المسابح تتحول الى مرتع للأمراض المعدية

21-08-2008

المسابح تتحول الى مرتع للأمراض المعدية

المسابح في دمشق، هي متنفس رئيسي لكثير من الأسر بشكل دائم، وذلك بسبب قلة الحدائق والمساحات الخضراء التي تحيط بالمدينة.

لكن المسابح في الوقت نفسه هي نوع من الاستحمام والترفيه المكلف قياساً الى ارتياد الحدائق، لذلك تحرص كثير من العائلات على انتقاء مسابح نظيفة وصحية وتتناسب مع امكاناتها المادية، لكن ماذا يقول الواقع.. كيف تبدو صورة المسابح التي غالباً ما تزدحم بالرواد الذين يشكل الأطفال نسبة كبيرة بينهم، بعد تعمد النوادي الصيفية تنظيم رحلات اسبوعية إليها.. إما للتسلية والترفيه وإما للتدريب الذي يتطلب من الأهل دفع مبالغ مادية تضاف الى تكاليف العطلة الصيفية!!.. وهل يمكن الاطمئنان الى نظافة هذه المسابح ووضعها الصحي والخدمي وكيف يتم تعقيم مياهها بشكل دائم!! ألا تعد المسابح بيئة لنقل الأمراض الجلدية وغيرها، هل يعي القائمون عليها أهمية الفحص الصحي للعاملين فيها والرواد إليها.. ثم أخيراً هل هناك اي دور للوزارات والجهات المختصة لمتابعة واقع المسابح. 
 - لرصد واقع هذه المسابح.. قامنا بجولة التقت خلالها عدداً من رواد المسابح الذين عبر البعض منهم عن ارتياحهم وسعادتهم في قضاء يوم من أيام الشهر في المسبح.. في حين كان هناك انتقاد من البعض الآخر لمسألة النظافة وغلاء الأسعار داخل المسبح.. بداية التقينا السيدة ام يامن التي قالت ضاحكة نأتي مرتين اسبوعياً الى المسبح وذلك لقلة المياه وانقطاعها المتكرر والدائم في منطقتنا، فنحن نقضي العطلة هنا، نسبح ونتسلى والأطفال يلعبون بالماء ويتعلمون السباحة، وأضافت بالنسبة للمسبح يعتبر كل شيء جيداً ومقبولاً فالمياه نظيفة والمشالح أيضاً نظيفة ورائحة الكلور تعبق في المكان. ‏

أما السيدة فاتن فقالت: هذه أول زيارة لي الى هذا المسبح، فقد شجعتني جارتي على المجيء، وبالفعل وجدت ان كل شيء جيد والنظافة متوفرة بشكل عام على الرغم من الازدحام، وتابعت اما بالنسبة الى ا لمياه فلا يمكن للشخص العادي ان يحدد مدى نظافتها وسلامتها، فالكلور والمعقمات الموضوعة بداخلها كفيلة بتخليصها من الشوائب التي تكون موجودة فيها.. 
 الاسعار في المسبح أغلى من اسعار السوق، هذا ما عبرت عنه الآنسة آمال التي التقينا بها أمام بوفيه احد المسابح فقالت: ان كأس الشاي هنا بـ20 ل.س، وأي لعبة من ألعاب المسبح تزيد حوالي 20% عن الاسعار في السوق. ‏

وكان بين الرواد سيدة رفضت ذكر اسمها، اكدت بأن الفارق بين الاسعار في المسابح العادية وفي المسابح التي تصنف سياحية كبير، على الرغم من التشابه في المياه وطريقة معالجتها أما الشاب نضال فقال: ان قرب بيتي من أحد النوادي الموجودة في دمشق، جعلني من الرواد الدائمين للمسبح وخاصة في فصل الصيف، بالنسبة للمياه فاعتقد بأنها تبدل بشكل اسبوعي، اما النظافة فهي الامر المزعج لان معظم الشباب يتركون اشياءهم الشخصية على اطراف المسبح وحتى المشالح غير نظيفة نظراً للفوضى من قبل الرواد ولعدم الاهتمام والمراقبة من قبل القائمين على ادارة النادي أو المسبح. ‏

