هجوم جديد على المراقبين ودمشق ترفض استقبال القدوة أو إعطاء الجامعة دورا في حل الأزمة

21-05-2012

هجوم جديد على المراقبين ودمشق ترفض استقبال القدوة أو إعطاء الجامعة دورا في حل الأزمة

اتفق الجانبان السوري والدولي، أمس، على موعد الزيارة التي سيقوم بها المبعوث الدولي إلى سوريا كوفي أنان، والمرجح أن تتم في الأسبوع الأخير من هذا الشهر، على أن يستقبل أنان بصفته الدولية وليس بصفته مبعوثاً عن الجامعة العربية، فيما تعرضت بعثة المراقبين إلى هجوم جديد في دوما أمس، لم يحجب إعلان رئيسها عن هدوء عام في مناطق انتشار افراد البعثة. جنود سوريون قرب موقع انفجار العبوة في دوما أمس (رويترز)
وأكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خلال بحثه مع معاون الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام ايرفيه لادسو الحاجات اللوجستية لعمل بعثة المراقبين، ومن بينها الاستفادة من القدرات الجوية السورية، أن بلاده لا تود أن تكون «المراقبة من أجل المراقبة، بل لتوفير أجواء الحل السوري السياسي بين السوريين». وأكد لادسو انه «متفائل، لقد حدث انحسار واضح في أعمال العنف مع وجود المراقبين».
ودعت الدول الصناعية الكبرى من مجموعة الثماني، في كامب ديفيد أمس الأول، «الحكومة السورية وجميع الأطراف» إلى وقف العنف فوراً وتطبيق بنود خطة أنان. وقال قادة الدول الثماني، في بيانهم الختامي، «نحن مستاؤون للخسائر في الأرواح والأزمة الإنسانية والانتهاكات الخطيرة والمتزايدة لحقوق الإنسان في سوريا»، وأكدوا «دعمهم لجهود» أنان، مؤكدين «تصميمهم على النظر في إجراءات أخرى في الأمم المتحدة وفق الحاجات»، منددة «بالهجمات الإرهابية الأخيرة في سوريا».
لكن مستشار الكرملين ميخائيل مارغيلوف شدد، على هامش القمة، على استحالة تغيير النظام بالقوة.

