اللاذقية القديمة تعانق قوس النصر وتضج بالحياة

04-08-2016

اللاذقية القديمة تعانق قوس النصر وتضج بالحياة

بين أبنية من الحجارة القديمة المرصوفة، يقف قوس النصر مُراقبًا قلبَ مدينة اللاذقية القديمة، ومركزَ تجارتها وحِرفها مشرفاً على سوق مكتظّ وشوارع تضج بالحياة. يفصل القوس الروماني بين حقبة تاريخية تروي حكاية عروس الساحل بشغفها للحياة، وأخرى عمرانية حديثة تشمخ فيها الأبنية المرتفعة.
لقوس النصر حكاية تاريخية يعرفها ويرويها غالبيّة سكان «حيلقوس النصر حكاية تاريخية تعرفها وترويها غالبيّة سكان «حي الصليبة» الصليبة» الذين يرون في القوس أيقونة. تروي الحكاية أن الإمبراطور الروماني «سبتيموس سفيروس» كافأ اللاذقية في العام 194م لوقوفها إلى جانبه أثناء حربه ضد الأباطرة الرومان بقيادة «كاسيوس» الذي دمّرها سابقاً. أمر «سبتيموس سفيروس» بتوسيع شوارع اللاذقية وبات لها شارعان رئيسيان أحدهما يجتازها من الشمال إلى الجنوب (شارع القوتلي حالياً) والآخر من الشرق إلى الغرب (شارع الغافقي حالياً). وازدانت الشوارع الأساسيّة بصفوف من الأعمدة الصوّانية على طرفيها، كما أمر ببناء القوس الكبير فيها وأطلق عليه تسمية «قوس النصر». يعتقد البعض أن تقاطع الشارعين على شكل صليب هو سبب إطلاق إسم «الصليبة» على الحيّ، في حين تقول رواية أخرى أنه سمي نسبةً إلى الصليبيين الذين احتلوه إلى أن حرره صلاح الدين الأيوبي.
الى جوار القوس، ثمة حديقة صغيرة. بضعة أطفال يلعبون كرة القدم، تراقبهم عيون أمّ تجلس تحت ظل شجرة، تقول السيدة: «هذه الحديقة عادة ما تكون مزدحمة في فصل الصيف، فمعظم الناس يهربون من حرّ منازلهم خصوصاً مع الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي». على الجهة المقابلة للقوس ساحة صغيرة تصطف على أطرافها مجموعة من الأبنية، بعض طوابقها السفلية تحولت إلى ورشات خياطة، بعد توافد النازحين الباحثين عن الأمان. ولعلّ «الصليبة» وبسبب موقعها في وسط المدينة وقربها من معظم الأسواق، شكّلت مكانًا ملائمًا ليطلق النازحون مشاريعهم.
في العام 2011 ومع بداية الحرب في سوريا، اشتهر «حي الصليبة» في اللاذقية كأحد أبرز المناطق التي شهدت توترات وتظاهرات، إلا أن زيارة مطولة للحي تظهر تلاشي أثر تلك الفترة، باستثناء الانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي التي تسببت بتعطل العديد من الورشات المهنية الصغيرة، في حين قامت ورش ومصانع صغيرة باستعمال مولدات الطاقة ما زاد من الضجيج في الحي.
من بين جدران هذا المكان الّذي مرت عليه أزمنة وأزمنة، تستطيع سماع أصوات سهرات وضحكات الماضي، أصوات الاحتجاجات والتظاهرات تختلط بدموع شهدتها المنطقة، أحاديث الأطفال والشباب والمسنّين، كل من مرّ من هنا ترك ذكرى من ذاته، تعانق حجارة بقيت على الرغم من مرور الأزمان.

نينار الخطيب

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...