وخلال جولتنا، حاولنا أن نبتعد قليلاً عن دمشق باتجاه طريق الغوطة ودخلنا الى احد المسابح الخاصة المنتشرة بكثرة هناك.. وتحدثنا الى سيدة كانت تجلس مع زميلاتها وجاراتها يتمتعن بجو المسبح الجميل.. وأطفالهن يلعبون في الماء بفرح وسعادة بدت واضحة على وجوه الجميع.. وقالت: إن زيارة المسبح كل اسبوع تؤمن لنا فرصة اللقاء مع بعضنا في جو جميل وممتع، وعن التكاليف اكدت السيدة بأن هذه المسابح العادية تتناسب مع قدراتنا المادية كموظفين، فنحن نأتي الى هنا بدل الذهاب الى الحدائق أو المطاعم المكلفة، لأننا نجد الراحة والاطمئنان مع اطفالنا من جهة ونشعر بأن المياه متجددة ومعالجة بالكلور والمكان نظيف من جهة ثانية. ولكن نتمنى مراقبة الاسعار بشكل دائم. ‏

- العين المجردة لا تستطيع ان تؤكد سلامة المياه من عدمها.. فالكلور والمعقمات تؤمن تنقية للماء في المسبح، ولكن هذه العملية تتطلب معرفة وخبرة من قبل القائمين على ادارة المسبح وهذا ما أكده السيد مطيع حسين مدير احد المسابح المنتشرة على طريق الغوطة بقوله: نقوم يومياً بفلترة مياه المسبح، لان شح المياه يحول بيننا وبين تغيير المياه بشكل يومي. وهذه الفلاتر تضمن نقاوة المياه وخلوها من الجراثيم كما أننا نستخدم الكلور بانتظام في تعقيم مياه المسابح لحماية السباحين وعائلاتهم من الأمراض، فالكلور يعتبر من المواد الفاعلة في تنقية المياه، ولكن من المهم التنبه الى نسبته أو المقدار اللازم والفعال لانجاز التعقيم. فهذه المواد لا توضع بشكل عشوائي بل هناك نسب ومقاييس محددة. وهناك جهاز خاص لقياس النسبة في الماء التي نعمل بشكل مستمر لضبطها ومراقبتها كي نحافظ على نظافة وسلامة المياه، وهنا سألنا السيد مطيع عن وجود خبير كيميائي عند وضع المواد فقال: لا يوجد والأمر يعتمد على مدير المسبح وخبرته. وعن تبديل المياه قال السيد مطيع: في كل يوم نكب من الماء الموجود في البركة مقداراً معيناً، ونضخ مياهاً جديدة ونظيفة تحتوي على مواد التعقيم والكلور وكل ما يلزم لضمان سلامتها، وعلى مدى اسبوع تكون المياه قد تغيرت كلياً، والمياه المستعملة تذهب الى البساتين المجاورة وتستخدم للري فقط، واما برك الأطفال فإن مياهها تبدل بشكل يومي لأن نزول الطفل وخروجه المتكرر فيها يؤدي الى تعكير وتوسيخ الماء، الأمر الذي يحتم علينا ضخ الماء من المسبح وتكنيسه وهوفرته ومن ثم ضخ مياه معالجة بالكلور ومفلترة بشكل يومي. وعن النظافة بشكل عام في المسبح قال السيد مطيع: نعمل يومياً على تنظيف وتعقيم كل المرافق الموجودة في المسبح ولكن عدم التزام الرواد بالنظام والانضباط هو ما يؤدي الى وجود بعض الفوضى أحياناً، تابع السيد مطيع نحن نحرص على راحة الرواد في المسبح ونتدخل عندما يكون هناك ضرورة، فالمراقبون والمنقذون منتشرون في المسبح ومهمتهم تأمين راحة الزوار من العائلات وأطفال النوادي ورياض الأطفال الخاصة.. وقال السيد مطيع لدى سؤاله عن امكانية تنظيم استمارة لكل داخل الى المسبح بان الأمر صعب ولكن اذا لاحظنا حالة معينة مرضية، فإننا نطلب تقريراً طبياً يثبت ان المرض غير معد ولا ينتقل بالماء وهذا التقرير يبقى مع الادارة ويبرز في حال كان هناك تذمر أو انتقاد من الرواد في المسبح. ‏

-وتصادف وجودنا في المسبح مع زيارة للسيد عصام جريدي ـ امين سر لجنة الانقاذ في سورية... والذي أكد أن عدم وجود المنقذين المجازين في المسبح يؤدي الى اغلاقه وأضاف: نحن ندرب المنقذين في الفترة التي تسبق الموسم، وتكون هذه الدورات تأهيلية يتعلم المنقذ فيها كل جديد ليكون بكامل لياقته على مدار العام، بالاضافة الى تعليمه الاسعافات الأولية التي يجب ان يقوم بها عند تعرض أحد السابحين لحادثة ما، وقال السيد جريدي: ان عدد المنقذين في المسبح يحدده طول المسبح. ‏

