ساركوزي في بيروت 23 كانون وحزب الله يرفض شرعنة السنيورة

10-12-2007

ساركوزي في بيروت 23 كانون وحزب الله يرفض شرعنة السنيورة

اقترب اللبنانيون من اللحظة التي تطوي صفحة رئاستهم الأولى المعلّقة، وزاد أملهم بانفراج سياسي يشكل مدخلا لتظهير وجعهم المكبوت والموحد إزاء ضائقة اقتصادية ومعيشية، بعد أن أوصلتهم «الساحات» والانقسامات السياسية الحادة الى الكفر ببلدهم.
اسم الرئيس بات معروفاً للبنانيين، و«خطاب القسم» الدستوري بات منجزاً أيضاً وموضوعاً على مكتب العماد الرئيس «المنتخب سياسياً» حتى الآن، حتى البذلة التي سيرتديها «جنرال التوافق» باتت جاهزة، وكل المراسيم الاحتفالية في مجلس النواب باتت حاضرة على الورق، ولن يقتصر الحضور على النواب اللبنانيين، اذ أن ثمة شهية مفتوحة عربياً وأوروبياً على مشاركة اللبنانيين فرحتهم برئيسهم المنتخب.
أكثر من ذلك، صار اسم رئيس الحكومة المقبل معروفاَ وحصة قوى الرابع عشر من آذار في الحكومة الجديدة قد حسمت وكذلك حصة المعارضة وربما أسماء ابرز الوزراء وبعض فقرات البيان الوزاري، بما في ذلك الالتزام بالقضاء دائرة انتخابية، ولكن الكل ينتظر أن يأتي التوافق السياسي الذي سيحمل للعاصمة موسم اعياد غير مسبوق منذ ثلاث سنوات، بدليل الحجوزات الكاملة لكل فنادق العاصمة والضواحي والجبل شرط انتخاب رئيس للجمهورية قبل الميلاد ورأس السنة!
وإذا كان اللبنانيون يأملون أن تكون جلسة الثلاثاء الانتخابية حاسمة ونهائية، وخاصة أن هناك وعوداَ أعطيت بأنها ستكون كذلك، فإن الوقائع تشي بالعكس، اذ أن جلسة الغد باتت سياسياً بحكم المؤجلة، ومن غير المعروف، ما اذا كان تأجيلها الى الجمعة، على الأرجح، يعني أن الأمور ستصل الى خواتيمها، خاصة في ظل بروز عقدة تلو العقدة، وكلها تعكس في مضمونها استفحال أزمة الثقة العميقة القائمة في لبنان منذ أكثر من سنتين.
فمن آلية التعديل الدستوري للمادة 49 التي ظلت عصية على الاقتراحات المتداولة من أهل القانون والدستور والسياسة، الى النقطتين الخلافيتين المتصلتين بمدة ولاية رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الحكومة المقبلة (شرطا النائب العماد ميشال عون)، الى عقبة جديدة تتعلق بالتوزيع النسبي للمقاعد الوزارية وتحديد الحقائب السيادية وعلى من ستكون محسوبة حصة رئيس الجمهورية، بالإضافة الى نقطة جوهرية أبعد من ذلك كله، وهي مسألة الجهة الخارجية والداخلية الضامنة للاتفاق السياسي الشامل بعد اكتمال عناصره، خاصة في ضوء تجارب واتفاقات سابقة نُقضت أو تم الانقلاب عليها.
ووفق المعطيات التي توافرت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، فإن جلسة الثلاثاء باتت بحكم المؤجلة، بعدما لم تفض الاتصالات بين الرئيس نبيه بري وبعض «المحترفين القانونيين» الى أي مخرج لآلية التعديل الدستوري، فيما كان رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية يقوم بمهمة ماراتونية مع العماد عون، لمناقشة تحفظاته على الاتفاق السياسي الشامل، بعدما أعطت باقي أطياف المعارضة إشارات بأنها مستعدة للسير بالتسوية لكن بعد إنجاز آلية التعديل وموافقة عون عليها.
وقالت مصادر مواكبة للاتصالات ان هناك تقدما حصل في الحوار الجاري مع العماد عون، «وربما نكون قد تجاوزنا احدى النقطتين الخلافيتين (ولاية رئيس الجمهورية) ولكن بقيت مسألة واحدة وعلى الأرجح سيتم تذليلها قريباً (تسمية رئيس الحكومة) وكل المعطيات تقول إن ثمة ما ينضج على نار هادئة ونأمل بأن يتم انتخاب رئيس الجمهورية في موعد اقصاه نهاية الأسبوع الحالي».
