السجال في إسرائيل لا يوقف مذبحة غزة

10-07-2006

السجال في إسرائيل لا يوقف مذبحة غزة

صعّدت الحكومة الإسرائيلية، أمس، من تهديداتها للسلطة الفلسطينية في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية عن مبادرته لوقف النار، فيما ردت حركة حماس على الرفض الإسرائيلي بإطلاق سلسلة من التهديدات بتصعيد المواجهة. ورأى معلقون في تبادل التهديدات، إشارة الى فشل مساعي الوساطة للإفراج عن الجندي الأسير جلعاد شاليت والعودة إلى التهدئة.
وواصل الاحتلال عدوانه على غزة، حاصدا تسعة فلسطينيين في اليومين الماضيين، ما رفع حصيلة الضحايا منذ بدء الاجتياح قبل 12 يوما، الى 56 شهيدا وأكثر من 280 جريحا، وسط مخاوف فلسطينية من <كارثة انسانية محققة> في غزة نتيجة الحصار الاسرائيلي.
إلى ذلك ارتفع عدد الشهداء في غزة منذ بدء العدوان الاسرائيلي قبل 12 يوما، الى 56 شهيدا واكثر من 280 جريحا، سقط تسعة منهم في اليومين الماضيين، فيما اعتبرت <كتائب عز الدين القسام> الجناح العسكري لحركة حماس ان رفض اسرائيل مبادرة التهدئة التي اطلقها رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية هو بمثابة <اعلان حرب>.
واستشهد المدني الفلسطيني بلال سليمان رباح (18 عاما) وجرح سبعة آخرون اصابة احدهم بالغة، في غارة جوية اسرائيلية استهدفت سيارة كانت تقل ثلاثة مقاومين في <كتائب القسام> قرب مطار رفح الدولي جنوبي غزة. Image removed.
واصيب اربعة مقاومين من <كتائب شهداء الاقصى>، في غارة جوية اسرائيلية على مدينة غزة.
وكان ثمانية فلسطينيين قد استشهدوا امس الاول، في العدوان على غزة، بينهم ثلاثة من عائلة واحدة في غارة شنها الطيران الاسرائيلي على حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، هم الام آمنة حجاج (55 عاما) وابنتها روان (ستة أعوام) وابنها محمد (26 عاما) فيما اصيب اربعة اخرون من افراد العائلة.
واستشهد المقاومان في <كتائب القسام> هاني ابو القمبز (25 عاما) واسماعيل السرسك (30 عاما) بنيران الاحتلال في حي الشجاعية، فيما اصيب عشرة آخرون.
وعثر على جثة جبر ريحان (42 عاما) من سكان حي السلاطين في بيت لاهيا شمالي القطاع، فيما توفي خليل الحجار (22 عاما ) من بيت لاهيا متأثرا بجروح اصيب بها الجمعة. كذلك توفي جابر الشنتف (25 عاما) من حي الشيخ رضوان شمالي القطاع، متاثرا بجروح اصيب بها الخميس الماضي.
من جهتها، اعلنت <كتائب القسام> مسؤوليتها عن اطلاق اربعة صواريخ على سديروت، ادت الى اصابة شخص.
الى ذلك، اظهر استطلاع للرأي اجراه <مركز الاعلام والاتصالات> في القدس المحتلة، في غزة والضفة الغربية ونشرت نتائجه امس، ان 77 في المئة ممن شملهم يؤيدون الاحتفاظ بالجندي الاسير، فيما اعرب 67 في المئة منهم تأييدهم أسر المزيد من الجنود.
وللمرة الاولى منذ بدء العدوان على غزة في 28 حزيران الماضي، غادر الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) القطاع حيث التقى امس القنصل الاميركي العام في القدس المحتلة، جاكوب والاس. وبعث أبو مازن عضوي اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد وعبد الله الحوراني، الى دمشق لبحث الازمة مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل.