وأضاف «على السوريين أن يتمكنوا من حل مشاكلهم بأنفسهم»، متسائلاً «من سيتسلم السلطة في حال تنحي النظام الحالي؟».
وعلم أن دمشق أبلغت أنان رسمياً أنها لن تستقبله بصفته مبعوثاً عربياً، احتجاجاً على مواقف الجامعة العربية من الأزمة السورية، وأبرزه موقف كل من السعودية وقطر من موضوع تسليح فصائل المعارضة السورية. كما رفضت حضور مساعده ناصر القدوة بصفته ممثلاً عن الجامعة العربية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي لوكالة   (سانا) إن السبب في ذلك «أن من تخلى عن مساعدة سوريا في إيجاد حل هم العرب أنفسهم، الذين جمدوا عضويتها بشكل غير ميثاقي، ثم دولوا الملف ليضربوا استقرارها».
وأضاف مقدسي إن «الدور العربي ازداد خطورة، وعوضاً عن مد اليد إلى سوريا بدأت دول عربية تسلح وتمول وتستضيف الإرهابيين، وتستحضر حلف الناتو»، مشيراً إلى دور أداه الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أيضاً. وأكد أنه «لا دور للجامعة العربية أبداً في حل الأزمة السورية، فهي كانت جزءاً من المشكلة ولم تكن جزءاً من الحل، وعندما تتعدل الأحوال بالممارسة العملية للجامعة ستعيد سوريا النظر بدورها المأمول، وليس الدور الحالي».
وفي السياق ذاته، وعلى الرغم من أن دمشق تصف علاقتها مع المبعوث الدولي بأنها «علاقة تعاون إيجابي»، لا يخفي الجانب السوري انزعاجاً من أنان بسبب تجنبه العلني تحميل الطرف الآخر أية مسؤولية عن العنف، كما في عدم تمكنه من تحقيق أي تقدم على صعيد كبح الأطراف المعنية بالتصعيد على الساحة السورية وتأمين أي التزام منها. ولم تعلن دمشق رسمياً عن موعد الزيارة، ولكن مقدسي كتب، على صفحته على «فايسبوك» أن «أنان يزور سوريا نهاية الشهر (الحالي) للتباحث بتطبيق خطته. (إنها) فرصة للاستماع لما له، والأهم لما عليه».
وعلق مقدسي لاحقاً لـ«السفير» في ما يتعلق بجملته الأخيرة إن «سوريا ترغب في إنجاح خطة أنان لكنها تأمل في أن يكون أكثر شمولية» في تحميله الأطراف مسؤولياتها، معتبراً أن عليه أن «يسعى لدى الأطراف الأخرى، وفقاً لما تنص عليه خطته». ورأى أنه لا يمكن تجاهل ارتفاع مستوى العنف من قبل المعارضة، بعد بدء تطبيق خطة أنان في 12 نيسان الماضي»، مشيراً إلى 3500 خرق مسلح موثق للمعارضة تم تسليمها للأمم المتحدة.
وكان المعلم بحث مع لادسو ومساعد أنان، جان ماري غيهينو، بحضور رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال النروجي روبرت مود في دمشق، التحضيرات لزيارة المبعوث الدولي، حيث ترك للأخير أن يحدد موعداً مناسباً لزيارته في حدود 27 الحالي وحتى نهاية الشهر. وسيقوم أنان بعد زيارته لدمشق بجولة عربية في إطار سعيه لحشد تأييد «عملي لخطته».
وذكرت «سانا» أن اللقاء اتصف بكونه «عملياتيَ الطابع، وهدفاً للوقوف على تفاصيل عمل البعثة». ونقلت عن لادسو «شكر سوريا على تعاونها، بدليل المشارفة على الانتهاء من نشر المراقبين الدوليين وبدء التواصل السياسي مع جميع الأطياف السورية تمهيداً للتوصل إلى الحل السياسي».
وتحدث لادسو عن بعض المستلزمات اللوجستية الإضافية لعمل البعثة، مثل جنسيات المراقبين وكيفية الاستفادة من القدرات الجوية السورية، وخدمات أخرى تقدمها دمشق لتسهيل المهمة كدليل إضافي وفقاً للتفويض المنصوص عليه حصراً.
وذكرت «سانا» أن اللقاء تطرق إلى موضوع المساعدات الإنسانية، حيث أكد المعلم أن «توسيع منظور المساعدات يعني أنه لا يمكن للمنظمة الدولية أن تدّعي الاهتمام بمصير نحو مليون متضرر من الأعمال المسلحة، فيما يتم غض الطرف عن موضوع استهداف 23 مليون سوري بعقوبات أوروبية وأميركية تستهدف معيشة المواطن السوري»، آملا بأن ينقل لادسو هذه النقطة إلى المنظمة الدولية.
