العرض الدرامي مُشفّراً.. انتصار لصنّاعه أم وأد لجهودهم؟

18-10-2008

العرض الدرامي مُشفّراً.. انتصار لصنّاعه أم وأد لجهودهم؟

عادة، يتولى مهمة تعريف القاعدة الجماهيرية العريضة بعمل درامي سوري (بعد تقديمه عل شاشة فضائية مشفرة)، عرضه على القناة الأرضية السورية، التي يمكن مشاهدتها في سوريا ومناطق من لبنان والأردن. ولكن هذا العام، ولأسباب نجهلها، لم يقم التلفزيون السوري بعرض أي من الأعمال الحصرية باستثناء »باب الحارة«.. فكانت النتيجة تغييب تلك الأعمال.
في العام الماضي فوّت علينا العرض الحصري ـ المشفّر مشاهدة اثنين من الأعمال الدرامية المميزة »ممرات ضيقة« و»الحصرم الشامي ١«. وجاء قرار الرقابة التلفزيونية السورية بمنع عرضهما ليحرمنا من مشاهدتهما على التلفزيون السوري. في هذا العام، أصابت آلية العرض السابقة عدداً من الأعمال الدرامية السورية، والتي كان من شأن عرضها خارج القنوات المشفرة أن تحدث تغييراً في خارطة الدراما السورية للعام ،٢٠٠٨ أو على الأقل تحدث تغييراً على الصعيد المهني لأصحابها. فبعد أن كان المأمول من مسلسل »أولاد القيمرية« أن يتصدر أعمال البيئة الشامية هذا العام، كونه انطلق بحكايته من تلافي مآخذ مسلسلات البيئة الشامية، فقدم »دراما فولكلورية بشرط تاريخي«، جاء العرض الحصري المشفر على »أوربيت« ليقصيه من المنافسة قبل أن تبدأ، وبدلاً من أن يحظى المخرج الشاب سيف سبيعي باعتراف جماهيري أُكبر به كمخرج بعد إخراجه هذا العام ثلاثة أعمال مهمة دفعة واحدة هي»أولاد القيمرية«، »الحصرم الشامي ٢« و»مطر الربيع«، دار حديث عن غياب الرجل عن خارطة الدراما السورية ،٢٠٠٨ والغياب ذاته سجله الفنان أيمن زيدان رغم تقديمه مسلسل »على رصيف الذاكرة« ، إلا أن عرض المسلسل على قناة »آرتي« حال دون تسجيل حضور واسع له، وفي هذا العام شهدنا عودة الفنانة فرح بسيسو إلى الدراما السورية من خلال مسلسل »موعد مع المطر« للكاتب رافي وهبة والمخرج ناجي طعمي، ولأسباب التشفير ذاتها فوتت علينا فرصة الشعور بعودتها، وكان من الممكن أن تعزز المخرجة الشابة إيناس حقي من حضورها هذا العام بعد بداية لافتة في »زمن الخوف«، إلا أن عدم عرض مسلسلها »رائحة المطر« من سلسلة »أناشيد المطر« على قناة متاحة للجميع عرقلت الأمر، وبالمثل كان حال السيناريست فؤاد حميرة.
في العموم، كان سعي قناة فضائية لحصر عرض أحد الأعمال الدرامية بشاشتها، مثار فخر لصنّاعه، إذ غالباً ما يتطلب حصر عرض عمل درامي توافر عدد من العوامل فيه، من شأنها تحقيق تسويق ناجح للعمل التلفزيوني، منها إغراء الفكرة أو تجارب لافتة لمخرجها، أو نجومية كبيرة.. وهي عوامل تضمن بمجملها اندفاع الجمهور لمتابعة العمل من خلال الشاشة الحصرية، إلا أن المشكلة بدأت مع حصر عرض الأعمال الدرامية بشاشات القنوات المتخصصة المشفرة، فبدلاً من أن يكون العرض بهذا الأسلوب انتصاراً لصنّاعه، تحول إلى عملية وأد لمجهودهم، أو على الأقل تجميدها ريثما يُعاد عرض مسلسلاتهم في قنوات أخرى متاحة للجميع.
لا نريد هنا أن نصور أن جحيم الممثل أو المخرج يكمن في عرض مسلسله بشكل حصري ـ مشفر، ولا نبغي بأي حال من الأحوال أن نقلل من أهمية الخطوة الإنتاجية لشبكة »أوربيت« ولا سيما أننا نؤمن بأن »لا فن ضخم منافساً بدون تمويل«، ولكن ربما نضع إشكاليات العرض الحصري ـ المشفر برسم صنّاع الدراما السورية، بحثاً عن توازن ما، بين »بزنس« المحطات والفن، وهو توزان نعترف أننا لا نملك توصيف حل يضمن تحقيقه، ولكن الحلول تبدأ مع الاعتراف بضرورة إعمال العقل في المسألة، وربما شكّل التذمر الذي بدأ يصدر عن فنانين ومخرجين وكتّاب بحجب أعمالهم، ونية البعض منهم بمقاطعة العمل مع القنوات المشفرة، أولى إشارات المشكلة وبداية تلمس طريق الحل.

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...