حماس ومبادرة هنية
وقال مصدر في كتائب القسام، معلقا على رفض اسرائيل دعوة هنية الى التهدئة، ان <العدو سيعلم بعد حين ان قراره هذا كان اعلانا للحرب التي سيكتوي بها الصهاينة انفسهم> مضيفا <امام الحملة الارهابية الكبيرة التي يخوضها العدو الصهيوني في قطاع غزة وامام هذا الاصرار على سفك الدماء من قبل عصابة الوزراء الصهاينة، نقطع على انفسنا عهدا امام الله ثم امام شعبنا وامتنا ان نذل جيش العدو ومغتصبيه>.
وكان هنية قد اطلق مبادرة من خمس نقاط طالب فيها ب<عودة الجميع الى مربع التهدئة على اساس الوقف المتبادل لكافة العمليات العسكرية> وب<انهاء اسرائيل لعملياتها العسكرية خاصة الاجتياحات والاغتيالات والاعتقالات وسحب قواتها خارج قطاع غزة>. ودعا هنية الى <الافراج عن جميع وزراء الحكومة الفلسطينية ونواب المجلس التشريعي، والى البدء برفع اجراءات الحصار المفروض على شعبنا الفلسطيني بما يشمل فتح المعابر امام المسافرين وحركة التجارة> مشددا على ضرورة <استئناف المفاوضات بخصوص الجندي الاسرائيلي الاسير والتوصل الى حل مناسب>.
غير ان مسؤولا في مكتب رئيس الوزراء ايهود اولمرت قال <اننا لا نتفاوض مع الارهابيين. عليهم اولا اعادة الجندي المخطوف سالما ووقف اطلاق> الصواريخ.
الوضع الإنساني
وحذر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات من <كارثة انسانية محققة> في غزة نتيجة الحصار الاسرائيلي. وقال <سقط منذ بدء الاجتياح الاسرائيلي لغزة 56 شهيدا واكثر من 280 جريحا> مضيفا ان <الوقود الذي يشغل مولدات الكهرباء في المستشفيات وخصوصا غرف العمليات قد نفد، مما يهدد بتوقف المستشفيات عن العمل وخصوصا غرف العمليات>.
اضاف ان مخزون غزة من الدقيق والارز والسكر والزيوت النباتية والمعلبات سينفد <خلال يومين على ابعد تقدير، مما ينذر بكارثة انسانية محققة ضد جميع ابناء الشعب الفلسطيني الذين يقبعون في اكبر سجن في العالم>.
وسعى قادة المؤسسة الأمنية، أمس، لإخراج الحكومة الإسرائيلية من دوامة الإحباط الناجم عن العجز الميداني لحسم المعركة وتحقيق هدفي وقف الصواريخ والإفراج عن الجندي الأسير. وفي الجلسة الأسبوعية للحكومة، قدم رؤساء الاستخبارات صورة <مشجعة> حول قضيتي الجندي والصواريخ. وأشارت التقارير الاستخباراتية التي عرضت أمام الوزراء، إلى أن حماس تعيش أزمة، معتبرة أن أحداث غزة تضعفها. Image removed.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، سيعقد اليوم مؤتمرا صحافيا في دمشق اعتبرته مصادر فلسطينية <مهماً> من دون الإفصاح عن القضايا التي سيتطرق إليها.
وراجت تكهنات بأن مشعل سيكرس مؤتمره للإشارة إلى ما وصلت إليه الاتصالات بشأن تبادل الأسرى. غير أن جهات فلسطينية قالت إن الحديث يمكن أن يتركز على المبادرة السياسية التي أعلنها هنية في غزة أمس الأول.ورد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي آفي ديختر على مبادرة هنية لوقف النار، فقال إن لا جدوى من اتفاق لوقف النار، لأن على هنية <ببساطة أن يوقف النار>. وحذرت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني من أن دعوة هنية لوقف النار هي من أجل أن تتظاهر حماس بالاعتدال والمرونة، معتبرة أن هذه الدعوة <انطلقت من النية لممارسة ضغط دولي يقود إلى وقف العملية العسكرية>. وعقدت ليفني مقارنة بين دعوة هنية والاتفاق الفلسطيني على وثيقة الأسرى <والتي أريد منها الإيحاء بوجود اعتدال>.
