المشهد اللبناني ما بعد صدور القرار الظني للمحكمة الدولية

18-01-2011

المشهد اللبناني ما بعد صدور القرار الظني للمحكمة الدولية

الجمل: تشير كل التوقعات إلى أن منطقة الشرق الأوسط سوف تشهد تحولاً نوعياً جديداً في طبيعة الصراع وذلك بما سوف يترتب عليه نقل الصراع العربي-الإسرائيلي باتجاه سياق جديد سوف يتبلور على خلفية التطورات الجارية في ملف محكمة لبنان الدولية: ما هو سياق الصراع الجديد؟ وما هي المدخلات الجديدة في ملف الصراع العربي-الإسرائيلي؟
* بنية الصراع الشرق أوسطي: توصيف المعلوماتلقاء القادة في القمة الثلاثية السورية-القطرية-التركية في دمشق
تحدثت التسريبات المتداولة بأن القرار الظني الخاص بمحكمة لبنان الدولية سوف يتضمن إعداد قائمة توجيه الاتهامات وفقاً لسردية افتراضية تقول بأن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي قد أصدر فتوى بقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وبأن هذه الفتوى قد تم إيصالها بواسطة قائد قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى قائد حزب الله العسكري عماد مغنية، والذي قام بالتشاور مع مصطفى بدر الدين ثم انتقاء من عناصر حزب الله التي قامت بتنفيذ عملية اغتيال رفيق الحريري.
تقول المعلومات والتسريبات بأن العاصمة الأمريكية واشنطن تشهد حالياً المزيد من التحركات الساعية لتثبيت أركان هذه السردية المفترضة في أوساط الرأي العام العالمي، وفي هذا الشأن تشير المعلومات إلى جهود مكثفة تم القيام بها بواسطة خبراء مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية التابعة لجماعات اللوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد لجهة تحديد أفضل الأساليب والخطوات التي يتوجب الدفع باتجاه إنفاذها وتفعيلها على المسرح الشرق أوسطي بدءاً من لحظة صدور قرار الاتهام الظني المتوقع في نهاية آذار (مارس) أو مطلع نيسان (أبريل) 2011 القادمين.
* تحليل اتجاهات الصراع في مرحلة ما بعد صدور قرار الاتهام الظني
تحدثت التسريبات الأمريكية عن العديد من التحركات الساعية لجهة ترتيب المسرح الشرق أوسطي والدولي من أجل تعزيز قدرة واشنطن على الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة لجهة توجيه وإعادة توجيه مفاعيل الصراع في الاتجاه الذي يضعف موقف خصوم إسرائيل في الشرق الأوسط، وتقول آخر التسريبات الآتي:
•    على مستوى الكونغرس الأمريكي: تم إطلاع أعضاء الكونغرس الأمريكي (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) وعلى وجه الخصوص أعضاء اللجان الرئيسية بالتطورات الجارية والمحتملة في منطقة الشرق الأوسط بعد إعلان قرار الاتهام الظني في محكمة الحريري، وأشارت التسريبات  إلى أن الكونغرس الأمريكي سوف يسعى خلال الصيف القادم إلى إصدار المزيد من القوانين الجديدة التي تستهدف خصوم إسرائيل الشرق أوسطيين.
•    على مستوى الإدارة الأمريكية: بدأت التحركات باتجاه الآتي:
-    أن تسعى الخارجية الأمريكية، وتحديداً السفير الأمريكي جيفري فليتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأوسط باتجاه ترتيب الأمور في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بما يتيح إجراء المحاكمة غيابياً في حق من سوف تشملهم قاعة الاتهامات.
-    أن يسعى البيت الأبيض الأمريكي باتجاه تكوين مجموعة اتصالات يشرف عليها الرئيس الفرنسي ساركوزي بهدف إجراء المشاورات مع الأطراف المعنية بالأزمة.
