«الغارديان»: أميركا لا تغادر العراق بل تعيد تشكيل صورة الاحتلال

06-08-2010

«الغارديان»: أميركا لا تغادر العراق بل تعيد تشكيل صورة الاحتلال

أصبح العراق بالنسبة إلى الكثيرين من البريطانيين والأميركيين مجرد ذكرى من الماضي، فيما تأخذ أفغانستان منذ فترة طويلة حصة الأسد من اهتمام وسائل الإعلام الغربية، مع ارتفاع عدد القتلى في صفوف قوات الاحتلال من دون هوادة.
ويتركز الجدل حول العراق الآن على القرار الأساسي للغزو في العام 2003. أما ما يحدث هناك في العام 2010 فبالكاد يسجّل. فإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما سحب القوات القتالية من العراق بحلول نهاية آب الحالي يأتي ليؤكد ما تعهد به الرئيس الأميركي، وهذا ما أشادت به الصحف البريطانية والأميركية تحت عنوان «القوات الأميركية تغادر العراق».
كلام أبعد ما يكون عن الحقيقة. فالولايات المتحدة لا تنسحب من العراق، بل هي تعيد تشكيل صورة الاحتلال. فمثلما أطلق على «الحرب على الإرهاب» الخاصة بالرئيس السابق جورج بوش اسم «عمليات الطوارئ في الخارج»، تبنى أوباما منذ توليه الرئاسة عبارة «عمليات حفظ الاستقرار». هذا بالتحديد ما أشار إليه المتحدث باسم قوات الاحتلال الأميركي ستيفن لانزا، في حديث إلى صحيفة «نيويورك تايمز» قائلاً: «عملياً، لن يتغير شيء». سيبقى في العراق بعد الانسحاب، 50 ألف جـــندي في 94 قاعدة، وذلك لـ«إرشاد الجيش العراقي وتدريبه» و«تـــوفير الأمن ومكافحة الإرهاب». وفي التفسير الأمــيركي فــإن هذا الأمر قد يشمل كل شيء يريد الاحتلال القيام به.
لا تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة تشكيل صورة الاحتلال فحسب، بل إنها تقوم بخصخصته أيضا. فوجود حوالى مئة ألف من المرتزقة يعملون لحساب قوات الاحتلال، من بينهم 11 ألفا من المنتمين إلى العالم النامي، يشير إلى عزم واشنطن الحضور أينما كان في العراق. وتريد الولايات المتحدة اليوم زيادة أعداد هؤلاء كثيرا، فيما تهدف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى زيادة عدد المرتزقة العاملين مع وزارة الخارجية من 2700 إلى سبعة آلاف، ليتمركزوا في خمس «وظائف دائمة» في العراق.
ومن الواضح أنه ليس لدى الولايات المتحدة نية لترك العراق في وقت قريب، فقد بنت في بغداد أضخم سفارة في العالم، إذ يقارب حجمها مدينة الفاتيكان. سبب واحد يمكن أن يؤكد أمر عدم خروج قواتها من العراق، وهو وجود في عشرات العقود النفطية التي أبرمتها بغداد مع شركات أجنبية، من بينها ثلاث من كبرى الشركات الأميركية.
ويقول غريغ موتيت، الخبير في الشأن العراقي، إن العقود النفطية مشكوك في شرعيتها، خصوصا أنها تضع 60 في المئة من احتياطات العراق النفطية تحت سيطرة الشركات الأجنبية لأجل طويل. وإذا كان بالإمكان رفع الإنتاج كما هو مخطط له، فيمكن لأسعار النفط العالمية أن تنخفض، ما سيؤثر بالتالي على دول منظمة الدول المصدرة «اوبك».
شكل غزو العراق فشلا تاريخيا سياسيا واستراتيجيا للولايات المتحدة، التي لم تستطع فرض حل عسكري جذري، فيما تحوّل البلد إلى منارة للقيم الغربية أو ربمـــا لشرطي إقلـــيمي. وأدى لعب واشنطن بأوراقها الطائفية والعرقية، إلى منـــع ظهور حركة مقاومة وطنية متماسكة، ما حال دون انسحاب أميركي مهين على غرار تجربة فيتــنام. وتظهر التطورات أن واشنطن تريد إيجاد نظام جـديد شبيه بالاستعمار لإبقاء سيطرتها على البلد والمنـطقة.

المصدر: السفير نقلاً عن «الغارديان» بتصرف

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...