ومن المقرر أن يجتمع «تكتل التغيير والاصلاح»، في الرابية، اليوم، وربما يصدر عنه موقف يتضمن بعض الإشارات الايجابية. وقال أحد أعضاء التكتل إن المبادرة التي أطلقها العماد عون هي التي أدت الى تسمية العماد سليمان وفي مرحلة لاحقة الاقرار بالنسبية في التمثيل الوزاري، فضلا عن حصول المسيحيين للمرة الأولى منذ عام 1992 على قانون انتخابي يضمن التمثيل المسيحي (القضاء دائرة انتخابية)، فضلا عن عناوين أخرى ابرزها ما يتعلق بالمؤسسات العكسرية والأمنية وعودة المهجرين.

في غضون ذلك، برزت علامات استفهام كبيرة حول أسباب عدم توقيع العريضة النيابية من عشرة نواب من الأكثرية والمعارضة حول تعديل المادة ,49 على الرغم من تأكيدات الجانبين المعارض والموالي أنه متوافق عليها بمعزل عن الخلاف على الآلية الدستورية حتى الآن.
وقال نائب كان حاضراً في مكتب رئيس المجلس النيابي، قبيل تأجيل جلسة الجمعة، إن الرئيس بري فاتح النائب سعد الحريري بأمر توقيع العريضة بعد أن تسلمها خطياً من النائبين روبير غانم وبهيج طبارة وبحضور النائب محمد رعد، لكن الحريري طلب الاستمهال في التوقيع، من دون أن يطلب مهلة محددة أو يحدد أسباب التمهل، فيما نجح الرئيس بري في إقناع نواب «حزب الله» بالتوقيع قبل أن يستشيروا قيادة الحزب وذلك على قاعدة حسم مسألة انتخاب العماد سليمان على الصعيد السياسي بانتظار حل باقي العقد السياسية والدستورية.
وقد تسلم الرئيس بري، مساء أمس، نسخة اقتراح تعديل المادة 49 مع اسبابه الموجبة من النائبين بهيج طبارة وروبير غانم «بخط الأول»، وتنص على إحالة التعديل للحكومة، لكن بري ظل متحفظاً على اي دور لهذه الحكومة، وقال إن الاصرار على مرور التعديل عبر حكومة السنيورة «ولا ممكن يمشي وأنا من المستحيل ان اعطي دوراً لحكومة ليست شرعية. لقد بقينا سنة على موقفنا حتى نأتي ونضيعه الآن لا، لن نفعل ذلك».
وكشف بري أن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أبلغ أحد معاونيه عشية مغادرته ان فريق الاكثرية وافق على آلية التعديل الدستوري من دون المرور بالحكومة... ولكن لا أدري لماذا انقلب الموقف، فهل هم يريدون أكل العنب أم قتل الناطور. لقد تعب اللبنانيون وهم يريدون الخلاص اليوم قبل الغد».
وقال بري انه لا يمانع في اعتماد اقتراح الرئيس حسين الحسيني بتعليق العمل بالمادة ,49 وقال إنه تشاور هاتفياً، أمس، مع النائب سعد الحريري الموجود في الرياض، في اقتراح الحسيني، وأشار الى أن الحريري لم يرد على الاقتراح.
أما رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري، فقال إنه لا معنى لتعليق المادة ,49 «لأن التعليق هو أيضا يحتاج الى تعديل، أي للمرور عبر الحكومة».
وأضاف النائب الحريري «نحن اتينا بالحل الى باب المجلس ولكن الآخرين للأسف لم يقدروا هذه المبادرة. نحن مع تعديل الدستور من أجل إنقاذ البلد ولكننا نرفض خرق الدستور من أجل النكايات السياسية».
ورداً على سؤال حول رفض الاعتراف بشرعية الحكومة الحالية، قال الحريري «الجدل حول الحكومة عبثي. فعلى يدها تمت انتخابات نيابية فرعية اعترف الجميع بها وتمت تعيينات في الوزارات التي يشغلها وزراء مستقيلون، وأجرى وزير الخارجية المستقيل تشكيلات في وزارة الخارجية، وللمناسبة، فإن معظم الوزراء المستقيلين يداومون في مكاتبهم ويوقعون على قرارات فيها إقرار ضمني بالمراسيم والقرارات التي تصدر عن الحكومة، وللأمانة يمكن القول إن الوزير الوحيد الذي التزم بقرار استقالته هو وزير الطاقة محمد فنيش».
وحول إمكان التجاوب مع المطالب التي يطرحها العماد عون، أجاب الحريري «هذه ليست مشكلتي. بل هي مشكلة حلفاء ميشال عون».
وقال الحريري إن علاقته بقائد الجيش العماد ميشال سليمان «جيدة وأنا أفترض أنه الحل الأفضل في هذه المرحلة وعندما اقترحنا كنا نتقدم للتلاقي وليس للفرقة». وأكد أن نواب الرابع عشر من آذار سيوقعون على العريضة النيابية.
