دمشق: الإصلاح مستمر والانتخابات مؤجلة حتى تنهض الأحزاب

19-08-2011

دمشق: الإصلاح مستمر والانتخابات مؤجلة حتى تنهض الأحزاب

على الرغم من أن دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما و«كبار» قادة الاتحاد الأوروبي الرئيس السوري بشار الأسد إلى «التنحي» لن توقف الإصلاحات في سوريا، وفق تعبير مسؤول سوري تحدثنا إليه، إلا أنها يمكن أن تكون في غير مصلحة المتظاهرين والمحتجين، كما أنها لن تكون حتماً في مصلحة «المخرّبين» ومن تصفهم السلطة عموماً «بالمجموعات الإرهابية المسلحة».سوريون قرب سيارة في اللاذقية انفجرت فيها عبوة امس (ا ف ب)
لقد تصرّفت الحكومة السورية في الأيام الماضية من منظور تخفيف «الضغط الخارجي» والحرص على «مساعدة الحلفاء في الخارج»، فسحبت الجيش من بعض المدن الرئيسية، وعقد حزب البعث الحاكم اجتماعاً لكوادره ناقش فيه سبل إجراء تعديلات دستورية ممكنة في المستقبل، كما التحضير لمؤتمر قطري للحزب، وجرى الحديث عن إعادة تعويم الحلول السياسية.
وجرت الخطوات على الرغم من أن العملية الأمنية لم تنته، كما تشير المعطيات، وذلك بهدف «تقوية موقف الأصدقاء في العالم» وهم قلة الآن، في مواقفهم الداعمة لسوريا، أو المقاومة للموقف الأميركي والأوروبي، ويأتي في طليعة هؤلاء روسيا والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل. وتأتي تركيا لاحقاً، وإن كانت الثقة بالجانب التركي تقترب من مستوى الصفر في سوريا، خصوصاً حين يتحدث رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، والذي لم يعد خفياً طلبه، عبر أكثر من مناسبة عن إشراك الأخوان المسلمين في الحكم في سوريا ورغبته في التوسط لهذه الغاية.
وفي ضوء المعلومات غير الموثقة عن «مفاوضات» تجري بين الولايات المتحدة وقادة جماعة الإخوان المسلمين العالمية، تصبح سياسة تركيا ازاء سوريا، سياسة أميركية الطابع وتستدعي أقصى الحذر.
لذا لن يجد المحتجون آذاناً صاغية لدى السلطة أكثر في الفترة المقبلة. كما ستتأثر الحركة الاحتجاجية بالجدل المتضارب حول «رفض التدخل الخارجي» و«قبول التصريحات الأميركية»، خصوصاً أن واشنطن لم تكن يوماً صديقة لا للشعب السوري ولا لنظامه. في الوقت الذي ستعطي فيه دعوة أوباما زخماً عاطفياً وسياسياً لداعمي النظام السوري كما ستحدث ميلاً متعاظماً نحو ذلك بين شرائح «الأغلبية الصامتة» والتي ليس من بينها من نشأ أو تكون سوى على عدم الثقة بالسياسة الأميركية في المنطقة.
ولا ينكر مَن في دمشق حجم التأثير الذي ستتسبب به العقوبات الملوّح بها غربياً الآن على سوريا، خصوصاً في قطاع النفط، الذي يؤمن الكمية الأعظم من القطع الأجنبي في البلاد، وتستورد كميته العظمى الدول الأوروبية. إضافة لكونه من النوع الثقيل غير المغري لعدد كبير من دول العالم. من جهة أخرى سيتسبب وقف العلاقات التجارية مع سوريا بضرر كبير لحركة السوق السورية وقدرة الاقتصاد على العمل، وهو ما سينعكس على الحياة المعيشية وسيؤذي عامة الشعب.
إلا أن إغلاق بوابات قد يعني فتح بوابات أخرى. إذ سيصبح العراق رئة سوريا في هذه الحالة، خصوصاً بحدود تتجاوز 600 كيلومتر. كما سيعود لبنان منفذاً على كل «ممنوع» كما كان في فترة من فترات ثمانينيات القرن الماضي. وفي الوقت الذي تظهر مؤشرات «مشاكسة وتضييق» على الحدود السعودية للتجار السوريين، يمكن لخطوة رسمية من قبل بعض دول الجوار لسوريا أن تؤثر سلباً عليها أيضاً، خصوصا لكون سوريا نقطة وصل بين مرافئ وبلدان عديدة تزدهر التجارة بينها.
وسيتزامن هذا مع حراك سياسي «منظم» وفقاً لمعطيات الاجتماع الأخير لكوادر البعث أمس الأول. حيث يجري التحضير لمؤتمر قطري هذا الخريف سيتم فيه التوافق على كيفية التعاطي مع المرحلة المقبلة، والتي ستشهد ولادة حركات سياسية جديدة، حيث كان لافتاً لدى بعض المشاركين في المؤتمر حجم الرفض الذي لدى عدد كبير من كوادر الحزب اتجاه التعديلات الدستورية ولا سيما المتعلقة بـ«المادة الثامنة» من الدستور بحجة «حماية الخصوصية السورية». كما من المتوقع وفق مصادر ألا تجري انتخابات تشريعية قبل ربيع أو نهاية شتاء العام المقبل، وذلك بهدف منح الأحزاب الجديدة التي ستتشكل وقتاً كافياً للاستعداد لذلك.
من جهة أخرى، من المتوقع أن يتمّ تشكيل هيئة تأسيسية لتعديل الدستور، بحيث يطرح الدستور الجديد لاستفتاء في توقيت غير واضح، ربما يسبق موعد الانتخابات التشريعية، إلا أن حجم الضغوط الخارجية على دمشق قد يدفع حزب البعث وكوادره لاستبعاد المرونة في التنازل السياسي، خصوصاً ان الأشهر المقبلة هي أشهر تحدٍّ مختلفة المستويات.

زياد حيدر

المصدر: السفير

التعليقات

التصميم السوري على السير في طريق الإصلاحات ترجمته المراسيم الأخيرة التي أصدرها الرئيس الأسد ودعوة مجلس الشعب لاستئناف جلساته حيث يتوقع صدور العديد من القوانين في إطار سلة الإصلاحات ، وعلى الرغم من ذلك ليس متوقعا أن يتوقف الضجيج الأجنبي ولا صراخ المعارضة السورية المرتبطة بالخارج والتي يشكل تنظيم الأخوان قيادتها الفعلية لأن المطلوب من قبل الإدارة الأميركية هو استمرار الضغوط والمحاولات الهادفة للي ذراع سورية ولإرغامها على التخلي عن خيار المقاومة تماسك الجيش والغالبية الشعبية السورية الواضحة في دعمها للرئيس الأسد وفي رفضها للتكفير والإرهاب وللتطرف الاخواني ، يمثل القوة الحاسمة القادرة على تحصين الإصلاحات المقبلة ومحاصرة أدوات المخطط التخريبي الدموي والأسابيع المقبلة ستكون فاصلة في بلورة هذا المسار الج

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...