المعلم: الإصلاح قادم وشامل ونراهن على وعي الشعب السوري

24-05-2011

المعلم: الإصلاح قادم وشامل ونراهن على وعي الشعب السوري

اعتبر وليد المعلم وزير الخارجية السورية، في مقابلة مع التلفزيون السوري، أن إغراءات جاءت عبر أقنية معينة من الجانب الغربي لإجراء تغييرات في السياسة الخارجية السورية كمقايضة حول الشأن الداخلي، وأن سوريا رفضتها، مشدداً على علاقة دمشق بكل الدول التي تؤيد القضية الفلسطينية. ورأى أن العالم ليس أوروبا وأميركا فقط، موضحاً أن السياسة السورية ستركز على البعد العربي وآسيا وأميركا اللاتينية مجدداً. المعلم خلال المقابلة أمس
وكان لافتاً الهدوء المتعمد لرئيس الدبلوماسية السورية، وتقصده عدم الإشارة لتركيا أو قطر بالاسم أو بالتورية. كما بدا من حديث المعلم أن الدبلوماسية الخارجية تستعد لخطوات رفض المعلم الخوض في تفاصيلها. وتوقع أن يكون هناك إجراءات إضافية من جانب الغرب، مستبعداً العمل العسكري «لأن سوريا ليس لديها موارد نفطية»، منوّها بأن الهدف من الأزمة هو إضعاف سوريا واستنزاف طاقتها.
وأبدى ثقته بإمكانية تجاوز الأزمة، مراهناً على «وعي الشعب السوري». ودعا «بعض الفئات» إلى عدم «المراهنة على الغرب»، لأن الغرب «يتصرف وفق مصالحه». وأبدى ثقته بالجانب الروسي، موضحاً «أعول على الموقف الروسي». وتساءل مستعيناً بتجربة ليبيا إن كانت بعض الدول في مجلس الأمن الدولي ستقبل باستمرار الهيمنة الأميركية على المجلس.
واستهلّ المعلم حديثه بإشارته إلى العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا أمس، واصفاً إياها بأنها «صفحة سوداء في تاريخ الاتحاد الأوروبي»، مشيرا الى أن سفر وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون الى واشنطن جاء «تمهيداً من أجل اتخاذها» وأن القرار الأميركي كان الهدف منه «إنهاء الانقسام الأوروبي حول سوريا» وإن أكد أن دمشق ترى «أن أميركا هي التي تقود هذه الحملة».
ورأى المعلم أن السببين الحقيقيين للعقوبات هما «التحريض على استمرار الأزمة واستنزاف سوريا». وقال إن الأوروبيين «أخطأوا حين اتخذوا عقوبات تضر بمصالح الشعب السوري ولا سيما الجانب الاقتصادي»، مشيراً الى أن شمول العقوبات للمساعدات التنموية ستؤثر على حركة التنمية والإصلاح في البلاد. واستنتج «يريدون أن تستنزف سوريا لأنها الرقم الصعب أمام مخططاتهم والتوسع الإسرائيلي، وأن تضعف سوريا أمام هذه المخططات». وسأل «هل تضعف سوريا من قبل فئات شعبها. سؤال أخاطب به هذه الفئات؟» في إشارة إلى فئات المحتجين مضيفاً «أليست إسرائيل المستفيد الأول؟».
ولفت المعلم في مخاطبته المحتجين أن الغرب لا يلتفت إلا إلى مصالحه، مذكراً بخطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي خاطب به الدول العربية والإسلامية مؤيداً دولة فلسطينية بحدود 1967 ثم تراجعه أمام مؤتمر «آيباك» عن هذا الوعد.
وسأل وزير الخارجية عن أسباب الموقفين الفرنسي البريطاني بعد أن بدأت العلاقات تتحسن مع هذين البلدين، فرد ذلك إلى عنصر «تغير الحكومات»، مشيراً الى أن وزير خارجية فرنسا آلان «جوبيه ربما يتخذ موقفاً ثأرياً لفترة (الرئيس الفرنسي جاك) شيراك». كما قال إنه تحدث إلى وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ سابقا، وأن الأخير «اتخذ موقفا رغم أنني تحدثت له هاتفيا وكان منطقيا، ولكن في الإعلام فإنه ينظر لمصالح حزبه الداخلية».
وحيال الشراكة الأوروبية، قال المعلم إن سوريا هي التي أوقفتها لأننا «لمسنا أن فيها إجحافا واضحا للمصلحة السورية، ولا سيما في الصناعة». وأضاف حيال العقوبات «طبعا أنا منزعج منها ولكني لست متخوفاً. أوروبا تحتاج إلينا كما نحتاج لها، ولكنها ليست كل العالم، هناك شرق وغرب وروسيا والصين وأميركا الجنوبية». ورأى أن القرارات الأخيرة «ستضرّ بمصالح سوريا وستضر بمصالح أوروبا».
