الغرب يعثر على الأسلحة الكيماوية العراقية في سوريا.. افتراضياً

12-04-2013

الغرب يعثر على الأسلحة الكيماوية العراقية في سوريا.. افتراضياً

الجمل - روب ريغ- ترجمة: د. مالك سلمان:

لم توقع إسرائيل وسوريا على "معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية" أو "اتفاقيات الأسلحة البيولوجية والكيماوية".
في نظر الغرب, تجاوزت كل من مصر وليبيا والعراق وسوريا حدودها بامتلاك الأسلحة الكيماوية, مما يبرر التدخل العسكري في كافة هذه الدول باستثناء مصر. لكن تزايد الاضطرابات في مصر تعني أن قدراتها الكيماوية والبيولوجية الكبيرة قد أصبحت مصدر قلق بالنسبة إلى الغرب. ولأن إسرائيل جزء من الغرب, من الناحية الإستراتيجية, يتم اعتبار أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها ميزة وليست مشكلة.
ولأن سوريا, على غرار إسرائيل, لم توقع على اتفاقية أسلحة الدمار الشامل, فإنها لا تخرق القانون الدولي من خلال تطوير الأسلحة الكيماوية. ويُعتقد أن سوريا تملك مخزوناً كبيراً من الأسلحة الكيماوية تحت الأرض, بما في ذلك غاز الخردل والمواد العصبية القاتلة السارين, والتابون, و "ڤي إكس".
إن خبراء الأسلحة الكيماوية السورية مدربون بشكل كبير ومنظمون, مع مدى كبير لما يسمونه – بلغة رمزية – عربات الإطلاق, وهي مناسبة جداً للهجوم على إسرائيل. ويبدو أنها تشمل على رؤوس حربية ثنائية, وقنابل جوية حارقة, وقنابلَ عنقودية, وصواريخ "سكود" موجَهة بالمناظير بمقدورها اختراق الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية.
ومع أن السوريين أعلنوا أنهم لن يستخدموا أبداً الأسلحة الكيماوية ضد شعبهم, إلا أنهم أشاروا إلى أنه في حال تعرض سوريا للهجوم من قبل قوات مسلحة أجنبية, فإنهم سيضعون الخيارَ الكيماوي على الطاولة, كما يمكن للرئيس أوباما أن يقول.
هذا هو ما يقلق الغرب الذي يعاني من ضغط كبير لدعم التدخل العسكري. وفوق ذلك, في حال محاصرة الرئيس الأسد, يمكن أن يقرر شنَ هجوم بالصواريخ المحملة بالرؤوس الكيماوية ضد منشآت أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية والتجمعات السكانية. وسوف يكون من الصعب على إسرائيل الانتقام باستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد سورية مقسمة وممزقة.
ومما يبعث على القلق بالدرجة نفسها أيضاً حتمية الفوضى في سوريا في حال تلا ذلك أي تدخل عسكري. وهذا هو السبب الذي يجعل حتى الغرب, الذي احترقت يداه من ليبيا, يتردد في التدخل. ففي حال سقوط الأسد, فإن المجموعات المتمردة – التي تتقاتل فيما بينها الآن – سوف تخوض معركة حتى الموت لفرض نسخها الإسلاموية المتطرفة, مما سيؤدي إلى زعزعة الدول المجاورة بشكل أكبر.
في حال سقوط الأسد, يمكن للمتمردين أن يهربوا الأسلحة الكيماوية السورية إلى كافة مناطق الشرق الأوسط, وخاصة إلى لبنان والأراضي المحتلة من قبل إسرائيل, حيث سيكون مفعولها النفسي والعسكري كبيراً جداً. لكن نقل الأسلحة الكيماوية السورية أو تدميرها بشكل شرعي سيشكل عبأ كبيراً. ففي حال تعرض هذه الترسانة للهجوم, سوف تتسرب كميات كبيرة من المواد الكيماوية مما سيؤدي إلى كارثة بيئية.
وصل مجلس الأمن في الأمم المتحدة إلى طريق مسدود حول سوريا, مع وقوف روسيا والصين في وجه الغرب. وكانت الحكومة السورية هي التي لفتت انتباهَ الأمم المتحدة إلى استخدام الأسلحة الكيماوية في الآونة الأخيرة, حيث قالت إن المجموعات المتمردة وراء الهجوم وطلبت من الأمم المتحدة إجراء تحقيق في الحادثة. وبعد ذلك, قدمت روسيا والصين الطلب نفسه.