•    على مستوى جماعات اللوبي الإسرائيلي: سوف تتضمن التحركات القيام بحملة كبيرة هي الآتي:
-    قيام منظمة الإيباك بحثّ الكونغرس الأمريكي من أجل إصدار المزيد من القوانين الجديدة، والتي سوف يكون أبرزها: إصدار قانون وقف المساعدات الأمريكية للبنان، وعدم استئنافها إلا إذا تمت إعادة سعد الحريري إلى منصب رئيس الوزراء اللبناني.لقاء الحريري-أوباما في العاصمة الأمريكية واشنطن الأسبوع الفائت
-    قيام الفعاليات الإعلامية بشيء واحد من أكبر العمليات النفسية لجهة ترسيخ فكرة أن سردية اغتيال الحريري الافتراضية هي سردية حقيقية، وذلك بما يؤدي إلى اصطفافات الرأي العام العالمي إلى جانب هذه السردية.
هذا، وتقول بعض التسريبات بأن بعض الخبراء الأمريكيين يقومون حالياً بدراسة ما يتوجب على واشنطن وحلفائها القيام به إذا شهدت الساحة اللبنانية سيناريو اندلاع عمليات العنف.
* قمة دمشق : إشكالية احتواء الأزمة اللبنانية الوشيكة
شهدت العاصمة السورية دمشق بالأمس انعقاد قمة ثلاثية سورية-قطرية-تركية، خُصصت لاحتواء أزمة الملف اللبناني، وأعقب ذلك قيام الطرفين القطَري والتركي بزيارة العاصمة اللبنانية بيروت، وفي نفس الوقت فقد أعلن الرئيس اللبناني ميشيل سليمان عن تأجيل بدء مشاورات تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة إلى منتصف الأسبوع القادم.
تندرج قمة دمشق الثلاثية ضمن جهود الدبلوماسية الوقائية السورية التي ظلت تسعى بشكل حثيث من أجل عودة الصف اللبناني، وتحقيق استقرار لبنان وإبعاد اللبنانيين عن تدخلات الأطراف الخارجية وعلى وجه الخصوص محور واشنطن-تل أبيب المتورط في العديد من فعاليات ابتزاز إرادة وسيادة لبنان.
التحديات الماثلة أمام فعاليات دبلوماسية دمشق الوقائية إزاء ملف الأزمة اللبنانية تتمثل في الآتي:
-    فجوة الوقت: تزايدت تطورات الأحداث والوقائع البالغة التعقيد من جهة، ومن جهة ثانية فإن الوقت المطلوب لاحتواء تعقيداتها أصبح ضيقاً للغاية.
-    فجوة الثقة: تزايدت تباعدات المواقف اللبنانية-اللبنانية المتنافرة بين طرف يسعى إلى التأكيد بأن ما يحدث هو سيناريو إسرائيلي-أمريكي يستهدف السيادة اللبنانية، وطرف آخر يزعم أنه يعرف الحقيقة، فإنه يسعى إلى اعتماد السيناريو الإسرائيلي-الأمريكي طالما أنه سيناريو يجلب له المزيد من الفوائد والمنافع.
-    فجوة التوقعات: سعى محور واشنطن-تل أبيب إلى تعمد القيام بالتصعيدات المبكرة، وتوظيف المزيد من القدرات والإمكانيات غير المسبوقة لجهة الدفع من أجل إسقاط السيناريو الذي يتيح لهذا المحور تزوير وتزييف الحقائق، الأمر الذي خلق بالضرورة فجوة كبيرة في بنية وطبيعة التوقعات، وحالياً، حتى حلفاء محور واشنطن-تنل أبيب اللبنانيين لا يستطيعون معرفة ماهية النتيجة النهائية التي سوف تتحقق، ويكتفون فقط بالحصول على المكاسب الصغيرة التي تقدمها لهم أطراف محور واشنطن-تل أبيب.
إذاً، وبالنتيجة، يمكن التكهن بأن مستقبل لبنان قد أصبح محفوفاً بالمخاطر، والتي يأتي في مقدمتها الخطر الداخلي المتمثل في حلفاء محور واشنطن-تل أبيب اللبنانيين، والذين أكدت معطيات خبرة الأزمات اللبنانية السابقة أنهم لم يعودوا قادرين على التكيف مع الواقع السياسي القائم إضافة إلى أنهم أصبحوا أكثر تعالياً وغروراً حتى لو دفع لبنان الثمن ووقع في البحر!


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...