وتابع أن سوريا «تعوّل على الموقف الروسي»، معتبرا أن صدور قرار ليبيا، رغم الرفض الروسي الصيني، «يعني أن الهيمنة الغربية على مجلس الأمن واضحة»، معتبراً ان «الهيمنة تستطيع أن تؤمن 9 أصوات، وأنا أسأل الدول التي يحق لها استخدام الفيتو هل ستترك هذه الهيمنة للدول الغربية؟».
ورفض المعلم أي تشبيه بين الحالتين السورية والليبية، ولا سيما في ما يتعلق بالعمل العسكري، موضحا أن سوريا «ليس لديها نفط كما في ليبيا أو العراق، الذي يشمّون رائحته على بعد آلاف الأميال. ثانياً شعبنا واع، وإن كان هناك اختلاف بالرأي، وحين يستشعر العدوان الخارجي يتحد، وهم يريدون أن تستمر الأزمة في نزف سوريا». وقال إنه «بالتحليل العلمي المنطقي لست قلقاً من هذا الاحتمال (عمل عدواني) وما يحاولونه هو فرض إرادتهم على القرار السوري. وسوريا كما أثبت التاريخ لا تسير بالضغوط»، مضيفاً «المطلوب أن تكون ضعيفة ومستنزفة».
وكرر أن «مثل هذه الإجراءات لها هدفان، التحريض على استمرار الوضع في سوريا وعرقلة مسيرة الإصلاح والتأثير في حياة المواطنين لتحريضهم». وتابع أنهم «يحسبون كلفة الإجراء العسكري بالدولار أو اليورو، وما هي الفوائد التي يجنونها بعده. في كل منطقة دمّروا البنية التحتية وجاءت شركاتهم لإعادة بنائها معتمدة على موارد النفط. نحن ليس لدينا كمية مغرية من النفط تجعلهم يفكرون كذلك؟».
وأشار المعلم إلى أنه سيقترح مجموعة من الإجراءات على القيادة السورية من دون أن يوضحها للتعامل مع الأزمة. وقال «حين كان وزراء أوروبا يزورون سوريا كانهمار المطر كانوا هم من يسعى ويعترف بموقف سوريا الجيوسياسي المهم. إنهم الآن سيخسرون هذا الموقف. في 2005 تآمر (الرئيس الأميركي السابق جورج) بوش و(رئيس وزراء بريطانيا طوني) بلير وشيراك لإسقاط نظام الحكم. النظام بقي وهم سقطوا».
وقال، رداً على سؤال حيال استناد البعض في الداخل للعقوبات الغربية، إن «هناك فئة قليلة من الشعب للأسف تراهن على هذا الموقف، وتعتقد أن الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانبها». وخاطبهم قائلا «من يعتمد على مساندة الغرب له، وأعرف أن البعض يعتمد عليهم أقول له إنه واهم فالغرب يسير وفقاً لمصالحه». واضاف إن «بعض السوريين يزورون السفراء، والسفراء يحثون هؤلاء على استمرار التظاهر. واقول هذا خطأ كبير بحق الوطن. كل ما أتمناه أن يضع (هؤلاء) مصالح سوريا أولاً».
وحول إن كان يتوقع تصعيداً، لم يستبعد المعلم ذلك، لكنه أضاف «لكني لست قلقاً. هي إجراءات سياسية اقتصادية لن تصل للحل العسكري. أؤكد لك ذلك لأسباب تتعلق بهم، ولكن أتوقع المزيد من الإجراءات، وهذا يتوقف على شعبنا وعلى وعي شعبنا مما يحاك له وكلنا سيتضرر من هذه الإجراءات».
وحول تأثير هذه العقوبات على السياسة السورية، قال وزير الخارجية إن «سوريا شاؤوا أم لا لديها موقع جيوسياسي بارز، وهي ساندت قضية فلسطين، وهي جزء من تراثها، والمقاومة الفلسطينية والمصالحة الفلسطينية وقضية فلسطين مركزية بالنسبة لها، وأيضاً سعت سوريا للتضامن العربي، ودافعت عن قضية كل عربي واعتبرتها قضيتها، ولذا يجب ألا ينسى أحد هذا الموقف القومي. حتى حين احتلال الكويت فإن سوريا هبّت لمساعدتها». وأضاف، رداً على سؤال، «حتى قدموا لنا مغريات للابتعاد عن المقاومة وعن علاقتنا مع إيران، وأنه إذا سوريا فعلت كذا الوضع الداخلي يتحسّن». واضاف «نسعى دوماً لأمرين: سياسياً، موقف الدول من قضية فلسطين والمصالح المشتركة لشعبنا وشعب تلك الدولة. الدولة التي تتخذ موقفاً واضحاً لمصالح الشعب الفلسطيني هي بشكل اوتوماتيكي صديقة لسوريا». وأجاب المعلم من دون تفصيل أن «الإغراءات جاءت من أقنية عديدة».
