غزوان علاف رصيد جديد للنحت السوري

01-02-2007

غزوان علاف رصيد جديد للنحت السوري

منذ معرضه الأول في صالة المعهد الفرنسي في دمشق العام 1999 برزت تجربة النحات غزوان علاف كواحدة من التجارب النحتية الجدية في عالم التشكيل السوري وهو ما أثبته في عروضه اللاحقة التي شكل كل واحد منها قفزة جديدة وإضافة مهمة لبحثه في الخامات والإنسان.

حيث وبمتابعة رصينة ومتأنية يبلور بحثه الشكلي والتقني في عوالم مواد متنوعة: برونز، خشب، زجاج.. متابعاً خطا الإنسان ومعبراً عن أفكاره وهواجسه وأيضاً عن مساراته ومصائره. وتجربته في البعدين تتعمق وتتأكد هويتها ويعلو مزاجها ويتثبت حضورها. 
 وقد اعتمد الفنان غزوان علاف منذ البداية على الوجه البشري محوراً وأداة تعبير رئيسية يطرح بوساطتها الأسئلة الأزلية حول علاقة الإنسان بالكون المحيط به وسر وجوده وعلاقة الكائن البشري بالآخر. والوجه هنا، رغم محدودية عناصره عالم مفتوح على احتمالات وامكانات وآفاق تختزن التجربة البشرية وتستطيع تلخيص حالة الوجود والتمعن في تفاصيلها والكشف عن عدد لانهائي من صور تعبيراتها اعتماداً على ثنائيات مثل المكشوف والمستور، السطحي والعميق، النائي والغائر، الظل والنور الكتلة والفراغ. ‏

وقد احتدمت حول هذا الوجه عناصر شتى من اختراعات غزوان الرمزية: أسماك وطيور وعلب ومكعبات وبحار ووسائد وأحلام عميقة من عوالم النوم واليقظة على السواء. ‏

وهو في إطلالته على مصير إنسانه استخدم تقنيات متنوعة ومهارة وحساسية عالية من أجل تبتعه، وفي التقاط لحظه الصعبة وأيضاً لحظة شغفه ونجح في ايصالنا الى تلمس وحدته وعزلته وشرطه القدري المحدود الذي يرزح تحت ظله المسلط، كما نجح في تصوير سروره وانطلاقه ونشوته في أعمال تزخر بمشاهد حب قل مثيلها في النحت السوري الحديث. 
 ولاشك بأن معرضه الأخير في صالة السيد بدمشق في الشهر الأخير من العام 2006 يمثل نقلة نوعية على صعيد نضوج تجربته النحتية حيث يصعد اهتمامه التقني وخصوصاً العمل على انهاءات دقيقة وبمنتهى الحساسية للأعمال خصوصاً أعمال الرولييف على الخشب حيث يضع في المساحة الخشبية المصمتة تفاصيل ونتوءات وانهدامات مأخوذة من تفاصيل الوجه الآدمي بتلخيص تقوده رهافة تحرك البصر على المساحة وتمنح العين حبوراً وجمالاً أخاذاً، وأؤكد هنا على أهمية دراسة العين المغمضة المكررة لديه كثيراً والتي تبعث في النفس مشاعر عميقة تأخذنا الوجوه معها، في غالب الأعمال، لنتجول في أحلامها الجوانية ومناخاتها النفسية وتقربنا من فرحها وحزنها. 
 الجديد في المعرض هو الأعمال الخشبية الكبيرة سواء أكانت «فراغية» أم «رولييف» والتي نراها لأول مرة حيث اعتدنا أحجاماً أصغر عند غزوان، وقد اعتمد خطوطاً هندسية لينة وقوية في إظهار الوجوه والعناصر الأخرى في الأعمال وهناك عناية ودراية ومعلمية في معالجة القطع الخشبية الكبيرة وفيها جمع بين عمل حرفي فني متقن وحداثة في المعالجة والتكوين ونلمح هنا ابتكارات جديدة على صعيد الجمع بين الخشب والبرونز أو الخشب والزجاج وأيضاً على صعيد تقسيم الوجه الى عدد من القطع الخشبية على شكل شرائح طولية، وهنا يدخل غزوان في كشف جديد يمكن أن يمثل بداية تقود الى تصعيد مفصلي في تجربته حيث يحرك في إحدى القطع الجميلة شرائح الخشب تلك فتوحي بسلسلة من الحركات في الوجه يمكن أن تترك حرة ليشارك المشاهد في صنعها والظفر بعدد كبير من احتمالات الشكل. 
 يقود غزوان علاف في أعماله لعبة لطيفة يتعايش فيها البشر مع طيور وأسماك وعناصر شتى ويخضع كل شيء للوصل والتقطيع في مونتاج مؤثر تتبادل بموجبه الأشياء مواقعها ونرسم نحن كمشاهدين بقايا خطوط لم يكملها، ويعيش أشخاصه لحظات غرام داخلية مؤججة يصنعها من خطوط مختزلة وحساسة تذكرنا بهدوء الوجوه الفرعونية الهادئة التي تقاوم الزمن وتقبع في سديمه، وكأنما على رؤوسها الطير، ترسم الوجوه الجانبية لثنائياته مناخات حب ورغبة يعيشون تحت ظل ارتعاشاتها ولحظاتها الحلوة. ‏

غزوان علاف ‏

ـ دمشق 1973 ‏

ـ درس في معهد الفنون 1993 ‏

ـ يدرس في مركز أدهم اسماعيل للفنون ‏

ہ معارض شخصية ‏

ـ المعهد الفرنسي 1999 ‏

ـ صالة عشتار 2000 ‏

ـ صالة بوشهري في الكويت 2001 ‏

ـ صالة عشتار 2002 ‏

ـ صالة قواف بحلب 2004 ‏

ـ صالة كاريزما الكويت 2004 ‏

ـ صالة السيد 2006

عصام درويش

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...