(وثائق سورية): بيان حكومة الكزبري الذي أعلن فيه أن الحكومة موقتة

20-01-2009

(وثائق سورية): بيان حكومة الكزبري الذي أعلن فيه أن الحكومة موقتة

 بيان حكومة الدكتور مأمون الكزبري الذي أعلن فيه أن الحكومة موقتة، وان إعادة الأوضاع الدستورية ستتم بعد أربعة شهور، ثم بين سياسة الحكومة في الحقول الداخلية والعربية والخارجية، واستهل الكزبري بيانه بقوله :
    (في هذه الظروف التاريخية تعود سوريا لتؤكد للعرب والعروبة أنها كانت وما زالت معقل العروبة الحصين وقلبها النابض وتدلل على أنها كانت سباقة في ميادين التضحية والفداء وطالما فتحت صدرها لكل حركة عربية تحررية واحتلت مكان الريادة في القافلة العربية وساندت شقيقاتها الدول العربية في معارك تقرير مصيرها وحريتها.
    وقال أن سوريا قد ضحت واستهانت بكل غال ورخيص لتحقيق الوحدة مع مصر، وأنها ما أن تقدمت خطوات في طريق الوحدة حتى رأت ان الذين تولوا مركز القيادة فيها قد اتخذوا صفة الفردية بشكل اخذ يبعد الوحدة عن أهدافها الحقيقة ويسوقونها في طريق بعدت بها عن طريق الوحدة العربية الشاملة التي لا تسلط فيها ولا احتكار.
    وأضاف أن هؤلاء القادة لم يستجيبوا لنداءات الخير التي كانت تطالب بتغيير الأوضاع وتحقيق التكافؤ الكامل بين البلدين. وكانت النتيجة تصفية العناصر المخلصة من الضباط الذين حاولوا لفت نظر المسؤولين إلى الحيف اللاحق بسوريا.
    ثم قال وقد حاول الضباط الأباة لفت المسؤولين عن الجيش إلى الوضع الأليم حتى إذا بلغ السيل الزبى وانتهكت حريات الشعب إلى حد لم يعد يصح معه السكوت هبت الحركة الثورية لتعبر عن أهداف الشعب ولتقوم الانحراف الذي شوه الوحدة وجعل منها مثالا سيئا وجعل الوحدة إفقارا والإخاء استرقاقا والمصالح المشتركة ابتزازا.
    وقد دعت نقمة الشعب القيادة الثورية العربية العليا للقوات المسلحة إلى القيام بانتفاضتها تأكيدا وحفاظا على مصير الأمة. وتمشيا مع خطة القيادة الثورية التي آلت على نفسها أن تنهي مهمتها، أوكلت إدارة هذه الفترة إلى حكومة مؤقتة لتسيير الدفة، وتأمل الحكومة أن تتنقل بالبلاد إلى الأوضاع الدستورية المستقرة  في أربعة شهور، وإيصال البلاد إلى حياة ديمقراطية اشتراكية سليمة بالفعل لا بالقول تؤول إلى الوحدة القويمة التي تريدها الأمة العربية كلها.
في السياسة الداخلية:
    1- تهتم الحكومة بإعادة الحريات العامة للمواطنين قولا وفعلا بكفالة حرية الصحافة والرأي وضمان جميع الحريات الفردية والعامة التي حرم منها المواطن. وتعلن فورا إلغاء قانون الطوارئ والمراقبة، وجميع التدابير التي تحد من حرية الفرد وفق شرعة حقوق الإنسان. وتسهر على تكافؤ الفرص وسيادة القانون وتساوي المواطنين تجاهه فعلا.
    2- تعنى الحكومة باستكمال قوة الجيش ورفع مستوى تدريبه.
    3- تعاضد النقابات وتؤمن العمال من الإجراءات الكيفية وكفالة مستوى عادل من الأجور والخدمات لهم واشتراكهم بمجالس إدارة الشركات والمؤسسات والضمان الاقتصادي على أسس اشتراكية صحيحة، وتؤمن الحكومة بأن المؤاخاة بين أصحاب العمل والعمال وإقامة العلاقات الإنسانية بينهم هي أفضل سبيل لسير العمل والإنتاج. وستعنى الحكومة بقوانين الإصلاح في الزراعة وتأمين الازدهار للعمال الزراعيين.
    4- تقوم سياسة الحكومة على أساس توجيه الاقتصاد القومي لتحقيق الازدهار لجميع فئات المواطنين وتأمين الصالح العام. وتستلهم الحكومة سياستها الاقتصادية من واقع البلاد وتاريخها وموقعها الجغرافي وقابليات نموها. ومن رائد الحكومة تشجيع الادخار وتوظيف رؤوس الأموال واحترام الكسب المشروع وإعادة الأمور إلى نصابها لبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين وترغيب الرساميل الخارجية ولا سيما العربية وقصر إقامة المشاريع على المرافق العامة أو المشاريع التي يعجز الأفراد عن ممارستها. أو التي تفرضها مقتضيات الدفاع وفي المجال المالي والنقد وتهدف الحكومة إلى تأمين التوازن بين النفقات والموارد العامة وتوزيع التكاليف بالعدل واستقرار النقد الوطني وتأمين حرية تحويله إلى العملات الأخرى وتنظيم النقد.
            وستحافظ الحكومة على سمعتها الخارجية بحفظ التزاماتها.
    5- تعمل الحكومة على إحلال الكفاءات في الإدارة.
في السياسة العربية.
    أما في النطاق العربي فالحكومة تمد يد التعاون مبسوطة إلى جميع الدول العربية وتعمل معها على تحقيق وحدة العرب وحدة حقيقية شاملة على أسس من الحرية والمساواة، هذه الوحدة التي طالما عملت لها سوريا وضحت وما تزال تضحي من أجلها.
    وتضع الحكومة نصب أعينها العمل لإعادة الحقوق إلى أبناء فلسطين وتساند نضال الجزائر وشتى ديار العرب والعروبة.
    وتؤكد الحكومة احترامها ميثاق الجامعة العربية وتعمل على تدعيمه وتوثيقه وتتعاون في اطاره مع بقية الدول الأعضاء.
    في الحقل الدولي تعلن الحكومة أن سوريا كانت مثالا يحتذى في الحفاظ على المواثيق والتمسك بشرعة الأمم المتحدة وبشتى المواثيق والاتفاقات. وستعمل الحكومة على تحسن علاقاتها مع جميع الدول التي تمد لها يد الصداقة، دون انحياز، مؤكدة أننا دعاة سلام وإخاء وإنسانية أصيلة. وختم الكزبري بيانه شاكرا الجيش مؤكدا أن الحكومة ستكون دوما حربا على الاستعمار والتسلط الفردي والاحتكار والسيطرة بكل أشكالها ولا تعمل لفئة دون فئة وجماعة دون جماعة.

                                                                                  مأمون الكزبري
دمشق 30 أيلول 1961م.
المصدر: الجريدة الرسمية

 

الجمل- إعداد: أ. سليمان عبد النبي


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...