ورأى المعلم أن سوريا «بلد عصي على الضغوط»، مضيفاً «لا نتلقى مساعدات من أحد، ونعتز بوحدة شعبنا والتحامه مع قيادته. نراهن أن صمودنا ينبع من هذا الواقع». وتابع أن «برنامج الإصلاح سيجعل سوريا تخرج من أزمتها أقوى».
وحول تأثير ذلك على ما يجري في لبنان، ذكر المعلم أنه في «حرب 2006 كان رئيس الحكومة السيد فؤاد السنيورة، وكلفني الرئيس بزيارة لبنان. والتقيت معه لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات وسبب طول اللقاء أن (وزيرة الخارجية الأميركية كونداليسا) رايس كانت تتصل كل نصف ساعة بالسنيورة لتضع له شروطاً لوقف الحرب، وقد أوقفت الحرب من أجل إسرائيل التي وصلت حينها للحائط». وأضاف «مهما كان لبنان مهماً لأميركا فإن إسرائيل هي الأهم، لذا أقول للأشقاء في لبنان لن يستفيد لبنان من الأزمة في سوريا»، مضيفاً «وسمعت بعض الأصدقاء يحذرون من انعكاس الأزمة على لبنان».
كما رأى المعلم أن «المخطط سيشمل كل الشرق الأوسط. كل العرب من دون استثناء». ورفض التعليق على كلام مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان، قائلاً «نعرف ما فعله في لبنان».
كما رفض المعلم الربط بين ما يجري في سوريا وما جرى في مصر. وقال في «سوريا مجموعات تتظاهر، بعضها مسلح وبعضها يتظاهر، وبعضها له مطالب التقى بها الرئيس وناقشها، وهو مستعد لاستقبال المزيد من الوفود». وقال «ما زلنا نملك مفاتيح معالجة هذا الوضع داخل سوريا عبر التعويل على وعي المواطن السوري». واضاف «سوريا ستبقى سوريا، والرئيس قائدنا. وأنا متأكد أننا سنخرج من هذه الأزمة أقوى وبوحدة وطنية أصلب، وسنعود للعب دورنا الجيوسياسي في المنطقة من أجل خدمة مصالحنا القومية والوطنية». وكشف أنه سيقود في «الأيام المقبلة تحركات دبلوماسية مكثفة تستهدف المحيط العربي، ونعوّل عليه كثيراً لأنه حاضن ويواجه التحديات ذاتها ويؤمن تكاملاً اقتصادياً مهماً، من خلاله نستطيع أن ندفع عجلة الاقتصاد المحلي، وثانيا سنعزز علاقاتنا مع روسيا والصين وماليزيا وآسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية لكي نبرهن أن العالم ليس أميركا وأوروبا فقط».
من جهة أخرى، صرح مصدر رسمي مسؤول، في بيان نشرته وكالة «سانا» إن «سوريا تستنكر وتدين القرارات التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي ضدها وضد شعبها، في وقت تسعى فيه لحفظ أمن البلاد والانخراط في حوار وطني شامل يؤدي لاستكمال خطط الإصلاحات في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفق البرنامج الزمني الوطني المحدد لها».
وأضاف إن «قرارات الاتحاد الأوروبي، شأنها شأن القرارات التي أصدرتها الولايات المتحدة، تستهدف بوضوح التدخل السافر بشؤون سوريا الداخلية ومحاولة زعزعة أمنها والهيمنة على قرارات ومقدرات شعبها في حاضره ومستقبله». وتابع «لقد لعبت بريطانيا وفرنسا، دولتا الاستعمار القديم وصاحبتا اتفاق سايكس - بيكو، الدور الأساسي في استصدار هذه القرارات غير مكترثتين بأمن ومصالح شعب سوريا وشعوب المنطقة».
وتابع المصدر إن «اتفاق سايكس - بيكو الذي صدر في مطلع القرن الماضي كان توطئة لإقامة إسرائيل، وأن ما يخطط له اليوم تجاه سوريا ليس إلا مقدمة لترسيخ يهودية إسرائيل وتأمين تفوقها في المنطقة، الأمر الذي يدفعنا لاستذكار سياسات الاستعمار القديم التي ناضل شعبنا طويلاً لإسقاطها ولا يزال».
وشدّد على أن «سوريا إذ تؤكد عزمها على إتمام برامج الإصلاح تؤكد في الوقت ذاته تمسكها التام باستقلالية قرارها الوطني وسيادتها التامة وحرصها على أمن مواطنيها ومستقبل شعبها، وترى أن أي إجراءات تتخذ ضدها لن تحرفها عن نهجها الوطني والقومي مهما كلّفها ذلك من تضحيات».

السفير

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...