توقعات بعقد المؤتمر الدولي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة

21-07-2013

توقعات بعقد المؤتمر الدولي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة

في وقت تلهث فيه المخابرات السعودية وراء حشد الدعم الأوروبي لتسليح المعارضة السورية، انفضت فرنسا وبريطانيا من حول هذا الخيار، وصعدت أسهم عقد مؤتمر دولي حول سورية، لكن ليس في عاصمة المنظمات الدولية جنيف بل في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، وعلى هامش الدور العادي لانعقاد الجمعية العامة.
 
وبروز هذا الاحتمال، يتقاطع بشكل أو بآخر مع تصاعد الميل لدى الدول الغربية لتقليص تدخلها في الأزمة السورية، وبعث مهمة المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، وذلك نتيجة تزايد قلقها من نفوذ المتطرفين بين صفوف المعارضة. هذه التحولات التي طرأت على العناصر المحيطة بالأزمة السورية تواكبت مع إعادة حسابات أميركية وأوروبية، بل حتى قطرية حيال مجمل الوضع السوري.
ففي الولايات المتحدة وبريطانيا، كشف الجنرالات أن خيار فرض المنطقة العازلة في سورية باهظ التكلفة وسيقود إلى الحرب، مشيرين إلى أن التدخل سيكون لاحتواء التيارات الإرهابية، الناشطة على الأرض في مواجهة الجيش العربي السوري، والتي انضمت إليها مؤخراً حركة طالبان الباكستانية.
وذكرت صحيفة «السفير» اللبنانية أن «مدير الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان لم يقنع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بتسليح المعارضة السورية، ولم يقدم ما يكفي من الضمانات كي يبدد هاجس الفرنسي حتى لا تعود تلك الأسلحة إلى أوروبا في أيدي «جهاديين» أوروبيين حين عودتهم من «ساحات الجهاد السوري».
ونقلت الصحيفة عن هولاند، الذي التقى بندر بن سلطان الأربعاء الماضي، قوله «إنه لم يجد في طلبات السعودي ما يقنع الفرنسيين بوجود ضمانات ألا تسقط الأسلحة الفرنسية بأيد غير أمينة». ورأت أن التصريح الرئاسي الفرنسي يعكس «انحسار جبهة الهجوم على النظام السوري، واقتصارها على كتلة ضيقة من الدول الخليجية وبعض الأجهزة الأمنية الغربية.. بعد انسحاب فرنسا وبريطانيا، رسمياً من أي جهد عسكري، علني، يتولى تحقيق توازن القوى مع النظام السوري أو تعديله، قبل الشروع بأي مفاوضات أو تسوية سياسية».
واعتبرت «السفير» أن بندر «لم يفلح بإقناع الرئيس الفرنسي، ولا من التقاهم في ألمانيا وبريطانيا، ويقاسمون هولاند الرأي نفسه، بتعديل آرائهم»، مشيرةً إلى أن محاولة الأمير السعودي «تسابق الوقت لتغيير مجرى الاجتماع الأوروبي الإثنين المقبل، وهو الأخير، بين وزراء الخارجية الأوروبيين لبحث الملف السوري قبل استحقاق الأول من آب».
وكان الأوروبيون قرروا في نهاية أيار، تحت ضغط لندن وباريس، رفع الحظر المفروض على شحنات الأسلحة إلى المعارضة السورية. إلا أنهم التزموا (من دون أن يكون ذلك قراراً إلزامياً) عدم تسليم أسلحة قبل الأول من آب وتوافقوا على إعادة النظر بموقفهم بحلول هذا الموعد.
وذكرت «السفير» أن «التوقعات كلها (حول الاجتماع الأوروبي) تشير إلى انسحاب أوروبي واسع من الجبهة السورية».
ويزور الرئيس الجديد للائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا باريس يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، للقاء هولاند ومسؤولين في البرلمان الفرنسي، ضمن جولة تقوده أيضاً إلى لندن وبرلين، وصولاً إلى قيامه مع رئيس ما يسمى هيئة الأركان «الجيش الحر» سليم إدريس بزيارة نيويورك لتقديم إيجاز إلى ممثلي مجلس الأمن.
وذكر الجربا في تصريحات لـصحيفة «الحياة» اللندنية أن زيارة فرنسا تأتي «لطلب الدعم العسكري الحقيقي، حتى تقف الثورة على قدميها لمواجهة نظام (الرئيس) بشار الأسد».
إلا أن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس استبق الاجتماع الأوروبي وزيارة الجربا، بالتأكيد أن بلاده «لم تغير موقفها» في شأن عدم تسليم مسلحي المعارضة السورية أسلحة فتاكة. وقال: «في الوقت الراهن لم تعدل فرنسا موقفها. لن نسلم أسلحة فتاكة، هذا هو موقفنا».
وفي العمق، أجرت واشنطن إعادة تقييم للأزمة السورية، منذ قرارها تقديم «الدعم العسكري» لـ«الجيش الحر»، الذي لم يتخذ الرئيس الأميركي باراك أوباما أي خطوات لوضعه موضع التنفيذ.
وكانت مصادر دبلوماسية في العاصمة الأميركية أكدت في تصريحات صحفية أن البيت الأبيض «غير مستعجل ويتريث في أي قرار تصعيدي حيال سورية»، وأن القيادات الأميركية تنظر إلى الأزمة في نطاق «نزاع سيستمر سنوات عدة، وأنها تحاول التكيف مع هذا الأمر».