- ومن خلال جولتنا على المسابح وجدنا بأن التنافس يبدو واضحاً بين المستثمرين، فهذه الأيام هي فرصة للاستثمار وعلى مشرفي المسابح تأمين وجذب الرواد الى المسبح من خلال تقديم حسومات خاصة للنوادي الصيفية وتخصيص وسائل النقل من والى المسبح، كما تقوم الادارة بتنظيم حفلات ومسابقات وهدايا للزوار وخاصة يومي الجمعة والأحد... ولكن الأمر اللافت للانتباه بأن المسابح لا تعلن عن الاسعار بشكل واضح وتختلف تلك الأسعار حتى بالنسبة للنوادي التي تنظم رحلات اسبوعية لاعضائها، ان كان من حيث تسعيرة الدخول للكبار والصغار أو من حيث أسعار المأكولات والمشروبات.. ومن هنا نتساءل ألا توجد جهات رقابية معينة مهمتها ضبط هذه المخالفات ان كان في المسابح العامة أو الخاصة أو السياحية. ‏

- علمنا من خلال حديثنا مع مدير المسبح بأن هناك دوريات متعددة ولجاناً تراقب عمل المسابح والمطاعم وتتابع المنقذين وعملهم، ومتابعة منا للموضوع التقينا مع الدكتور أحمد طارق رفعت صرصر مدير الشؤون الصحية بمحافظة دمشق فقال: تعتبر المسابح من المنشآت الخاضعة للرقابة الصحية بموجب المرسوم 1457 لعام 1945 وتنشط أعمال الرقابة الصحية على المسابح في فصل الصيف، لأن مياه المسابح قد تنقل بعض الامراض اذا لم تكن معالجة بشكل جيد ولا سيما منها الامراض الجلدية والهضمية، لذلك فدورنا يتعلق بالرقابة الدورية للمياه ومتابعة تطبيق القواعد الصحية في اي مسبح، ولهذا تقوم دورياتنا بزيارات دورية للمسابح بالتنسيق مع الاتحاد الرياضي العام للتأكد من النظافة العامة للمطاعم والبوفيهات والمشالح وأحواض السباحة وفحص المياه والتأكد من تعقيمها بواسطة الكلورة ومعايرتها بواسطة جهاز معايرة خاص فوري وتشغيل أجهزة الفلترة في المسبح.. وأضاف د. صرصر: منذ بداية فصل الصيف تم تنظيم 8 ضبوط صحية و8 إنذارات بحق المسابح المخالفة للتعليمات الصحية، كما تم قطف عينات من أحواض السباحة من كافة مسابح المدينة وتم اتخاذ الاجراءات بحق المخالف منها حيث بلغ عدد العينات 15 عينة بعد فحصها تبين أن 13 منها مقبولة وعينتين غير مقبولة ولقد اتخذت الاجراءات اللازمة بحقها.. ويتم اعادة قطف العينات مع بداية كل شهر وعن اهم الامراض التي يمكن انتقالها عبر مياه المسابح قال د. أحمد: الامراض الجلدية والتحسسية والرشوحات، التهاب ملتحمة العين، التهاب الكبد الانتاني، الانتانات المعوية التي تحدث من جراء ابتلاع الماء اثناء السباحة وقال د. احمد لدى سؤاله عن البطاقات الصحية للعاملين وعن امكانية تنظيم استمارة صحية للرواد، بأن العاملين بطاقاتهم الصحية تتجدد كل ثلاثة اشهر، ولكن بالنسبة للرواد فالأمر يحتاج الى تخصيص طبيب لفحص كل الرواد وهو أمر صعب إلى حدما.. ولكن يمكن للعاملين والقائمين على ادارة المسبح ملاحظة الوضع العام للأشخاص وتحديد امكانية نزول الشخص الى الماء أو لا. ‏

- إن وضع المسابح مقبول الى حدما.. فالفلترة والكلور والتعقيم يساعدون على تنقية المياه وضمان شفافيتها، ولكن يبقى الوضع المادي لشريحة كبيرة من المجتمع يلعب دوراً في الحد من الذهاب بشكل دوري للمسبح للتمتع بالسباحة ولقضاء يوم عطلة جميل في احضان الطبيعة.. وهنا ألا يحق لنا أن نتساءل: اين دور المنظمات الشعبية في ايجاد مسابح خاصة لأعضائها وعائلاتهم، أليس من المفروض أن يكون لكل نقابة او اتحاد مسبح ومتنزه شعبي يرتاده الاعضاء ألم يحن الوقت لافتتاح المزيد من الاندية والمنتديات الاجتماعية التي من شأنها تقديم الخدمات لاعضائها بعيداً عن استغلال القطاع الخاص، وتضمن تطبيق الشروط الصحية في مثل هذه الاماكن.. نعتقد أن الامكانيات متوفرة ولكن سؤال: متى يتم ذلك.. ‏

الهام العطار

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...