جولة رايس على المنطقة تستهدف حماس أولاً

18-02-2007

جولة رايس على المنطقة تستهدف حماس أولاً

الجمل:   نشر دينيس روس، مبعوث الإدارة الأمريكية السابق للسلام في الشرق الأوسط، مقالاً في صحيفة الواشنطن بوست، يوم 15 شباط 2007م، حمل عنوان (فن السلام الممكن).
يقول دينيس روس: سوف تسافر كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية إلى الشرق الأوسط نهاية هذا الأسبوع، وتعقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وغاياتها المحددة هي مناقشة مسائل الوضع الدائم وعينها مفتوحة على إنتاج اتفاق ضمن الأفق السياسي –المقبل- يهدف لإنهاء الصراع. وبالنسبة للعديدين، فإن الأفق السياسي قد فات أوانه  وبالاستناد إليه -كما يزعمون- فإن كلاً من الإسرائيليين والفلسطينيين يعرفون كيفية إنهاء النزاع ويجدون السهولة واليسر في مواجهة أولئك الذين يعارضون السلام.
العديدون، ومن بينهم رايس، ينظرون إلى الزعماء السعوديين، والإسرائيليين، والمصريين، والأردنيين باعتبارهم يتقاسمون إدراكاً لإيران باعتبارها عنصراً مهدداً. وبمثل هذه المخاوف المشتركة، يمضي التفكير قدماً، بأن على –هؤلاء الزعماء- أن تكون لهم الإرادة من أجل القبول والموافقة على التنازلات الصعبة الضرورية وإنهاء الصراع الفلسطيني (أو أن يوضحوا كيفية إنهائه) بحيث لا يكون في وسع إيران أن توظّف المعتدلين بالمنطقة في الموقف الدفاعي.
إن التقدير والتخمين بإدراك الخطر المشترك هو أمر صحيح وصائب. ولكن بناء السياسة فقط على هذا –الأمر- وحده يؤدي إلى إساءة فهم واقع إقليمي هام.. فالأولويات تختلف وتتباين حول كيفية –التعامل- والاستجابة لخطر التهديد الإيراني، بحيث يرى السعوديون أخذ حماس بعيداً عن إيران وتحقيق سلام بين الفلسطينيين أكثر أهمية من محاولة تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وبالنسبة للإسرائيليين، على أية حال، فإن سلاماً بين الفلسطينيين يؤدي لاستيعاب حماس (بحيث لا تغير حماس موقفها المعادي لإسرائيل) من الصعب أن يشكل أساساً ممتداً يوحد بين الفلسطينيين على النحو الذي يريده ويرغبه السعوديون، والمصريون، والأردنيون.
إن ثمة سبيل واحد مؤكد لتهديد السلام الفلسطيني الداخلي يتمثل في الدفع من أجل  إدراك سياسي يهدف إلى تحقيق تسوية سياسية لا يمكن تفاديها حول المسائل الجوهرية مثل –مسألة- اللاجئين. وهل ستقبل حماس التخلي عن حق الفلسطينيين بالعودة؟ إن الإدراك السياسي الذي يعتزم وضع خطوط وتحديدات إنهاء اللعبة سوف يتطلب ويستلزم مثل هذا التنازل، وحماس سوف لن توافق على ذلك، أو على أية عملية يمكن أن تؤدي إليه.
بالطبع، المساومات سوف لن تكون وحيدة الجانب، أو من طرف واحد، ولكن هل ستميل إسرائيل إلى استخدام المساومات الموجعة حول القدس أو الأراضي الفلسطينية، مع –أي- حكومة فلسطينية يشترك في قيادتها أولئك الذين يرفضون أن يعترفوا بوجود إسرائيل، أو –يرفضون- إدانة وترك الإرهاب.
هناك وجهة نظر تتمثل في أن الخيارات السياسية المتاحة من أجل تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين قد قلّت وانخفضت. وجهود رايس يجب أن تكون موجهة بواسطة ما هو ممكن، وليس بواسطة ما هو مرغوب ومفضل.