ولعل وصف رئيس هيئة الأركان الأميركية مارتن ديمبسي الأزمة بأنها «مسألة عشر سنوات»، هو التعبير الأصرح عن موقف البيت الأبيض وأوباما. إذ إن ديمبسي، المقرب من الرئيس، رفض أخيراً اقتراحاً من وزير الخارجية جون كيري بضرب الممرات الجوية للنظام، وفضل أقل قدر من التدخل في الأزمة التي يراها «شديدة التعقيد».
ومن مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، تراجع كيري الخميس الماضي، على ما يبدو عن مواقفه، مشيراً إلى «صعوبة إقامة منطقة عازلة على الحدود الأردنية السورية في الوقت الحالي، لأنها تحتاج إلى قرار بالإجماع من مجلس الأمن الدولي»إلَّا أن «تدخل الأسرة الدولية في سورية ليس بالأمر البسيط».
وبالتوازي، أجرت لندن تقييماً قررت بنتيجته استبعاد تسليح المعارضة «بأي شكل أو صيغة» من جدول أعمالها، متوقعةً بقاء الرئيس بشار الأسد لسنوات عديدة.
ونصح رئيس أركان الجيش البريطاني المنتهية خدمته، الجنرال ديفيد ريتشاردز، في مقابلة صحفية نهاية الأسبوع الماضي بلاده بـ«الاستعداد للحرب إذا كانت ترغب في كبح جماح النظام السوري من خلال إقامة مناطق حظر للطيران، وتسليح المتمردين».
وكشف في مقابلة أخرى أن بلاده «تستعد لخوض حرب جديدة في سورية لمنع وقوع أسلحتها الكيميائية في أيدي تنظيم القاعدة».
ولعل أهم تحول هو ما طرأ على قطر، التي خففت من نشاطها في الأزمة السورية، وذلك في مقابل بروز الدور السعودي على صعيد المنطقة كلها، وبالأخص بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي وانتخاب الجربا.
ووجه انتخاب الجربا «لطمة» للدبلوماسية القطرية، التي دعمت بقوة منافسه مصطفى الصباغ. وردت الدوحة على «الإهانة» التي تلقتها من جماعة «الإخوان المسلمين» وعدد من المعارضين السوريين ممن دعمتهم طوال الأزمة بقرار يمنع دخول السوريين ممن يحملون الجنسيات الأوروبية.
وتبدي طهران اهتماماً كبيراً بجذب القيادة القطرية الجديدة، الأمير تميم آل ثاني، بعيداً عن مسلك دبلوماسية والده حمد الذي تنازل عن السلطة لابنه الشهر الماضي. وحتى أنقرة باتت أكثر اقتناعاً بالحل السياسي، وأعرب وزير خارجيتها داود أوغلو، الذي يعتبر متشدداً حيال الأزمة السورية، عن رغبته بجلوس جميع الأطراف السورية على الطاولة لحل الأزمة سلمياً. وفور إطاحة مرسي طرأ تغيير ملموس على الخطاب المصري حيال الأزمة السورية بعيداً عن اللغة الإخوانية التي انجر إليها الرئيس المعزول أخيراً، ومن المرجح أن يتطور الموقف المصري خلال المرحلة المقبلة باتجاه العمل من أجل حل سياسي حقيقي ينهي الأزمة السورية.
ويبدو أن هذه الأجواء حررت المؤتمر الدولي حول سورية، الذي اتفقت الدبلوماسيتين الأميركية والروسية في أيار الماضي على الدعوة إليه، من أوهام برنامج الدوحة، الذي أقرته الدول الأساسية في مجموعة «أصدقاء الشعب السوري» الشهر الفائت، والقاضي بـ«استعادة التوازن العسكري» بين النظام والمسلحين تمهيداً لعقد اجتماع «جنيف 2»، بالأخص بعد تطهير الجيش السوري مدينة القصير من الإرهابيين. ونقلت صحيفة «الحياة» اللندنية، عن مصادر دبلوماسية غربية أن «الأمور تسير في اتجاه عقد مؤتمر «جنيف-2» الخاص بالأزمة السورية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في النصف الثاني من أيلول المقبل، بحيث يلقي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وممثلو الدول الكبرى والإقليمية بيانات ثم يكلف المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي بالتحرك بين النظام السوري والمعارضة للاتفاق على تشكيل «حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة».
وبذلك يكون المؤتمر، إذا صحت هذه الأنباء، قد فقد جزءاً من أهميته.
وسبق لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن أشار الأسبوع الماضي إلى أن «الحديث يدور حالياً حول عقد المؤتمر في أيلول، قبل بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة»، وأعرب عن «أمله في تحقيق هذا الهدف».
ويبدو أن روسيا تتخذ استعداداتها حيال المؤتمر، حيث ذكرت وزارة خارجيتها الجمعة أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلتقي غداً الإثنين نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية قدري جميل، دون أي تفاصيل إضافية.

الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...