كما أن هناك قلقاً من أن تقومَ حكومة أجنبية أن تطلق جرس إنذار كاذب من خلال تنفيذ عملية سرية تحاكي هجوماً بالأسلحة الكيماوية تشنه القوات المسلحة السورية بهدف استفزاز الولايات المتحدة للتدخل وإسقاط الحكومة السورية.
عندما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنه سوف يطلق تحقيقاً حول "الحادثة التي تم لفت نظري إليها من قبل الحكومة السورية," قالت المجموعات المتمردة إن هذا التحقيق يجب أن يمتد ليشملَ اتهامات أخرى باستخدام الأسلحة الكيماوية. وسرعان ما دعمَ الغربُ هذا الطلب, بينما اعترضت روسيا قائلة إن الغرب يسعى إلى تمييع التحقيق الذي طالبت به سوريا.
وبينما شحذت الحكومات قرونَها في الفضاء الدبلوماسي, كان الخبراء يجمعون أدلة مادية تعكس درجة مدهشة من الإجماع على عدم استخدام الأسلحة الكيماوية, وأن الصاروخ المصنع يدوياً لم يتم إطلاقه من قبل الجيش السوري.
ومع انقشاع الغبار الدبلوماسي, اتضح أنه تم إطلاق صاروخ واحد مصنع محلياً على حاجز عسكري عند مدخل بلدة خان العسل الصغيرة, غرب حلب, مما أدى إلى مقتل 26 شخصاً, ستة منهم جنود سوريون. ويبدو أن الصاروخ أطلق من حي تسيطر عليه "جبهة النصرة", وهي مجموعة جهادية مرتبطة بالقاعدة في العراق. كما أن الصاروخ لم يكن يحمل سلاحاً كيماوياً, بل نوعاً حارقاً من الكلورين يعرف باسم "سي إل 17", يتم استخدامه عادة في أحواض السباحة, وعندما يتم خلطه مع الماء يشكل الأسيد الهايدروكلوري.
ومن ثم قام الروس والصينيون, وبناء على شكوك بأن الغرب سيدعم فريق التحقيق بأشخاص موالين له لكي يحدد سلفاً نتيجة التحقيق, بالاعتراض على انتقاء المفتشين من "منظمة حظر الأسلحة الكيماوية" والإصرار على المشاركة في التحقيق.
وقد شنت المجموعات المتمردة والاستخبارات الأمريكية هجوماً معاكساً من خلال الادعاء بأن الحكومة السورية قد استخدمت الأسلحة الكيماوية مرتين في دمشق في 19 آذار/مارس, على الرغم من أنها عبرت عن شكها حول استخدام السلاح الكيماوي أو موادَ أخرى توهن عزيمة من يتعرضون لها.
وقد صرحت سوريا بأنها لن تقبل الشروط التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة حول توسيع نطاق عمل المفتشين.
كما برزت نقاط خلاف أخرى.
اعترضت سوريا, التي يحتاج المفتشون الدوليون إلى قبولها المسبق بالتحقيق على أراضيها, على مطلب بان كي مون بالحصول على "إذن مفتوح للدخول إلى كافة المواقع". حيث قالت الحكومة السورية إن بمقدور مفتشي الأمم المتحدة, الذين ينتظرون في قبرص الآن, الدخول فقط إلى موقع خان العسل الذي تم لفت انتباه الأمم المتحدة إليه.
وقالت سوريا إن الأمم المتحدة ساعدت في تمهيد الطريق للغزو الأمريكي للعراق, وعبرت عن أسفها من أن بان كي مون قد "أذعنَ للضغوطات التي مارستها دول معروفة بدعمها لاستمرار سفك الدماء" في سوريا. وتبين هذه اللغة العدائية أن سوريا فقدت ثقتها بالأمم المتحدة, مما يشير إلى عدم احتمال إجراء التحقيق.
وفوق ذلك, يمكن للقلق حول سلامة المفتشين أن يعيق عملية التحقيق. فقد سحبت الأمم المتحدة نصف موظفيها من سوريا, واعترفت بأن بعض المناطق في سورية غير آمنة.
وأخيراً وليس آخراً, أطلق الأمين العام للأمم المتحدة تصريحاً يبعث على الحيرة والدهشة مفاده أن التحقيق سيركز على "احتمال استخدام الأسلحة الكيماوية, وليس على الجهة التي قامت باستخدامها." ومن شأن هذا أن يسحب البساط حتى من تحت مجلس الأمن البيزنطي في الأمم المتحدة. فحتى لو تم التأكد من استخدام الأسلحة الكيماوية, لن يتم تحميل المسؤولية لأحد. إذاً, ما هو الهدف الفعلي من التحقيق؟!

تُرجم عن ("إيشا تايمز", 11 نيسان/إبريل 2013)

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...