ولوحظ أن إخبارية «المستقبل( الفضائية التي انطلقت، مساء أمس، اعتمدت في إطلالتها المهنية الأولى، خطابا سياسيا متوازنا، قال أحد المتابعين لها، «إنه مرتبط ببدء العد العكسي لتولي الحريري زمام السلطة التنفيذية، حيث سيعكس في سلوكه، خيار الانفتاح والتوازن والمصالحة واليد الممدودة».
وأوضحت مصادر في قوى 14 آذار انها تدارست امس الاقتراح القاضي بتعليق المادة 49 من الدستور «وبعد استشارة كبار القانونيين وجدت انه كتعديل الدستور تماما بحاجة الى العبور الى مجلس الوزراء، وأي تفرد لمجلس النواب بالتعديل او التعليق، مرفوض رفضا قاطعا لانه غير دستوري».
وعلّقت أوساط مقربة من الرئيس بري على رفض الحريري لاقتراح الرئيس الحسيني بالقول «اذاً تعالوا الى الاقتراح الأول، أي التعديل عبر المجلس النيابي وحده. هناك اجتهادات للمجلس الدستوري اللبناني، عدا اجتهادات أخرى، تقول بإمكان تجاوز القواعد والمبادئ والمواد الدستورية في سبيل تحقيق المصلحة العامة وذلك على قاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات وأن الظروف الاستثنائية تفرض اجراءات استثنائية».
وقالت الأوساط نفسها ان الرغبة بالحل تقتضي تجاوز بعض الأمور الا اذا كان هناك من يرغب بوضع العصي في الدواليب.
وأكد «حزب الله» بلسان عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أن المعارضة معنية بإيجاد الحل للتعديل الدستوري «بعيدا عن حكومة غير دستورية وغير ميثاقية كانت سببا لأزمة خطيرة في البلاد، ولا يمكن ان تعطى صك براءة عما اقترفته ولا مكافأة على ما ارتكبته من مخالفات للدستور، وأي مماطلة في ذلك تعني وضع العراقيل لتعطيل التوافق او محاولة التفلت من الالتزامات التي يفرضها هذا التوافق على الرئاسة والحكومة». وقال «من أخلّ بالتوازن الوطني وخالف الدستور وهدد العيش المشترك لا يمكنه في نهاية الامر الحصول على مكافأة على كل هذه المخالفات او تتويج كل تلك الارتكابات بالمزيد منها، بل المطلوب تصحيح الخلل وإعادة الاحترام للدستور والميثاق».
وفي موازاة المشاورات الداخلية، تردد أن مدير المخابرات السورية العامة اللواء علي مملوك، الذي شارك في مؤتمر أمني في السعودية مؤخرا، التقى بعض المسؤولين السعوديين وتداول معهم في الملف اللبناني، فيما قالت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة ان الاتصالات من أجل عقد قمة خماسية (سعودية سورية مصرية اردنية فلسطينية) قطعت شوطا كبيرا حتى الآن، واذا عقدت قبل نهاية العام الحالي، فإنها ستبشر بانعقاد حتمي للقمة العربية المقبلة في دمشق في آذار المقبل والتي يأمل القادة العرب أن يكون لبنان مشاركا فيها بشخص العماد ميشال سليمان.
وقالت المصادر نفسها ان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى «ينتظر اكتمال التوافق من أجل التوجه الى بيروت على رأس وفد من الجامعة»، وأشارت الى ان موسى التقى في باريس الوزير الفرنسي برنار كوشنير واطلع منه على نتائج مهمته الأخيرة في بيروت.
وأكدت مصادر دبلوماسية فرنسية أن الوزير كوشنير سيعود الى بيروت فور اتمام التوافق وأن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «يأمل بزيارة لبنان في الثالث والعشرين من الجاري، اذا كان قد تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل هذا الموعد، حيث ستستمر زيارته يوما واحدا ويلتقي خلالها الرئيس المنتخب وربما يلقي كلمة أمام مجلس النواب، قبل أن يكمل جولته في المنطقة ومحطتها التالية بعد بيروت ستكون القاهرة».
وتردد أن مدير عام وزارة الخارجية الايرانية علي أصغر محمدي وصل الى بيروت، مساء أمس، من دون أن تعرف طبيعة زيارته ولا مدتها.
ولوحظ أن السفير الأميركي جيفري فيلتمان قرر تمضية عطلة الأعياد في بلاده، لكنه أكد لمن التقاهم، في اليومين الماضـيين، مضي بلاده في دعم خيار ترشيح ميشال سليمان.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...