وعقدت الحكومة اجتماعها بعد دخول قضية أسر الجندي أسبوعها الثالث، حيث لا تبدو في الأفق أي بارقة للإفراج عنه. وأعرب معظم وزراء الحكومة الإسرائيلية عن تأييدهم لجهود رئيس الوزراء ايهود أولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس في إدارة المعركة وقرارهما تمديد عمل الجيش في القطاع. واقترح وزراء الاعتراف بسديروت والمستوطنات التي تتعرض للصواريخ حول غزة، كمستوطنات خط مواجهة.
وكان رئيس وحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية العميد يوسي بيدتس، قد قال في اجتماع الحكومة إنه منذ <اختطاف> الجندي غدا الذراع العسكري لحماس ومشعل أكثر أهمية من أي وقت مضى إذ أن الجندي بحوزتهم. وأضاف أنه <ليست هناك داخل حماس أي خلافات حول وجوب الحصول على أسرى في مقابل الجندي> معتبرا أن الذراع العسكري للحركة يحاول تسريع هذه العملية عبر إصدار الإنذارات.
وأشار بيدتس إلى <أنهم يرون أن العملية عالقة، ولذلك يحاولون تسريعها، من أجل عدم السماح بتنويم القضية. وهم يرون ردنا على إطلاق الصواريخ، ويفسرونه كإبعاد قضية الجندي جانبا، فيحاولون من خلال المنشورات التي يصدرونها إعادة الجندي إلى مركز الاهتمام>.
وأنهى بيدتس تقريره بالقول إن الإفراج عن اسرى فلسطينيين يعزز من قوة حماس، <وهذا سيعتبر إنجازا غير عادي بالنسبة إليهم ويضعهم في موقف ممتاز. ولكن إذا أضرت عملية الجيش بهذا التنظيم أكثر، فإنه لن يتمكن من تحقيق وعوده للناخب>.
وأشار نائب رئيس الشاباك إلى أن حماس تعيش حاليا معضلة صعبة، موضحا أن اسر الجندي وضع بين يديها ذخرا على شاكلة احتمال تحرير سجناء. وقال إن <خطوات الحكومة الإسرائيلية تضع هذه المنظمة أمام مشكلة استراتيجية، عبر تهديد نجاحاتها وأدائها. وفي نهاية المطاف تفهم حماس أنها لم تفلح في التعبير عن إنجازها السياسي>.
وأضاف أن حماس تخشى من أن الروافع التي تستخدمها إسرائيل ستقود إلى ممارسة الجمهور الفلسطيني الضغط عليها وإلى تخفيض الثمن الذي تطلبه في مقابل الجندي. وخلص إلى القول <إننا الآن في وضع أفضل مقابل حماس مما كنا في الأسبوع الماضي>.
واعترف بيدتس ونائب رئيس الشاباك بأنه <حتى الآن> لم يتضرر الذراع العسكري لحماس بشكل جوهري. وقالا إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) يكاد يكون عديم التأثير في ما يجري على الأرض ويحاول ترميم صورته كصاحب دور في السلطة، وإنه يجمع الأموال لدفع رواتب الموظفين.
وبعد العرض الأمني، وجّه عدد من الوزراء انتقادات شديدة لبيرتس وطرحوا تساؤلات حول أهداف العملية الجارية في غزة. ورد بيرتس على هذه الانتقادات مشددا على أن السؤال لم يكن البتة ما إذا كان ينبغي العمل ضد حماس، وإنما متى ينبغي فعل ذلك. وأكد بيرتس أن <العملية كانت ستنفذ حتى من دون الاختطاف، وكانت المصادقات قد أعطيت على الخطط>.
وتحدث بيرتس عن أن العمليات العسكرية في القطاع سوف تتعاظم مما يساعد على الإفراج عن الجندي الأسير من دون شروط. وقال إن إسرائيل <لا تزال تعمل مع مصر ومع جهات أخرى، لممارسة الضغط على النظام في دمشق كي يضغط على حماس، ولكن لم يتم التوصل إلى توافق حتى الآن. فالأمر يتطلب منا الصبر>. وأوضح <سوف ننفذ اجتياحات برية لوقت محدد، وسنواصل الغارات الجوية والقصف المدفعي. وسنعمل على الأرض وفق الحاجة، مع التركيز على مناطق إطلاق الصواريخ وحفر الأنفاق>.
