدى قابلية الرأي العام المصري لجهة دعم ومساندة مرشح ينتمي إلى طاقم النظام الحاكم، وذلك من خلال رصد وفحص التطورات الجارية وردود أفعال الشارع المصري خلال هذين اليومين إزاء التلميح بترشيح اللواء عمر سليمان لمنصب الرئيس المصري.
على الأغلب أن تبرز المزيد من المعلومات حول ملف ترشيح اللواء عمر سليمان خلال الفترة القادمة، وعلى وجه الخصوص في الأشهر التي سوف تعقب انتهاء جولة الانتخابات العامة البرلمانية، والتي سوف تعقبها مباشرةً عملية القيام بتشكيل مجلس الوزراء المصري الجديد، فهل يا ترى سوف يبقي الرئيس مبارك على عمر سليمان في منصب وزير المخابرات المصري، أم أنه سوف يتم إقصاءه وإخراجه من الطاقم التنفيذي، أم إنه سوف يضطر لإبقائه؟ وإن تمت عملية إبقاء عمر سليمان فعلى الأغلب أن تكون بفعل الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، وهي الضغوط التي سوف تحدث حصراً، إذا تبيّن لمحور واشنطن-تل أبيب، من خلال الاستطلاعات السرية الجارية الآن، بأن الرأي العام المصري سوف يتقبل عمر سليمان رئيساً لمصر!؟

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...