أجهزة الفحص الفني للسيارات أربع سنوات في المستودعات؟

17-03-2010

أجهزة الفحص الفني للسيارات أربع سنوات في المستودعات؟

من بين الجموع المحتشدة خرج متذمراً ومقطب الجبين، فهو يفشل للمرة الثانية في تجاوز الفحص الفني لسيارته، فهو أقسم أنه أصلحها كما طلب منه، ولكن الأجهزة الحديثة قالت كلمتها الحاسمة وخذلته.
 آخرون تجاوزوا الأمر بسهولة وحصدوا علامة النجاح وابتسامة نصر مخفية.
 أما في المراكز التي لم تحظَ بعد بخدمات الأجهزة الحديثة فالفحص يجري هناك بطريقة أخرى بالمعاينة والكشف وأحياناً مع ضغط العمل الشديد- حسب رواية بعض المشككين- بالتغاضي والتمرير وهؤلاء يقودهم سوء ظنهم إلى تأكيد هذه الرواية بالاستشهاد بالعدد الكبير من السيارات التي تبدو بحالة غير صالحة فنياً، ولاتزال تجوب شوارع المدينة ويتساءلون بخبث: إذا ما طبقت معايير الفحص الفني كما يردد المعنيون دائماً على جميع السيارات دون استثناء فما هو المصير الأسود الذي ينتظر سيارات الخدمة الرسمية وما الذي سيتبقى من اسطول السيارات الحكومي؟.
القصة تبدأ عند وزارة النقل من العالم الافتراضي، فمن يزور موقع وزارة النقل على الانترنت يكاد  يرقص طرباً للصور الحضارية التي تمثل مراكز الفحص الفني للسيارات التي أحدثت مؤخراً ووضعت معاييرعالمية لاختبار صلاحية السيارات فنياً للسير على طرقات المدينة الأكثر اكتظاظاً بالمطبات والحفر والتي يقتات بعضها على وقود وصف مراراً بأنه الأسوأ بيئياً لأنه مشبع بالكبريت الملوث.
ولكن على الطرف الآخر حيث تعج مديريات النقل بالسيارات التي تصطف منتظرة دورها، يعيش المراجعون حالة توجس وقلق دائمي،ن وتجثم الأجهزة الحديثة على صدورهم كالكابوس الثقيل حيث يعتقدون جهلاً  ربما أو قلة دراية بأنه جاء ليزيد الأمور المعقدة تعقيداً وليكون- على حد قولهم-مورد زرق جديداً دون أن يفطنوا أن الفحص الفني للمركبة يعطي مؤشراً قوياً على سلامتها وصلاحيتها ويكون بمثابة صمام أمان للتخفيف من حوادث السير.
 ولهذه الأجهزة حكاية تروى، فبعد سنوات قضتها في المستودعات خرجت أجهزة الفحص الفني- التي كانت عندما تم التعاقد عليها من أحدث الأجهزة-إلى النور ووجدت طريقها إلى مراكز الفحص الفني التي أحدثتها وزارة النقل في مديرياتها المنتشرة في المحافظات ولكن بعد أن جرّت معها جملة من المشكلات والأعطال ظهرت للعيان إثر استخدامها بفترة وجيزة.
وعلى الرغم من أنها كانت على حد تعبير أحد العارفين بالأمور في وزارة النقل(مضمونة)، أي أن صيانتها كانت تقع في ضمانة المتعهدين، لكن فترة الضمان انتهت بسبب تأخر تركيب الأجهزة، وأعطالها اليوم تحتاج إلى صيانة.. أما المفاجأة الجميلة التي حملها خبر هذا العارف ببواطن الأمور، فهي أن عقد  التوريد لم يرفق بعقد صيانة كما يقتضي المنطق بل تنبه المعنيون له بعد حدوث الأعطال وباشروا أوربما سيباشرون بإجراءات جديدة للحصول على عقد صيانة يحفظ القليل من ماء الوجه.
 وأوقعت الأعطال العديدة في عدة محافظات والتي تكررت وجعلت بعضها يخرج من الخدمة وزارة النقل في الحرج ودفعتها لإصدار تعميم تطلب بموجبه من مديرياتها إصلاح أعطال الأجهزة الاستعانة بالخبرات الوطنية ومن إيراداتها ريثما يتم التوصل إلى حل لهذا الموضوع.
(عالوعد يا كمون!!)