وتساءل عدد من الوزراء عن سبب عدم تنفيذ اغتيالات بشكل واسع <ينظف غزة>، فرد عليهم بيرتس بأنهم كانوا قبل شهر فقط يدعون إلى تعزيز قوة أبو مازن. وقال <إن اعتباراتنا لم تتغير وهناك توازنات مطلوبة أيضا في العملية العسكرية. أما بخصوص الاغتيالات، فإننا ننشغل بالأمر طوال الوقت، والموضوع قيد مصادقات بشكل أو بآخر. ولكن هناك جنديا موجودا لدى حماس وهذا يشكل اعتبارا لدينا، إذ يستحيل تفعيل الجيش وكل يوم نبلغ العدو بما نبغي فعله>.
وأشار بيرتس إلى أن الإنجاز الأهم للعملية حتى الآن هو أن إسرائيل حصلت على <بوليصة تأمين> لسلامة الجندي على شكل الإعلان الذي قدمته حماس بأن الإسلام يحرم قتل الاسرى. وقال إن حماس تضعف وهي <تبحث عن كل وسيلة لوقف النار> وطالب الوزراء بتأييد سياسة الحكومة. واضاف أن <أهداف العملية معروفة وواضحة، وعليكم أن تتخيلوا الجنود المقاتلين هناك وهم يسمعون أن الحكومة لا تعرف هدف العملية>.
وكرر أولمرت موقفه الرافض التفاوض لتبادل الأسرى، معلنا أن الخضوع للإرهاب هو ما يعزز خطره. وانتقد أولمرت الوزراء ذوي الآراء المتطرفة الداعين <لتنظيف> غزة أو توسيع العملية. وقال <إن بالوسع تنفيذ عمليات على شاكلة أفلام جيمس بوند، ولكن حينها سوف نخسر تأييد الأسرة الدولية>.
وأشار أولمرت في جلسة الحكومة إلى أنه فعلا كان ينوي الإفراج عن اسرى فلسطينيين ولكن لمصلحة الجهات المعتدلة في السلطة، وأنه أبلغ كلا من الرؤساء الاميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك والمصري حسني مبارك بذلك. وقال <وقد أصدرت حينها التعليمات بإعداد القوائم>. وردا على أسئلة حول سبب عدم القيام بذلك الآن، اعتبر <أن الإفراج عن معتقلين لمصلحة حماس يقضي على العناصر المعتدلة في السلطة، ويشكل إشارة للعالم بأسره بأن إسرائيل لا تجيد سوى الحديث مع جهات متطرفة وليست معتدلة، وليس في ذلك أي منطق>. وطلب أولمرت من الوزراء إبداء الحذر عند إعلان مواقفهم <فالطرف الثاني الذي يحتجز الجندي ليس بدائيا. وهو يتابع ما يجري، ويلحظ ردود أفعالنا ويترجم ذلك إلى تعليمات عملياتية>.
وانتقد أولمرت الوزراء الذين ينتقدونه، وقال <لقد قرأت أن رئيس الحكومة ووزير الدفاع كانا في الماضي أكثر خبرة، ولكنني تحديدا أتذكر رؤساء حكومات كانوا ذوي خبرة عسكرية وقرروا سوابق لا نريد تكرارها>. وطالب أولمرت الوزراء بتحمل المسؤولية الجماعية، داعيا كلا منهم إلى ألا يكون <الصبي السيئ الذي يتطوع للقضاء على السلطة، أو من يكون القادر على حل النزاع>. وقال أولمرت لمنتقديه من الوزراء إن <أسهل شيء هو القدوم والضرب على الطاولة مطالبين بتنفيذ عمليات، ولكن الوتيرة يجب أن تكون صحيحة ومتزنة>.


المصدر: السفير + وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...