القراءة في بنود ومصطلحات ومفردات الشرق الأوسط تقول، بأن ما هو منطقي وممكن حالياً هو السلام الفلسطيني الداخلي والتهدئة الفلسطينية- الإسرائيلية، بحيث يتم البحث عن وقف إطلاق نار مطول ومكثف يتم التفاوض عليه بين محمود عباس وأولمرت، وهي صفقة سوف تتطلب إيقاف كل الهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين وإنهاء كل عمليات تهريب الأسلحة إلى داخل غزة أو الضفة الغربية. وبالمقابل فإن الإسرائيليين سوف ينهون كل عمليات الاقتحام والاغتيالات والاعتقالات، وعندما يظهر الفلسطينيون بأنهم يوفون بمسؤولياتهم والتزاماتهم، فإن نقاط التفتيش سوف تتم إزالتها ونقاط العبور سوف يتم فتحها على النحو الذي يجعل إعادة الحيوية والانتعاش الاقتصادية ممكناً.
هذا الاتفاق سوف يختلف عن عمليات وقف إطلاق النار السابقة، لأنه سوف يتم التفاوض عليه بفهم وإدراك واضح لما يمكن أن يشكل انتهاكاً، وللعقوبات التي يجب فرضها على الانتهاكات، وقد تكون إسرائيل راغبة في مثل هذه الصفقة وذلك لأن حماس سوف يتم إرغامها وإجبارها على وقف إطلاق النار.
إن جاهزية واستعداد حماس لتنفيذ وقف إطلاق النار يمكن أن يعني أن حماس تعمل لأول مرة من أجل درء وإيقاف (المقاومة)، الأمر الذي يشير إلى أن مذهبيتها الرئيسية من الممكن أن تتغير.
ومن الممكن أن تكون حماس راغبة بوقف إطلاق النار لسببين، الأول يتمثل في احتياجها للراحة والثاني يمثل في التوصل إلى مناخ تتحسن فيه الحياة ويتأجل فيه الصراع مع إسرائيل، وذلك لأن حماس تمثل للاعتقاد بأن تنظيمها القوي المتفوق سوف يسمح لها بأن تحل محل منظمة فتح، وتهيمن على المجتمع الفلسطيني.
محمود عباس من جانبه يناصر ويؤيد وقف إطلاق النار المكثف، ومن الممكن أن يكون محمود عباس معتقداً أيضاً بأن حماس من الممكن تعديلها وتغيير مواقفها عن طريق دفعها إلى الإيفاء بالمسؤوليات.
على أية حال، فإن وقف إطلاق النار المكثف، من الممكن أن يغير المناخ السياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويقود إلى مفاوضات يتم إعدادها من أجل تقفي وتتبع المنظور الذي ظل أولمرت يدافع عنه- انسحاب إسرائيلي مكثف من الضفة الغربية، وهذا الانسحاب سوف لن يكون من طرف واحد وسوف يعتمد على أداء الفلسطينيين في الالتزامات الأمنية.
الوقف المكثف لإطلاق النار لا يمكن التوصل إليه بدون وساطة أمريكية مكثفة. برغم ذلك فإن رغبة رايس الطموحة من أجل التوصل إلى إدراك سياسي يتوجب عدم إغفالها. ولكن، لكي تقوم بتحقيقها فإنه يتوجب عليها أن تحصل على مساندة السعوديين والمصريين والأردنيين من أجل أن يتوسطوا علناً في المسائل الأساسية والجوهرية، حتى لو استلزم ذلك أن يقف الزعماء العرب علناً أمام محمود عباس وأولمرت من أجل إعلان موافقتهم وقبولهم للتسويات. والزعيمان كلاهما ضعيف، فمحمود عباس يحتاج إلى الغطاء السياسي العربي إذا أراد أن يقبل ويوافق على التنازلات التاريخية المتعلقة باللاجئين والأمن. أما أولمرت فيتوجب عليه أن يوضح أن العالم العربي قد انتهج تسوية غير مسبوقة، إذا كان عليه أن يبرر عملية التجاوز والعبور إجراء مساومة تاريخية حول القدس والحدود.
وما هو ثابت حالياً، يتمثل في أن رايس سوف تحتاج إلى تغيير أفقها وإدراكها السياسي من أجل التوصل إلى ما هو ممكن في الشرق الأوسط.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...