كيف تعمل الإدارة الأمريكية لإطالة أمد وجودها في العراق

16-04-2007

كيف تعمل الإدارة الأمريكية لإطالة أمد وجودها في العراق

الجمل:   تحاول الإدارة الأمريكية، الالتفاف والمناورة على الأمر الواقع الحالي من أجل استدامة استمرارية وجود القوات الأمريكية في العراق..
تواجه الإدارة الأمريكية أزمة الخيارات المحدودة في التعامل مع الأزمة العراقية، وتتمثل أبرز المحددات في القيود التي أصبحت تشكل ضغوطاً تحدّ من حرية الإدارة الأمريكية الحالية في عملية صنع واتخاذ القرار الأمريكي المتعلق بالشأن العراقي، وأبرز هذه القيود والمحددات يتمثل في الآتي:
• القيود السياسية: أصبح الرأي العام الأمريكي رافضاً لاستمرار حرب العراق، وأصبح الكونغرس الأمريكي أكثر حماساً ورغبة في انهيار حرب العراق، ووضع حد لوجود القوات الأمريكية في المسرح العراقي.
• القيود المالية: تزايد تكاليف حرب العراق، وبلغت حوالي تريليون دولار (ألف مليار دولار)، وهو مبلغ سوف يؤثر بلاشك على الميزانية الأمريكية، وحالياً تواجه الإدارة الأمريكية مشكلة تغطية عجز الميزانية الأمريكية، وأيضاً مشكلة كيفية الحصول على موافقة الكونغرس الأمريكي للحصول على المزيد من التمويل اللازم لتغطية نفقات الحرب العراقية.
• القيود العسكرية: وتمثلت في تحذيرات كبار الضباط والخبراء العسكريين في البنتاغون، بأن قدرة الجيش الأمريكي في التعامل مع التهديدات العسكرية القادمة سوف تنخفض بقدر كبير إذا تورطت القوات الأمريكية بحرب أكبر في العراق.
وقد حاول وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد تفادي زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، برغم تأييده المطلق لاستمرار الحرب والتواجد الأمريكي في العراق، وكانت محاولة رامسفيلد تركز على استخدام الطيران بدلاً عن المشاة في التعامل مع المقاومة المسلحة العراقية.
الإدارة الأمريكية الحالية، تفهم أنها تواجه كل هذه القيود، وتدرك جيداً الفجوة بين النموذج المثالي الذي تحاول فرضه من جهة، والواقع الميداني القائم الذي يرفض قبول تطبيق هذا النموذج، وبرغم ذلك ترفض الإدارة الأمريكية تعديل نموذجها المثالي.. وتعمل بدلاً عن ذلك مركزة جهودها في اتجاه تعديل الواقع القائم والاستمرار في تعديله حتى يقبل تطبيق وإنفاذ النموذج مهما كانت التكلفة ومهما كان الثمن.
تعمل الإدارة الأمريكية حالياً في اتجاهين:
• داخل أمريكا: اعتراض محاولات الديمقراطيين الهادفة إلى الانسحاب من العراق، وذلك لكسب الوقت بانتظار تغيير الحقائق القائمة، بالشكل الذي يؤدي إلى كسب الرأي العام الأمريكي على النحو الذي يدفع الديمقراطيين إلى السير في ركب الإدارة الأمريكية أو الاصطدام مع الرأي العام الأمريكي.
• داخل العراق: تغيير الوضع الميداني القائم حالياً داخل العراق بما يؤدي إلى إفراز معطيات جديدة تؤدي بدورها إلى تغيير اتجاهات الصراع، وتعمل الإدارة الأمريكية من أجل الآتي:
- تخفيف المواجهة مع الأطراف السنية والعمل على إحداث الانقسامات داخل وبين الحركات السنية، بما يؤدي إلى كسب الرأي العام السعودي والخليجي، وأيضاً إلى تخفيف الضغط على القوات الأمريكية المتمركزة في وسط وغرب العراق. وقد بدأت هذه المحاولات بزيارة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي إلى بعض المناطق السنية خلال الشهر الماضي من أجل كسب تأييدها إلى الحكومة العراقية الحالية.
- تصعيد الصراع مع الشيعة: ويقوم المخطط الأمريكي على فتح جبهة الصراع مع القوى الشيعية بشكل متدرج بدأ بالمواجهة مع أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في بغداد ثم تطورت وتوسعت المواجهة إلى جنوب العراق بشكل أوضحته اشتباكات مدينة الديوانية التي جرت خلال الفترة القريبة الماضية بين عناصر جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر والقوات الأمريكية، واليوم وصل التصعيد السياسي مرحلة جديدة، بإعلان التيار الصدري انسحابه من الائتلاف الحاكم.
مخطط الإدارة الأمريكية إزاء الشيعة العراقيين يهدف إلى توسيع مسرح المواجهة العسكرية بنقله إلى جنوب العراق على النحو الذي يوحي بأن الشيعة العراقيين يخوضون حرباً بالوكالة ضد القوات الأمريكية، وبالتالي فإن انسحاب القوات الأمريكية من القتال الذي سوف يجري في جنوب العراق هو انسحاب من المواجهة ضد إيران، بشكل قد يؤدي إلى جعل إيران تعزز قدرتها في السيطرة على جنوب العراق، ومن ثم تهديد المصالح الأمريكية في الخليج العربي.
- إشعال الصراع في إقليم كردستان: دعم الإدارة الأمريكية الحركات الكردية، وحالياً تحاول الإدارة الأمريكية القيام بالدور المزدوج عن طريق طمأنة الأكراد العراقيين بأن الإدارة الأمريكية لن تتخلى عنهم من جهة، ومن الجهة الاخرى دفع الجيش التركي ليقوم بعملية اقتحام عسكري شامل لمنطقة شمال العراق، على النحو الذي يعزز موقف القوى العلمانية التركية الداعمة لأمريكا وإسرائيل، ويضعف موقف القوى والحركات الإسلامية في الانتخابات الرئاسية التركية الوشيكة.
سوف تحاول أمريكا إشعال صراع كردي- كردي في شمال العراق، وسوف تعمل أمريكا على دعم تركيا في الحرب ضد شمال العراق، وعلى دعم الفصائل الكردية في قتالها الداخلي، ثم تتذرع الإدارة الأمريكية بضرورة وجود القوات الأمريكية من أجل الحفاظ على استقلال وسيادة العراق، وللقيام بدور إنساني يهدف إلى حماية شمال العراق من تأثير ومخاطر الحروب.
وعموماً فإن محاولات الإدارة الأمريكية استدامة وجود قواتها في العراق، لن تتوقف عند حد معين، طالما أن إدارة بوش تطبق بقبضتها ممسكة بالبيت الأبيض والإدارة الأمريكية، وعلى الأغلب أن تحاول الإدارة الأمريكية إشعال الصراعات الأخرى في المنطقة،، وبالذات الحرب ضد إيران إذا كانت تلك الحرب تؤدي إلى استدامة الوجود العسكري الأمريكي في العراق.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...