تأثير العامل الإيراني في المنطقة العربية

26-11-2007

تأثير العامل الإيراني في المنطقة العربية

الجمل: النظرة الغربية الأنجلوساكسونية إلى منطقة الشرقين الأوسط والأدنى تعتبرهما مناطق حضارية قومية إثنو–ثقافية منفصلة، هي القوميات العربية والكردية والتركية والإيرانية.
* الـ"عامل" المشترك في شرق المتوسط:
يتميز الشرق الأوسط، وتحديداً منطقة شرق المتوسط، بوجود ثلاثة دوائر حضارية (إثنو-ثقافية) تتقاطع مع بعضها وهي الدائرة العربية والتركية والإيرانية، وبسبب هذه التقاطعات ظل هناك عامل مشترك متبادل فيما بين هذه الدوائر:
• يوجد تأثير العامل العربي في الدائرتين التركية والإيرانية.
• يوجد تأثير العامل التركي في الدائرتين العربية والإيرانية.
• يوجد تأثير العامل الإيراني في الدائرتين التركية والعربية.
* الـ"عامل" الإيراني في الشرق الأوسط:
لا يمكن اعتبار إيران كياناً جيوسياسياً منعزلاً عن المنطقة العربية، ومن سخرية القدر أن الأمريكيين والأوروبيين، الذين ينظرون إلى أنفسهم باعتبارهم يمثلون دائرة حضارية واحدة هي دائرة الحضارة الغربية القائمة على أساس علاقات عبر الأطلنطي، هم أنفسهم يعتقدون بانفصام العلاقات الإيرانية – العربية، علماً بأن هذه العلاقات هي علاقات جوار وتلازم إقليمي لا يفصل بينها المحيط الأطلنطي كما في الحالة الأميركية – الأوروبية، وإنما خط الحدود العراقية الإيرانية الذي ظل على مدى آلاف السنين لا يمثل سوى خط "وهمي" يتعلق باعتبارات سيادة الحكومات لا أكثر ولا أقل.
* كيف نفهم تأثير العامل الإيراني في المنطقة:
يرتبط تأثير العامل الإيراني بالعلاقات العربية – الإيرانية، والعلاقات الإيرانية – العربية لا تشبه العلاقات بين العرب ودولة الأوقيانوس الموجودة في الجنوب الباسفيكي مثل تونجا، وفيجي، وأوقيانوسيا... وذلك لأن الوجود العربي – الإيراني خالي من تأثير ما يطلق عليه خبراء النظام الدولي "تأثير المسافة الدولية"، طالما أنه لا توجد مسافة فاصلة من الحدود الغربية الإيرانية والحدود الشرقية العربية.
• على أساس الاعتبارات الهيكلية فإن العلاقات العربية – الإيرانية لا تقتصر على العلاقات بين الحكومة الإيرانية والحكومات العربية، فهناك علاقات شيعية إيرانية – شيعية عربية، وعلاقات سنية عربية- سنية إيرانية، وهذا بخلاف العلاقات الديموغرافية وعلاقات وحدة المجال الجيوسياسي الإسلامي الذي يضم البلدان العربية وإيران بغض النظر عن نمط المذهبية الإسلامية السائد.
• العلاقات هي إما علاقات تعاون تؤدي إلى التكامل أو علاقات صراع تؤدي إلى النزاع والحروب، وفي الماضي كانت العلاقات الفارسية – العربية علاقات صراع حول النفوذ والاستعلاء العرقي الإثنو-سياسي، ولكن بعد انتشار الإسلام في إيران، أصبح هناك عاملاً مشتركاً بين العرب والفرس، وهو الإسلام وقد ترتب على هذا العامل الإسلامي تخفيف الصراع الفارسي – العربي الذي كان سائداً فيما مضى، إضافة لذلك فهناك عامل الانتشار الديمغرافي الذي أدى إلى وجود عرب إيرانيين - وإيرانيين عرب بسبب الهجرات والمصاهرات المشتركة عبر مياه الخليج العربي وعبر الحدود العراقية – الإيرانية. هناك أيضاً العامل المذهبي، فهناك علاقات شيعية عربية – شيعية إيرانية وعلاقات سنية عربية – سنية إيرانية.
* من الـ"عامل" الإيراني إلى "القوة الناعمة الإيرانية":
المواقف الإيرانية الأخيرة إزاء قضايا الصراع العربي – الإسرائيلي ليست وليدة اللحظة. بكلمات أخرى، ليست وليدة نزعة الإيرانيين من أجل ممارسة النفوذ على منطقة الشرق الأوسط، بل مبعثها "القوة الناعمة العربية" داخل إيران، و"القوة الناعمة الإسلامية" داخل إيران، وهاتان القوتان ترتبطان بقوتين أخريين هما "القوة الناعمة الإيرانية" في البلدان العربية، و"القوة الناعمة الإيرانية" في بلدان العالم الإسلامي. وتأسيساً على ذلك، ليس مستغرباً أن يثور الشارع الإيراني في عام 1979م ضد الشاه بسبب تعاونه مع أمريكا وإسرائيل، ويستبدله بالإمام الخميني المعادي لأمريكا وإسرائيل. بكلمات أخرى، لن يستطيع الرئيس أحمدي نجاد أن لا يعلن دعمه لحركة حماس "السنية" وحركة الجهاد الإسلامي "السنية" وأيضاً لن تستطيع حركة حماس أو الجهاد الإسلامي إلا أن تعلن تأييدها ودعمها لحزب الله "الشيعي".
عموماً، إن تأثير الـ"عامل" الإيراني ليس تأثيراً فوقياً صنعته الحكومة الإيرانية أو الحكومات العربية المتعاونة معها، وإنما هو تأثير صنعته:
• معطيات الخبرة التاريخية العربية في إيران.
• معطيات الخبرة التاريخية الإيرانية في البلدان العربية.
• معطيات الخبرة التاريخية الإيرانية – العربية المشتركة.
وعلى دوائر صنع واتخاذ القرار الأمريكي والإسرائيلي أن تفهم بشكل أعمق البعد التاريخي – الديموغرافي للعلاقات العربية – الإيرانية، وذلك لأن مثل هذا الفهم هو الوحيد الذي سوف يكشف للإدارة الأمريكية بأن المعتدلين العرب الذين يتعاونون معها ومع إسرائيل ضد إيران، هم "معتدلون" يفهمون جيداً عمق الروابط العربية – الإيرانية، ولكن لا سبيل أمامهم للبقاء في السلطة سوى الحصول على الدعم الأمريكي وهو دعم لن يحصلوا عليه إلا بتسويق العداء لإيران!!

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...