سوريا ترفض أي مفاوضات تحت الضغوط

04-03-2010

سوريا ترفض أي مفاوضات تحت الضغوط

عندما سأل وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في اجتماع لجنة المبادرة العربية في القاهرة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس عما إذا كان يمتلك أية ضمانات، سواء من واشنطن أم من طرف آخر، للدخول في مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين، أجاب الأخير بالنفي، بل ذهب إلى حد القول بأنه لم يسمع حتى وعوداً شفهية من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.
ولعل هذا ما دفع لاحقاً وزراء خارجية لجنة المبادرة إلى الخروج بصفين متناقضين بعد اجتماع اللجنة، التي قال أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى إن قرارها خرج بإجماع عربي، وهو ما نفاه وزير الخارجية السورية وليد المعلم بصوت مسموع، معلناً «نقطة نظام» على السير بهذه العملية، ومحمّلاً الجانب الفلسطيني مسؤولية النتائج التي ستسفر عنها.
وقد تشابه الموقف اللبناني بشكل لافت مع الموقف السوري فيما ساندت أغلبية الدول الفكرة من باب «أعطوهم فرصة لنرى».
وقد سارت دول عديدة إلى جانب الموقف الذي طرحته سوريا في اجتماع اللجنة، من بينها ليبيا والسودان والجزائر وقطر واليمن وتونس، فيما بقيت بعض الدول متحفظة على فكرة المفاوضات غير المباشرة، التي حظيت بدعم قوي، وغير مفاجئ، من قبل وزيري خارجية مصر والأردن.
إلا أن اللافت في اجتماع أمس وقبله في جلسة أمس الأول، أن القرار العربي اتخذ على مستوى وزاري محدود، ضم، بطلب فلسطيني، وزيري خارجية مصر والأردن، إضافة إلى الجامعة العربية.
وكان الجانب الفلسطيني، بعد محاولته تأمين الدعم للاقتراح الأميركي في جولة عربية غير موفقة، قد دعا إلى اجتماع لجنة المبادرة على أمل أن تتوسع رقعة القبول، التي كان سيلقي بها في وجه وسائل الإعلام على أنها إجماع عربي يسبق القمة العربية في نهاية آذار، واجتماع اللجنة الرباعية في موسكو أواسط الشهر الحالي.
وقد رفضت دمشق منذ البداية السير في هذا الاتجاه، باعتباره «تنازلا عن أبسط الحقوق العربية»، وفق ما تشير مصادر سورية مطلعة. حتى أن المعلّم لم يحضر اجتماع لجنة المبادرة أمس الأول، واقتصر حضوره على اجتماع اللجنة العادي للتحضير للقمة العربية في ليبيا.
ووضعت المصادر السورية اعتبارات عديدة لموقف دمشق، أبرزها أن اللجنة ذاتها كانت قد وفرت سابقاً الغطاء لعباس لتقوية موقفه في وجه ضغوط الإدارة الأميركية على الطرف الأضعف في هذه المعادلة، أي السلطة الفلسطينية. وقد قبل العرب القيام بواجبهم في حماية ظهر عباس في رفضه اسـتئناف المفاوضـات الفلسـطينية ـ الإسرائيلية حتى قيام إسرائيل بتنفيذ التزامها القانوني بالوقف الكامل للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، كما اتفقت اللجنة حينها على «الرفض القاطع لأية اقتراحاتٍ لحلول جزئية أو مرحلية».
ولكن ما الذي جرى؟
يَميل الاعتقاد إلى أن ضغوطاً أميركية وبريطانية وفرنسية شديدة قد مورست على عباس وغيره من وزراء الخارجية العرب للقبول بالعرض الإسرائيلي، لأنه ليس «من خيار آخر» سوى هذا، خصوصاً في ضوء عجز إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عن تحريك المسارات ـ إن بشكل مباشر أو غير مباشر ـ وفشلها في ممارسة سلطة ضغط فعلية على الجانب الإسرائيلي. إلا أن دمشق لم تقبل بالعاملين، لأنهما ليسا «سوى تنازل جديد يتلوه تنازل آخر مستقبلاً».
وأطلع الجانب السوري نظراءه العرب في النهاية على موقف دمشق، وهو أنه «إذا كنتم ذاهبين في اتجاه الموافقة على الطلب الفلسطيني باستصدار قرارٍ عربي بدعم هذه المفاوضات غير المباشرة بأي شكلٍ من الأشـكال، فإننا فـي سـوريا لسـنا طرفاً في هذا التوجُّه على الإطلاق، فالقرار فلسطيني، وعلى القيادة الفلسطينية أن تتحمَّل نتائج قرارها».

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...