في مديرية نقل دمشق كانت محطتنا الأولى، لنرى على أرض الواقع كيف يعج المكان بكل هذا العدد الكبير من السيارات التي تنتظر دورها للفحص الفني قبل إتمام إجراءات الترسيم، على الرغم من أن الفحص يتم بشكل عيني وبدقائق، غير أنه مع ضيق المكان والازدحام الشديد يصبح معاناة تستحق التوقف، لاسيما أن البناء الحديث الذي تعلق عليه الآمال للتخفيف من هذا الضغط لايزال منذ سنوات على الهيكل ،وربما يحتاج لسنوات أخرى حتى يصبح جاهزاً والهنغار المخصص للتحول إلى الفحص بطريقة حديثة وبأجهرة متطورة ودقيقة مغلق حتى الساعة والوعود بتجهيزه لاتزال وعوداً.
مدير النقل في دمشق عبد الغني عثمان أشار إلى أن موقع المديرية في منطقة مزدحمة في دمشق سبب الارباك لنا وللمواطن، ولكننا نقوم بجهدنا لتقديم الخدمة للجميع دون استثناء، رغم ضغط العمل الكبير فقد أصبح اليوم في دمشق ما يزيد عن 425 ألف سيارة لكنه تفاءل خيراً بالبناء الحديث الذي يجري العمل على تجهيزه والهنغار المخصص للفحص الفني بالأجهزة، لأنه سيخفف من الازدحام على حد قوله.
 وفي التفاصيل يخبرنا المهندس رامز دحدل من مديرية نقل دمشق بأن الفحص يجري حالياً بشكل عيني بناء على النظرة والخبرة الشخصية، فنحن نتأكد من مطابقة المواصفات للسيارة من حيث اللون والمحرك والأضواء والتحقق من رقم الشاسيه، ويشير إلى العناء الكبير الذي يحس به المواطن والمشرفون على الفحص بسبب ضيق المكان والازدحام الكبير، ولكنه يتفاءل بأن الأوضاع ستتحسن كثيراً عندما يجهز الهنغار الذي أعد لهذه الغاية، لأنه من المقرر أن يكون فيه أربعة مسارب للسيارات وستقوم الأجهزة بفحص السيارات بشكل دقيق، ولكن هذه العملية التي تأخذ اليوم دقائق ستطول إلى العشرين دقيقة لكل سيارة، ريثما تمر على كل الأجهزة وهذا سينعكس على الازدحام أيضاً.
حاولنا  أن نغوص أكثر إلى العمق لنعرف لماذا التأخير في تجهيز البناء واستلام الأجهزة في دمشق التي تعج بالعدد الأكبر من السيارات، فأضاء لنا الدكتور رياض الخليفة مدير النقل الطرقي في وزارة النقل بعضاً من الجوانب المعتمة من هذا الموضوع، وأشار إلى أن الوزارة تعمل تباعاً على تركيب أجهزة الفحص الفني التي تم تسلمها بعقدين لجميع المحافظات، وقد ركبت وتعمل بكفاءة في عدد من المحافظات ولم يتبقَ سوى درعا وطرطوس ودمشق، حيث تجري الترتيبات النهائية لتجهيز الهنغارات وتركيب الأجهزة، منوهاً إلى أن هذه الأجهزة تعمل وفق معايير عالمية ومتبعة في دول الجوار.
المسموح.. والممنوع
 ويطلعنا السيد وائل النايفة على المعايير التي تعتمدها أجهزة الفحص الفني الحديثة، فبالنسبة لأجهزة فحص الغازات العاملة على البنزين يكون الحد الأقصى المسموح به لغاز أول أوكسيد الكربون 5٪، والحد الأقصى المسموح به للهيدروكربونات أجزاء بالمليون.. أما بخصوص أجهزة فحص الغازات العاملة على المازوت فالحد الأقصى المسموح به(كثافة الدخان) 60٪
- أجهزة الانزياح الجانبي 10ملم لكل 1متر.
-فحص المخمدات أن تكون فعاليتها أكبر أويساوي 45٪
أما الفرامل فلها معايير خاصة:
نسبة الفرق الأعظمي على المحور الأول أكبر أويساوي 50٪
نسبة الفرق الأعظمي على المحور الثاني أكبر أويساوي 50٪
نسبة الفرق الأعظمي بالنسبة لمكابح اليد أكبر أويساوي 50٪
 ونسبة التباطؤ للسيارات والباصات 45٪ والشاحنات بوزن أكبر من 5ر3طن 40٪، والمكابح اليدوية 16٪ ،أما جهاز الأنوار فالانحراف المسموح به 30سم بالاتجاه y ، و60 سم بالاتجاهX.