وأكد المعلم، خلال لقائه غيهينو، أن «نجاح البعثة من نجاح سوريا، وأن تعاون سوريا هدفه الأولي توفير ما يلزم للحل السياسي، ولا نود أن تكون المراقبة من أجل المراقبة، بل لتوفير أجواء الحل السوري السياسي بين السوريين».
وقال مقدسي، تعقيباً على اللقاء، إن «التواصل بين وزارة الخارجية والمغتربين ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا يومي وليس تقليديَ الطابع، حيث يضع المعلم المبعوث الأممي بصورة الخروقات اليومية التي ترتكبها المعارضة المسلحة والتي تجاوزت 3500 خرق منذ توقيع خطة أنان فقط».
وأضاف مقدسي «إننا نركز على الدوام على دور أنان وبحثه عن الحلول في الجانب الآخر، ومع الأطراف التي تعمل على تخريب خطته، وليس فقط على الالتزامات من جانب سوريا، لأن التفاهم الموقع يشير إلى التزامات لا لبس فيها ويجب تنفيذها من قبل المعارضة المسلحة». وأكد أن «الالتزام السوري بالخطة واضح وجلي وهو متعلق بما تم التوصل إليه في التفاهم وليس بما هو موجود في بال دوائر صناعة القرار الغربي، ولكن الوصول إلى الحل المرجو يستوجب أن يكون هناك التزام من الطرف الآخر، وهذا الموضوع له علاقة بمهمة أنان، لأن الأزمة السورية مركبة والأطراف المخربة للخطة كثيرة».
ورأى مقدسي أن «هناك عاملاً جديداً في الأزمة السورية، وهو ظهور تكفيريين ومجموعات القاعدة، والغرب يعي أن ما تقوله سوريا أخطر مما هو في الحقيقة». وأضاف إن الموضوع ليس بيد أنان «فخلفه مبادرة تبناها مجلس الأمن بشكل كامل، وهناك دول ضمن هذا المجلس يجب أن تكون على مستوى المسؤولية، وأن تتحدث مع حلفائها في المنطقة كي يتوقفوا عن تسليح وتمويل وتمرير المسلحين والإرهابيين».
وقال لادسو، بعد جولة قام بها على مدينتي دوما والزبداني في ريف دمشق، «لقد ناقشت مع المعلم الوضع حالياً، لا يزال هناك بعض الجوانب التي تحتاج إلى البحث حول كيفية عمل البعثة». وأعرب عن اعتقاده بوجود «عدة مجالات للتعاون الجيد، لكن ما يزال هناك أمور تحتاج إلى النظر فيها وإيجاد حلول لها عبر التعاون المشترك».
وحول مدى نجاح مهمة المراقبين رغم الاختراقات التي يشهدها وقف إطلاق النار، قال لادسو «أنا متفائل، لقد حدث انحسار واضح في أعمال العنف مع وجود المراقبين»، لافتاً إلى أنه «من الواضح أن وقف إطلاق النار لم يكتمل، لقد رأينا ذلك ومن المفترض أن تتوقف هذه الأعمال، ولكي يتحقق ذلك لا بد من إبداء أقصى درجات ضبط النفس من كلا الطرفين ومن جميع الأطراف، وبذلك فقط يمكن أن يكون وقف إطلاق النار فعلياً».
وقال مود، من جهته، إن «التقرير الذي تلقيته من جميع الأماكن اليوم (أمس) أنه كان يوماً هادئاً بشكل عام، لكن لا يمكن 300 مراقب أن يكونوا في كل مكان ونحن نعول على كل من له مصلحة داخل وخارج سوريا للقيام بخيار أخلاقي والاستمرار بهذا الاتجاه الجيد».
وقال المتحدث باسم هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديموقراطي عبد العزيز الخير إن وفداً من الهيئة التقى غيهينو، حيث تم التركيز على ضرورة تنفيذ خطة انان. وأعلن أن الهيئة طالبت «بوقف كامل لإطلاق النار»لفتح الطريق أمام عملية سياسية لحل الأزمة».

وتضاربت التقارير حول نوعية الهجوم الذي تعرضت له دورية للمراقبين في دوما قرب دمشق. وذكرت صحافية في وكالة «فرانس برس» أن قذيفة «آر بي جي» سقطت على مسافة أمتار من مود ولادسو أثناء زيارتها دوما، من دون أن تسفر عن إصابات.
وقال شاهد من «رويترز» إن عبوة انفجرت في دوما على بعد 150 متراً من القافلة، وهو ما ذكرته «اسوشييتد برس» أيضاً. وقال مراسل «رويترز» إنه تم إيقاف السيارة التي تقل مود عند نقطة تفتيش تابعة للجيش عندما جرى تفجير العبوة في شارع قريب. وقال مصدر أمني في دوما إن اشتباكات وقعت في وقت سابق، وإن مسلحين أصابوا 29 من أفراد قوات الأمن.


زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...