 ويشير السيد نايفة إلى أن هذه الأجهزة تحاكي حركة السيارة على الطريق وهي تعطي قياسات دقيقة عن الحالة الفنية للسيارة حتى في السرعات العالية لضمان أمن وسلامة المركبة  وراكبيها أيضاً. وحول مراكز الفحص الفني الخاصة يروي لنا السيد نايفة القصة: كان هناك 26 مركزاً حصلت على موافقات قديمة، ولكن صدر بعد ذلك قرار من مجلس الوزراء لحصر هذه المراكز في المناطق الصناعية والخدمية وشكلت لجنة مشتركة بين وزارة الإدارة المحلية والبيئة(سابقاً) كشفت على المراكز واقترحت إعطاء موافقات للبعض، و الجاهزون اليوم لإعطاء الموافقة النهائية يصل عددهم إلى خمسة مراكز موزعة على محافظات مختلفة، وهم جاهزون للاستثمار  وأجهزتهم جاهزة، وقد أعدت الوزارة مؤخراً التعليمات الناظمة لعملهم ستصدر قريباً بشكل رسمي ليبدؤوا عملهم بعد أن ينجزوا شبكات ربط حاسوبي مع مديريات النقل في المحافظات وبرسوم تقترب من الرسم المفروض  في المراكز الحكومية، ففي حين يصل الرسم في المراكز الحكومية إلى 500 ليرة لن يتجاوز الرسم في المراكز الخاصة الـ600 ليرة، وتنحصر مهمتهم في التأكد من الحالة الفنية للسيارة في حين تستمر مديريات النقل بإعطاء الأوراق الرسمية والأساسية  .
 مازلنا مترددين
 الدكتور ستالين كغدو رئيس الجمعية السورية للوقاية من حوادث الطرق ينبه إلى أن هناك عدة أشياء يجب أن نركز عليها أثناء إجراء  الفحص الفني للمركبات لتحقيق سلامة المركبة وسلامة الركاب كالفرامل والمسّاحات والدوزان، إضافة إلى الانبعاثات الغازية الضارة بسبب نوعية الوقود أو المحرك، والمسألة الثالثة التي يعتبرها الدكتور كغدو توازي الفحص الفني في الأهمية تخص المحول الحفاز واعتماده كشرط لصلاحية المركبات، وهو عبارة عن فلتر يوضع على الأشطمان بعد خروجه من المحرك يحول الغازات الملوثة والضارة إلى أقل ضرراً وقد أصبح الزامياً في معظم دول العالم حتى أن شركات السيارات أصبحت تدرجه في موديلاتها الحديثة كما تبنته الدول العربية والمجاورة .. أما بالنسبة لنا فلانزال مترددين، صحيح أنه تشكلت لجان لدراسته والبت فيه، لكن هذا الأمر أخذ وقتاً طويلاً من الجدل والنقاش دون الوصول إلى نتيجة.. وحول المراكز الحديثة، التي جهزتها وزارة النقل في بعض مديريات النقل بالمحافظات يضيف الدكتور ستالين:زرتهم باللاذقية السنة الماضية وحسب علمي معظم أجهزة الفحص الفني فيها الكثير من الأعطال والمشاكل، لأنها ركنت في المستودعات لعدة سنوات قبل أن تركب وهذا النوع من الأجهزة يعد  عالي الحساسية، فما فائدة أن نركب أجهزة لسنا واثقين من مصداقيتها، ومن ثم ألا يفترض مع أزمة التلوث الخانقة التي تعيشها دمشق أن تكون لها الأولوية في تركيب أجهزة الفحص الفني مثل باقي المحافظات؟!.
حقائق
-أجهزة الفحص الفني استوردت منذ سنوات بعقدين لجميع المحافظات، لكنها ركنت في المستودعات وتسبب الإهمال بكثرة الأعطال فيها.
-لاتزال مديرية نقل دمشق بانتظار تجهيز الهنغار المغلق منذ سنوات والبناء الذي لم يتجاوز مرحلة الهيكل لحل أزمة الازدحام لديها واللجوء إلى الأجهزة الحديثة ذات القياسات  الدقيقة بدلاً من الكشف العيني.
-خمسة مراكز خاصة حصلت على الموافقات  لاعتمادها  من وزارة النقل كمراكز للفحص الفني للسيارات، وهي تتوزع في مختلف المحافظات وستبدأ باستثمارها  قريباً وستكون مربوطة بشبكة حاسوبية مع مديريات النقل في المحافظات وبرسوم لاتتجاوز 600 ل.س.

سهام طلب

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...